التطرف في مناهجنا المدرسية: حوار داخلي عميق وجريء
قينان الغامدي
كانت مشكلة التشدد والتطرف الديني محوراً أساسياً في معظم الكلمات التي تداخل بها المشاركون والمشاركات في لقاء الحوار الوطني الخامس الذي شهدته مدينة أبها بمنطقة عسير في نهاية الأسبوع الماضي، وكان معظم الكلمات تشير إلى ما تحفل به المناهج الدراسية من موضوعات تدعو إلى التطرف، إضافة إلى الفتاوى المبثوثة عبر الكتب والمنشورات وبعض وسائل الإعلام، ويوم السبت قبل الماضي تابعت على قناة "عين" الفضائية برنامج "حوار من الداخل" الذي يعده ويقدمه المذيع التلفزيوني المتميز الزميل "كمال عبدالقادر" الذي يبدع في معظم حلقات البرنامج من حيث اختيار الضيوف ومن حيث الإعداد وإدارة الحوار، وكان ضيف الحلقة الأستاذ "حسن المالكي" المعروف بتميزه في دراسة المذاهب، وتعمقه في أصول الفقه والحديث ومتابعته الدقيقة للمناهج المدرسية الدينية. وكانت الحلقة بحق متميزة ومفجعة في الوقت نفسه. لقد تناول المالكي أساليب التشدد والتطرف والتكفير التي نغذي بها طلابنا وطالباتنا في المدارس ابتداءً من الصفوف الأولى حتى نهاية المرحلة الثانوية، وكان يقرأ نصوصاً من المقررات الدراسية الدينية المطبوعة في عام 1426هـ أي من المناهج التي قالت وزارة التربية والتعليم إنها طورتها، وكان يعيد هذه النصوص إلى أصولها ومراجعها التي استقى منها مؤلفو المناهج، ومعظم - إن لم يكن كل - النصوص التي قرأها المالكي لم تكن بحاجة إلى شرح أو تفسير، فهي تحض على التطرف والتكفير بصراحة ووضوح. ناهيك عن نصوص أشد وأوضح في مؤلفات متداولة كتبها سعوديون بعضهم قضى نحبه، وبعضهم ما زال يعيش بيننا، وفي مثل هذا المعنى كتب الزميل الأستاذ خالد الغنامي مقالات متعددة في هذه الصحيفة.
لقد اقترحت على الزميل المذيع "كمال عبدالقادر" أن يتبرع من عنده فيبعث لوزير التربية والتعليم شريط "الحلقة"، وكذلك لنائبيه علهم يشاهدونها، فإن وجدوها مقنعة فنرجوهم أن يكفوا أولاً عن تبرئة المناهج من تهمة التطرف، وأن يقوموا ثانياً بتعميم الشريط على المسؤولين في الوزارة وفي المناطق، وثانياً أن يقوموا سريعاً بمعالجة هذه المناهج معالجة جذرية جريئة، وأن ينظموا حملات توعية حوارية مكثفة مع المعلمين والمعلمات المتشددين المنتشرين في مدارس البنين والبنات، وإن وجدوا أن ما ورد في هذه الحلقة غير مقنع أو غير صحيح، فإنني أرجو من الأخ كمال، استضافتهم، ومعهم الأخ المالكي والأخ الغنامي، على مدى حلقتين أو ثلاث، لتفنيد ما ورد، وتوضيح ما يعتقدون أنه التبس، فالأمر خطير جداً، إذ لو تصورنا أن هذه الأفكار والأقوال المتطرفة لم تؤثر إلا في "ربع في المئة" من الطلاب والطالبات، فإن هذا يعني تفريخ عشرة آلاف متطرف ومتطرفة سنوياً والله وحده هو الذي يعلم إلى أي درجات التطرف يتطور هؤلاء أو نسبة منهم، وماذا يفعلون، المصيبة أن التطرف الموجود في المناهج ليس ضد "الآخر" الذي عقد لقاء الحوار الخامس في أبها من أجله، وإنما ضد نسبة هائلة من مجتمعنا السعودي المسلم، ناهيك عن بقية المسلمين في العالم. نحن بحاجة ماسة إلى حوار من الداخل عميق وجريء وطويل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
قينان الغامدي
كانت مشكلة التشدد والتطرف الديني محوراً أساسياً في معظم الكلمات التي تداخل بها المشاركون والمشاركات في لقاء الحوار الوطني الخامس الذي شهدته مدينة أبها بمنطقة عسير في نهاية الأسبوع الماضي، وكان معظم الكلمات تشير إلى ما تحفل به المناهج الدراسية من موضوعات تدعو إلى التطرف، إضافة إلى الفتاوى المبثوثة عبر الكتب والمنشورات وبعض وسائل الإعلام، ويوم السبت قبل الماضي تابعت على قناة "عين" الفضائية برنامج "حوار من الداخل" الذي يعده ويقدمه المذيع التلفزيوني المتميز الزميل "كمال عبدالقادر" الذي يبدع في معظم حلقات البرنامج من حيث اختيار الضيوف ومن حيث الإعداد وإدارة الحوار، وكان ضيف الحلقة الأستاذ "حسن المالكي" المعروف بتميزه في دراسة المذاهب، وتعمقه في أصول الفقه والحديث ومتابعته الدقيقة للمناهج المدرسية الدينية. وكانت الحلقة بحق متميزة ومفجعة في الوقت نفسه. لقد تناول المالكي أساليب التشدد والتطرف والتكفير التي نغذي بها طلابنا وطالباتنا في المدارس ابتداءً من الصفوف الأولى حتى نهاية المرحلة الثانوية، وكان يقرأ نصوصاً من المقررات الدراسية الدينية المطبوعة في عام 1426هـ أي من المناهج التي قالت وزارة التربية والتعليم إنها طورتها، وكان يعيد هذه النصوص إلى أصولها ومراجعها التي استقى منها مؤلفو المناهج، ومعظم - إن لم يكن كل - النصوص التي قرأها المالكي لم تكن بحاجة إلى شرح أو تفسير، فهي تحض على التطرف والتكفير بصراحة ووضوح. ناهيك عن نصوص أشد وأوضح في مؤلفات متداولة كتبها سعوديون بعضهم قضى نحبه، وبعضهم ما زال يعيش بيننا، وفي مثل هذا المعنى كتب الزميل الأستاذ خالد الغنامي مقالات متعددة في هذه الصحيفة.
لقد اقترحت على الزميل المذيع "كمال عبدالقادر" أن يتبرع من عنده فيبعث لوزير التربية والتعليم شريط "الحلقة"، وكذلك لنائبيه علهم يشاهدونها، فإن وجدوها مقنعة فنرجوهم أن يكفوا أولاً عن تبرئة المناهج من تهمة التطرف، وأن يقوموا ثانياً بتعميم الشريط على المسؤولين في الوزارة وفي المناطق، وثانياً أن يقوموا سريعاً بمعالجة هذه المناهج معالجة جذرية جريئة، وأن ينظموا حملات توعية حوارية مكثفة مع المعلمين والمعلمات المتشددين المنتشرين في مدارس البنين والبنات، وإن وجدوا أن ما ورد في هذه الحلقة غير مقنع أو غير صحيح، فإنني أرجو من الأخ كمال، استضافتهم، ومعهم الأخ المالكي والأخ الغنامي، على مدى حلقتين أو ثلاث، لتفنيد ما ورد، وتوضيح ما يعتقدون أنه التبس، فالأمر خطير جداً، إذ لو تصورنا أن هذه الأفكار والأقوال المتطرفة لم تؤثر إلا في "ربع في المئة" من الطلاب والطالبات، فإن هذا يعني تفريخ عشرة آلاف متطرف ومتطرفة سنوياً والله وحده هو الذي يعلم إلى أي درجات التطرف يتطور هؤلاء أو نسبة منهم، وماذا يفعلون، المصيبة أن التطرف الموجود في المناهج ليس ضد "الآخر" الذي عقد لقاء الحوار الخامس في أبها من أجله، وإنما ضد نسبة هائلة من مجتمعنا السعودي المسلم، ناهيك عن بقية المسلمين في العالم. نحن بحاجة ماسة إلى حوار من الداخل عميق وجريء وطويل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
تعليق