فازت حماس بطريقة ديمقراطية لا يستطيع احد التشكيك فيها الامر الذي اجبر اعداء حماس على احترام ذلك الفوز وعلى مضض حيث كان ذلك هو اختيار الشعب الفلسطيني في اغلبيته ويجب احترام ذلك الاختيار إلى هنا والمسألة طبيعية وسارة لكن هل يصلح بطل الحرب لأن يكون بطل سلام؟ بمعنى هل ينجح ابطال اجتياح الخنادق حملة والبنادق في اجتياز دهاليز السياسة؟!
اعتقد ان هذا هو مأزق حماس الاكبر والذي يحدد نجاحها او فشلها على ارض الواقع العالمي؟! واركز على العالمي لأن حماس وبحكم بدورها المستقبلي في الدولة الفلسطينية مجبرة على التعامل مع العالم الخارجي فهل ستنجح في ذلك التعامل مع الحفاظ على مبادئها التي اعلنتها في حملتها الانتخابية؟ وعلى سبيل المثال حماس لا تعترف باسرائيل فكيف ستتعامل اذا اصر قادتها على الثبات على هذا المبدأ مع الدول الاخرى ومع اسرائيل بالذات.
اذا تعاملت حماس مع اسرائيل على هذا المبدأ او غيره من مبادئ حماس الرافضة للاتفاقيات التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع اسرائيل سابقاً فانها بلا شك ستكون حكومة حرب الأمر الذي سيخلط الاوراق تماما ويدخل المنطقة كلها في حالة هيجان وذعر وخوف واسرائيل على الاخص وربما بعض الدول المجاورة لاسرائيل تطالها هذه الحالة وهو الأمر المرفوض من جميع هذه الاطراف المتضررة وان كان هذا هو الموقف الصحيح والمتفق مع اعلان ومواثيق ومبادئ حماس وهو الموقف الذي من اجله صوت المنتخب الفلسطيني لحماس بعد ان يئس من نجاح البدائل التي اختارها من كان قبل حماس في السلطة.
نعم ليس لدى حماس جيش نظامي من خلاله تستطيع تنفيذ وتطبيق مبادئها وخططها ورؤاها لحل القضية وانهاء الاحتلال الصهيوني وعودة المشردين وتحرير الاقصى المبارك لكنها تملك وتراهن على اسلوب اطفال الحجارة وابطال الاستشهاد والذي ثبت نجاحه من خلال تطبيقه في غزة الامر الذي اجبر شارون على الانسحاب منها وهذا طريق صعب للغاية وان كان هو الطريق الصحيح الذي سيؤدي إلى انسحاب اسرائيل من الضفة الغربية كما انسحبت من غرة ولو بعد حين فهل تتنازل حماس عن الطريق السياسي وتسلك الطريق التحريري الصعب؟ ام ان قادة حماس سيخالفون من اجل تسلم السلطة السياسية مبادئهم وما وعدوا به الناخب الفلسطيني ويتجولون الى اللون الرمادي ويبدأون في مفاوضات واتفاقيات ومؤتمرات لم تنجح على الاقل في نظر قادة حماس في تحرير فلسطين وقيام دولتها وعودة اهلها.
حماس لا تستطيع ان تتراجع عن مبادئها والتزاماتها التي اعلنتها في حملتها الانتخابية حتى لو ادى ذلك إلى فشلها في تشكيل حكومة فلسطينية سياسية وهو الأمر الذي اتوقع حصوله عاجلاً ام آجلاً لأن ثمن ذلك هو فقدانها - اي حماس - لولاء وتزكية ومحبة الشعب الفلسطيني وهو ما لا يقبله قادة حماس بشكل من الاشكال فلو قبلوه لاصبحوا اشد ضرراً على فلسطين ممن سبقهم ولاصبحوا تجار مبادئ وهم قادة حماس لن يبيعوا تاريخهم النضالي بثمن بخس يتمثل في حكومة بائسة لم تنجح سابقاتها في تحقيق آمال الفلسطينيين عندما كانت حكومات سلام ضائع تائه لم يحرر الاقصى ويعين اللاجئين فاذا ما اختار قادة حماس ان يكونوا حكومة سلام على نهج اسلافهم فهم كمن فسر الماء بعد الجهد بالماء ولن يأتوا بجديد لأن خصمهم اقوى منهم يفرض من خلال المفاوضات المكوكية ما يريد ولا يوقع ولا يلتزم الا بما فيه مصلحة هو في الدرجة الاولى فماذا جنى الفلسطينيون من المفاوضات السلمية؟ اما اذا عومل بمبدأ ما اخذ بالقوة لا يستعاد الا بالقوة وبابطال الحجارة والاستشهاد فانه يتعامل بمنطقية وتبادل المصلحة لانه لن ينال الارض والأمن في وقت واحد كما يريد.
واذا كانت حماس لن تتمكن من تشكيل حكومة سلام وهمي - وحسب مبادئها - فالافضل لها والاشرف ان تعود إلى وضعها السابق لانه لا يمكن ان يقبل الكثير الكثير ان تكون حماس حكومة حرب ولن ترضى هي ان تكون حكومة سلام وهمي وخلاصة القول ان حماس قوة تحرير لا قوة تمرير لذلك لن تنجح في القيادة السياسية في فلسطين كما أرى .. والله المستعان.
جمعان عايض الزهراني
جريدة المدينة تاريخ 19/1/1427هـ
جريدة المدينة تاريخ 19/1/1427هـ
تعليق