انتقد سماحة المفتي أطال الله في عمره قبل مدة الدعاة الذين قلبوا الدعوة هزلاً بتقليدهم أصوات النساء وأصوات الحيوانات من أجل إضحاك الناس وزيادة شعبيتهم وقبولهم لدى العامة ، وأيضـًا أولئك الذين حبكوا القصص التي لا تدخل العقل من أجل ترهيب الناس من المنكرات ..!

حبك القصص لترهيب الناس ليس جديدًا ، فقد بدأ من عدة قرون ، وسمعنا منها الكثير ..

في قريتي الصغيرة التي عشت فيها كان يتداول الكبار قصةً صدقتها في ذلك الحين ، وبعد أن وعيت علمت أنها من الخزعبلات التي لا يمكن أن تدخل العقل البتة ..!

يقال : إن رجلاً مرّ بمقبرة ، فسمع رجلاً ( يزفر ) ، فوضع خنجره على صدره ، واقترب من القبر الذي فيه الرجل ، فخاطبه بقوله : أسألك بالله ، ما قصتك ..؟!

فرد الرجل المقبور ، أنا فلان بن فلان الفلاني ، منذ أن دُفنت وأنا في عذاب ، فقد ظلمت أبناء أخي الأيتام بأخذ مقدار ( خمس خطوات ) من ملكهم وضممته إلى ملكي ، سأجعلها أمانة في عنقك بأن تذهب وتنقل ( الحد ) لمسافة عشر خطوات ، أي تزيدهم فوق خمسهم المسلوبة خمسـًا فلعل الله أن يخلصني من هذا ( الحجر ) المغروس في صدري ..!

ذهب الرجل ، ونفذ الوصية ، وعاد في الليلة الثانية ، فوقف جانب القبر لمدة تزيد عن الساعتين فلم يسمع شيئـًا ، فأنشد مخاطبـًا القبر :

يزفر وله في داخلك عدة أعوام *** والليـلـة أمّـنـت خـوفـه

فيرد الرجل المعذّب من داخل قبره :

عسى الذي يأكلك يا مال الايتام *** يـذوق مـا ذقـت جـوفـه

هي قصة ، حبكها أحدهم لترهيب الناس من أكل مال اليتيم ، فصدّقوها ، وتناقلوها ، وأصبح من يوسوس له شيطانه بأخذ شيءٍ من مالِ يتيمٍ يتذكر القصة فيتعوذ بالله من شيطانٍ يوسوس ..!

كنت أقول في نفسي ربما كسب ذلك الرجل بكذبته حسنات لا تحصى ، لكن بعد تحذير الشيخ علمت أن الكذب حتى وإن كان من أجل الدعوة هو الكذب ، وصاحبه أقرب إلى العقاب منه إلى الثواب ..!

حفظ الله شيخنا ، ونفع بعلمه ونصحه ..!