بسم الله الرحمن الرحيـــــم
من صباح الويـل الى مغـرب الثبور .. وعندما يختلط اللحم بالمعدن .. والدم بالدم .. من صعقة الصوت الى زفرة المــوت .. في نهارٍ تتشدق فيه الاحـــداق .. وتنطفيء فيه الابتسامات .. وتُشق من أجله القبــور .
عند الوجـل .. وإقتراب الاجـل .. شابت الرضع .. وانتهت مفارقات السيد و التٌّبــع .. سارت الخيل تحذو الحـذر .. وتناجي القدر ..
الاكفان قد بُلت بماء زمزم .. واقتـــرب عزرائيل .. لايهمه مابين المشرقين أو بُعد الميـــــــــل ..
من حي على الفـلاح .. ابتدأ يوم الصباح .. شُحن البارود .. للحوض المارود ..
وفي أنينٍ محزن .. صاح الرصاص , ليـوم القصاص ..
هذا اليوم لايعرف سوى الدماء .. لاشيءسوى أنواع الاسلحه ..
تتحاشر المناكب إزدحاماً , والصفوف إلتحاماً .. صــــرخات .. زفــــرات
صباحٌ مظلم كالحل الازرق , يتفق على هيبته العاقل والاخرق .
على مر الايام يبقى حزن الثكالى والايتام ... شاهـــداً ... على أن نهاية الدروب .. وأصيل الغروب .. مابين أنياب الحـــــــــــروب .
منذ القدم تفاخر الشعراء بالنصر , وخلدوا لنـا أبياتاً تنطق فخراً بتلك الحروب , وما أعقبها من هزيمة الخصوم ودحر المعتدين وكثرة الغنائم .
لكن قل ما ندُر تجد شاعراً يصف كيف دارت رياح المعركه ؟
كيف سالت الدماء ؟ ... وكيف هي طعنات المــــــوت ؟
وما ذلك في إعتقادي البسيط الا لصعوبة الوصف .. وإعجاز البيان ..
وحقيقةً لقــد وضعت نفسي في موقفٍ لاأحســد عليه عنـدما بدأت البحث عن قصائد (شقر ) تصف المعركــه .. ولقد استخرجت بالمناقيش أبياتاً أثلجت صــدري ..
فهيـــا تهيئوا معي للعوده الى أعــــوام 1320هـ ..
محمد بن ثامره .. علي الغبيشي
أسماءٌ مازالت تتغنى بهم ذاكرة الحرب , كان أجود عطورهم رائحة البارود , وزينتهم الرصاص , نغمات الموسيقى لديهم زفرات البنادق , وصباح العيــد صباح المعركه , هؤلاء الرجال كان ضيفهم الموت , وسيدة العشق لديهم أكفان النصـر ..
أي نحن زهران زهرة الارض حتى الجن درت بنا
نتلقى الهود والبارود لاضاقت حلوق المُرت
في نهارٍ تشخص الابصار والبندق سوا يري
والكراسي والخشايب تنفض ايدينا برزبها
وتعيل الروس واصوات المعابر تصنق الرمايه
يالله اكتب صدقتنا في رجب وأكتب ثوابنا
قيصر الشعر ويوليوسه المعظم .. الثـــــــــــــوابي
وكأني به وأنا أتجول مابين دهاليز ذاكرته .. وهو يصف ذلك اليوم الذي ضاقت منه حلوق ( المرت ) وأبصار العباد شاخصه .. وجله .. خائفه .. تترقب الاكفان أو النصر , والبنادق بعد أن كظمت غيضها لم يعد في وسعها أن تخفي شيئاً من غضبها فبدأت في احتجاجٍ جماعي تطلق الموت ناراً ولهبـــاً ..
أما أخشاب تلك البنادق فلم تكن بأقل حنقاً من ذلك البارود المشتعل .. فبــدأت بالارتجاف وهنا عبر الثوابي رحمه الله تعالى عن هذا الارتجاف بكلمةٍ جميله غاية في القوه والوصف فقال ( برزبها ) أي ترزب والرزب مأخوذٌ من رزب الخيل وهو قوة الركض وقوة الصوت ..
وكأن بأخشاب بندقتك أيها الثوابي فرسٌ ترزب المسافات وتعدو الفيافي فتكاد الارض من قوة وطأة الفرس أن تتحرك ..
ثم عاد الثوابي ليقــول ( وتعيل الرأس ) العيل هو شدة المرض .. وجعل الثوابي خطاب المرض هنا عائـــداً الى يوم المعركه ..
ثم قال ( واصوات المعابر تصنق الرمايه ) .. لله درك ياثوابي , بعض شيءٍ من شيء , هنا خاطب الثوابي مدارك العقول الواعيه , فلم يقل شيئاً عن الموت من اصابة المعابر وهذا شيءٌ لايحتاج الى وصف .. بل اكتفى بالاشاره الى اصوات تلك المعابر فقال تصنق الرمايه ..
نعم فالموت لم يعد بحاجة الى شهاده , بما أن تلك المعابر تصيب الانسان بالصمم اشارة الى قوة الصوت .. فما هو الحال لو وقعت في جسم انسان .. يقال ما عُرف أوله عُرف آخره .
===
لانفجر ريع الشقا واصبح يظلي كل يومٍ هوشه
يوم بو زرفال تكثر بعد الاحزان والوجوع
والجنايز تختلف والطير تقبل للحوم اقبالي
والذي خايف ذهيب وعميت الاشوار عالفتالي
والجعيره تاتبشر باللحم والذيب واردي
علي الغبيشي .. سلطان الشعر وحاجبه .. وعينهُ التي لاتنــام ..
( لانفجر ريع الشقا )
الانفجار لايكون الا بعد السكون .. وهنا استخدم الغبيشي رحمه الله وصفاً دقيقاً فقال ( لانفجر ) مثل ذلك حكمه قديمه تقول ( الشر في ساعه )
بمعنى كل شيءٍ يكون في صمت ومن بعد ذلك الهدوء يتغير كل شيء ولكـــن الى الاسوء , وعبر الغبيشي عن مقدار السوء فقال لانفجر دلالةً على قوة التغيير ..
( ريع الشقا واصبح يضلي كل يومٍ هوشه )
نعم كل يومٍ هوشه ( إما قتلاً أو اختلافاً أو تعدياً ) أليس ذلك هو الشقاء بعينه ؟!
( يوم بو زرفال تكثر بعده الاحزان والوجوع )
ابو زرفال .. وما أدراك ما زرافيله المتينه .. ورغم أن الزمن قد دار علىهذا النوع من السلاح وأعقبه أنواعٌ عده الا أن عندما تنظر الى تلك الكراسي وتلك الزرافيل العتيقه يجول في خاطرك شيءٌ من الخيال عن بطلٍ قادمٍ من الماضي ويحق لك أن تتذكر مقولة ( ارحموا عزيز قومٍ ذل )
ابو زرفال هذا ليس من بعده سوى أمرين * الحزن على ميت قد قضى نحبه .. * أو أوجاع مصابٍ تركته الاقدار مابين الحياة والموت .. وفي هذا البيت إيحاءٌ غريب يكفي عن غيـــره .
( والجنايز تختلف والطير تقبل للحوم اقبالي )
( والجنايز تختلف ) المقصود هنا بأن جنائز الموت تتوالى الواحده تلو الاخرى فلا يكاد تذهب الاولى حتى تأتي الثانيه .. ومن ذلك الخٌّلفه وهي موعد الطعام , فالخلفه تعقبها الخُلفه في توالٍ عددي لايختلف وتلك الطير السعيده التي حظرت من أجل خلفتها لن تعود الا وقد قضت حاجتها من اللحوم على مائدة الحرب الشهيه .
( والذي خايف ذهيب وعميت الاشوار عالفتالي )
هنا الخطاب يرجع الى نهار الشقا ففي ذلك اليوم يهرب الخائف ولاعجب .. ويصاب فاتل الاشوار وصاحب الحنكه بالعمى المجازي .. فليس لاشواره في ذلك الموقف المهيب من فائـــده فهذا اليوم ليس للعقل فيه نصيب , إنما هو يوم المزرفل وإخوته وكلمتهم هي الفيصــل .
( والجعيره تاتبشر باللحم والذيب واردي )
أيضاً هذا البيت يرجع خطابه الى نهار الشقا ويبع في ترتيبه الايجازي البيت الثالث ( والجنايز تختلف والطير تقبل ...... )
لكن يحمل هذا البيت بصمه لاعجب أنها من صنع الغبيشي ..
فهنا الغبيشي يصور الجعيره وكأنها من ذوات العقل .. تميز .. تصد .. تتبشر خيراً أو شراً .. وما هذل لعمــــري الا قوة وصف وتصوير لدى هذا الشاعر الاسطوره .. ثم قال والذيب واردي .. أيضـــا الذيب له نصيب في تلك المائـــد حتى وان لم يكن من ضمن معازيم المائــــــــده الشهيه ..
تحياتي .. الجــــــــــــــــابري
من صباح الويـل الى مغـرب الثبور .. وعندما يختلط اللحم بالمعدن .. والدم بالدم .. من صعقة الصوت الى زفرة المــوت .. في نهارٍ تتشدق فيه الاحـــداق .. وتنطفيء فيه الابتسامات .. وتُشق من أجله القبــور .
عند الوجـل .. وإقتراب الاجـل .. شابت الرضع .. وانتهت مفارقات السيد و التٌّبــع .. سارت الخيل تحذو الحـذر .. وتناجي القدر ..
الاكفان قد بُلت بماء زمزم .. واقتـــرب عزرائيل .. لايهمه مابين المشرقين أو بُعد الميـــــــــل ..
من حي على الفـلاح .. ابتدأ يوم الصباح .. شُحن البارود .. للحوض المارود ..
وفي أنينٍ محزن .. صاح الرصاص , ليـوم القصاص ..
هذا اليوم لايعرف سوى الدماء .. لاشيءسوى أنواع الاسلحه ..
تتحاشر المناكب إزدحاماً , والصفوف إلتحاماً .. صــــرخات .. زفــــرات
صباحٌ مظلم كالحل الازرق , يتفق على هيبته العاقل والاخرق .
على مر الايام يبقى حزن الثكالى والايتام ... شاهـــداً ... على أن نهاية الدروب .. وأصيل الغروب .. مابين أنياب الحـــــــــــروب .
منذ القدم تفاخر الشعراء بالنصر , وخلدوا لنـا أبياتاً تنطق فخراً بتلك الحروب , وما أعقبها من هزيمة الخصوم ودحر المعتدين وكثرة الغنائم .
لكن قل ما ندُر تجد شاعراً يصف كيف دارت رياح المعركه ؟
كيف سالت الدماء ؟ ... وكيف هي طعنات المــــــوت ؟
وما ذلك في إعتقادي البسيط الا لصعوبة الوصف .. وإعجاز البيان ..
وحقيقةً لقــد وضعت نفسي في موقفٍ لاأحســد عليه عنـدما بدأت البحث عن قصائد (شقر ) تصف المعركــه .. ولقد استخرجت بالمناقيش أبياتاً أثلجت صــدري ..
فهيـــا تهيئوا معي للعوده الى أعــــوام 1320هـ ..
محمد بن ثامره .. علي الغبيشي
أسماءٌ مازالت تتغنى بهم ذاكرة الحرب , كان أجود عطورهم رائحة البارود , وزينتهم الرصاص , نغمات الموسيقى لديهم زفرات البنادق , وصباح العيــد صباح المعركه , هؤلاء الرجال كان ضيفهم الموت , وسيدة العشق لديهم أكفان النصـر ..
أي نحن زهران زهرة الارض حتى الجن درت بنا
نتلقى الهود والبارود لاضاقت حلوق المُرت
في نهارٍ تشخص الابصار والبندق سوا يري
والكراسي والخشايب تنفض ايدينا برزبها
وتعيل الروس واصوات المعابر تصنق الرمايه
يالله اكتب صدقتنا في رجب وأكتب ثوابنا
قيصر الشعر ويوليوسه المعظم .. الثـــــــــــــوابي
وكأني به وأنا أتجول مابين دهاليز ذاكرته .. وهو يصف ذلك اليوم الذي ضاقت منه حلوق ( المرت ) وأبصار العباد شاخصه .. وجله .. خائفه .. تترقب الاكفان أو النصر , والبنادق بعد أن كظمت غيضها لم يعد في وسعها أن تخفي شيئاً من غضبها فبدأت في احتجاجٍ جماعي تطلق الموت ناراً ولهبـــاً ..
أما أخشاب تلك البنادق فلم تكن بأقل حنقاً من ذلك البارود المشتعل .. فبــدأت بالارتجاف وهنا عبر الثوابي رحمه الله تعالى عن هذا الارتجاف بكلمةٍ جميله غاية في القوه والوصف فقال ( برزبها ) أي ترزب والرزب مأخوذٌ من رزب الخيل وهو قوة الركض وقوة الصوت ..
وكأن بأخشاب بندقتك أيها الثوابي فرسٌ ترزب المسافات وتعدو الفيافي فتكاد الارض من قوة وطأة الفرس أن تتحرك ..
ثم عاد الثوابي ليقــول ( وتعيل الرأس ) العيل هو شدة المرض .. وجعل الثوابي خطاب المرض هنا عائـــداً الى يوم المعركه ..
ثم قال ( واصوات المعابر تصنق الرمايه ) .. لله درك ياثوابي , بعض شيءٍ من شيء , هنا خاطب الثوابي مدارك العقول الواعيه , فلم يقل شيئاً عن الموت من اصابة المعابر وهذا شيءٌ لايحتاج الى وصف .. بل اكتفى بالاشاره الى اصوات تلك المعابر فقال تصنق الرمايه ..
نعم فالموت لم يعد بحاجة الى شهاده , بما أن تلك المعابر تصيب الانسان بالصمم اشارة الى قوة الصوت .. فما هو الحال لو وقعت في جسم انسان .. يقال ما عُرف أوله عُرف آخره .
===
لانفجر ريع الشقا واصبح يظلي كل يومٍ هوشه
يوم بو زرفال تكثر بعد الاحزان والوجوع
والجنايز تختلف والطير تقبل للحوم اقبالي
والذي خايف ذهيب وعميت الاشوار عالفتالي
والجعيره تاتبشر باللحم والذيب واردي
علي الغبيشي .. سلطان الشعر وحاجبه .. وعينهُ التي لاتنــام ..
( لانفجر ريع الشقا )
الانفجار لايكون الا بعد السكون .. وهنا استخدم الغبيشي رحمه الله وصفاً دقيقاً فقال ( لانفجر ) مثل ذلك حكمه قديمه تقول ( الشر في ساعه )
بمعنى كل شيءٍ يكون في صمت ومن بعد ذلك الهدوء يتغير كل شيء ولكـــن الى الاسوء , وعبر الغبيشي عن مقدار السوء فقال لانفجر دلالةً على قوة التغيير ..
( ريع الشقا واصبح يضلي كل يومٍ هوشه )
نعم كل يومٍ هوشه ( إما قتلاً أو اختلافاً أو تعدياً ) أليس ذلك هو الشقاء بعينه ؟!
( يوم بو زرفال تكثر بعده الاحزان والوجوع )
ابو زرفال .. وما أدراك ما زرافيله المتينه .. ورغم أن الزمن قد دار علىهذا النوع من السلاح وأعقبه أنواعٌ عده الا أن عندما تنظر الى تلك الكراسي وتلك الزرافيل العتيقه يجول في خاطرك شيءٌ من الخيال عن بطلٍ قادمٍ من الماضي ويحق لك أن تتذكر مقولة ( ارحموا عزيز قومٍ ذل )
ابو زرفال هذا ليس من بعده سوى أمرين * الحزن على ميت قد قضى نحبه .. * أو أوجاع مصابٍ تركته الاقدار مابين الحياة والموت .. وفي هذا البيت إيحاءٌ غريب يكفي عن غيـــره .
( والجنايز تختلف والطير تقبل للحوم اقبالي )
( والجنايز تختلف ) المقصود هنا بأن جنائز الموت تتوالى الواحده تلو الاخرى فلا يكاد تذهب الاولى حتى تأتي الثانيه .. ومن ذلك الخٌّلفه وهي موعد الطعام , فالخلفه تعقبها الخُلفه في توالٍ عددي لايختلف وتلك الطير السعيده التي حظرت من أجل خلفتها لن تعود الا وقد قضت حاجتها من اللحوم على مائدة الحرب الشهيه .
( والذي خايف ذهيب وعميت الاشوار عالفتالي )
هنا الخطاب يرجع الى نهار الشقا ففي ذلك اليوم يهرب الخائف ولاعجب .. ويصاب فاتل الاشوار وصاحب الحنكه بالعمى المجازي .. فليس لاشواره في ذلك الموقف المهيب من فائـــده فهذا اليوم ليس للعقل فيه نصيب , إنما هو يوم المزرفل وإخوته وكلمتهم هي الفيصــل .
( والجعيره تاتبشر باللحم والذيب واردي )
أيضاً هذا البيت يرجع خطابه الى نهار الشقا ويبع في ترتيبه الايجازي البيت الثالث ( والجنايز تختلف والطير تقبل ...... )
لكن يحمل هذا البيت بصمه لاعجب أنها من صنع الغبيشي ..
فهنا الغبيشي يصور الجعيره وكأنها من ذوات العقل .. تميز .. تصد .. تتبشر خيراً أو شراً .. وما هذل لعمــــري الا قوة وصف وتصوير لدى هذا الشاعر الاسطوره .. ثم قال والذيب واردي .. أيضـــا الذيب له نصيب في تلك المائـــد حتى وان لم يكن من ضمن معازيم المائــــــــده الشهيه ..
تحياتي .. الجــــــــــــــــابري
تعليق