لماذا يأكل الإنسان البيض بجميع طبخاته المتعددة ولا ينسى طعم تلك البيضة التي كانت تأخذها أمه من تحت الدجاجة، تضرب بطرفها في طرف " الصاج " وتسكبها على مرأى من عينه، ولعابه يسيل كما يسيل صفار البيضة وبياضها ؟
لماذا يأكل الإنسان في أرقى مطاعم العالم وعلى يد أمهر الطباخين، ولا ينسى طعم " العيش المحمي" الذي كان يبقى من طعام العشاء، فتحمّيه أمّه في صبيحة اليوم الثاني في قدر الفخار الذي كان يصنعه العم " أبو عبد الله " وما إن تضعه على ألأرض حتى يتسابق عليه مع أخوته ومن يحضر معهم...؟!
لماذا يتذوق الرجل نبات الهليون الأمريكي ( الأسبراقوس) ، و"الخرشوف " الأسباني ولا ينسى طعم " شخاميت" العثرب والقرّاص والحرّة والخطرة ...؟!
لماذا يشرب الإنسان الكبتشينو والأكسبرسو ولا ينسى أبدا طعم فنجال القهوة العربية الذي شربه عند أم عبد الله ( رحمها الله ) قبل مغرب ذات يوم ...؟!
لماذا يقرأ الرجل رواية "عرس الزين " و "دومة ود حامد " و "ذاكرة الجسد " و "بحيرة البجع "و "البؤساء " ، ولا ينسى روايات جدته (رحمها الله ) بعد عشاء كل يوم ، والتي تبدأها بــ : " جاك واحد ولا واحد إلا الله وقصة السعلي والبقرة الحلوب والثور حديديان.....؟!"
لماذا يسافر الرجل إلى أرقى عواصم العالم، يتجول في شوارعها ويزور متاحفها، وينبهر بجمالها وتقدمها، لكنه لا ينسى أبدا " مسا ريب " قريته، ومراكز تجمع أقرانه فيها؟
لماذا يسكن الإنسان في أفخم فنادق العالم، ويبني أرقى المباني، ويبقى يحن لذلك البيت المسقوف بخشب " العرعر " والمبني بالحجر ، والمطلية جدرانه بالتراب ..؟!
لماذا يلبس الإنسان أغلى الأصواف وأرقى الماركات ولا ينسى أبدا ذلك الثوب -الذي لم يكن على مقاسه - الذي أتي به له أبوه من السوق ذات يوم ، ...؟!
لماذا يلبس الإنسان أغلى أنواع الساعات " الرولكس " و " اللونجين " و " الكارتيه" و غيرها من الماركات العالمية ، ولا ينسى ساعة " أم صليب" التي أبتاعها ذات يوم من رفيقه " يحي" بنعجة عضباء ..؟!
لماذا ينتعل الإنسان نعالا من أغلى جلود التماسيح والنعام والثعابين. وتبقى صورة حذاءه الأولى من ماركة " صباح " ذات الشرك الأحمر في ذاكرته دائما...؟!
لماذا يحضر الرجل عرض أزياء في باريس أو ميلانو ويقترب من عارضات الأزياء السوبر موديل ؛ أمثال " ساندي كروفرد " و "نعومي كمبل " ، ولا يحس في نفسه إلا ببرود أشد من برود المثليين الإنجليز ، وهو الذي كانت تتوقد أنفاسه للدرجة التي تكاد تحرق ثيابه وثياب "وضحى "التي كان يقابلها مصادفة في طريقها من أو إلى البئر ..؟!
لماذا تتبلد أحاسيس الرجل للدرجة التي لم يعد يغريه جمال نانسي عجرم ولا يلفت نظره تعرّيها ولا تشدّه أنوثتها المتفجرة ، وهو الذي كان يحلم طوال الليل ويتفكر طوال النهار بمنظر" مزنة " وهي خارجة من " سِفْل " الغنم ، حاملة "مكتل الدّمُنْ " على رأسها ..؟!
لماذا ينفر الرجل ويسخر مما يراه على وجوه الفاتنات من المساحيق ويبقى متذكرا خضاب الحناء على بنان " صفيّة" الذي رأه وهي تفك عنه الضماد في صبيحة العيد ..؟!
لماذا يتقزز الرجل مما يراه من الأزياء العارية ويبقى متذكرا ذلك الثوب المحبوك المحتشم الذي كانت تلبسه "حليمة " في مناسبات الزواج والأعياد..؟!
لماذا لا يشعر الرجل بالإثم والخجل وهو يرى صدور وسيقان المذيعات والممثلات ، وهو الذي كان يفرّ خجلانا متأسفا إذا ما رأى " سلمى " تمشط شعرها ، ويذهب ليخبر أقرانه وهو متحرجا ومرتبكا ...؟!
لماذا يتطيب الرجل بأغلى الأطياب ، ويبتاع أفضلها ، ولا يجد أجمل من رائحة " البعيثران " و" النفل" و"الشيح و" الظيمران " الذي كان لا يحصل عليه إلا في المواسم ...؟!
لماذا يركب الإنسان أغلى سيارات المرسيدس ، و"الجاكور" و"الرينج روفر" ، ولا ينسى تلك " الأتان " التي كان يحبسها كلما وجد طريقا مستويا، حتى تصبح أبقاره في مسافة تمكنه من تعسيفها والاستعراض على ظهرها ..؟!
لماذا يركب الإنسان أحدث الطائرات ، ويصعد إلى أعلى الارتفاعات ، ويمارس فيها جميع المناورات ، ولا ينسى هيبة وعلو جَمَلَهم " شعيل" الذي كان يتسلق إلى ظهره وهو يمشي في أكثر الأحيان ؟..!
لماذا يسمع الإنسان أطول الخطب، ويستمع إلى ابلغ الخطباء، ولا يحصل له ذلك التأثير الذي كان يحصل له من خطيب القرية، الذي كانت خطبه ومواعظه بسيطة ومتواضعة ؟
لماذا يأتي العيد ، وكأنه مأتم ، بينما كان للعيد أحلى طعم وألف معنى وأجمل ذكريات ..؟!
لماذا ولماذا ، ولا يزال عندي ألف لماذا ، ولكن لماذا أقحمكم معي في معاناتي مع الذكرى وشوقي إلى الماضي ، وأنتم تعيشون الحاضر وتنظرون إلى المستقبل ...؟!
لماذا يأكل الإنسان في أرقى مطاعم العالم وعلى يد أمهر الطباخين، ولا ينسى طعم " العيش المحمي" الذي كان يبقى من طعام العشاء، فتحمّيه أمّه في صبيحة اليوم الثاني في قدر الفخار الذي كان يصنعه العم " أبو عبد الله " وما إن تضعه على ألأرض حتى يتسابق عليه مع أخوته ومن يحضر معهم...؟!
لماذا يتذوق الرجل نبات الهليون الأمريكي ( الأسبراقوس) ، و"الخرشوف " الأسباني ولا ينسى طعم " شخاميت" العثرب والقرّاص والحرّة والخطرة ...؟!
لماذا يشرب الإنسان الكبتشينو والأكسبرسو ولا ينسى أبدا طعم فنجال القهوة العربية الذي شربه عند أم عبد الله ( رحمها الله ) قبل مغرب ذات يوم ...؟!
لماذا يقرأ الرجل رواية "عرس الزين " و "دومة ود حامد " و "ذاكرة الجسد " و "بحيرة البجع "و "البؤساء " ، ولا ينسى روايات جدته (رحمها الله ) بعد عشاء كل يوم ، والتي تبدأها بــ : " جاك واحد ولا واحد إلا الله وقصة السعلي والبقرة الحلوب والثور حديديان.....؟!"
لماذا يسافر الرجل إلى أرقى عواصم العالم، يتجول في شوارعها ويزور متاحفها، وينبهر بجمالها وتقدمها، لكنه لا ينسى أبدا " مسا ريب " قريته، ومراكز تجمع أقرانه فيها؟
لماذا يسكن الإنسان في أفخم فنادق العالم، ويبني أرقى المباني، ويبقى يحن لذلك البيت المسقوف بخشب " العرعر " والمبني بالحجر ، والمطلية جدرانه بالتراب ..؟!
لماذا يلبس الإنسان أغلى الأصواف وأرقى الماركات ولا ينسى أبدا ذلك الثوب -الذي لم يكن على مقاسه - الذي أتي به له أبوه من السوق ذات يوم ، ...؟!
لماذا يلبس الإنسان أغلى أنواع الساعات " الرولكس " و " اللونجين " و " الكارتيه" و غيرها من الماركات العالمية ، ولا ينسى ساعة " أم صليب" التي أبتاعها ذات يوم من رفيقه " يحي" بنعجة عضباء ..؟!
لماذا ينتعل الإنسان نعالا من أغلى جلود التماسيح والنعام والثعابين. وتبقى صورة حذاءه الأولى من ماركة " صباح " ذات الشرك الأحمر في ذاكرته دائما...؟!
لماذا يحضر الرجل عرض أزياء في باريس أو ميلانو ويقترب من عارضات الأزياء السوبر موديل ؛ أمثال " ساندي كروفرد " و "نعومي كمبل " ، ولا يحس في نفسه إلا ببرود أشد من برود المثليين الإنجليز ، وهو الذي كانت تتوقد أنفاسه للدرجة التي تكاد تحرق ثيابه وثياب "وضحى "التي كان يقابلها مصادفة في طريقها من أو إلى البئر ..؟!
لماذا تتبلد أحاسيس الرجل للدرجة التي لم يعد يغريه جمال نانسي عجرم ولا يلفت نظره تعرّيها ولا تشدّه أنوثتها المتفجرة ، وهو الذي كان يحلم طوال الليل ويتفكر طوال النهار بمنظر" مزنة " وهي خارجة من " سِفْل " الغنم ، حاملة "مكتل الدّمُنْ " على رأسها ..؟!
لماذا ينفر الرجل ويسخر مما يراه على وجوه الفاتنات من المساحيق ويبقى متذكرا خضاب الحناء على بنان " صفيّة" الذي رأه وهي تفك عنه الضماد في صبيحة العيد ..؟!
لماذا يتقزز الرجل مما يراه من الأزياء العارية ويبقى متذكرا ذلك الثوب المحبوك المحتشم الذي كانت تلبسه "حليمة " في مناسبات الزواج والأعياد..؟!
لماذا لا يشعر الرجل بالإثم والخجل وهو يرى صدور وسيقان المذيعات والممثلات ، وهو الذي كان يفرّ خجلانا متأسفا إذا ما رأى " سلمى " تمشط شعرها ، ويذهب ليخبر أقرانه وهو متحرجا ومرتبكا ...؟!
لماذا يتطيب الرجل بأغلى الأطياب ، ويبتاع أفضلها ، ولا يجد أجمل من رائحة " البعيثران " و" النفل" و"الشيح و" الظيمران " الذي كان لا يحصل عليه إلا في المواسم ...؟!
لماذا يركب الإنسان أغلى سيارات المرسيدس ، و"الجاكور" و"الرينج روفر" ، ولا ينسى تلك " الأتان " التي كان يحبسها كلما وجد طريقا مستويا، حتى تصبح أبقاره في مسافة تمكنه من تعسيفها والاستعراض على ظهرها ..؟!
لماذا يركب الإنسان أحدث الطائرات ، ويصعد إلى أعلى الارتفاعات ، ويمارس فيها جميع المناورات ، ولا ينسى هيبة وعلو جَمَلَهم " شعيل" الذي كان يتسلق إلى ظهره وهو يمشي في أكثر الأحيان ؟..!
لماذا يسمع الإنسان أطول الخطب، ويستمع إلى ابلغ الخطباء، ولا يحصل له ذلك التأثير الذي كان يحصل له من خطيب القرية، الذي كانت خطبه ومواعظه بسيطة ومتواضعة ؟
لماذا يأتي العيد ، وكأنه مأتم ، بينما كان للعيد أحلى طعم وألف معنى وأجمل ذكريات ..؟!
لماذا ولماذا ، ولا يزال عندي ألف لماذا ، ولكن لماذا أقحمكم معي في معاناتي مع الذكرى وشوقي إلى الماضي ، وأنتم تعيشون الحاضر وتنظرون إلى المستقبل ...؟!
تعليق