تويت
القط والفأر بحراج السيارات ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
القط والفأر بحراج السيارات
بخيت الزهراني
بخيت الزهراني
** عندما كان محدثنا في جلسة خاصة يروي واحدة من حكاياته، لم اكن لاصدقه لولا انني اعرفه من جلسات سابقة كإنسان ثقة، هو ومن قدمه لي وعرفني به ..يقول صاحبنا انه خلال دراسته في امريكا، وبعد ان عزم على المجيء الى المملكة قرر شراء سيارة مستعملة من هناك، ليستخدمها هنا وعندما جلس في مجلس المبايعة مع صاحب السيارة الامريكي، قدم له اولا تقريراً عن حالة السيارة، وقال له ان في السيارة عيوباً، ولكن بالامكان اصلاحها.
فرد عليه صاحبنا : قبلت شرائها ولم يكتف الخواجه بالكشف عن خلل سيارته، واعلان الصدق عن حالتها في شفافية نادرة، بل ظل كما يقول صاحبنا يراسله بالايميل كل اسبوعين مرة في بداية الامر، ثم كل شهر مرة الى ان انقضت حوالى ستة اشهر، اطمأن فيها الخواجة على ان صاحبنا قد اكمل اصلاح العيوب التي كانت في السيارة، فارتاح ضميره وعرف ان سيارته لن تكون نحساً على من اشتراها، والسؤال هنا كم عدد الناس اهلنا او في اي مكان يمكن ان يفعل هذا الفعل؟
** وفي نفس المجلس انبرى متحدث اخر يروي هذه الحكاية، القادمة من سوق حراج السيارات عندنا في جدة، ليقول ان سيارة شبح مقسومة الى نصفين، وقد تم سمكرتها بدهاء شديد، وطلاؤها بشكل احترافي تدور في اروقة وشوارع وجنبات الحراج لعدة اسابيع، يشتريها هذا ثم يكتشف " البلاء العظيم " فيها فيبادر الى " زحلقتها " على زبون اخر من " المغفلين " ثم يقوم الثالث بعد ان يفجعه حال السيارة بذات الدور الى زبون رابع وهكذا، وسط مشهد كوميدي في معظمه وتراجيدي في جوانبه الاخرى، وتلك السيارة حكايتها انها تعرضت لحادث، وظل من المستحيل اصلاح جزء منها، الاّ من خلال البحث عن سيارة اخرى مشابهة واقتطاع جزء منها، ليكمل الجزء الفاقد من السيارة الاساس، وبواسطة لحام الاوكسجين، والسمكرة والطلاء، يكون الأمر في النهاية " ظاهريا " كأن شيئاً لم يكن، وتظل المهمة بعد ذلك اقحامها فوق " نافوخ " زبون غشيم لا يعرف كوعه من بوعه، وبعد ذلك يكون البائعان قد تفرقا، وتمت البيعة، وكان الله سميع الدعاء !!
** والعبدلله كاتب هذه السطور، كاد يشرب من نفس الكأس، فقبل عدة شهور كنت انوي شراء سيارة يابانية لابني، واستشرت زميلا صحفيا، فأرسلني الى معرض سيارات يعرف صاحبه كما يقول وارشدني الى سيارة بلونها وطرازها، ولكن الله سلم، عندما اصريت على ان يتم الكشف عليها بشكل دقيق للغاية حتى لو كلفني ذلك مبلغاً من المال قد يذهب سدى في حالة ما لم اشتر السيارة، وبعد ان تم رفع السيارة على ما يعرف بـ " البستم " صاح المهندس التركي الذي استعنت بخبرته وهو يستدعيني قائلا : انظر ..ان " الشاسيه مقصوص " وقد تم عمل لحام له حتى تبدو الأمور طبيعية ...وطبعاً، كلنا يعرف العواقب الوخيمة جداً لسيارة تحت يد شاب او غير شاب يكون " شاسيها " " مرقعاً باللحام "!!
** وعاد صاحبنا الذي درس في امريكا ليتسلم دفة الحديث، فقال ان السيارة المباعة هناك، يمكن لاي احد، فيما لو رغب في شرائها ان يدخل على الانترنت بواسطة رقم هيكلها، فتظهر له " السيرة الذاتية " للسيارة، من اشتراها، ومن استعملها، وهل كانت لشركة او للبوليس او لفرد، وما هي الحوادث التي تعرضت لها ...الخ، ومن خلال مطالعة تاريخ السيارة يمكن لك شرائها، واصلاح عيوبها ان كانت بسيطة ويمكن اصلاحها، او ان تتركها الى غيرها من السيارات المستعملة الأخرى .
** وقبل ان ينتهي مجلسنا عرض احد الجالسين حكاية صغيرة وخفيفة، لكن وزنها " ثقيل حبتين " عندما قال إن بإمكان أي أحد أن يشتري مجموعة من سيارات الاجرة، التي كانت قد طافت مدينة جدة، وزارت كل شوارعها وازقتها، وتمتعت بكل مطباتها وحفرها لعدة سنوات وقد تكون من تلك التي فحطت الطريق الطويل بين جدة والطائف ثم بعد ذلك يقوم باجراء سمكرة عالية الجودة لها من نوع " اللي ما تخر منه الموية " ثم يجدد استماراتها، وطبعاً يبدل الوانها من اجرة الى خصوصي، ثم يعرضها للبيع، لتبدو أمام عدد من الزبائن القادمين من " الزمن الطيب " وكأنها " المراية " بحيث يمكن لك كمتأمل لها ان ترى صورة وجهك وغترتك وعقالك على جوانبها من شدة لمعانها، ثم عندما تتم المبايعة، ويقع الفأس في الرأس، وعندها تبدأ دون شكل " تصيح " فيقال لك بهدوء شديد " خفف صوتك - يا فصيح " .
** أخلص من كل ذلك الى أن اقول شيئاً واحداً في ختام هذه السطور، وهو ان علينا جميعا - واقول جميعا - ان نتقي الله تعالى في بيعنا وشرائنا ومعاملاتنا، فالدين المعاملة، وقد قال رسولنا صلى الله عليه وسلم " من غشنا فليس منا " وليتذكر احدنا ان ريالا واحدا يدخل جيبي وجيبك من تعاملات مخلوطة بالتدليس والغش، سيمحق دون شك ما قبله، ومن يدري فقد يمحق حتى بركة الاهل والاولاد ..وإذا كان زيد غشاشاً فيسلط الله عليه غشاشاً اكبر وهو عبيد، وعندها سيكون الانتقام أكبر وأعظم ..
تعليق