بضاعة مزجاة
م. طلال القشقري
قبل حوالى 1200 سنة، قام عمرو بن بحر، المعروف بالجاحظ، بتصنيف المُتسوّلين إلى عدّة أصناف في كتابه (البُخلاء)، هي والله لا تختلف عن أصناف مُتسوّلي جدّة قيْد أنملة، وكأنه رآهم كما نراهم، وعانى من إلحاحهم وإلحافهم وألاعيبهم كما نُعاني، واحتار في تكاثرهم كما نحتار!
هاكم بعضًا من تصنيفاتهم، وما أنصحكم به إن رأيتم مثلهم:
(القَرَسِيّ): هو الذي يعْصِبُ ساقَه عصْبًا شديدًا، ويَبِيتُ على ذلك ليلة، فإذا تورّم واختنق الدم، مسحه بشيء من دَمِ الأخَوَيْن، وهو نباتٍ أحمر، وقَطَرَ عليه سَمْنًا جامدًا، وأطْبَقَ عليه خِرْقَة، وكشفه، فلا يشكّ من رآه أنّ به الأَكَلَة، أو الغرغرينا، فإن رأيتموه تصدّقوا عليه بصابونٍ رخيصٍ ولو مغشوش!
(الإسْطِيل): هو المُتعامِي، إن شاء أراكم أنه مُنخِسف العيْنيْن، وإن شاء أراكم أنّ بهما ماء، وإن شاء أراكم أنه لا يُبْصِر لريح السَّبَلْ، وهو داء خطير، فإن رأيتموه ألكموه على عينيْه لكمةً خفيفةً فسترتدّان بصيرتيْن بإذن الله!
(الكاغاني): هو الذي يتجنّن ويُصارِع نفسه، حتى لا يُشكّ أنه مجنون لا دواء له، وحتى يُتعجّب من بقائه على مثل علّته، وصبره المُماثل لصبر أيوب، فإن رأيتموه صيحوا عليه صيحةً عظيمةً: أتت الشرطة، وستروْن كيف يعقل المجنون!
(العوّاء): هو الذي يتسوّل بين المغرب والعشاء، لحرصه على الراحة في غيرهما، فإن رأيتموه قولوا له: تعال في ظهيرة الغد، وصدّقوني لن تروه فيها!
(المُسْتعْرِضْ): هو الذي يعترضكم في هيئةٍ وثيابٍ صالحة، تستحقرون هيئتكم وثيابكم معهما، ويهمس لكم وكأنه مات من الحياء أنه كان ثريًا وافتقر، فإن رأيتموه قولوا له: قديمة، قد نبّأنا الجاحظ من أخباركم، الله يعطينا ويعطيكم!
إهداء لإدارة مكافحة التسوّل! .. هو في عندنا إدارة لمكافحة التسول؟؟!!.
الإثنين 17/10/2011
جريدة المدينة 19/11/1432هـ
م. طلال القشقري
قبل حوالى 1200 سنة، قام عمرو بن بحر، المعروف بالجاحظ، بتصنيف المُتسوّلين إلى عدّة أصناف في كتابه (البُخلاء)، هي والله لا تختلف عن أصناف مُتسوّلي جدّة قيْد أنملة، وكأنه رآهم كما نراهم، وعانى من إلحاحهم وإلحافهم وألاعيبهم كما نُعاني، واحتار في تكاثرهم كما نحتار!
هاكم بعضًا من تصنيفاتهم، وما أنصحكم به إن رأيتم مثلهم:
(القَرَسِيّ): هو الذي يعْصِبُ ساقَه عصْبًا شديدًا، ويَبِيتُ على ذلك ليلة، فإذا تورّم واختنق الدم، مسحه بشيء من دَمِ الأخَوَيْن، وهو نباتٍ أحمر، وقَطَرَ عليه سَمْنًا جامدًا، وأطْبَقَ عليه خِرْقَة، وكشفه، فلا يشكّ من رآه أنّ به الأَكَلَة، أو الغرغرينا، فإن رأيتموه تصدّقوا عليه بصابونٍ رخيصٍ ولو مغشوش!
(الإسْطِيل): هو المُتعامِي، إن شاء أراكم أنه مُنخِسف العيْنيْن، وإن شاء أراكم أنّ بهما ماء، وإن شاء أراكم أنه لا يُبْصِر لريح السَّبَلْ، وهو داء خطير، فإن رأيتموه ألكموه على عينيْه لكمةً خفيفةً فسترتدّان بصيرتيْن بإذن الله!
(الكاغاني): هو الذي يتجنّن ويُصارِع نفسه، حتى لا يُشكّ أنه مجنون لا دواء له، وحتى يُتعجّب من بقائه على مثل علّته، وصبره المُماثل لصبر أيوب، فإن رأيتموه صيحوا عليه صيحةً عظيمةً: أتت الشرطة، وستروْن كيف يعقل المجنون!
(العوّاء): هو الذي يتسوّل بين المغرب والعشاء، لحرصه على الراحة في غيرهما، فإن رأيتموه قولوا له: تعال في ظهيرة الغد، وصدّقوني لن تروه فيها!
(المُسْتعْرِضْ): هو الذي يعترضكم في هيئةٍ وثيابٍ صالحة، تستحقرون هيئتكم وثيابكم معهما، ويهمس لكم وكأنه مات من الحياء أنه كان ثريًا وافتقر، فإن رأيتموه قولوا له: قديمة، قد نبّأنا الجاحظ من أخباركم، الله يعطينا ويعطيكم!
إهداء لإدارة مكافحة التسوّل! .. هو في عندنا إدارة لمكافحة التسول؟؟!!.
الإثنين 17/10/2011
جريدة المدينة 19/11/1432هـ
تعليق