قصة سوق وردان بمصر
ذكر القيروانى في كتابه الخطوط كق الكنوزأنه كان في أيام الحاكم بأمر الله القاضى جزأريبيع 11 أسمه وردان، وكانت تأتيه كل يوم امرأة بارعة الجمال لتشترى خروفآ بدينارين، فمطلب إليه أن يشقه شقين، فإذا فعل أتت مجمال يحمله في قفص وتنصرف به، كانت كل يوا تأتى وكل يوم تشترى الخروف بدينارين من الذهب، وفي ذأت يوم أخذ وردان يحدق في الدنانير التي كان يجمعها من المرأة فرآها كلها دنانير عتيقة ضربت منذ زمن، وحاول أن يقرأ ما عليها فلم يفهم، ففكر وفكر وهداه عقله إلى أن المرأة واصلة، أى أنها وصلت إلى كنز قديم تأخذ من دنانيره كل يوم، فلقى الحمال الذي يحمل للمرأة الخروف وسأله عنها فقال: إنى لأرى من هذه المرأة العجب، إنها تحملنى الخروف ثم تذهب إلى راهب بقصر الشمع فتعطيه دينارين فيعطيها مروقتين من الخمرثم تعطيه دينارآ فيصرفه لها عشرين درهما فتشترى فاكهة وخبزا وحوائج طعام بعشرة دراهم وتحملنى هذا كله وتمضى، فأتبعها حتى تصل إلى بساتين الوزير (ناحية المقطم) هناك تشد عينى بعصابتين شدا محكا وتقودنى في أماكن وعرة حتى أصل إلى مكان، فأضع أحمالى على صخرة ثم تعود بى وأنا معتصب العينين إلى حيث بدأنا، فتحل العصابة وتعطينى العشرة الدراهم الباقية وتقول: احفظ لسانك ولاتقطع رزقك، وهش وردان لما سمع وتحقق أنها واصلة إلى كنز وقال للحمال بخبث: لقد صدقتك يا أخي لاتقطع رزقك بيدك فنحن نكسب نهارآ ولانخسر فلا تتكلم، وأقبلت المرأة صبيحة اليوم التالى وكان وردان قد تهيأ للأمر، فأخذت الخروف ومضت ومضى وردأن ورأءها يتبعها بحذر يخاف أن ترأه، وبلغت المراة الصخرة التي تضع عندها الحاجات، فتوارى وردان خلف صخرة آخرى حتى إذا أوصلت الحمال وعادت رآها تحمل ما أشترته ثم تختفى فجأة كأنما ابتلعتها الأرض، ووثب، وردان مسرعآ إلى تلك الصخرة إذا به يجد تحتها ثغرة مظلمة، وحرص ألا تفوته المرأة، فهبط ولمح سردابا طويلأ مظلما رطبا يتراءى في آخره ضوء شاحب، فمشى على حذر
حتى بلغ آخر الدهليز، وجد على يمينه باب قاعة فخمة نيرة لايعلم من أين يأتيها النور، فجلس في حد الباب في الظلام ينظر إلى صدر القاعة، فرأى مالم يره قط في حياته من أثاث وتحف وجوهر، ورأى دبآ أسود ضخما كأنه الجبل يرعب مرآه يدور و يروح ويجىء، ورأى المرأة قد أخذت شقة من ذلك اللحم فقطعت أطايبها ورمت بمابقى منها إلى الدب، فبرك الدب يأكل اللحم بنهم، فكان يسمع للعظام وهى تتحطم تحت أسنانه صوتآ مثيرآ، ثم رأى المرأة تشعل نارا في جانب من القاعة وتطبخ اللحم الذي قطعته، ولم تنتظر إلا دقائق حتى استوى الطعام، فلم يدر وردان كيف طبخته، ثم جعلته في زبادى من المينا النادرة لايوجد عند الملوك ثم أكلت بنهم أيضا ثم مدت الفاكهة وأتت بأوانى الخمر من البللور المجزع والجوهر فملأتها من خمرها المروق وسقت الدب وشربت، وما زالت تشرب وتسقى الدب حتى فرغت الأوانى، عند ذلك اقتربت منه وكانا لايتكلمان، فأخذ الدب يداعبها ويرقص لها ثم كان بينهما مايكون بين ....، ثم انقلب لايتحرك وقد أخذه النوم من السكر والأعياء، وارتمت هى تغط في نوم عميق. ذهل وردان مما رأى وجال ببصره في أنحاء القاعة مرة ثانية فطار لبه وقال لنفسه: ليس لي أن أنتظر حتى يفيق، لو أفاق ورآنى فسيقتلنى شر قتلة، فجذب سكينه من وسطه وكانت تبرى العظم قبل اللحم، ودخل القاعة حذرا ومضى إلى الدب فأمسك برأسه وأجرى السكين في عنقه ففصل رأسه عن بدنه، فسمع له شخير وارتج المكان، وهبت المرأة مذعورة فرأت وردان بيده السكين والدب يتخبط بدمه، فصرخت: كيف جئت إلى هنا وكيف فعلت هذا؟ وصاح بها وردان: ما الذي حملك على ماتفعلين؟ أفرغت الدنيا من الرجال؟ وصاحت: اذبحنى كما ذبحت الدب فلم يبقى لي حياة، قال لها: خافي الله وتوبى إليه أنا أتزوجك بالحلال ونعيش بقية عمرنا من هذا الكنز، قالت: اذبحنى ولاتطل الكلام، الآن فهمت، كان هذا الكنز مرصدا على صورتك ولو أن غيرك من سائر خلق الله أراد الوصول إلى هنا ما استطاع، إن لم تفعل ما آمرك به أتلفتك وان فعلت نجوت بنفسك وبجميع هذا الكنز، وتحسس وردان سكينه، وقالى: ومافي قدرتك أن تفعليه بى؟ فنهضت إلى طبق في وسط القاعة فيه ماء قليل فقرأت عليه شيئا وإذا بالماء يتفق من جوانب القاعة و يرتفع، وبدأت الأنوار تخفت وينتشر الظلام وقالت: أدرك نفسك ياوردان واذبحنى وإلا غرقت، ثم يقول: لن أذبحك ما رأيت منك سوءاً، لن أذبحك وان مت من غيرى فلك ذلك، عندئذ تكلمت المرأة على طبق الماء فعاد إلى مكانه، وانحسر عن القاعة وعاد النور، فاقتربت من الدب وإضطجعت إلى جانبه وذرت على نفسها ذرورا فإذا هى تحترق وإياه في طرفة عين وتنقلب إلى رماد. قال وردان: فأخذت مما وجدت في ذلك المكان من الدر والجواهر طاقة ما أحمل وجعلته في القفص الذي كان فيه اللحم والفاكهة وغطيته وعدت طريقى لأفرغه وأعود، فلما صرت بباب مصر وثب علي عشرة من حراس الحاكم بأمر الله وقالوا: وردان أجب أمير المؤمنين، فرعبت ومضيت قال: وردان ذبحت الدب وأحرقت المرأة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال أرنى قفصك. فنظره ثم غطاه وقال: هذا نصيبك لايعارضك فيه معارض، إنما عليك الآن أن تأتى معى لتسلمنى مابقى من الكنز، وركب حماره وتبعناه حتى إذأ بلغنا موضع الكنز، قلت: هذأ هو المكان يا أمير المؤمنين، انزل لتراه وتنظر إلى هول خلقة الدب، قال: هيهات ياوردان ماعدت تنظر إلى المرأة والدب، هما كأنا قربان هدأ الكنز حتى استطعت أن تأخذ منه، ولن يستطع أحد الدخول إلى الكنز لأن فتحه كان على صورتك، ولو دخل أحد غيرك لأطبقت الأرض عليه، انزل الآن وأخرج جميع مافيه، قال وردأن: فنزلت فما وجدت دبا ولا امرأة ولا رمادا ولا ماء، بل رأيت مالم أره من قبل من جواهو وتحف وأموال، فما زلت أنقل والحاكم ومن حوله يملؤون الصناديق، ثم أعطانى القفص فبنيت منه سوقى المعروف باسمى في مصر.
ذكر القيروانى في كتابه الخطوط كق الكنوزأنه كان في أيام الحاكم بأمر الله القاضى جزأريبيع 11 أسمه وردان، وكانت تأتيه كل يوم امرأة بارعة الجمال لتشترى خروفآ بدينارين، فمطلب إليه أن يشقه شقين، فإذا فعل أتت مجمال يحمله في قفص وتنصرف به، كانت كل يوا تأتى وكل يوم تشترى الخروف بدينارين من الذهب، وفي ذأت يوم أخذ وردان يحدق في الدنانير التي كان يجمعها من المرأة فرآها كلها دنانير عتيقة ضربت منذ زمن، وحاول أن يقرأ ما عليها فلم يفهم، ففكر وفكر وهداه عقله إلى أن المرأة واصلة، أى أنها وصلت إلى كنز قديم تأخذ من دنانيره كل يوم، فلقى الحمال الذي يحمل للمرأة الخروف وسأله عنها فقال: إنى لأرى من هذه المرأة العجب، إنها تحملنى الخروف ثم تذهب إلى راهب بقصر الشمع فتعطيه دينارين فيعطيها مروقتين من الخمرثم تعطيه دينارآ فيصرفه لها عشرين درهما فتشترى فاكهة وخبزا وحوائج طعام بعشرة دراهم وتحملنى هذا كله وتمضى، فأتبعها حتى تصل إلى بساتين الوزير (ناحية المقطم) هناك تشد عينى بعصابتين شدا محكا وتقودنى في أماكن وعرة حتى أصل إلى مكان، فأضع أحمالى على صخرة ثم تعود بى وأنا معتصب العينين إلى حيث بدأنا، فتحل العصابة وتعطينى العشرة الدراهم الباقية وتقول: احفظ لسانك ولاتقطع رزقك، وهش وردان لما سمع وتحقق أنها واصلة إلى كنز وقال للحمال بخبث: لقد صدقتك يا أخي لاتقطع رزقك بيدك فنحن نكسب نهارآ ولانخسر فلا تتكلم، وأقبلت المرأة صبيحة اليوم التالى وكان وردان قد تهيأ للأمر، فأخذت الخروف ومضت ومضى وردأن ورأءها يتبعها بحذر يخاف أن ترأه، وبلغت المراة الصخرة التي تضع عندها الحاجات، فتوارى وردان خلف صخرة آخرى حتى إذا أوصلت الحمال وعادت رآها تحمل ما أشترته ثم تختفى فجأة كأنما ابتلعتها الأرض، ووثب، وردان مسرعآ إلى تلك الصخرة إذا به يجد تحتها ثغرة مظلمة، وحرص ألا تفوته المرأة، فهبط ولمح سردابا طويلأ مظلما رطبا يتراءى في آخره ضوء شاحب، فمشى على حذر
حتى بلغ آخر الدهليز، وجد على يمينه باب قاعة فخمة نيرة لايعلم من أين يأتيها النور، فجلس في حد الباب في الظلام ينظر إلى صدر القاعة، فرأى مالم يره قط في حياته من أثاث وتحف وجوهر، ورأى دبآ أسود ضخما كأنه الجبل يرعب مرآه يدور و يروح ويجىء، ورأى المرأة قد أخذت شقة من ذلك اللحم فقطعت أطايبها ورمت بمابقى منها إلى الدب، فبرك الدب يأكل اللحم بنهم، فكان يسمع للعظام وهى تتحطم تحت أسنانه صوتآ مثيرآ، ثم رأى المرأة تشعل نارا في جانب من القاعة وتطبخ اللحم الذي قطعته، ولم تنتظر إلا دقائق حتى استوى الطعام، فلم يدر وردان كيف طبخته، ثم جعلته في زبادى من المينا النادرة لايوجد عند الملوك ثم أكلت بنهم أيضا ثم مدت الفاكهة وأتت بأوانى الخمر من البللور المجزع والجوهر فملأتها من خمرها المروق وسقت الدب وشربت، وما زالت تشرب وتسقى الدب حتى فرغت الأوانى، عند ذلك اقتربت منه وكانا لايتكلمان، فأخذ الدب يداعبها ويرقص لها ثم كان بينهما مايكون بين ....، ثم انقلب لايتحرك وقد أخذه النوم من السكر والأعياء، وارتمت هى تغط في نوم عميق. ذهل وردان مما رأى وجال ببصره في أنحاء القاعة مرة ثانية فطار لبه وقال لنفسه: ليس لي أن أنتظر حتى يفيق، لو أفاق ورآنى فسيقتلنى شر قتلة، فجذب سكينه من وسطه وكانت تبرى العظم قبل اللحم، ودخل القاعة حذرا ومضى إلى الدب فأمسك برأسه وأجرى السكين في عنقه ففصل رأسه عن بدنه، فسمع له شخير وارتج المكان، وهبت المرأة مذعورة فرأت وردان بيده السكين والدب يتخبط بدمه، فصرخت: كيف جئت إلى هنا وكيف فعلت هذا؟ وصاح بها وردان: ما الذي حملك على ماتفعلين؟ أفرغت الدنيا من الرجال؟ وصاحت: اذبحنى كما ذبحت الدب فلم يبقى لي حياة، قال لها: خافي الله وتوبى إليه أنا أتزوجك بالحلال ونعيش بقية عمرنا من هذا الكنز، قالت: اذبحنى ولاتطل الكلام، الآن فهمت، كان هذا الكنز مرصدا على صورتك ولو أن غيرك من سائر خلق الله أراد الوصول إلى هنا ما استطاع، إن لم تفعل ما آمرك به أتلفتك وان فعلت نجوت بنفسك وبجميع هذا الكنز، وتحسس وردان سكينه، وقالى: ومافي قدرتك أن تفعليه بى؟ فنهضت إلى طبق في وسط القاعة فيه ماء قليل فقرأت عليه شيئا وإذا بالماء يتفق من جوانب القاعة و يرتفع، وبدأت الأنوار تخفت وينتشر الظلام وقالت: أدرك نفسك ياوردان واذبحنى وإلا غرقت، ثم يقول: لن أذبحك ما رأيت منك سوءاً، لن أذبحك وان مت من غيرى فلك ذلك، عندئذ تكلمت المرأة على طبق الماء فعاد إلى مكانه، وانحسر عن القاعة وعاد النور، فاقتربت من الدب وإضطجعت إلى جانبه وذرت على نفسها ذرورا فإذا هى تحترق وإياه في طرفة عين وتنقلب إلى رماد. قال وردان: فأخذت مما وجدت في ذلك المكان من الدر والجواهر طاقة ما أحمل وجعلته في القفص الذي كان فيه اللحم والفاكهة وغطيته وعدت طريقى لأفرغه وأعود، فلما صرت بباب مصر وثب علي عشرة من حراس الحاكم بأمر الله وقالوا: وردان أجب أمير المؤمنين، فرعبت ومضيت قال: وردان ذبحت الدب وأحرقت المرأة؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين قال أرنى قفصك. فنظره ثم غطاه وقال: هذا نصيبك لايعارضك فيه معارض، إنما عليك الآن أن تأتى معى لتسلمنى مابقى من الكنز، وركب حماره وتبعناه حتى إذأ بلغنا موضع الكنز، قلت: هذأ هو المكان يا أمير المؤمنين، انزل لتراه وتنظر إلى هول خلقة الدب، قال: هيهات ياوردان ماعدت تنظر إلى المرأة والدب، هما كأنا قربان هدأ الكنز حتى استطعت أن تأخذ منه، ولن يستطع أحد الدخول إلى الكنز لأن فتحه كان على صورتك، ولو دخل أحد غيرك لأطبقت الأرض عليه، انزل الآن وأخرج جميع مافيه، قال وردأن: فنزلت فما وجدت دبا ولا امرأة ولا رمادا ولا ماء، بل رأيت مالم أره من قبل من جواهو وتحف وأموال، فما زلت أنقل والحاكم ومن حوله يملؤون الصناديق، ثم أعطانى القفص فبنيت منه سوقى المعروف باسمى في مصر.
تعليق