تكافل .. الحملة الوطنية لفيضانات العوز والفقر
بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز
كلما حصلت كارثة في احدى الدول تهب دولتنا الرشيدة -حفظها الله- وتمد يد العون لهذه الدول من باب التكافل الإسلامي والإنساني، وتهرع وسائل الإعلام لتلبية الأوامر الملكية بهذا الشأن، ويتسابق المتسابقون للدعم والتبرعات، وهذا شيء عظيم، بل هو من باب الرحمة والتراحم في الإسلام. ولكن أين حملاتنا الوطنية لإنقاذ المواطنين من فيضانات وكوارث الفقر والعوز والديون المتراكمة على عاتق الأسر السعودية ؟ من يطلق حملة التكافل في مجتمعنا الذي يئن من أوجاع وضربات الفقر والجوع والعوز والديون وخاصة في شهرنا هذا الفضيل، أين أئمتنا وشيوخنا الذين ينادون باللمم عبر المآذن والمساجد والخطب من هذه البادرة؟ أين أغنياؤنا الذين لم يقوموا بأدوارهم تجاه مواطنيهم بمد يد العون للفقراء الذين يئنون من الجوع ولا نسمع صوت المعاناة إلا عبر المذياع والإعلام، عن إفطار صائم أو بازارات خيرية، وما هي إلا حالات قليلة التي تستطيع أن تصل إلى هذه الوسائل، قد قمت بجولات ميدانية كثيرة حول منطقة جدة والمدينة المنورة، ومكة، ورأيت ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال بشر قط من حالات مأساوية وهي بالآلاف والتي لم تصل لها هذه المعونات، قرى مملوءة بالسكان، لا يوجد لها مرافق ولا بنية تحتية، يعيش أهلها تحت خط الفقر المتعارف عليه عالميا، فيضانات وعواصف من الجهل والفقر والعوز تسكن في هذه القرى على مدار السنة، ولا من يسمع ولا من يعاون إلا الله السميع العليم، وها أنا هنا عبر زاويتي الصغيرة، أقول: إن هؤلاء المعوزين والفقراء لا يعرفون للمساعدات معنى، لا يعرفون للإشباع وسيلة، فهم في جوع دائم وعوز مستمر، وكوارث دائمة من أمراض وشح في المواد الغذائية ويعيشون تحت مظلة الرحمن الرحيم، ينتظرون موتهم بكل صبر وجلد، مؤمنين بأن الله سيعوضهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بما صبروا، ولكن هذا لا يعني أن لا نقف ونحارب هذه الظاهرة من الكوارث الإنسانية التي هي في بلادنا وتحت أنظارنا، والتي ندير لها ظهورنا، وكأنها لا توجد على أرض الواقع، حكومتنا أدت دورها بصرف المعونات واعتماد المشاريع، ولكن أين التنفيذ ؟ أين الأموال الهائلة التي يؤمر بها ولا نجد لها أثرا بعد مضي حين من الوقت، ولا للأموال من مصب؟ ومنها أمر المليك حفظه الله بصرف 927 مليونا للإعانات الاجتماعية للأسر المعوزة في هذا الشهر، وحسب التعداد السكاني يوجد لدينا 20 مليون مواطن، فإن أخذنا من هذا الرقم 15 مليونا ممن يعانون ويحتاجون للإعانة الاجتماعية وقسمناها نرى أن كل فرد سيحصل على ما يقارب الأربعة والستين ألفا، وبهذه المعادلة لن يوجد في هذا الشهر ولا غير هذا الشهر فقير واحد ولا معوز واحد في بلد أعزه الله وأكرمه ببئر من ذهب وقيادة من ألماس، عدا عن الرقم الهائل الذي أدلت به مؤسسة الزكاة بصرفها 27 مليارا خلال خمس سنوات للشؤون الاجتماعية، ما هذه الأرقام المهولة ؟ ما هذه الشؤون المأساوية؟ آن لنا أن نمد يد العون لأبناء شعبنا ووطننا، وأن نحارب الفقر بالقول والفعل، ونوصل أصواتنا لولاة الامر عن وضع نسب مئوية عالية من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر والجهل، وأنا مستعدة شخصيا أن أرأس هذه الحملة وأنزل وأجوب البلاد طولا وعرضا بالصوت والصورة لتقديم صورة عن هذه المآسي الإنسانية التي توجد في بلادنا ليرى الناس المنعمون كيف الآخر يعيش أو بالأحرى كيف أنهم أحياء أموات، حملات تدار ومآس تبقى، إلى متى ونحن ساكتون عن الغلط ونبقى الشيطان الأخرس، إلى متى سنظل تحت مظلة المستفيدين والمستغلين لمناصبهم حتى لا يصل صوت المواطن للجهات العليا التي تبذل المستحيل للقضاء على هذه الحالات المأساوية التي لا تعد ولا تحصى. التكافل أيها المجتمع هو الصدق والعمل على وصول هذه الأوامر والتبرعات لجهاتها، وأن لا نجلس صامتين نرى الأموال تهدر وتصب في اتجاهات أخرى لم تعنَ لها، وفئات قليلة تزداد غنى، ومواطنونا يزدادون فقرا وهم الأغلبية. آن لنا أيها الشعب الأبي أن نمد يد العون للآخر أن نكون قدوة للعالم الإسلامي لمحو شبح الفقر عن أهلينا لأن كل فرد في مملكتنا الحبيبة يحتاج إلى مساندة أخيه وأن يعطي ولو جزءا يسيرا مما رزقه الله، وبهذا لن يبقى فقير أو معوز أو مديون، لابد لأغنيائنا أن يساعدوا فقراءنا بأنفسهم وليس عبر معابر لا يعلم إلا الله إلى أين تعبر وأين تصب، أنهار من الأموال وبحور من العطاءات ومحيطات من أموال الزكاة لو وزعت بشكل صحيح لأغنت من في الأرض جميعا، لنبدأ هذه الحملة، حملة التكافل ولنبدأ مسيرة جديدة نحو مستقبل مشرق لبلدنا الحبيب، آن لنا أن نتابع ونحاسب المستفيدين من هذا الخلل، آن لنا أن نكشف الحقيقة عبر كل وسائل الإعلام المرئي والمقروء، آن لنا أن ننزل إلى أرض الواقع ونسأل ونتأكد من وصول هذه الأوامر الملكية والإعانات الإنسانية إلى مستحقيها، فإن أدى كل مواطن دوره، لن يبقى معوز ولا فقير، ولا مديون في بلدنا الحبيب، الذي يحكمه ملك الإنسانية وإخوانه الرحماء، آن لنا أن نكشف المستور ولا نتستر على الذين استباحوا الأوامر الملكية، فعندها فقط سنعيش بسلام مع أنفسنا والآخرين، حملة وطنية للمواطن، هذا ما نريده، حملة تكافلية، هذا ما نصبو إليه، انزعوا رداء الخوف من المسؤول وليتقدم أصحاب الضمير لكشف المستور، لنبدأ خطوة جديدة في طريق النور. همسة الأسبوع عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «لو كان الفقر رجلا لقتلته».
جريدة المدينة الجمعة 17/9/1431هـ
بسمة بنت سعود بن عبدالعزيز
كلما حصلت كارثة في احدى الدول تهب دولتنا الرشيدة -حفظها الله- وتمد يد العون لهذه الدول من باب التكافل الإسلامي والإنساني، وتهرع وسائل الإعلام لتلبية الأوامر الملكية بهذا الشأن، ويتسابق المتسابقون للدعم والتبرعات، وهذا شيء عظيم، بل هو من باب الرحمة والتراحم في الإسلام. ولكن أين حملاتنا الوطنية لإنقاذ المواطنين من فيضانات وكوارث الفقر والعوز والديون المتراكمة على عاتق الأسر السعودية ؟ من يطلق حملة التكافل في مجتمعنا الذي يئن من أوجاع وضربات الفقر والجوع والعوز والديون وخاصة في شهرنا هذا الفضيل، أين أئمتنا وشيوخنا الذين ينادون باللمم عبر المآذن والمساجد والخطب من هذه البادرة؟ أين أغنياؤنا الذين لم يقوموا بأدوارهم تجاه مواطنيهم بمد يد العون للفقراء الذين يئنون من الجوع ولا نسمع صوت المعاناة إلا عبر المذياع والإعلام، عن إفطار صائم أو بازارات خيرية، وما هي إلا حالات قليلة التي تستطيع أن تصل إلى هذه الوسائل، قد قمت بجولات ميدانية كثيرة حول منطقة جدة والمدينة المنورة، ومكة، ورأيت ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على بال بشر قط من حالات مأساوية وهي بالآلاف والتي لم تصل لها هذه المعونات، قرى مملوءة بالسكان، لا يوجد لها مرافق ولا بنية تحتية، يعيش أهلها تحت خط الفقر المتعارف عليه عالميا، فيضانات وعواصف من الجهل والفقر والعوز تسكن في هذه القرى على مدار السنة، ولا من يسمع ولا من يعاون إلا الله السميع العليم، وها أنا هنا عبر زاويتي الصغيرة، أقول: إن هؤلاء المعوزين والفقراء لا يعرفون للمساعدات معنى، لا يعرفون للإشباع وسيلة، فهم في جوع دائم وعوز مستمر، وكوارث دائمة من أمراض وشح في المواد الغذائية ويعيشون تحت مظلة الرحمن الرحيم، ينتظرون موتهم بكل صبر وجلد، مؤمنين بأن الله سيعوضهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بما صبروا، ولكن هذا لا يعني أن لا نقف ونحارب هذه الظاهرة من الكوارث الإنسانية التي هي في بلادنا وتحت أنظارنا، والتي ندير لها ظهورنا، وكأنها لا توجد على أرض الواقع، حكومتنا أدت دورها بصرف المعونات واعتماد المشاريع، ولكن أين التنفيذ ؟ أين الأموال الهائلة التي يؤمر بها ولا نجد لها أثرا بعد مضي حين من الوقت، ولا للأموال من مصب؟ ومنها أمر المليك حفظه الله بصرف 927 مليونا للإعانات الاجتماعية للأسر المعوزة في هذا الشهر، وحسب التعداد السكاني يوجد لدينا 20 مليون مواطن، فإن أخذنا من هذا الرقم 15 مليونا ممن يعانون ويحتاجون للإعانة الاجتماعية وقسمناها نرى أن كل فرد سيحصل على ما يقارب الأربعة والستين ألفا، وبهذه المعادلة لن يوجد في هذا الشهر ولا غير هذا الشهر فقير واحد ولا معوز واحد في بلد أعزه الله وأكرمه ببئر من ذهب وقيادة من ألماس، عدا عن الرقم الهائل الذي أدلت به مؤسسة الزكاة بصرفها 27 مليارا خلال خمس سنوات للشؤون الاجتماعية، ما هذه الأرقام المهولة ؟ ما هذه الشؤون المأساوية؟ آن لنا أن نمد يد العون لأبناء شعبنا ووطننا، وأن نحارب الفقر بالقول والفعل، ونوصل أصواتنا لولاة الامر عن وضع نسب مئوية عالية من المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر والجهل، وأنا مستعدة شخصيا أن أرأس هذه الحملة وأنزل وأجوب البلاد طولا وعرضا بالصوت والصورة لتقديم صورة عن هذه المآسي الإنسانية التي توجد في بلادنا ليرى الناس المنعمون كيف الآخر يعيش أو بالأحرى كيف أنهم أحياء أموات، حملات تدار ومآس تبقى، إلى متى ونحن ساكتون عن الغلط ونبقى الشيطان الأخرس، إلى متى سنظل تحت مظلة المستفيدين والمستغلين لمناصبهم حتى لا يصل صوت المواطن للجهات العليا التي تبذل المستحيل للقضاء على هذه الحالات المأساوية التي لا تعد ولا تحصى. التكافل أيها المجتمع هو الصدق والعمل على وصول هذه الأوامر والتبرعات لجهاتها، وأن لا نجلس صامتين نرى الأموال تهدر وتصب في اتجاهات أخرى لم تعنَ لها، وفئات قليلة تزداد غنى، ومواطنونا يزدادون فقرا وهم الأغلبية. آن لنا أيها الشعب الأبي أن نمد يد العون للآخر أن نكون قدوة للعالم الإسلامي لمحو شبح الفقر عن أهلينا لأن كل فرد في مملكتنا الحبيبة يحتاج إلى مساندة أخيه وأن يعطي ولو جزءا يسيرا مما رزقه الله، وبهذا لن يبقى فقير أو معوز أو مديون، لابد لأغنيائنا أن يساعدوا فقراءنا بأنفسهم وليس عبر معابر لا يعلم إلا الله إلى أين تعبر وأين تصب، أنهار من الأموال وبحور من العطاءات ومحيطات من أموال الزكاة لو وزعت بشكل صحيح لأغنت من في الأرض جميعا، لنبدأ هذه الحملة، حملة التكافل ولنبدأ مسيرة جديدة نحو مستقبل مشرق لبلدنا الحبيب، آن لنا أن نتابع ونحاسب المستفيدين من هذا الخلل، آن لنا أن نكشف الحقيقة عبر كل وسائل الإعلام المرئي والمقروء، آن لنا أن ننزل إلى أرض الواقع ونسأل ونتأكد من وصول هذه الأوامر الملكية والإعانات الإنسانية إلى مستحقيها، فإن أدى كل مواطن دوره، لن يبقى معوز ولا فقير، ولا مديون في بلدنا الحبيب، الذي يحكمه ملك الإنسانية وإخوانه الرحماء، آن لنا أن نكشف المستور ولا نتستر على الذين استباحوا الأوامر الملكية، فعندها فقط سنعيش بسلام مع أنفسنا والآخرين، حملة وطنية للمواطن، هذا ما نريده، حملة تكافلية، هذا ما نصبو إليه، انزعوا رداء الخوف من المسؤول وليتقدم أصحاب الضمير لكشف المستور، لنبدأ خطوة جديدة في طريق النور. همسة الأسبوع عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: «لو كان الفقر رجلا لقتلته».
جريدة المدينة الجمعة 17/9/1431هـ
تعليق