السوادي في الثالثة عشرة من العمر ..
يرغب أن يكون شاعرًا يحاور هذا ويطرد ذاك وينتشر صيته في قريته وما جاورها من القرى ، لاسيما وأن صيت البيضاني بعد أول لقاءٍ له مع ابن طوير قد ملأ قرى ( الحجرة) وتجاوزها إلى قرى (أضم) شمالاً ، فما الذي يمنع أن يصبح السوادي ( بيضانيـًا ) آخر حتى وإن لم يعرف بعد مقولة : (زامر الحي لا يطرب )..!
حامد ..!
أظنكم تتذكرون هذا الاسم جيدًا ، هو واضع (العقرب ) ، وآكل ( القوطة) ..!
يشير على صاحبه أن يذهب إلى أحد الأمكنة التي تشتهر بوجود ( الجن ) - على حد زعمه- لينام فيه كي (تسقيه ) الشعر ويصبح أقوى شاعرٍ عرفه الزمن ..!
الفكرة جيدة ، والموافقة حدثت دون تردد ، فالذي يداعبه الشعر لا بد أن يتجشم العناء ويركب الصعاب ..!
ليلتان لم أنم خلالهما من أجل أن يغلبني النوم إذا ما ذهبتُ فالمكان موحش ولن يستطيع النوم فيه إلا من كان قلبه من صخرٍ ..!
طلبتُ من صاحبي ( اللدود ) حامد أن يذهب معي ويجلس بجواري حتى أنام وينصرف ..!
ذهبنا ، وفي الطريق يوصيني أبو علي إذا حضرت أنثى الجن ( وتجثمتك ) عليك أن تقول :
شعر ، شعر ، شعر ..
لأنها ستسألك أشعر أم ( بعر ) ..؟!
إن قلت : (شعر) ستسقيك من قدحها لبن الشعر ، وتصبحُ شاعرًا ، وأن أخطأتَ وقلتَ : ( بعر ) فستتلبسكَ وتصبح بمثابة البعير لها عياذًا بالله ..!
وصلنا المكان ، فنمت وحامد عند رأسي يسأل الله لصاحبه ( شاعر المستقبل ) التثبيت عند السؤال..!
ولم أصح إلا وأنا مغطى بـ (مصنف) وشيءٌ ما يتجثمني ويكتم على أنفاسي قاويت ونازعت لكن للأسف حتى صوتي ما كان يظهر من شدة الخوف ، وتحول إلى ( شينـًا ) متصلة ، ( شششششششششششششش ) ..
أريد أن أقول شعر ، لكن هيهات فالكلمة استعصت ، ولم تتفضـّل عليَّ إلا بالحرف الأول ..!
نسيت الشعر حينها ولم أعد أفكر إلاّ في الحياة ، فلا شيء أحلى من الحياة ، أكثر من دقيقة وأنا على هذه الحال وبعدها أشفق عليّ وأفلتني ..!
ويا هول المفاجأة ، فالذي كاد أن يقتلني لم يكن (جنيـًا) ولا (أنثاه) كما ظننت وتوقعت ، لا ..!
أظنكم عرفتموه ، وهل يخفى القمر ..؟!
ثلاثة أيام قضيتها طريح الفراش لا أدري عمن يغدو ولا عمن يروح ، فالموقف كان أكبر من أن يتحمله ناشئٌ في سني ..!
تلكم هي حكايتي مع (السقية ) التي أنكرها (عميد شعراء الجنوب ) ذات مساء ..
السوادي
تعليق