كان عادل يجلس في شقته الصغيرة , متوسطاً الصالة وبين يديه جريدته المفضلة , وعن يمينه فنجان قهوته العربية , وصحن صغير فيه بعض التمر يكفي لشخص واحد فقط , فعندما أعد عادل القهوة بنفسه , لم يضع في الصحن ما يكفي لشخصين , فقد كان يعلم يقيناً بأن زوجته (منى) لن ستستيقظ قبل الحادية عشرة , ولو حدث ذلك فإنه لابد أن يسجل كسبق صحفي , وأن يعمل لأجله مؤتمر صحفي مغلق لا يحضره إلا مشاهير العالم !!
سمع عادل بعض الأصوات فتوجس منها خيفة ثم قال: يبدو أن مصدرها غرفة النوم!! ثم خاطب نفسه وهو ينظر إلى ساعته متعجباً وقال: لكن لم تحن بعد ساعة استيقاظ [المنى] فالساعة لم تقترب بعد من الحادية عشرة , يا ترى ما الذي أيقظ الهانم باكراً!!
وماهي إلا لحظات , حتى مرت الهانم من أمامه تجرُ أقدامها جراً وكأنها حصان أرغم على جر عربته المليئة بالحصى!! وكان شعر الهانم أيضاً منكوشاً ومتداخلاً بطريقة تذكرك بإحدى مشعوذات السينما!!
وبتثاقل ألقت السلام عليه وهي تدخل أصابعها بين خصلات شعرها , وقبل أن تدخل إلى دورة المياه اِلتفتْ إلى الزوج العادل وقالت : عادل ما رأيك لو ذهبنا وأفطرنا في مطعم الريف الفرنسي؟ لديهم كرواسان لذيذ جداً لقد قالت لي أختي منال ذلك!!
قال : عادل بعد أن ارتفع حاجبيه فوق جبهته, يا فرحتي فيك وفي أختك منال يا هانم!! أنا أريد منكِ أن تعدي غدائي الآن وأنتِ تقولين لي لنذهب كي نفطر خارج المنزل!!
قالت : لحظة يا عادل لحظة , سأغسل وجهي وأبدل ملابسي ثم آتيك لنتفاهم!!
قال عادل: نتفاهم على ماذا يا ست هانم ؟ نتفاهم على الغداء أم على الإفطار؟؟
قالت : وهي تجري بسرعة البرق!! لحظات وسأعود لنكمل حديثنا!! ثم عادت تجري وهي تمسك بفرشاة الأسنان وتقول: أرجوك يا عادل لنذهب إلى مطعم الريف الفرنسي بسرعة قبل أن ينتهي وقت الإفطار!!
قال عادل : لقد مضى الآن على زواجنا أربعة أشهر وما زلتِ تعتقدين بأنك عروس البارحة , متى تفيقين من نومك؟
قالت منى : العروس تبقى عروس حتى تنجب ثلاثة أطفال؟!!!! قال عادل : وكم سيستغرق إنجاب هؤلاء الثلاثة أطفال سنة سنتين أم ثلاث سنوات أم خمس سنوات يا هانم؟! قالت منى بدلالٍ معلب! لا يا عادل حوالي عشر سنوات فقط!!
قال عادل لو أعلم أنك صادقة لقرأت الفاتحة على روحك يا ديانا سبنسر!! قالت وماذا تريد مني أن أفعل يا نجيب محفوظ؟! هل تريد مني أن أنهض مع أذان الفجر الأول لكي أعدَّ لك القهوة ومن ثم أشرع في إعداد إفطارك؟!
قال : وهل لابد أن تفيقي مع أذان الفجر الأول لكي تعدي كل ذلك؟ لقد مضى على زواجنا أكثر من أربعة أشهر ويفترض أنك قد عرفت عاداتي , ولا يجهلكِ بأنني أستيقظ في التاسعة صباحاً, أفلا تستطيعين أن تنهضي قبلي بنصف ساعة على الأقل !لكي تقومي بأبسط حقوقي؟!
أنا لا أعرف كيف تنظرين إلى الزواج , فأنا أقوم كل يوم وأعد قهوتي ومن ثم أعد لي إفطاراً خفيفاً وأقرأ الجريدة وأشاهد التلفاز وكل ذلك لوحدي!!
قال عادل: الآن وقت الغداء وأنت تتكلمين عن إفطار في المطعم يا منى !!
سكتت منى قليلاً ثم أخذت تجول ببصرها في أرجاء الصالة ولسان حالها يقول (الراقل ده مش حيقيبها لبر أبداً ومفيش منه فايدة) ويبدو أنه لابد من دخولي إلى المطبخ! ثم تراجعت عن فكرتها تلك وقالت : لكن لأحاول معه مرة أخيرة! فاستجمعت قواها وقالت: طيب ياحبيبي عدوول ما رأيك لو تغدينا في برج الحمام ؟
قال عادل ساخراً : برج الحمام ؟! تقصدين برج الحمام الذي في مزرعة جدي؟؟ فضحكت منى بصوت عالٍ وقالت: لماذا تسخر مني يا عادل !أنت تعرف بأنني أقصد مطعم برج الحمام!! أرجوك لنذهب ونتغدى هناك؟ مادمت تصرُ على أن نفطر هنا !! قال عادل : سبحان الله لقد قلتُ لكِ لن نذهب يعني لن نذهب!وستطبخين الغداء هنا .
لم يكن أمام منى إلا أن تنكس العلم وتضعه جانباً, فتوجهت إلى المطبخ وهي تقول بصوت مسموع : كتب على الزوجة أن تطبخ وكتب على الزوج أن يأكل! فجاوبها عادل قائلاً: والمرأة لا تطلب من الدنيا سوى زوج فإذا جاء هذا الزوج طلبت منه كل شيء!
فتحت منى باب المطبخ وهي تقول يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم ) ثم فتحت خزانة المواد الغذائية وقالت: ماذا سيكون غداءنا هذا اليوم ياترى؟ فوقعت عينها على علبة مكرونة وبجانبها علبة تونة صغيرة ومن خلفهما علبة صلصة حمراء ثم نطقت بلهفة ممزوجة بشهقة : لقد وجدتها سأطبخ أسهل وأسرع غداء سأطبخ مكرونة حمراء بالتونة! (يافرحة أمك فيكِ يامنى) ثم بدأت الست منى بصنع هذا الاختراع العجيب الذي لم تسبقها إليه البشرية بعد! (ويا ما قاب الغراب لأمه)
فسخنت الماء ثم رمت فيه حبات المكرونة ثم أفرغت علبة الصلصة فيه ثم فعلت ذلك أيضا بأختهم المتعوسة تونه! ثم تناولت ملحاً وبهاراً من على الرف ونثرته فوق القدر وهي تقول: يووه الحمدلله لقد قاربت على الانتهاء !!
قامت منى بتغطية القدر وتنفست الصعداء وقالت: يا خسارة لم نذهب لبرج الحمام!!
قطع صوتها صوت عادل قائلاً: يامنى سأذهب كي أصلي وأعود لأجد الغداء جاهزاً ، قالت مني بصوت يذكرك بصوت العلماء المخترعين : حاضر يافندم ستجد كل شيء جاهز !
بعد قليل دخل عادل وهو يحمل معه كيساً فيه علبتي لبن وعلبتي عصير، وسلمهما لمديرة المنزل (الشيف) منى!
وقال لها بسرعة ضعي الغداء لقد ذبحني الجوع لا أستطيع أن أتحمل أكثر! قالت: كلو تمام يافندم (خفيفة دم) ثم بدأت بإعداد السفرة وراحت تجري بها .
(منى يا منى حلوة يا منى , منى يا منى شاطرة منى) ووضعتها دفعة واحدة لأنه أساساً لا يوجد فيها إلا صنف واحد ،وهو السيدة مكرونة ذات الرداء الأحمر!! ولو أن الزوج العادل لم يحضر معه عصير ولبن لأصبحت السفرة كالأرض الجرداء تماماً!!
ثم نادت على عادل وجاء مهرولاً إليها حتى إنه لم يغسل يديه ، ثم أراد أن يمد يده إلى الصحن وهاله ما رأى ! ففتح فاه متسائلاً ما هذا يا منى!! ماذا طبختِ لنا ؟ قالت: هذه مكرونة حمراء بالتونة يا عادل ، قال : لكنني لا أرى إلا كتلة عجين حمراء يا هانم!!
قالت: لا تبالغ كثيراً هو صحيح بأنني قمتُ بزيادة كمية الماء عليها قليلاً لكن ليس إلى هذا الحد! قال عادل: أستغرب منكِ يا منى عمرك 24 سنة أي ما يقارب ربع قرن ولا تعرفين كيف تطبخين مكرونة!! مكرونة يا منى!! إنني لو أحضرت البقرة التي في مزرعة جدي لطبخت أفضل من هذه التي أسميتها مكرونة!!
أنا لا أعرف كيف قضيتِ كلَ هذه السنوات من عمرك في بيت أهلك؟ وماذا تعلمتِ فيها وما هي كمية الخبرة التي حصلتِ عليها لتواجهي مستقبلك! أنت الآن امرأة يفترض أن يقال عنها ناضجة وامرأة تعرف المسئولية؟ ولكني لا أرى ذلك على أرض الواقع ولا ألمس ذلك في بيتي أنا وأنتِ!! والذي يفترض أن أرى فيه بصماتك ولمساتك كامرأة تقدر الحياة الزوجية !!
أنا يا منى لا أريد أن تضعي لي مزهرية أو فازة أو تحفة فنية فوق هذا الرف أو فوق تلك الطاولة!! أريد أن أشعر بأنك امرأة مسئولة فعلاً وأنا لا أمانع أن نخرج ونتغدى في المطعم أو حتى لو أردتِ أن نفطر , ولكن قبل ذلك أشعريني بأنك تكونين قاعدة للمنزل وأساس له , أشعريني بأنك تستحقين الزواج فعلاً , أشعريني بأنك لم تتزوجي لمجرد الزواج فقط!!
أريدُ أن أرى منكِ ما الذي تعلمته طوال سنواتك الماضية ؟ أنا أفهم أنه يجب أن تستمتعي بوقتك وأفهم أنه يوجد لديك صديقات وأفهم أنك تحبين الترفيه ، ولكن ما لا أفهمه أنك وبتصرفاتك هذه تشعرينني بأنه وكأنك ابنة العشر سنوات! فأنتِ لايمكن أن تدخلي المطبخ إلا بطلعة الروح وكأنه كتب علينا أن نكون كالقطط عند أبواب المطاعم!!
قاطعته منى وقالت: لكن أنا توي عروس يا عادل! قال عادل : ومن قال لك بأن العروس يجب أن تنام طوال اليوم؟! ومن قال لك بأن العروس يجب أن تخرج كل يوم؟
شهر العسل يا هانم لا يعني أن نأكل في الشارع أو أن نبيت في السيارة!! شهر العسل يكفي أن نكون مع بعضنا البعض وأن نتشارك في أشيائنا المختلفة, وأن يتعرف كل منا على شخصية الآخر , أن نقترب من بعضنا أكثر , أن تفهمي ما أريد
ولايهم المكان كثيراً بقدر ما يهم أن نكون نحن مع بعضنا...
نظرت منى في عيني عادل وقالت بصوت هادئ: لكن أنتَ لم تكن صريحاً معي قبل هذا اليوم كصراحتك هذه !! فأنا لم أكن أعرف ماذا تريد من قبل !! فأنا كأي عروس جديدة ..
قال عادل : يعني الآن فهمتِ قالت : نعم الآن فهمت , شرب عادل بعض من اللبن ثم قام وتوجه إلى غرفته واستلقى على السرير , ولم تمضي دقائق حتى جاءته الهانم وبابتسامة عريضة قالت له : عادل ممكن نتعشى الليلة في مطعم فابيانوا
نظر إليها عادل ثم أطرق برأسه قليلاً وقال : لا فائدة يبدو أني أحفر في صخرة صماء!!
انتهت
سمع عادل بعض الأصوات فتوجس منها خيفة ثم قال: يبدو أن مصدرها غرفة النوم!! ثم خاطب نفسه وهو ينظر إلى ساعته متعجباً وقال: لكن لم تحن بعد ساعة استيقاظ [المنى] فالساعة لم تقترب بعد من الحادية عشرة , يا ترى ما الذي أيقظ الهانم باكراً!!
وماهي إلا لحظات , حتى مرت الهانم من أمامه تجرُ أقدامها جراً وكأنها حصان أرغم على جر عربته المليئة بالحصى!! وكان شعر الهانم أيضاً منكوشاً ومتداخلاً بطريقة تذكرك بإحدى مشعوذات السينما!!
وبتثاقل ألقت السلام عليه وهي تدخل أصابعها بين خصلات شعرها , وقبل أن تدخل إلى دورة المياه اِلتفتْ إلى الزوج العادل وقالت : عادل ما رأيك لو ذهبنا وأفطرنا في مطعم الريف الفرنسي؟ لديهم كرواسان لذيذ جداً لقد قالت لي أختي منال ذلك!!
قال : عادل بعد أن ارتفع حاجبيه فوق جبهته, يا فرحتي فيك وفي أختك منال يا هانم!! أنا أريد منكِ أن تعدي غدائي الآن وأنتِ تقولين لي لنذهب كي نفطر خارج المنزل!!
قالت : لحظة يا عادل لحظة , سأغسل وجهي وأبدل ملابسي ثم آتيك لنتفاهم!!
قال عادل: نتفاهم على ماذا يا ست هانم ؟ نتفاهم على الغداء أم على الإفطار؟؟
قالت : وهي تجري بسرعة البرق!! لحظات وسأعود لنكمل حديثنا!! ثم عادت تجري وهي تمسك بفرشاة الأسنان وتقول: أرجوك يا عادل لنذهب إلى مطعم الريف الفرنسي بسرعة قبل أن ينتهي وقت الإفطار!!
قال عادل : لقد مضى الآن على زواجنا أربعة أشهر وما زلتِ تعتقدين بأنك عروس البارحة , متى تفيقين من نومك؟
قالت منى : العروس تبقى عروس حتى تنجب ثلاثة أطفال؟!!!! قال عادل : وكم سيستغرق إنجاب هؤلاء الثلاثة أطفال سنة سنتين أم ثلاث سنوات أم خمس سنوات يا هانم؟! قالت منى بدلالٍ معلب! لا يا عادل حوالي عشر سنوات فقط!!
قال عادل لو أعلم أنك صادقة لقرأت الفاتحة على روحك يا ديانا سبنسر!! قالت وماذا تريد مني أن أفعل يا نجيب محفوظ؟! هل تريد مني أن أنهض مع أذان الفجر الأول لكي أعدَّ لك القهوة ومن ثم أشرع في إعداد إفطارك؟!
قال : وهل لابد أن تفيقي مع أذان الفجر الأول لكي تعدي كل ذلك؟ لقد مضى على زواجنا أكثر من أربعة أشهر ويفترض أنك قد عرفت عاداتي , ولا يجهلكِ بأنني أستيقظ في التاسعة صباحاً, أفلا تستطيعين أن تنهضي قبلي بنصف ساعة على الأقل !لكي تقومي بأبسط حقوقي؟!
أنا لا أعرف كيف تنظرين إلى الزواج , فأنا أقوم كل يوم وأعد قهوتي ومن ثم أعد لي إفطاراً خفيفاً وأقرأ الجريدة وأشاهد التلفاز وكل ذلك لوحدي!!
قال عادل: الآن وقت الغداء وأنت تتكلمين عن إفطار في المطعم يا منى !!
سكتت منى قليلاً ثم أخذت تجول ببصرها في أرجاء الصالة ولسان حالها يقول (الراقل ده مش حيقيبها لبر أبداً ومفيش منه فايدة) ويبدو أنه لابد من دخولي إلى المطبخ! ثم تراجعت عن فكرتها تلك وقالت : لكن لأحاول معه مرة أخيرة! فاستجمعت قواها وقالت: طيب ياحبيبي عدوول ما رأيك لو تغدينا في برج الحمام ؟
قال عادل ساخراً : برج الحمام ؟! تقصدين برج الحمام الذي في مزرعة جدي؟؟ فضحكت منى بصوت عالٍ وقالت: لماذا تسخر مني يا عادل !أنت تعرف بأنني أقصد مطعم برج الحمام!! أرجوك لنذهب ونتغدى هناك؟ مادمت تصرُ على أن نفطر هنا !! قال عادل : سبحان الله لقد قلتُ لكِ لن نذهب يعني لن نذهب!وستطبخين الغداء هنا .
لم يكن أمام منى إلا أن تنكس العلم وتضعه جانباً, فتوجهت إلى المطبخ وهي تقول بصوت مسموع : كتب على الزوجة أن تطبخ وكتب على الزوج أن يأكل! فجاوبها عادل قائلاً: والمرأة لا تطلب من الدنيا سوى زوج فإذا جاء هذا الزوج طلبت منه كل شيء!
فتحت منى باب المطبخ وهي تقول يافتاح ياعليم يارزاق ياكريم ) ثم فتحت خزانة المواد الغذائية وقالت: ماذا سيكون غداءنا هذا اليوم ياترى؟ فوقعت عينها على علبة مكرونة وبجانبها علبة تونة صغيرة ومن خلفهما علبة صلصة حمراء ثم نطقت بلهفة ممزوجة بشهقة : لقد وجدتها سأطبخ أسهل وأسرع غداء سأطبخ مكرونة حمراء بالتونة! (يافرحة أمك فيكِ يامنى) ثم بدأت الست منى بصنع هذا الاختراع العجيب الذي لم تسبقها إليه البشرية بعد! (ويا ما قاب الغراب لأمه)
فسخنت الماء ثم رمت فيه حبات المكرونة ثم أفرغت علبة الصلصة فيه ثم فعلت ذلك أيضا بأختهم المتعوسة تونه! ثم تناولت ملحاً وبهاراً من على الرف ونثرته فوق القدر وهي تقول: يووه الحمدلله لقد قاربت على الانتهاء !!
قامت منى بتغطية القدر وتنفست الصعداء وقالت: يا خسارة لم نذهب لبرج الحمام!!
قطع صوتها صوت عادل قائلاً: يامنى سأذهب كي أصلي وأعود لأجد الغداء جاهزاً ، قالت مني بصوت يذكرك بصوت العلماء المخترعين : حاضر يافندم ستجد كل شيء جاهز !
بعد قليل دخل عادل وهو يحمل معه كيساً فيه علبتي لبن وعلبتي عصير، وسلمهما لمديرة المنزل (الشيف) منى!
وقال لها بسرعة ضعي الغداء لقد ذبحني الجوع لا أستطيع أن أتحمل أكثر! قالت: كلو تمام يافندم (خفيفة دم) ثم بدأت بإعداد السفرة وراحت تجري بها .
(منى يا منى حلوة يا منى , منى يا منى شاطرة منى) ووضعتها دفعة واحدة لأنه أساساً لا يوجد فيها إلا صنف واحد ،وهو السيدة مكرونة ذات الرداء الأحمر!! ولو أن الزوج العادل لم يحضر معه عصير ولبن لأصبحت السفرة كالأرض الجرداء تماماً!!
ثم نادت على عادل وجاء مهرولاً إليها حتى إنه لم يغسل يديه ، ثم أراد أن يمد يده إلى الصحن وهاله ما رأى ! ففتح فاه متسائلاً ما هذا يا منى!! ماذا طبختِ لنا ؟ قالت: هذه مكرونة حمراء بالتونة يا عادل ، قال : لكنني لا أرى إلا كتلة عجين حمراء يا هانم!!
قالت: لا تبالغ كثيراً هو صحيح بأنني قمتُ بزيادة كمية الماء عليها قليلاً لكن ليس إلى هذا الحد! قال عادل: أستغرب منكِ يا منى عمرك 24 سنة أي ما يقارب ربع قرن ولا تعرفين كيف تطبخين مكرونة!! مكرونة يا منى!! إنني لو أحضرت البقرة التي في مزرعة جدي لطبخت أفضل من هذه التي أسميتها مكرونة!!
أنا لا أعرف كيف قضيتِ كلَ هذه السنوات من عمرك في بيت أهلك؟ وماذا تعلمتِ فيها وما هي كمية الخبرة التي حصلتِ عليها لتواجهي مستقبلك! أنت الآن امرأة يفترض أن يقال عنها ناضجة وامرأة تعرف المسئولية؟ ولكني لا أرى ذلك على أرض الواقع ولا ألمس ذلك في بيتي أنا وأنتِ!! والذي يفترض أن أرى فيه بصماتك ولمساتك كامرأة تقدر الحياة الزوجية !!
أنا يا منى لا أريد أن تضعي لي مزهرية أو فازة أو تحفة فنية فوق هذا الرف أو فوق تلك الطاولة!! أريد أن أشعر بأنك امرأة مسئولة فعلاً وأنا لا أمانع أن نخرج ونتغدى في المطعم أو حتى لو أردتِ أن نفطر , ولكن قبل ذلك أشعريني بأنك تكونين قاعدة للمنزل وأساس له , أشعريني بأنك تستحقين الزواج فعلاً , أشعريني بأنك لم تتزوجي لمجرد الزواج فقط!!
أريدُ أن أرى منكِ ما الذي تعلمته طوال سنواتك الماضية ؟ أنا أفهم أنه يجب أن تستمتعي بوقتك وأفهم أنه يوجد لديك صديقات وأفهم أنك تحبين الترفيه ، ولكن ما لا أفهمه أنك وبتصرفاتك هذه تشعرينني بأنه وكأنك ابنة العشر سنوات! فأنتِ لايمكن أن تدخلي المطبخ إلا بطلعة الروح وكأنه كتب علينا أن نكون كالقطط عند أبواب المطاعم!!
قاطعته منى وقالت: لكن أنا توي عروس يا عادل! قال عادل : ومن قال لك بأن العروس يجب أن تنام طوال اليوم؟! ومن قال لك بأن العروس يجب أن تخرج كل يوم؟
شهر العسل يا هانم لا يعني أن نأكل في الشارع أو أن نبيت في السيارة!! شهر العسل يكفي أن نكون مع بعضنا البعض وأن نتشارك في أشيائنا المختلفة, وأن يتعرف كل منا على شخصية الآخر , أن نقترب من بعضنا أكثر , أن تفهمي ما أريد
ولايهم المكان كثيراً بقدر ما يهم أن نكون نحن مع بعضنا...
نظرت منى في عيني عادل وقالت بصوت هادئ: لكن أنتَ لم تكن صريحاً معي قبل هذا اليوم كصراحتك هذه !! فأنا لم أكن أعرف ماذا تريد من قبل !! فأنا كأي عروس جديدة ..
قال عادل : يعني الآن فهمتِ قالت : نعم الآن فهمت , شرب عادل بعض من اللبن ثم قام وتوجه إلى غرفته واستلقى على السرير , ولم تمضي دقائق حتى جاءته الهانم وبابتسامة عريضة قالت له : عادل ممكن نتعشى الليلة في مطعم فابيانوا
نظر إليها عادل ثم أطرق برأسه قليلاً وقال : لا فائدة يبدو أني أحفر في صخرة صماء!!
انتهت
اخترت لكم
تعليق