Unconfigured Ad Widget

تقليص

مالك بن الريب يرثي نفسه

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • الشدوي
    إداري ومؤسس
    • Jan 2001
    • 1254

    مالك بن الريب يرثي نفسه

    مالك بن الريب المازني التميمي ، نشأ في بادية بني تميم ، من شعراء العصر الأموي الأول ، كان قاطع طريق فطلبه الحارث بن حاطب الجمحي حتى قبض عليه ، ولكن مالك قتل حارسه ، وفي الطريق قابل سعيد بن عثمان بن عفان فأستتابه وسار معه مجاهدا الى خراسان ، وفي عودته قيل انه مرض وفي أصح الروايات ان افعى لسعته ، وعندما أحس بدنو أجله ، قال قصيدته التي تعتبر من عيون الشعر العربي لما فيها من صدق العاطفه ، لم تروي له كتب الأدب الكثير من الشعر .كما ان امهات كتب الأدب العربيه لا تكاد تخلوا من اشارة الى قصيدته ، مع اختلاف في مطلعها وتقديم وتأخير في أبياتِها ، وقد أعتمدتُ هنا على رواية العقد الفريد وترتيب مجاني الأدب ، مع ان بعض الروايات الأدبيه تبداء القصيده بهذا المطلع :

    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة = بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا
    وقد تبلغ أبياتها في بعض الكتب ما يزيد عن ستين بيتا ، أما ابو عبيده فيقول ان الذي قاله مالك ثلاثة عشر بيتاً.
    النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

    sigpic
  • الشدوي
    إداري ومؤسس
    • Jan 2001
    • 1254

    #2

    أرى الموت لا أنحاش عنه تكرماً = ولو شئت لم أركب على المركب الصعب
    مضت ستون عام على هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، على رابية بالقرب من مروا تطالعنا ثلاثة شخوص ، الصمت يلف المكان في هذه الليلة ، يحدق مالك بن الريب ببصره نحو السماء ، هناك بدا سهيل اليماني كوكباً قيل أنه أشفق الكواكب على الغرباء وأبناء السبيل ، بجوار مالك رجل من قومه وبصحبته مره الكاتب أخلفهم سعيد بن عثمان معه.
    في هذه الليلة يتراءى امام ناظريه أياماً إنقضت من عمره ، كان صعلوكا ببادية البصره قاطعاً للطريق مع شظاظ و أبو حردبة ، لطالما سطوا وسرقوا ، يتذكر أول طريق للهداية عندما قابل سعيد بن عفان وأصبح مجاهدا في جيشه ، لم يكن يدري أنها رحله ستفصله عن صاحبيه ، اما شظاظ فقد انتهى به الحال مصلوبا من قبل الحجاج في البصره ، وأما أبا حردبه فقد هداه الله وتاب وسار لبلاد الروم مجاهدا فمات شهيداً بسهم أصاب نحره .
    يرى خيال شهلة ...
    إبنته القاطنة بالرمل ، تتعلق بثايبه قبل الرحيل ، تبكي فيقول لها :

    ولقد قُلت لأبنتي وهي تبكي = بدخول الهموم قلباً كئيبا
    وهي تذري من الدموع على = الخدين من لوعة الفراق غروبا
    حذر الحتف أن يصيب أباها = ويلاقي في غير أهل شعوبا
    اسكتي قد حززت بالدمع قلبي = طالما حز دمعكن القلوبا
    فعسى الله أن يدفع عني = ريب ما تحذرين حتى أروبا
    غريب هذا الأحساس ، وغريبة هذه الليلة ، يخرج مالك مافي مكنون قلبه من حزن ، غريبا نائيا في وطن ما كتب فيه سطر من حياته ، هناك وطنه وأهله بالرمل ، ترى كيف أصبح بئر الشبيك ، وماذا حل بالضباء السانحات عشيةً ، لن يجد على هذه الرابية من يبكيه سوى جواده ورمحه وسيفه ، يعيش لحظة ترقب للمجهول ، ويدرك أن هذه الليلة قد لا تمر عليه مرة اخرى ، ينظر حوله يرى الرابية متسعه ويرى موضعه ضيقاً .
    يسنده صاحبه ..
    يجلس ..
    يحدق في الوجوه الصامته ..
    تخرج من صدره زفرة مودع ، ويقول بصوت ضعيف :


    دَعاني الهوَى من أهل ودي وصُحْبَتي = بذي الطَّبَسينْ فآلتفتُّ ورَائِياَ
    أجبت الهوى لما دعاني بزفرةٍ = تقَنَعتُ منها أنْ ألام ردائيا
    ألم تَرَني بِعْتُ الضلالةَ بالهدَى = وأصبحتُ في جَيْش ابن عَفّان غازيا
    لعمري لئن غالت خراسان هامتي = لقد كنت عن بابي خراسان نائيا
    فللّه درِّى يوم أَتْرُك طائعاً = بَنيَّ بأعْلَى الرقْمَتين وماليا
    ودرُّ الظِّبَاء السانحات عَشيةً = يُخَبَرْن أني هالكٌ من أماميا
    تفقدت من يبكي علي فلم أجد = سوى السيف والرمح الرديني باكيا
    وأشقر خنذيذ يجر عنانه = إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
    ولما تراءت عند مرو منيتي = وحل بها سقمي وحانت وفاتيا
    أقول لأصحابي ارفعوني فإنني = يقر بعيني أن سهيل بدا ليا
    فيا صاحبي رحلي دنا الموت فانزلا = برابية إني مقيم لياليا
    أقيما علي اليوم أو بعض ليلة = ولا تعجلاني قد تبين ما بيا
    وقوما اذا ما استُل روحي فهيئا = لي القبر والأكفان ثم أبكيانيا
    وخطا بأطراف الأسنة مضجعي = وردا على عيني فضل ردائيا
    ولا تحسداني بارك الله فيكما = من الأرض ذات العرض أن توسعا ليا
    خذاني فجراني ببردي إليكما = فقد كنت قبل اليوم صعباً قياديا
    وقد كنت عطافاً إذا الخيل أدبرت = سريعاً لدى الهيجا إلى من دعانيا
    وقوما على بئر الشبيك فأسمعا = بها الوحش والبيض الحسان الروانيا
    بأنكما خلفتماني بقفرة = تهيل علي الريح فيها السوافيا
    يقولون لا تبعد وهم يدفنوني = وأين مكان البعد إلا مكانيا
    وبالرمل مني نسوة لو شهدنني = بكين وفدين الطبيب المداويا
    فمنهن أمي وابنتاي وخالتي = وباكية أخرى تهيج البواكيا
    تقول ابنتي لما رأت وشك رحلتي = سفارك هذا تاركي لا أبا ليا
    فيا ليت شعري هل بكت أم مالك = كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا
    إذا مت فاعتادي القبور وسلمي = على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
    فيا راكباً إما عرضت ، فبلغن = بني مالك والريب أن لا تلاقيا
    وعطل قلوصي في الركاب فإنما = ستبرد أكباداً وتُبكي بَواكيا
    أقلب طرفي في الرفاق فلا أرى = به من عيون المؤنسات مراعيا






    هناك في الرمل .......


    تُسائِلُ شهلة قُفالها = وتسألُ عن مالكِ ما فعَل
    ثوى مالك ببلاد العدو = و تسفي عليه رياح الشَّمَل
    لذلك شهلة جَهزتني = وقد حال دون الإيابِ الأجَل
    النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

    sigpic

    تعليق

    • الفنار
      عضو مميز
      • Sep 2003
      • 653

      #3
      أي شيءٍ هذا؟!..

      عهدي بقصيدة ابن الريب تستذرف الدموع
      وجئت اليوم لأرى مالك بعيني أستاذنا الشدوي
      فوجدت الدموع لغةً ناقصة، تستجدي مشاعر أخرى أوسع، لتضم أحزانها الكبيرة

      شكراً عظيماً بعظم ما سطرت
      فقد سرت بنا لتلك الليلة الحزينة
      ووقفت بنا على نجومها، حتى خالطت بمشاعرنا مشاعر شخوصها الثلاثة

      فاستدعينا نجد، وتذكرنا القلاص النواجي
      ورثينا أنفسنا مع رثائنا لشاعرنا وابنته
      ...

      صدق استاذنا ابن مرضي
      إنما الشجى؛؛ أن تغيب عنا أستاذي وفي جعبتك جمالٌ كهذا

      نراك بخير
      " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

      تعليق

      • العقرب
        عضو مميز
        • Dec 2004
        • 1835

        #4
        اخي الغالي الشدوي
        ليس غريب عليك الابداع فيما تكتب وتنقل لتثري به هذا المنتدى وتفيدنا بما لديك من درر

        فبارك الله فيك وفي علمك وزادك علما نافع.

        دمت بخير

        تعليق

        • الشدوي
          إداري ومؤسس
          • Jan 2001
          • 1254

          #5
          الأخ العزيز الفنار ...
          شكراً لك على مشاعرك الطيبة .
          الملفت للنظر أخي العزيز للمطالع في اشعار العرب ان أجمل الشعر ما جادت به العاطفه .
          شكراً لمطالعتك الراقيه " وشكراً لتثبيت الموضوع "

          =========

          الأخ العزيز العقرب .
          اشكر لك تشريفك لهذا الموضوع ، واشكر لك حسن أختيار الجيد فيما تكتبه من مواضيع تخص بها منتدى الفراهيدي .
          النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

          sigpic

          تعليق

          • ابن خرمان
            عضو مميز
            • Mar 2003
            • 1797

            #6
            بسم الله الرحمن الرحيم

            اخي الشدوي / اسعد الله اوقاتك بكل خير,

            عرض جميل وشيق لقصيدة من عيون التراث العربي لشاعر صعلوك وقاطع طريق تنتهي حياته مجاهدا نسأل الله ان يتقبله من الشهداء.

            ابدعت في العرض والشرح , وفقك الله .

            .....................
            تساؤل فقط :

            هل فكر احدنا ان يرثي نفسه يوما ما ؟
            وماذا سيقول ان فكر شعرا او نثرا ؟

            انا لم افكر واتهيب من ذلك .
            أحرى بذي الصبر أن يظفر بحاجته ..... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
            http://zahrani3li.blogspot.com/

            تعليق

            • الشدوي
              إداري ومؤسس
              • Jan 2001
              • 1254

              #7
              عزيزي ابن خرمان.
              الغربة هي الفيصل في الأمر
              هناك في الشعر القديم من رثى نفسه ولكن ليس بقوة هذه القصيده ، إنما أعتقد أن الغربة عن الأهل والديار هي ما أضفى على هذه القصيده رونقها الخاص ،
              يقول مالك :
              أقول لأصحابي ارفعوني فإنني = يقر بعيني أن سهيل بدا ليا
              كما يقول :
              يقولون لا تبعد وهم يدفنوني = وأين مكان البعد إلا مكانيا
              فهي رموز لغربة الشاعر ووحدته وحنينه لأرضه والمتمثله في سهيل وبعده عن وطنه، وهي تعابير شملت اشعاراً سُطرت في الشعر الجاهلي والأسلامي عن الغربة ، يقول عبد يغوث:
              أحقا عبادالله أن لست سامعاً = نشيد الرعاء المعزبين المتاليا
              وقد صور أحد الشعراء حنينه كحنين أعرابية تغربت عن ديارها بقوله :
              فما وجد أعرابية قذفت بها = صروف النوى من حيث لم تك ظنتِ
              إذا ذكرت نجدا وطيب ترابه = وخيمة نجد أعولت وأرنت
              بأكثر مني حرقة وصبابة = إلى هضبات باللوى قد أظلت
              تمنت أحاليب الرعاء وخيمةً = بنجد ، فلم يقدر لها ما تمنتِ
              لها أنةٌ قبل العشاء وأنةٌ = سحْيرً ، فلولا أنّتاها لجُنت
              وهو حنين غريزي جسده العرب في كثير من أشعارهم ، لذا أعتقد أن الظروف لو تشابهت مع حالة مالك بن الريب لرثى الأنسان نفسه .
              شكرا لك يابن خرمان على مداخلتك .
              النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

              sigpic

              تعليق

              • عبدالرحيم بن قسقس
                مشرف المنتدى العام
                • Nov 2004
                • 2600

                #8
                قصيدة تستحق التخليد

                *****

                شكرا للأستاذ الشدوي على اختياره للشاعر ـ مالك بن الريب ـ ولقصيدته الرائعة

                واعتقد أن شاعرنا قدم موضوع لم يسبقه إليه أحد فهو موضوع جديد من حيث الفكرة فالشاعر هنا يرثي نفسه قبل موته وكما نعرف فالرثاء لا يكون إلا بعد الموت 0 وشاعرنا يستحضر الأشياء بعد موته ويتخيلها ويتساءل عنها وكأنه يخرج من ذاته ليتأمل مصيره الآخر ويرى الصورة القادمة

                يسعدني أن اعرف بنسب الشاعر فهو : مالك بن الريب بن حوط بن حسن بن ربيعة بن كابية بن حرقوص بن مازن بن مالك بن عمر بن تميم 0 شاعر من العصر الأموي قال هذه القصيدة عندما كان غازياً في جيش سعيد بن عثمان بن عفان لخرسان 0 إذ يقال أن ولاية سعيد على خرسان لم تدم طويلا 0 فرجع عنها ومعه مالك بن الريب 0 إلا أن مالكاً مرض وأشرف على الموت 0 فخلَّفه سعيد وترك عنده مُرَّة الكاتب ورجلاً آخر 0

                والقصيدة غنية بالكثير من المعاني والألفاظ الموحية والتراكيب الدالة التي تنقل قارئها إلى أجواء استحضار الموت والإحساس بالوحشة والحسرة والندم تلك المشاعر هي صور للصدق والنقاء والصفاء

                وكما ذكر الأستاذ الشدوي أن بعض الروايات الأدبية تورد القصيدة بهذا المطلع

                ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ....... بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
                ألم ترني بعت الضلالة بالهدى ....... وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
                دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي ...... بذي الطبسين فالتفت ورائيا
                أجبت الهوى لما دعاني بعبرة ......... تقنعت منها أن ألام ردئيا
                أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا ..... جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
                إن الله يرجعني من الغزو لا أرى ............ وإن قلّ مالي طالباً ما ورائيا
                لعمري لإن غالت خرسان هامتي ........... لقد كنت عن باب خرسان نائيا

                وإذا سمح لنا الأستاذ الكريم أوردت القصيدة برواية أخرى لعلها تكتمل الصورة وتعم الفائدة
                والله يرعاكم

                *****

                تعليق

                • الشدوي
                  إداري ومؤسس
                  • Jan 2001
                  • 1254

                  #9
                  شكراً لك أخي عبدالرحيم على هذه الأضافة الممتعه.
                  وهذا ماكتبه أكثر الرواة ان القصيده تبداء بهذا البيت ، وبالنسبة لي اعتمدت رواية العقد الفريد ،،،
                  شكراً على مرورك
                  النجوم الكبيرة تضيء طريق القوافل

                  sigpic

                  تعليق

                  • عبدالرحيم بن قسقس
                    مشرف المنتدى العام
                    • Nov 2004
                    • 2600

                    #10
                    *****

                    اخي العزيز الشدوي

                    لم تزل لدي الرغبة في تقديم القصيدة الجميلة بمطلعها ( ألا ليت شعري هل ابيتن ليلة ) حبا في ان نثري الموضوع وتعم الفائدة

                    اسمح لي اخي العزيز بتقديم القصيدة ولك مني الشكر والتقدير



                    ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة = بجنب الغضى أزجي القلاص النواجيا
                    ألم ترني بعت الضلالة بالهدى = وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا
                    دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي = بذي الطبسين فالتفت ورائيا
                    أجبت الهوى لما دعاني بعبرة = تقنعت منها أن ألام ردئيا
                    أقول وقد حالت قرى الكرد دوننا = جزى الله عمرواً خير ما كان جازيا
                    إن الله يرجعني من الغزو لا أرى = وإن قلّ مالي طالباً ما ورائيا
                    لعمري لإن غالت خرسان هامتي = لقد كنت عن باب خرسان نائيا
                    فإن أنجُ من باب خرسان لا أعد = إليها وإن منيتموني الأمانيا
                    فلله دري يوم أترك طائعاً = بنيّ بأعلى الرقمتين وماليا
                    ودر الرجال الشاهدين تفتكي = بأمري ألا يقصروا من وثاقيا
                    ودر الظباء السانحات عشية = يخبرن أني هالك من ورائيا
                    ودر كبريّ الذين كلاهما = عليّ شفيق ناصح ما ألانيا
                    تقول ابنتي لما رأت طول رحلتي = مسيرك هذا تاركي لا أبا ليا
                    ولكن بأكناف السمينة نسوة = عزيز عليهن العشية ما بيا
                    وأصبح مالي من طريفٍ وتالدٍ = لغيري وكان المال بالأمس ماليا
                    فياليت شعري هل بكت أم مالكٍ = كما كنت لو عالوا بنعيك باكيا
                    إذا متُ فاعتادي القبور وسلمي = على الرمس أسقيت السحاب الغواديا
                    ترى جدثاً قد جرت الريح فوقه = تراباً كلون القسطلان هابيا
                    رهينة أحجارٍ وتربٍ تضمنت = قراراتها مني العظام البواليا
                    فيا صاحباً إما عرضت فبلغن = بني مالك والريب ألا تلاقيا
                    وبلغ أخي عمران بردي ومئزري = وبلّغ جوزي اليوم ألا تدانيا
                    وسلّم على شيخي مني كليهما = وبلغ كثيراً وابن عمي وخاليا
                    وعطّل قلوصي في الركاب فإنها = ستبرد أكباداً وتبكي بواكيا
                    أقلب طرفي حول رحلي فلا أرى = به من عيون المؤنسات مراعيا
                    وبالرميل مني نسوة لو رأينني = بكين وفدين الطبيب المداويا
                    فمنهن أمي وابنتاها وخالتي = وباكية أخرى تهيج البواكيا
                    تذكرت من يبكي عليّ فلم أجد = سوى السيف والرمح الرديني باكيا
                    وأشقر خنذيذ يجر عنانه = إلى الماء لم يترك له الموت ساقيا
                    يقاد ذليلاً بعدما مات ربه = يباع ببخسٍ بعدما كان غاليا
                    صريعُ على أيدي الرجال بقفرة = يسوون لحدي حيث حُم قضائيا
                    فيا صاحبيّ رحلي دنا الموت فأنزلا = برابيةٍ إني مقيم لياليا
                    أقيما عليّ اليوم أو بعض ليلة = ولا تعجلاني قد تبين ما بيا
                    وقوما إذا ما استُل روحي فهيئا = لي السدر والأكفان عند فنائيا
                    وخطّا بأطراف الأسنة مضجعي = وردا على عيني فضل ردائيا
                    ولا تحسداني بارك الله فيكما = من الأرض ذات العرض أن توسعا لي
                    خذاني فجراني ببردي إليكما = لقد كنتُ قبل الموت صعباً قياديا
                    وكنت غصناً البان هبت له الصبا = أرجل فيناناً يصيد الغوانيا
                    وقد كنت صبراً على القرن في الوغى = وعن شتم ابن العم والجار وانيا
                    وقد كنتُ محموداً لدى الزاد والقرى = ثقيلاً على الأعداء عضباً لسانيا
                    وقد كنت عطفاً إذا الخيل أحجمت = سريعاً لدى الهيجاء إلى من دعانيا
                    فيوماً تراني في طلاء ومجمع = ويوماً تراني والعتاق ركابيا
                    ويوماً تراني في رحىً مستديرةٍ = تخرق أطراف الرماح ثيابيا
                    غداة الغد يا لهف نفسي على غد = إذا أدلجوا عني وأصبحتُ ثاوياً







                    *****

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
                    أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif, webp

                    ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

                    يعمل...