بسم الله الرحمن الرحيم


من ذاكرة الخوالي

حضر الشاعر علي الغبيشي الى مناسبةٍ كبيرة بقرية قرن ظبي , حيث تواجه مع عددٍ كبير من شعراء السراة آنذاك , غير أن فارق المستوى بين أولئك الشعراء والغبيشي كان فاضحاً جداً , فتطوع بعض الرجال من أهالي قرية قرن ظبي بالذهاب ليلاً للإتيان بالشاعر جريبيع بن صالح من قرية وادي الصدر , والذي كان ممتناً لحضور أولئك القوم الى منزله .. لا لشيء سوى أنه يريد مقابلة الشاعر على الغبيشي الذي يسمع به ولم يره بعد ..

وفي اليوم الثاني من أيام المناسبة الثلاث توسط الشاعر جريبيع دائرة العرضة بعد أن اشترط على أصحابه الذين أتوا لدعوته عدم الإفصاح عن اسمه وشخصيته , وما أن ألقى جريبيع قصيدته الأولى حتى سارع الغبيشي الى وقف زير الحفلة .. مستفسراً في استنكار عن اسم هذا الشاعر , حيث خاطب الحضور قائلاً ( لن أنطق بكلمةٍ أخرى حتى اعرف من أواجه ) .. عند ذلك تقدم جريبيع للسلام على الغبيشي معرفاً بنفسه .. وهناك بدأت المعركة الشعرية بين القامتين الكبيرتين ...
أذكر أن أحد كبار السن روى لي في عام 1419هـ عدداً من قصائد تلك المعركة , ولم أعد أذكر منها سوى قصيدةً تعجيزية للشاعر الغبيشي ..
يقــــــــــول الغبيــشــي

الباشة قطّبتوه بالعارض وبرشم

و زاد ذاق المرت بو صفرة ورشما

ونصبوا زهران قالاتٍ ورى اشمــات

ما بان فينا ذلةٍ والا رشمنــــــا

في البيت الأول يخبر الغبيشي عن كيفية إمساكه بالباشة ( صورة رمزية ) عندما قال ( قطّبتوه ) بمعنى أمسكت به بعد محاولاتٍ عديدة للفرار , وكلمة ( "قطّب ) الشيء تدل في معناها البعيد على الإمساك بهدفٍ بسيط لا يملك من أسلحة الدفاع سوى السرعة والمراوغة ..
ثم قال ( بالعارض ) أي بعارض ذقنه وتلك صورةٌ تحقيرية من الدرجة الأولى , ثم أضاف بعد أن أمسكت الباشة بعارضه ( برشم ) بمعنى فسد رأيه وبان ذله وضعفه .


في البيت الثاني يخبر الغبيشي بعد أن أمسكت بالباشة بصورته الحقيرة أطعمته صُـفـر الرصاص بمعنى رحمتُ ذله وضعفه بأن أطلقت عليه رصاصة الرحمة , بعد أن أذقته رشوم البنادق ( ورشما ) .

في البيت الثالث يخبر الغبيشي أن زهران بعد امساكهم للباشة جعلوا أمر القالات صعباً ذلك لإنهم نصبوها ( ورى اشمات ) أي بعد أن بان الشقاء والشماته بكثيرٍ من الديار والقبائل العاجزة عن دفع شر ذلك الباشة .

في البيت الأخير أخبر الغبيشي عن الطريقة المثلى لتنصيب القالات عندما اشترط لمن أراد تنصيب القالات أن لا يكون صاحب (ذلة ) وأن لا يتراجع عن أمر أراده وليصبر على طريقه الوعر عندما قال ( والا رشمنا ) أي لم نضعف ولم نفسد ولم نكن كـ" الباشه " الذي برشم بذله وهوانه .

بسم الله الرحمن الرحيم


الأستاذ الفاضل .. عبدالعزيز الغبيشي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يعلم الله مدى سعادتي برؤية اسمك الكريم , خصوصاً وأنه اسمٌ كريم من رجال كِرام .. كيف لا وأعجوبة هذا البحث ( علي الغبيشي ) غبيشيُ الأصل والمنشأ .. بينه وبين كِرام الأفعال حِلف وتحالف كأرباب قومه من قبائل الأحلاف ..

قرأت تعليقك الجميل , واستأنست بمداخلتك الرائعة وما زال لنا في ( قاطر العود ) و ( ودّ اهزمه ) والكثير الكثير وقفاتٌ جادة .. أتمنى ألا تُطل الغياب وتأكد بأننا جميعاً في انتظار أعاجيب الغبيشي ..


تحياتي إلى روحك الكريمة .