[بسم الله الرحمن الرحيم
القـالَـة
نسمع أحياناً هذه الكلمة تتداول بين أبناء المنطقة الجنوبية وخاصة أبناء منطقة الباحة , منهم من يذكرها على سبيل التهكم , ومنهم من يقولها تفاخراً . ولوعدنا للوراء قليلاً لرأينا مدى افتخار ابناء المنطقة بهذه الكلمة وتمسكهم بها . وقد تناقلتها ألسن شعراء المنطقة قديماً وحديثاً , وسنأتي على نماذج مما قاله بعضهم , لكن قبل هذا وذاك لنتكلم عما تعنيه هذه الكلمة .
القالة مصطلح عرّفه أحد مؤلفي كتب التراث في منطقة الباحة ( للأسف أُنسيت من يكون ) أثناء شرحه لإحدى القصائد أنها تعني ( استيفاء الحقوق كاملة غير منقوصة ) .
ونحن لو تتبعنا القالة وذكرها في قصائد الشعراء خاصة الأقدمين منهم لرأينا أنها تشمل في معانيها كل الشيم الحميدة الأصيلة من اغاثة الملهوف الى الكرم الى الشجاعة الى الإقدام والأنفة والكبرياء ..وغيرها , واستطيع أن أقول أن أفضل تعريف للقالة هو ( العزيمة وقوة الإرادة للحصول على السيادة ) وفي ذلك يقول الشاعر :
ونحن أناس لاتوسط بيننا ...... لنا الصدر دون العالمين أو القبر
جاء في مقال للأديب عباس محمود العقاد عن السيادة : (الناس يطلبون السيادة ولايبلغها الا القليل , يبلغها من أرادها وعمل لها فهو سيد وإن تراخى الزمن دون الإقرار بالسيادة . أما الذي يبغي أن يسود ولايأبى أن يكون عبداً فأين هو من إرادة السيادة ؟. ومن يبغي السيادة ولايختلف عنده مقام السيد الرفيع والعبد الذليل فأين هو من إرادة السيادة ؟ . ومن يبغي أن يسود ويحسب الناس أن يسودونه , فليس لديه إرادة سيادة , يتمنى أن يسود , يحلم أن يسود , لايكره أن يسود !!. الإرادة عزيمة يتبعها عمل ).
وصاحب القالة أو من يبحث عن القالة ينطبق عليه قول الشاعر :
قد يصبر الحر على السيف .... ويأنف الصبر على الحيف
ويؤثر الموت على حالة ... يعجز فيها عن قرى الضيف
وليس من السهولة الوصول الى القالة بل تحتاج الى عمل دؤوب وصبر على الشدائد وتضحية بالغالي والنفيس .
يقول المتنبي :
لولا المشقة ساد الناس كلهمو ........... الجود يفقر والإقدام قتال
وقد أخذ الشاعر ( عبدالواحد الزهراني ) هذا المعنى في قوله :
لو أن القالة سهلة مايكون كل واحد كارهنها
الشجاعة طريق الموت , والجود تاليه الفقر
اما الشاعر( محمد بن ثامرة الزهراني رحمه الله) فقال يمتدح القالة ويدعو اليها مؤكداً أن البخل لن يكون مانعاً للفقر , وكذلك الذل لن يمنع المكروه عن صاحبه :
حي الله قيف قوّم القدر ....وياخذ القالات وافية
البخل مايمنع من الفقر ..... والذل ماياجي بعافية
وكأن ابن ثامرة في قوله السابق يؤكد قول الشاعر :
فعش معدماً أو مت كريماً فإنني .......... أرى الموت لاينجو من الموت هاربه
أو الأبيات التي تُنسب للإمام علي كرم الله وجهه :
أي يومي من الموت أفر ............... يوم ماقدر أو يوم قدر
يوم ماقدر لاأرهبه ................... ومن المقدور لاينجي الحذر
وقد طرق ابن ثامرة القالة في قصائده الحماسية كثيراً , فمن أقواله ايضاً :
والذي م الناس يحسدنا عن القالة وقولة ونعم
ينظر ادنى العقبة يلقى فعايلنا وشغلنا
شرط انه يختلف عقله ويذهب حن يشوف الميتا
ويقول الساعة قامت وان هذا البعث والنشور
هنا يؤكد أن القالة ممايمكن أن يحسد الناس بعضهم بعضاً بسببها , ويوضح أن حصولهم على القالة لم يكن بالأمر الهين ولكنه كان بسبب شجاعتهم ودحرهم للأعداء والذي يثبته كثرة القتلى من اعدائهم ( يشير هنا الى هزيمة الأتراك في زهران وغامد ) .
ومن أقواله رحمه الله :
حي الله من ياخذ القالة على صف العميل أعماك
أي يأخذ القالة رغم أنف الخصم .
وكذلك قوله :
مايكسب القالة واحد ماسرى الليل
ولا اغربت للمرة وسد يمينه
يوضح أن القالة تتطلب ممن يصبو اليها أن يكون ممن يسري الليل في الغزوات ورد الأعداء والدفاع عن حمى قومه , لا ممن يسعى الى التنعم والبقاء بجانب الحبيبة.
يماثل ماذكره ابن ثامرة في اقواله السابقة قول شاعر الفصحى :
ذريني أنل مالا ينال من العلا ..... فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ...... ولا بد دون الشهد من إبر النحل
ويشير الشاعر سالم بن عايد الزهراني ( رحمه الله) الى صعوبة القالة في جميع أوجهها وصعوبة المجافظة عليها بقوله:
القالة تتعبك قومتها وقعدانها
ومن الفصيح قول ابن المقرب:
ولابلغ العلياء الا ابن حرة .... قليل افتكار في وقوع العواقب
جريء على الأعداء مر مذاقه .... بعيد المدى جم االندى والمواهب
ومثل هذا قول الشاعر عارف بن محمد الزهراني ( رحمه الله ) وهو جد الشاعر صالح اللخمي الزهراني :
حي من هو يشتري القالات لاظلت مجلبة
في نهار له هبوب زايدة ماالشرق والشامية
لين ظلا كل ند مايسير الا مع نده
امتدح الشاعر من يشتري القالات ويحصل عليها في يوم بيعها , وثمن شراء القالة التضحية بالنفس .
وقد تكلم عدد من الشعراء عن شراء القالة , منهم الشـاعر محمد ابو فمين الزهراني حيث قال :
انا ولد من يشتري القالات .......في مثل هذا اليوم في الضدات
والشاعر سعيد الأصوك في قوله :
دعوى الاحلاف الذي حن تتقي اللي تالي وتقول
تشتري القالات مالخصام وتطول لحاتها
ورمى الخصام في الميدان حتى عمي وانطرف
يشترون القالة مالخصام والذلال ماينونه
وان رموا المحجاة بمقلوت تحثيا في ترابها
ويقول الشاعر صالح اللخمي :
انحن زهران نهجم فوق صف العشاير ماندم
ولدنا يشتري القالة وياخذ من المنصب ربا
وقال الاصوك في قصيدة اخرى :
اشتروا القالات بفت عالي من باهي الجدان
كم عيون اعموا بصرها واصبحت مترامي الاطراف
وقال الشاعر صغير بن ناصر الزهراني ( رحمه الله ) موضحاً أن القالة تعد مكسباً لمن يحصل عليها :
وانحن بالحكم كسابة القالة في منهالها
وفي القالة وارتباطها بالشجاعة وشراء السلاح للقتال والدفاع عن الحمى ورد الخصوم قال الشاعر علي بن سعيد بن عجير الزهراني ( رحمه الله ) :
سلام يامن شرى المرت القضيب
وله في القالة حصة وافية
ويقول الشاعر عطيه السعدي امتداحا لمن يسعى لنيل القالة , ويذكر احدى معارك زهران مع الأتراك :
اهل القلوب اللي على القالة عازمة ..........وفي جالة المحجر تلوا للملاومة
وظلوا كما هدر الجمال المفدمة ....... ونقوا ولا بقوا في الوجه لايمة
وقال جمعان بن احمد رحمه الله عند بالمفضل يمتحهم ويصفهم بأن لهم على القالة والحصول عليها قدرة وصبر وجلد :
حي الله سوق وله قدرات
وبالمفضل على القالات ياقدراها
حموا على جد جدرها
ويمتدح الشاعر علي جماح ( رحمه الله ) ضيوفه اثناء ترحيبه بهم ويصفهم بأنهم ذوي القالة المنصوبة في قوله :
ونقل يامرحبا ياراس قيف قالته منصوبة
وكذلك الشاعر جريبيع ( رحمه الله ) حيث قال :
مرحبا ياهل القالات حن جيت فوق ربوعنا
وأخيرا نعود للشعر الفصيح ونذكر قول ابن الأطنابه فيما يعني ماذكرناه هنا عن القالة وأنها إرادة السيادة :
أبت لي همتي وأبى بلائي .... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
واقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت .... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ..... وأحيا بعد عن عرض صحيح
وختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في إلقاء بعض الضوء على هذا المصطلح وايضاح مايعنيه ..
والله ولي التوفيق
القـالَـة
نسمع أحياناً هذه الكلمة تتداول بين أبناء المنطقة الجنوبية وخاصة أبناء منطقة الباحة , منهم من يذكرها على سبيل التهكم , ومنهم من يقولها تفاخراً . ولوعدنا للوراء قليلاً لرأينا مدى افتخار ابناء المنطقة بهذه الكلمة وتمسكهم بها . وقد تناقلتها ألسن شعراء المنطقة قديماً وحديثاً , وسنأتي على نماذج مما قاله بعضهم , لكن قبل هذا وذاك لنتكلم عما تعنيه هذه الكلمة .
القالة مصطلح عرّفه أحد مؤلفي كتب التراث في منطقة الباحة ( للأسف أُنسيت من يكون ) أثناء شرحه لإحدى القصائد أنها تعني ( استيفاء الحقوق كاملة غير منقوصة ) .
ونحن لو تتبعنا القالة وذكرها في قصائد الشعراء خاصة الأقدمين منهم لرأينا أنها تشمل في معانيها كل الشيم الحميدة الأصيلة من اغاثة الملهوف الى الكرم الى الشجاعة الى الإقدام والأنفة والكبرياء ..وغيرها , واستطيع أن أقول أن أفضل تعريف للقالة هو ( العزيمة وقوة الإرادة للحصول على السيادة ) وفي ذلك يقول الشاعر :
ونحن أناس لاتوسط بيننا ...... لنا الصدر دون العالمين أو القبر
جاء في مقال للأديب عباس محمود العقاد عن السيادة : (الناس يطلبون السيادة ولايبلغها الا القليل , يبلغها من أرادها وعمل لها فهو سيد وإن تراخى الزمن دون الإقرار بالسيادة . أما الذي يبغي أن يسود ولايأبى أن يكون عبداً فأين هو من إرادة السيادة ؟. ومن يبغي السيادة ولايختلف عنده مقام السيد الرفيع والعبد الذليل فأين هو من إرادة السيادة ؟ . ومن يبغي أن يسود ويحسب الناس أن يسودونه , فليس لديه إرادة سيادة , يتمنى أن يسود , يحلم أن يسود , لايكره أن يسود !!. الإرادة عزيمة يتبعها عمل ).
وصاحب القالة أو من يبحث عن القالة ينطبق عليه قول الشاعر :
قد يصبر الحر على السيف .... ويأنف الصبر على الحيف
ويؤثر الموت على حالة ... يعجز فيها عن قرى الضيف
وليس من السهولة الوصول الى القالة بل تحتاج الى عمل دؤوب وصبر على الشدائد وتضحية بالغالي والنفيس .
يقول المتنبي :
لولا المشقة ساد الناس كلهمو ........... الجود يفقر والإقدام قتال
وقد أخذ الشاعر ( عبدالواحد الزهراني ) هذا المعنى في قوله :
لو أن القالة سهلة مايكون كل واحد كارهنها
الشجاعة طريق الموت , والجود تاليه الفقر
اما الشاعر( محمد بن ثامرة الزهراني رحمه الله) فقال يمتدح القالة ويدعو اليها مؤكداً أن البخل لن يكون مانعاً للفقر , وكذلك الذل لن يمنع المكروه عن صاحبه :
حي الله قيف قوّم القدر ....وياخذ القالات وافية
البخل مايمنع من الفقر ..... والذل ماياجي بعافية
وكأن ابن ثامرة في قوله السابق يؤكد قول الشاعر :
فعش معدماً أو مت كريماً فإنني .......... أرى الموت لاينجو من الموت هاربه
أو الأبيات التي تُنسب للإمام علي كرم الله وجهه :
أي يومي من الموت أفر ............... يوم ماقدر أو يوم قدر
يوم ماقدر لاأرهبه ................... ومن المقدور لاينجي الحذر
وقد طرق ابن ثامرة القالة في قصائده الحماسية كثيراً , فمن أقواله ايضاً :
والذي م الناس يحسدنا عن القالة وقولة ونعم
ينظر ادنى العقبة يلقى فعايلنا وشغلنا
شرط انه يختلف عقله ويذهب حن يشوف الميتا
ويقول الساعة قامت وان هذا البعث والنشور
هنا يؤكد أن القالة ممايمكن أن يحسد الناس بعضهم بعضاً بسببها , ويوضح أن حصولهم على القالة لم يكن بالأمر الهين ولكنه كان بسبب شجاعتهم ودحرهم للأعداء والذي يثبته كثرة القتلى من اعدائهم ( يشير هنا الى هزيمة الأتراك في زهران وغامد ) .
ومن أقواله رحمه الله :
حي الله من ياخذ القالة على صف العميل أعماك
أي يأخذ القالة رغم أنف الخصم .
وكذلك قوله :
مايكسب القالة واحد ماسرى الليل
ولا اغربت للمرة وسد يمينه
يوضح أن القالة تتطلب ممن يصبو اليها أن يكون ممن يسري الليل في الغزوات ورد الأعداء والدفاع عن حمى قومه , لا ممن يسعى الى التنعم والبقاء بجانب الحبيبة.
يماثل ماذكره ابن ثامرة في اقواله السابقة قول شاعر الفصحى :
ذريني أنل مالا ينال من العلا ..... فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
تريدين إدراك المعالي رخيصة ...... ولا بد دون الشهد من إبر النحل
ويشير الشاعر سالم بن عايد الزهراني ( رحمه الله) الى صعوبة القالة في جميع أوجهها وصعوبة المجافظة عليها بقوله:
القالة تتعبك قومتها وقعدانها
ومن الفصيح قول ابن المقرب:
ولابلغ العلياء الا ابن حرة .... قليل افتكار في وقوع العواقب
جريء على الأعداء مر مذاقه .... بعيد المدى جم االندى والمواهب
ومثل هذا قول الشاعر عارف بن محمد الزهراني ( رحمه الله ) وهو جد الشاعر صالح اللخمي الزهراني :
حي من هو يشتري القالات لاظلت مجلبة
في نهار له هبوب زايدة ماالشرق والشامية
لين ظلا كل ند مايسير الا مع نده
امتدح الشاعر من يشتري القالات ويحصل عليها في يوم بيعها , وثمن شراء القالة التضحية بالنفس .
وقد تكلم عدد من الشعراء عن شراء القالة , منهم الشـاعر محمد ابو فمين الزهراني حيث قال :
انا ولد من يشتري القالات .......في مثل هذا اليوم في الضدات
والشاعر سعيد الأصوك في قوله :
دعوى الاحلاف الذي حن تتقي اللي تالي وتقول
تشتري القالات مالخصام وتطول لحاتها
ورمى الخصام في الميدان حتى عمي وانطرف
يشترون القالة مالخصام والذلال ماينونه
وان رموا المحجاة بمقلوت تحثيا في ترابها
ويقول الشاعر صالح اللخمي :
انحن زهران نهجم فوق صف العشاير ماندم
ولدنا يشتري القالة وياخذ من المنصب ربا
وقال الاصوك في قصيدة اخرى :
اشتروا القالات بفت عالي من باهي الجدان
كم عيون اعموا بصرها واصبحت مترامي الاطراف
وقال الشاعر صغير بن ناصر الزهراني ( رحمه الله ) موضحاً أن القالة تعد مكسباً لمن يحصل عليها :
وانحن بالحكم كسابة القالة في منهالها
وفي القالة وارتباطها بالشجاعة وشراء السلاح للقتال والدفاع عن الحمى ورد الخصوم قال الشاعر علي بن سعيد بن عجير الزهراني ( رحمه الله ) :
سلام يامن شرى المرت القضيب
وله في القالة حصة وافية
ويقول الشاعر عطيه السعدي امتداحا لمن يسعى لنيل القالة , ويذكر احدى معارك زهران مع الأتراك :
اهل القلوب اللي على القالة عازمة ..........وفي جالة المحجر تلوا للملاومة
وظلوا كما هدر الجمال المفدمة ....... ونقوا ولا بقوا في الوجه لايمة
وقال جمعان بن احمد رحمه الله عند بالمفضل يمتحهم ويصفهم بأن لهم على القالة والحصول عليها قدرة وصبر وجلد :
حي الله سوق وله قدرات
وبالمفضل على القالات ياقدراها
حموا على جد جدرها
ويمتدح الشاعر علي جماح ( رحمه الله ) ضيوفه اثناء ترحيبه بهم ويصفهم بأنهم ذوي القالة المنصوبة في قوله :
ونقل يامرحبا ياراس قيف قالته منصوبة
وكذلك الشاعر جريبيع ( رحمه الله ) حيث قال :
مرحبا ياهل القالات حن جيت فوق ربوعنا
وأخيرا نعود للشعر الفصيح ونذكر قول ابن الأطنابه فيما يعني ماذكرناه هنا عن القالة وأنها إرادة السيادة :
أبت لي همتي وأبى بلائي .... وأخذي الحمد بالثمن الربيح
واقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح
وقولي كلما جشأت وجاشت .... مكانك تحمدي أو تستريحي
لأدفع عن مآثر صالحات ..... وأحيا بعد عن عرض صحيح
وختاماً أتمنى أن أكون قد وفقت في إلقاء بعض الضوء على هذا المصطلح وايضاح مايعنيه ..
والله ولي التوفيق
تعليق