قصـائد ملخـلخـة [ 1 ]
هذا الموضوع ليس خروجاً أو نكوصاً عن أرائي السابقة فيمن كتبت عنهم من شعراء الجنوب ، ولكنه تأكيد على النظرة النقدية الشمولية ، التي تتعلق بالتعاطي مع النص وحــده ، والوقوف على جمالياته ، والتعرف على سلبياته ، دون التداخل أو التأثر بأسماء أصحاب النصوص ، فالعلاقة النقدية يجب أن تكون مع النصوص لا مع الأسماء .
كما أن النقد هو دراسة النصوص الأدبية ، وذلك بالكشف عما في هذه النصوص من جوانب الجمال فنتبعها ونستمتع بها، وما قد يوجد من عيوب فنتلافها ونتجنب الوقوع فيها .
وكما أن هناك قصائد رائعة ، وذات قيمة جمالية عالية ، كذلك فإن هناك قصائد من (( سقط المتاع )) ، بها أخطاء ودون المستوى ، وهي كثيرة ويصعب حصرها ومن الواجب تسليط الضوء على بعضها لعل وعسى أن يراجع الشعراء أنفسهم ، ويرحمونا من هذا الغثاء الذي امتلأت به الأشرطة والساحات من القصائد التي أصبحت كالمنتجات التايوانية التجارية الرخيصة .
وقد أسميتها " قصائد ملخلخة " لأنه قد جاء في لسان العرب لإبن منظور أن اللخلخانية : تعني العُجمة في المنطق ، ورجل لخلخاني , وامرأة لخلخانية ، إذا كانا لا يفصحان وفي الحديث
" فأتانا رجل فيه لخلخانية " قال أبو عبيدة اللخلخانية العجمة قال البعيث
سيتركها إن سلم الله جارها = بنو اللخلخانيات وهي رتوع
وفي حديث معاوية قال : أي الناس أفصح فقال : رجل قوم ارتفعوا عن لخلخانية العراق ،
قال : وهي اللكنة في الكلام و العجمة ، وقيل هو منسوب إلى لخلخان ، وهي قبيلة ، وقيل موضع ، ومنه الحديث كنا بموضع كذا وكذا فأتى رجل فيه لخلخانية .
ولما انشد المسيب بن علس في مجلس عمرو بن هند قصيدته التي يقول فيها:
وقد تلاقى الهم عند احتضاره = بناج عليه الصيعيرية مكدِمُ
قال طرفة قولته المشهورة : استنوق الجمل لأن الصيعيرية من سمات النوق لا الفحول ، فغضب المسيب وسأل عنه فقيل له إنه طرفة بن العبد .
وقد كانت وجهة نظر طرفة أن بيت المسيب فاسد المعنى ، لأنه أسند صفة للجمل ليست من صفاته ، بل هي من صفات النوق .
وهناك القصة المشهورة ، التي تحكي أن الأعشى والخنساء وحسان بن ثابت احتكموا إلى النابغة أيهم أشعر، وكيف أن هذا الأخير جعل حسان في الرتبة الثالثة بعد الأعشى والخنساء وأخذ عليه قوله:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى = وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابني محرق = فأكرم بنـا خـالا وأكرم بنـا ابـنـا
فعاب عليه استخدام الجفنات بدل الجفان ، والغر بدل البيض ، واللمعان بدل الإبراق والضحى بدل الدجى، والقطر بدل الجريان، لأن الصفات البديلة أفخم وأكثر من سابقاتها فخراً . كما عاب عليه في البيت الثاني افتخاره بنفسه بدل الافتخار بآبائه
ويروى أن رهطاً من شعراء تميم الزبرقان بن بدر والمخبل السعدي وعبدة بن الطبيب وعمرو بن الأهتم ، اجتمعوا في مجلس فتذكروا أشعارهم، وتحاكموا إلى ربيعة بن حذار ، أيهم أشعر ، فقال :
أما عمرو فشعره برود يمنية تطوى وتنشر ،
وأما أنت يا زبرقان فكأنك رجل أتى جزوراً قد نحرت فأخذ من أطايبها وخلطه بغير ذلك.
وأما أنت يا مخبل فشعرك شهب من الله يلقيها على من يشاء من عباده.
وأما أنت يا عبده فشعرك كمزادة أحكم خرزها فليس يقطر منها شيء "
تلك كانت البدايات النقدية للشعر وماذا عسانا أن نقول اليوم ونحن نسمع الكثير من أشرطة العرضة على أمل أن نحظى ولو بقصيدة واحدة تسد الرمق وتشفي الغليل وتعوضنا بقليل من المتعة عن كثير من أموالنا التي دفعناها ( لديوان العرضة )
في هذا الموضوع سآقدم لكم بعض العينات من تلك القصائد ولكن بشرط
الزعل ممنوع والعتب مرفوع ويبقى حبل الود قائما والاحترام ماثلا للعيان
في ا حدى المناسبات التي جمعت نفر من كبار شعراء العرضة وكان كل شاعر يتحدث عن قدرته الشعرية ومكانته وأفضليته على الشاعر الأخر وكان من بينهم الشاعر الكبير عبدالله البيضاني والشاعرالكبير صالح بن شاطر العمري
بدع عبدالله البيضاني وقال :
يقول عبدالله كلاً يعجبه فنه
ما عاد ندري من الأعلام وش رايع
والكل مشغول ما ندري متى نفضى
خلك مع الناس طيب وارض يا قلبي
الرد صالح بن شاطر :
يا موت يا موت لا طال العمر فنه
وانحن درسنا كتاب الدين و اشرايع
والتمر مدري عنه يا خي متى نفضى
ارضاً بنا مستقره وارض يا قلبي
فانظر أخي كيف لخلخ الشاطر الرد لخلخة غير عادية وتأمل كيف جعل كل بيت غريب عن سابقه ولاحقه لايعرفه ولايرتبط به وتأمل كيف لخلخ الشقر وعفسه عفسا شديدا وجاء بكلمات بايخة ذات معاني سامجة كأن ليس بها ملح
وكذلك فعل البيضاني في القصيدة التالية
يانجد مخبر حياك إلا مشوك وله ناس
حنه يصفي زلال النهل ويخل صديون
نهار نرقى جبل ونهار ندرج مع ريف
وبعد عيوني تشوف المال وترى الدهاله
فهو إلى جانب أنه سلك مسلك الشاطر في القصيدة السابقة فجعل أبيات قصيدته الأربعة – كل بيت من ديرة وكما دول الخليج كل عشرة لهم دولة– فجعلها مثلهم حتى أخوة الجوار واللغة لم تربط بينهم ، كما أنه ناقض الواقع في ( حيـــا ) أو عشـــب نجد الذي جعله كله من ذوات الشوك ، وأقول : ألا ينبت نجد العرار والنفل والشيح ألم يقل الشاعر العربي
تمتع من شميم عرار نجد = فما بعد العشية من عرار
وكذلك فعل عبد الواحد صاحب ( الحوليات ) وزاد الطين بلة وهو يرد على البيضاني في قصيدته بهذه الأبيات
الحق والباطل إخوه كل شي وله ناس
مجبور الإنسان يطلب دين ويخلص ديون
ماحد يغربل فوادك مثل راع المعاريف
تخاف ماتسمح الأيام وتردها له
فمتى كان الباطل أخٌ للحــــق ..؟؟ إنها سقطة كبيرة لشاعر الجنوب أن يؤاخي بين الحق والباطل وهما ضدان لا يلتقيان ومتى كان الإنسان مجبر على طلب الدين نعم هو مجبر على تسديد الدين لكنه غير مجبر على الإستدانه ، ثم متى كان صاحب المعروف يغربل الفؤاد ويقلقله وإلا فقولوا على الدنيا وعلى صانع المعروف السلام ويستمر عبد الواحد في سقوطه ولخلخته فهاهو يغـِيْـر من أصحاب البناشر ويحتقر الفقراء ممن ليس عندهم سوى تلك السيارات القديمة ( القرنبع ) وهي حيلتهم
عبدالواحد
الأمر فوضى وفي هذا البلد عزل الباس
وشب أغبيانا تذاكت وأذكيانا يبلهون
من يوم قام الجميحي يفوض الجبر والسيف
حتى القرنبع تغير زيتها بالوكالات
ولنا عودة إن شــاء الله
سعيد صالح المرضي
Ssmrd0321@hotmail.com
هذا الموضوع ليس خروجاً أو نكوصاً عن أرائي السابقة فيمن كتبت عنهم من شعراء الجنوب ، ولكنه تأكيد على النظرة النقدية الشمولية ، التي تتعلق بالتعاطي مع النص وحــده ، والوقوف على جمالياته ، والتعرف على سلبياته ، دون التداخل أو التأثر بأسماء أصحاب النصوص ، فالعلاقة النقدية يجب أن تكون مع النصوص لا مع الأسماء .
كما أن النقد هو دراسة النصوص الأدبية ، وذلك بالكشف عما في هذه النصوص من جوانب الجمال فنتبعها ونستمتع بها، وما قد يوجد من عيوب فنتلافها ونتجنب الوقوع فيها .
وكما أن هناك قصائد رائعة ، وذات قيمة جمالية عالية ، كذلك فإن هناك قصائد من (( سقط المتاع )) ، بها أخطاء ودون المستوى ، وهي كثيرة ويصعب حصرها ومن الواجب تسليط الضوء على بعضها لعل وعسى أن يراجع الشعراء أنفسهم ، ويرحمونا من هذا الغثاء الذي امتلأت به الأشرطة والساحات من القصائد التي أصبحت كالمنتجات التايوانية التجارية الرخيصة .
وقد أسميتها " قصائد ملخلخة " لأنه قد جاء في لسان العرب لإبن منظور أن اللخلخانية : تعني العُجمة في المنطق ، ورجل لخلخاني , وامرأة لخلخانية ، إذا كانا لا يفصحان وفي الحديث
" فأتانا رجل فيه لخلخانية " قال أبو عبيدة اللخلخانية العجمة قال البعيث
سيتركها إن سلم الله جارها = بنو اللخلخانيات وهي رتوع
وفي حديث معاوية قال : أي الناس أفصح فقال : رجل قوم ارتفعوا عن لخلخانية العراق ،
قال : وهي اللكنة في الكلام و العجمة ، وقيل هو منسوب إلى لخلخان ، وهي قبيلة ، وقيل موضع ، ومنه الحديث كنا بموضع كذا وكذا فأتى رجل فيه لخلخانية .
ولما انشد المسيب بن علس في مجلس عمرو بن هند قصيدته التي يقول فيها:
وقد تلاقى الهم عند احتضاره = بناج عليه الصيعيرية مكدِمُ
قال طرفة قولته المشهورة : استنوق الجمل لأن الصيعيرية من سمات النوق لا الفحول ، فغضب المسيب وسأل عنه فقيل له إنه طرفة بن العبد .
وقد كانت وجهة نظر طرفة أن بيت المسيب فاسد المعنى ، لأنه أسند صفة للجمل ليست من صفاته ، بل هي من صفات النوق .
وهناك القصة المشهورة ، التي تحكي أن الأعشى والخنساء وحسان بن ثابت احتكموا إلى النابغة أيهم أشعر، وكيف أن هذا الأخير جعل حسان في الرتبة الثالثة بعد الأعشى والخنساء وأخذ عليه قوله:
لنا الجفنات الغر يلمعن بالضحى = وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
ولدنا بني العنقاء وابني محرق = فأكرم بنـا خـالا وأكرم بنـا ابـنـا
فعاب عليه استخدام الجفنات بدل الجفان ، والغر بدل البيض ، واللمعان بدل الإبراق والضحى بدل الدجى، والقطر بدل الجريان، لأن الصفات البديلة أفخم وأكثر من سابقاتها فخراً . كما عاب عليه في البيت الثاني افتخاره بنفسه بدل الافتخار بآبائه
ويروى أن رهطاً من شعراء تميم الزبرقان بن بدر والمخبل السعدي وعبدة بن الطبيب وعمرو بن الأهتم ، اجتمعوا في مجلس فتذكروا أشعارهم، وتحاكموا إلى ربيعة بن حذار ، أيهم أشعر ، فقال :
أما عمرو فشعره برود يمنية تطوى وتنشر ،
وأما أنت يا زبرقان فكأنك رجل أتى جزوراً قد نحرت فأخذ من أطايبها وخلطه بغير ذلك.
وأما أنت يا مخبل فشعرك شهب من الله يلقيها على من يشاء من عباده.
وأما أنت يا عبده فشعرك كمزادة أحكم خرزها فليس يقطر منها شيء "
تلك كانت البدايات النقدية للشعر وماذا عسانا أن نقول اليوم ونحن نسمع الكثير من أشرطة العرضة على أمل أن نحظى ولو بقصيدة واحدة تسد الرمق وتشفي الغليل وتعوضنا بقليل من المتعة عن كثير من أموالنا التي دفعناها ( لديوان العرضة )
في هذا الموضوع سآقدم لكم بعض العينات من تلك القصائد ولكن بشرط
الزعل ممنوع والعتب مرفوع ويبقى حبل الود قائما والاحترام ماثلا للعيان
في ا حدى المناسبات التي جمعت نفر من كبار شعراء العرضة وكان كل شاعر يتحدث عن قدرته الشعرية ومكانته وأفضليته على الشاعر الأخر وكان من بينهم الشاعر الكبير عبدالله البيضاني والشاعرالكبير صالح بن شاطر العمري
بدع عبدالله البيضاني وقال :
يقول عبدالله كلاً يعجبه فنه
ما عاد ندري من الأعلام وش رايع
والكل مشغول ما ندري متى نفضى
خلك مع الناس طيب وارض يا قلبي
الرد صالح بن شاطر :
يا موت يا موت لا طال العمر فنه
وانحن درسنا كتاب الدين و اشرايع
والتمر مدري عنه يا خي متى نفضى
ارضاً بنا مستقره وارض يا قلبي
فانظر أخي كيف لخلخ الشاطر الرد لخلخة غير عادية وتأمل كيف جعل كل بيت غريب عن سابقه ولاحقه لايعرفه ولايرتبط به وتأمل كيف لخلخ الشقر وعفسه عفسا شديدا وجاء بكلمات بايخة ذات معاني سامجة كأن ليس بها ملح
وكذلك فعل البيضاني في القصيدة التالية
يانجد مخبر حياك إلا مشوك وله ناس
حنه يصفي زلال النهل ويخل صديون
نهار نرقى جبل ونهار ندرج مع ريف
وبعد عيوني تشوف المال وترى الدهاله
فهو إلى جانب أنه سلك مسلك الشاطر في القصيدة السابقة فجعل أبيات قصيدته الأربعة – كل بيت من ديرة وكما دول الخليج كل عشرة لهم دولة– فجعلها مثلهم حتى أخوة الجوار واللغة لم تربط بينهم ، كما أنه ناقض الواقع في ( حيـــا ) أو عشـــب نجد الذي جعله كله من ذوات الشوك ، وأقول : ألا ينبت نجد العرار والنفل والشيح ألم يقل الشاعر العربي
تمتع من شميم عرار نجد = فما بعد العشية من عرار
وكذلك فعل عبد الواحد صاحب ( الحوليات ) وزاد الطين بلة وهو يرد على البيضاني في قصيدته بهذه الأبيات
الحق والباطل إخوه كل شي وله ناس
مجبور الإنسان يطلب دين ويخلص ديون
ماحد يغربل فوادك مثل راع المعاريف
تخاف ماتسمح الأيام وتردها له
فمتى كان الباطل أخٌ للحــــق ..؟؟ إنها سقطة كبيرة لشاعر الجنوب أن يؤاخي بين الحق والباطل وهما ضدان لا يلتقيان ومتى كان الإنسان مجبر على طلب الدين نعم هو مجبر على تسديد الدين لكنه غير مجبر على الإستدانه ، ثم متى كان صاحب المعروف يغربل الفؤاد ويقلقله وإلا فقولوا على الدنيا وعلى صانع المعروف السلام ويستمر عبد الواحد في سقوطه ولخلخته فهاهو يغـِيْـر من أصحاب البناشر ويحتقر الفقراء ممن ليس عندهم سوى تلك السيارات القديمة ( القرنبع ) وهي حيلتهم
عبدالواحد
الأمر فوضى وفي هذا البلد عزل الباس
وشب أغبيانا تذاكت وأذكيانا يبلهون
من يوم قام الجميحي يفوض الجبر والسيف
حتى القرنبع تغير زيتها بالوكالات
ولنا عودة إن شــاء الله
سعيد صالح المرضي
Ssmrd0321@hotmail.com
تعليق