تمرُّ على المرءِ في كثيرٍ من الأحايين مواقف يشعر فيها بنوعٍ من الضجر والألم فيحاول الخروج منها بالعودة إلى أجمل مراحل العمر ..
أعني بها مرحلة الصبا ..
يعود إليها متشبثـًا بشيءٍ من الوهم الذي يشعر معه أنه لا يزال هو ذاك ..
وسام ، ابن أخي ، طفلٌ صغيرٌ لم يتجاوز أعوامه الأربعة ..
يسلِّم عليّ وينسل خلسة إلى قعر البيت ، لم افتقده فالعودة كانت أسرع ..
يقف أمامي ويسأل :
- ماذا في جيبي يا عم ؟
وما كان لـ (عمه) أن يستغرق وقتـًا في التفكير أمام طفلٍ صغيرٍ ، فالإجابة معروفة ولا جدال ..
- ريالٌ في جيبك يا بني ..!
ضحكة براءة تنطلق من الصغير مجلجلة ومحرجة بالنسبة لي ، فقد تذهب بالصغير الظنون ويحمل الأمر فوق ما يحتمل وأغدو في نظره غبيـًا وفي أحسن الأحوال رجلاً لا يخرج تفكيره قيد أنملة عن المادة ..!
ابتسامة الخجل معروفة لا تحتاج إلى شرحٍ أو إيضاحٍ ، هي ما أملكه هذه اللحظة ..!
صورة يخرجها من جيبه الصغير ، يبدو فيها أبوه ممسكـًا بـ (خطامِ ) جمل وعلى ظهره يتربع (وسام ) ..
الصورة هذه كانت جواز سفر ، عدت بموجبه ثلاثين عامـًا إلى الوراء ، إلى زمنٍ ما كان يطرب سمعي فيه غير (هدير) جملٍ (هائج) ، ولا يمتع عيني غير زبدٍ يتطايرُ من (شدقيه) يتجمع ثم يتحول إلى (طاقية ) فخر (بيضاء) تستر (جمجمةً ) عقدت مع الموس صداقة بموجبها غدت – أعني الجمجمة - والشعر على طرفي نقيض ..!
أسبوعٌ كامل وصور الماضي لم تبرح مخيلتي ، فكان لا بد أن أكبح جماح الشوق بزيارة لأحد (مرابع ) الإبل فلعل بها يحصل شيءٌ من التخفيف ..
اتخذت (الخُمرة )- وهي قرى تقع على مقربة من جنوب جدة – وجهةً لزيارتي ..
هي الإبل أمامي فما أنا فاعلٌ ؟
هل ( أعقلُ ) الجملَ أم ( أشملُ ) الناقةَ ؟
لا أدري ، غير أنني وأنا أحاول الدخول بين ( سمحات) انطلق صوتٌ أحسست معه أن قلبي سيخرج من بين أضلعي ، وكادت رجلاي أن تتخليا عن حَمْـلِي..!
إذًا ، فالعودة أجمل وأستر فنظرات أهل الإبل - وأنا على هكذا حالٍ - لا تعرف الرحمة ..
عدت دون أن أوجهَ لومـًا أو عتابـًا إلى قلبي حتى وإن ( أفزعَـهُ ) ( حنين ) ناقةٍ ، فـ ( الزمن ) و( ابن أخي ) هما باللومِ والعتابِ أولى وأحق ..!
السوادي
أعني بها مرحلة الصبا ..
يعود إليها متشبثـًا بشيءٍ من الوهم الذي يشعر معه أنه لا يزال هو ذاك ..
وسام ، ابن أخي ، طفلٌ صغيرٌ لم يتجاوز أعوامه الأربعة ..
يسلِّم عليّ وينسل خلسة إلى قعر البيت ، لم افتقده فالعودة كانت أسرع ..
يقف أمامي ويسأل :
- ماذا في جيبي يا عم ؟
وما كان لـ (عمه) أن يستغرق وقتـًا في التفكير أمام طفلٍ صغيرٍ ، فالإجابة معروفة ولا جدال ..
- ريالٌ في جيبك يا بني ..!
ضحكة براءة تنطلق من الصغير مجلجلة ومحرجة بالنسبة لي ، فقد تذهب بالصغير الظنون ويحمل الأمر فوق ما يحتمل وأغدو في نظره غبيـًا وفي أحسن الأحوال رجلاً لا يخرج تفكيره قيد أنملة عن المادة ..!
ابتسامة الخجل معروفة لا تحتاج إلى شرحٍ أو إيضاحٍ ، هي ما أملكه هذه اللحظة ..!
صورة يخرجها من جيبه الصغير ، يبدو فيها أبوه ممسكـًا بـ (خطامِ ) جمل وعلى ظهره يتربع (وسام ) ..
الصورة هذه كانت جواز سفر ، عدت بموجبه ثلاثين عامـًا إلى الوراء ، إلى زمنٍ ما كان يطرب سمعي فيه غير (هدير) جملٍ (هائج) ، ولا يمتع عيني غير زبدٍ يتطايرُ من (شدقيه) يتجمع ثم يتحول إلى (طاقية ) فخر (بيضاء) تستر (جمجمةً ) عقدت مع الموس صداقة بموجبها غدت – أعني الجمجمة - والشعر على طرفي نقيض ..!
أسبوعٌ كامل وصور الماضي لم تبرح مخيلتي ، فكان لا بد أن أكبح جماح الشوق بزيارة لأحد (مرابع ) الإبل فلعل بها يحصل شيءٌ من التخفيف ..
اتخذت (الخُمرة )- وهي قرى تقع على مقربة من جنوب جدة – وجهةً لزيارتي ..
هي الإبل أمامي فما أنا فاعلٌ ؟
هل ( أعقلُ ) الجملَ أم ( أشملُ ) الناقةَ ؟
لا أدري ، غير أنني وأنا أحاول الدخول بين ( سمحات) انطلق صوتٌ أحسست معه أن قلبي سيخرج من بين أضلعي ، وكادت رجلاي أن تتخليا عن حَمْـلِي..!
إذًا ، فالعودة أجمل وأستر فنظرات أهل الإبل - وأنا على هكذا حالٍ - لا تعرف الرحمة ..
عدت دون أن أوجهَ لومـًا أو عتابـًا إلى قلبي حتى وإن ( أفزعَـهُ ) ( حنين ) ناقةٍ ، فـ ( الزمن ) و( ابن أخي ) هما باللومِ والعتابِ أولى وأحق ..!
السوادي
تعليق