بسم الله الرحمن الرحيم
في ليلةٍ ممطرة من ليالي المِربعانيات , استيقظ الصبي [ زاحم ] ذو السبعة أعوام على صوت جده لأبيه [ القحم محسن ] , وهو يتعاطي بالهمس أبياتاً لشاعر النساء أحمد بن جبران ..
أزفر لمن له طرف عيني ما سرا نام
وإن رقدت أنبه ما لاحلام
أحلـــم .............................!!
وقبل أن يُكمل القحم محسن بقية شعره الصّب , تفاجأ بذلك الصوت الصغير يناديه ( جَـدّ – جَـدّ ) .. ليسكت القحم محسن غاضباً بل حانقاً على ذلك التوقيت السيء لذلك النداء البريء .
وليجيب الطرف الآخر طرف تلك الليلة الممطرة بصوتٍ أرهقته سنين الشقاء حتى غدا ممتلأً بالعطف والحنان ( بسم الله عليك يا سَفَري .... لا يكون يتعبك شيء )
رد الصغير زاحم في كلماتٍ مشدوهة ( لا يا [جـدّة زينب] ) .. وفي لحظةٍ من الزمن قفز زاحم من داخل جُبّته اليمانية مسرعاً الى جده وجدته الجالسان بالقُرب من الزافر .
وما أن وصل زاحم الى حيث يجلس الكهلان , حتى تغيّرت ملامحه البسيطة , واتسعت حدقتا عينيه الصغيرتين , ودار في خُلده للحظاتٍ من الزمن ألف سؤال , فالمنظر الذي قد رءاه زاحم كان غريباً الى درجة الفاجعة .
وقف زاحم ينظُر الى جده وجدته , وقد امتلئت نفسه رُعباً من ذلك الشيء المضيء , الذي يتوسط المجلس , وقد أضحت أجزاء المنزل الخشبي وكأنها رابعةٌ من نهار .
بدأ الصبي زاحم يقترب من ذلك الوهج المنير وهو شاخص البصر غير مقتنعٍ بما يرى , ولكي يطمئن ذلك الصبي الصغير من صحة ما رءاه فاجأ جده محسن بسؤالٍ استنكاري رسمته له معرفته البسيطة بالأشياء وش ذا الفانوس الصآبه ... ؟!)
وفي عجالة من الخُيلاء يقهقه القحم محسن قائلاً ( ذيايه اتريك .. الفانوس لا كتب الله ما عد ابتراه ) ..
وتمسك الجدة زينب بطرف الجواب الآخر قائلة ( هبط جدك محسن سوق النقعة واشتراه , والله انه بثلاثة أمداد حنطة ) ..
سكت الصبي زاحم غير مكترثٍ بتلك الأجوبة , وبدأ يُحدّق من جديد الى ذلك الوهج المسمى بالأتريك ..
وفي لحظةٍ من لحظات الفضول الطفولي , اقترب زاحم من الأتريك حتى غدا وفاجعته الجديدة وجها لوجه , وبدأ يتفقده بنظره الصائب ..
كان زاحم يحاول أن يُمسك بيده ذلك الوهج المنبعث من الأتريك , إلا إن قوة الحرارة في ذلك الجزء العلوي من الأتريك جعلته يفشل مرةً بعد مرة .
وبعد عددٍ من المحاولات بدأ الصغير في تشتيت نظره الى أجزاءٍ أخرى من الأتريك , وأختار هذه المرة أن ينظرَ الى قاع الأتريك , ليجد أن وجهه الصغير قد رسمه نور الأتريك المتوهج في تلك القطعة المستديرة بالأسفل .
وهناك استمر زاحم في التحديق في ذلك الوجه الصغير المرسوم في قاع الأتريك , وهو يحاول أن يتعرف على تلك الصورة الضبابية .. إلا أنه سُرعان ما أعلن فشله ويأسه عندما صاح في جده محسن ( جَـدّ جَـدّ معي صورة مخلوقٌ في قعر الأتريك ...!! )
كانت تلك الجُملة التي صدح بها زاحم كافيةً لأن تُزلزل خُيلاء القحم محسن , الذي لم يجد حواباً يَردُ به على ابن السبعة أعوام سوى ( وش تقول يا مخذول ...!!!) .
اقترب القحم محسن من الصغير زاحم ونَهرهُ بشدة ( حِـلّ عن الأتريك ) .. ليجلس القحم محسن مكان الصغير زاحم , وليبدأ في النظر الى قاع الأتريك.... ليرى صورة وجهه !!
سكت القحم محسن قليلاً .. ليُبعثر ذلك الصمت المخيف صوت الكهلة زينب وهي تقول ( يااا يبه مِـجْـدّه ذاعك الولد ) ..
ليسكت القحم قليلاً ثم ليفجر المفاجأة ( بالله الرحيم أنه ما كذب ) .
ليعود الصغير زاحم يسأل جده : ( من هو ذاعك المخلوق يا جَـدّ ..؟! )
هناك كاد أن يُغمى على القحم محسن , فكيف له أن يشتري شيئاً بثلاثة أمدادٍ من الحنطة دون أن يعرف صاحب تلك الصورة المرسومة على قعر الأتريك , وكيف له بعد هذا أن يظهر بمظر الجاهل خصوصاً أمام من لأجلها مضى نصف ليله وهو يُنشد ( أزفر لمن .... يا بومقامٍ ....!! )
وبعد لحظاتٍ من الصمت لاح الجواب في مخيّلة القحم محسن , وعادت أنفاسه المتقعطة الى الحياة حينما اعتدل في جلسته وبدأ يتحدث بنبرة الرجل العارف قائلاً :
( تيه صورة اليهودي اللي صنع الأتريك .............!!!!!)
أزفر لمن له طرف عيني ما سرا نام
وإن رقدت أنبه ما لاحلام
أحلـــم .............................!!
وقبل أن يُكمل القحم محسن بقية شعره الصّب , تفاجأ بذلك الصوت الصغير يناديه ( جَـدّ – جَـدّ ) .. ليسكت القحم محسن غاضباً بل حانقاً على ذلك التوقيت السيء لذلك النداء البريء .
وليجيب الطرف الآخر طرف تلك الليلة الممطرة بصوتٍ أرهقته سنين الشقاء حتى غدا ممتلأً بالعطف والحنان ( بسم الله عليك يا سَفَري .... لا يكون يتعبك شيء )
رد الصغير زاحم في كلماتٍ مشدوهة ( لا يا [جـدّة زينب] ) .. وفي لحظةٍ من الزمن قفز زاحم من داخل جُبّته اليمانية مسرعاً الى جده وجدته الجالسان بالقُرب من الزافر .
وما أن وصل زاحم الى حيث يجلس الكهلان , حتى تغيّرت ملامحه البسيطة , واتسعت حدقتا عينيه الصغيرتين , ودار في خُلده للحظاتٍ من الزمن ألف سؤال , فالمنظر الذي قد رءاه زاحم كان غريباً الى درجة الفاجعة .
وقف زاحم ينظُر الى جده وجدته , وقد امتلئت نفسه رُعباً من ذلك الشيء المضيء , الذي يتوسط المجلس , وقد أضحت أجزاء المنزل الخشبي وكأنها رابعةٌ من نهار .
بدأ الصبي زاحم يقترب من ذلك الوهج المنير وهو شاخص البصر غير مقتنعٍ بما يرى , ولكي يطمئن ذلك الصبي الصغير من صحة ما رءاه فاجأ جده محسن بسؤالٍ استنكاري رسمته له معرفته البسيطة بالأشياء وش ذا الفانوس الصآبه ... ؟!)
وفي عجالة من الخُيلاء يقهقه القحم محسن قائلاً ( ذيايه اتريك .. الفانوس لا كتب الله ما عد ابتراه ) ..
وتمسك الجدة زينب بطرف الجواب الآخر قائلة ( هبط جدك محسن سوق النقعة واشتراه , والله انه بثلاثة أمداد حنطة ) ..
سكت الصبي زاحم غير مكترثٍ بتلك الأجوبة , وبدأ يُحدّق من جديد الى ذلك الوهج المسمى بالأتريك ..
وفي لحظةٍ من لحظات الفضول الطفولي , اقترب زاحم من الأتريك حتى غدا وفاجعته الجديدة وجها لوجه , وبدأ يتفقده بنظره الصائب ..
كان زاحم يحاول أن يُمسك بيده ذلك الوهج المنبعث من الأتريك , إلا إن قوة الحرارة في ذلك الجزء العلوي من الأتريك جعلته يفشل مرةً بعد مرة .
وبعد عددٍ من المحاولات بدأ الصغير في تشتيت نظره الى أجزاءٍ أخرى من الأتريك , وأختار هذه المرة أن ينظرَ الى قاع الأتريك , ليجد أن وجهه الصغير قد رسمه نور الأتريك المتوهج في تلك القطعة المستديرة بالأسفل .
وهناك استمر زاحم في التحديق في ذلك الوجه الصغير المرسوم في قاع الأتريك , وهو يحاول أن يتعرف على تلك الصورة الضبابية .. إلا أنه سُرعان ما أعلن فشله ويأسه عندما صاح في جده محسن ( جَـدّ جَـدّ معي صورة مخلوقٌ في قعر الأتريك ...!! )
كانت تلك الجُملة التي صدح بها زاحم كافيةً لأن تُزلزل خُيلاء القحم محسن , الذي لم يجد حواباً يَردُ به على ابن السبعة أعوام سوى ( وش تقول يا مخذول ...!!!) .
اقترب القحم محسن من الصغير زاحم ونَهرهُ بشدة ( حِـلّ عن الأتريك ) .. ليجلس القحم محسن مكان الصغير زاحم , وليبدأ في النظر الى قاع الأتريك.... ليرى صورة وجهه !!
سكت القحم محسن قليلاً .. ليُبعثر ذلك الصمت المخيف صوت الكهلة زينب وهي تقول ( يااا يبه مِـجْـدّه ذاعك الولد ) ..
ليسكت القحم قليلاً ثم ليفجر المفاجأة ( بالله الرحيم أنه ما كذب ) .
ليعود الصغير زاحم يسأل جده : ( من هو ذاعك المخلوق يا جَـدّ ..؟! )
هناك كاد أن يُغمى على القحم محسن , فكيف له أن يشتري شيئاً بثلاثة أمدادٍ من الحنطة دون أن يعرف صاحب تلك الصورة المرسومة على قعر الأتريك , وكيف له بعد هذا أن يظهر بمظر الجاهل خصوصاً أمام من لأجلها مضى نصف ليله وهو يُنشد ( أزفر لمن .... يا بومقامٍ ....!! )
وبعد لحظاتٍ من الصمت لاح الجواب في مخيّلة القحم محسن , وعادت أنفاسه المتقعطة الى الحياة حينما اعتدل في جلسته وبدأ يتحدث بنبرة الرجل العارف قائلاً :
( تيه صورة اليهودي اللي صنع الأتريك .............!!!!!)
تحياتي .. عبدالله الجــــــــــــــــــابري
تعليق