بسم الله الرحمن الرحيم
ذكر الله تعالى الصبر في القرآن الكريم في نحو من تسعين موضعًا،
وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات قال عز وجل-:
(وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
والأحاديث في فضائل الصبر كثيرة، منها: ما أخرجاه في الصحيحين
عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله - عز وجل - بها عنه، حتى الشوكة يشاكها"
وفي حديث آخر: "ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن،
ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفّر بها من خطاياه".
وفي حديث آخر: "لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة، في جسده،
وفي ماله، وفي ولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة".
وهذا الموضوع أحبتي الفضلاء كثيراً مانحتاج إليه في حياتنا فقد
يبتلى الإنسان بمرض أو مصيبة يحتاج من يواسيه ويخفف عنه
أحزانه ويذكره بفضل الصبر والصابرين فرأيت أن نسرد بعض
القصص من الحاضر والماضي عن حياة الصابرين ومواقفهم
عند الشدائدوصبرهم علها تنفع مكروب وتنفس وتسلي مصاب
فلا تبخلوا بالمشاركة والتعليقات
(((((((((((((((((((((((((((((
عندما يسترجعُ الله النعم
-----------------------
قَدُمَ على بعض الخلفاء قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير أعمى
فسأله الخليفة عن عينيه كيف أصيبت ؟
فقال : بِتُّ ليلة في بطن وادٍ و لم يكن في بني عبس من يزيد ماله
على مالي ، فطرفنا سيل فذهب بما كان لي من أهل و مال و ولد
غير بعير و صبي مولود ، فنفر البعير ، فوضعت الصبي و اتَّبعت البعير
فلم أجاوز قليلا حتى سمعت صيحة ابني ، فرجعت إليه و رأس الذئب
في بطنه و هو يأكله ، و لحقت البعير لأحبسه فبعجني برجله على وجهي
فحطمني و ذهب بعيني ، فأصبحت لا مال بي و لا أهل و لا ولد و لا بصر !
ا
(((((((((((((((((((((((((((((((
الأم الصابرة
------------
قال رجلٌ خرجت أنا و صديق لي إلى البادية فضللنا عن الطريق فإذا
نحن بخيمة عن يمين الطريق فقصدناها ، فسلمنا فإذا بامرأة ترد علينا السلام .
قالت : من أنتم ؟
قلنا : ضالون فآتيناكم فاستأنسنا بكم .
فقالت يا هؤلاء انتظروا حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل .
يقول الرجل : فانتظرنا ، فألقت لنا مسحا و قالت اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني
، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة و تردها إلى أن رفعته مرة فقالت :
أسأل الله بركة المُقبل ، أما البعير بعير ابني ، و أما الراكب فليس هو .
قال الرجل : فوقف الراكب عليها و قال :
يا أم عقيل عظم الله أجرك في عقيل ولدك .
فقالت : ويحك ، مات ؟
قال : نعم .
قالت : و ما سبب موته ؟
قال : ازدحمت عليه الإبل فرمت به في البئر .
فقالت : إنزل و اقض زمام القوم .
فنزل الرجل فدفعت المرأة إليه كبشا فذبحه و أصلحه و قرَّب إلينا الطعام
فجعلنا نأكل و نتعجب من صبرها ، فلما فرغنا خرجت إلينا و قالت :
يا قوم هل فيكم من يحسن كلام الله شيئا ؟
قلت : نعم .
قالت : فاقرأ علي آيات أتعزى بها عن ولدي .
فقلت : يقول الله عزَّ و جَلَّ :
{ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } .
قالت : بالله ، إنها لفي كتاب الله هكذا ؟
قلت : و الله إنها لفي كتاب الله هكذا .
فقالت : السلام عليكم ، ثم صفَّت قدميها و صلَّت ركعات ثم قالت :
اللهم إني قد فعلت ما أمرتني به فانجز لي ما وعدتني به
و لو بقي أحد لأحد ـ قال فقلت لنفسي لبقي ابني لحاجتي إليه ـ
فقالت : لبقي محمد ( صلى الله عليه وآله ) لأمته .
فخرجت و أنا أقول ما رأيت أكمل منها و لا أجزل
، ذكرت ربها بأكمل خصاله و أجمل جلاله .
ثم إنها لما علمت أن الموت لا مدفع له و لا محيص عنه
و أن الجزع لا يجدي نفعا و البكاء لا يرد هالكا رجعت
إلى الصبر الجميل ، و احتسبت ابنها عند الله ذخيرة نافعة ليوم الفقر و الفاقة .
(((((((((((((((((((((((((((((((((((((((
عروة بن الزبير وصبره
---------------------------
روي أن عروة خرج إلى الوليد بن عبدالملك ، حتى إذا كان بوادي القرى
فوجد في رجله شيئاً ، فظهرت به قرحة الآكلة ثم ترقى به الوجع
وقدم على الوليد وهو في محْمل ، فقيل : ألا ندعوا لك طبيباً ؟ قال :
إن شئتم ، فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أن لم ينشروها قتلته
فقال شأنكم فقالوا : اشرب المُرقد فقال : امضوا لشأنكم ، ماكنت أظن أن
خلقاً يشرب مايزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل
ولكن هلموا فاقطعوها .
وقال ابن قتيبة وغيره : لما دعي الجزار ليقطعها قال له : نسقيك خمراً
حتى لا تجد لها ألماً ، فقال : لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية
قالوا : فنسقيك المرقد ، قال : ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي
وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه ، قال : ودخل قوم أنكرهم ، فقال :
ماهؤلاء ؟ قالوا : يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر
قال : أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي ...
فوضع المنشار على ركبته اليسرى فنشروها بالمنشار فما حرك عضواً
عن عضو وصبر حتى فرغوا منها ثم حمسوها وهو يهلل ويكبر
ثم إنه أغلي له الزيت في مغارف الحديد فحسم به ، ثم غشي عليه
وهو في ذلك كله كبير السن وإنه لصائم فما تضور وجهه
فأفاق وهو يمسح العرق عن وجهه .
وروي أنه لما أُمر بشرب شراب أو أكل شيء يذهب عقله قال :
إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإن لا أحس
بذلك ولا أشعر به ، قال : فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ
احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي فما تصور ولا اختلج فلما
انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله .
.
ولما رأى رجله وقدمه في أيديهم أو في الطست دعا بها فتناولها فقلبها
في يده ثم قال : أما والذي حملني عليك أنه ليعلم أن مامشيت بك
إلى حرام ، أو قال : إلى معصية . ثم أمر بها فغسلت وحنطت
وكفنت ولفت بقطيفه ثم أرسل بها إلى المقابر .
وكان معه في سفره ذلك ابنه محمد ، ودخل محمد اصطبل دواب الوليد
فرفسته دابة فخر ميتاً . فأتى عروة رجل يعزيه ، فقال :
إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها . قال : بل أعزيك بمحمد ابنك
، قال : وماله ؟ فأخبره ، فقال : اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء
وأخذت ابناً وتركت أبناءًا . فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة
فلما قدم المدينة . أتاه ابن المنكدر ، فقال ، كيف كنت ؟ قال
( لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً )وقال :
اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد
وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد
وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت.
ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله
فبلغه أن بعض الناس ، قال : إنما اصابه هذا بذنب عظيم أحدثه
فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس :
لعمرك ما أهويت كفي لريبة *** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها *** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماشٍ ماحييت لمنكر *** من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة *** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر *** إلا قد أصابت فتى قبلي
اللهم ارزقنا الصبر عند البلاء والرضا بالقضاء يرب العالمين
الشعفي ،، الأحد 7/4/1426هـ
ذكر الله تعالى الصبر في القرآن الكريم في نحو من تسعين موضعًا،
وأضاف إليه أكثر الخيرات والدرجات قال عز وجل-:
(وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ)
والأحاديث في فضائل الصبر كثيرة، منها: ما أخرجاه في الصحيحين
عن عائشة -رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفّر الله - عز وجل - بها عنه، حتى الشوكة يشاكها"
وفي حديث آخر: "ما يصيب المسلم من وصب ولا نصب ولا هم ولا حزن،
ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفّر بها من خطاياه".
وفي حديث آخر: "لا يزال البلاء بالمؤمن أو المؤمنة، في جسده،
وفي ماله، وفي ولده، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة".
وهذا الموضوع أحبتي الفضلاء كثيراً مانحتاج إليه في حياتنا فقد
يبتلى الإنسان بمرض أو مصيبة يحتاج من يواسيه ويخفف عنه
أحزانه ويذكره بفضل الصبر والصابرين فرأيت أن نسرد بعض
القصص من الحاضر والماضي عن حياة الصابرين ومواقفهم
عند الشدائدوصبرهم علها تنفع مكروب وتنفس وتسلي مصاب
فلا تبخلوا بالمشاركة والتعليقات
(((((((((((((((((((((((((((((
عندما يسترجعُ الله النعم
-----------------------
قَدُمَ على بعض الخلفاء قوم من بني عبس فيهم رجل ضرير أعمى
فسأله الخليفة عن عينيه كيف أصيبت ؟
فقال : بِتُّ ليلة في بطن وادٍ و لم يكن في بني عبس من يزيد ماله
على مالي ، فطرفنا سيل فذهب بما كان لي من أهل و مال و ولد
غير بعير و صبي مولود ، فنفر البعير ، فوضعت الصبي و اتَّبعت البعير
فلم أجاوز قليلا حتى سمعت صيحة ابني ، فرجعت إليه و رأس الذئب
في بطنه و هو يأكله ، و لحقت البعير لأحبسه فبعجني برجله على وجهي
فحطمني و ذهب بعيني ، فأصبحت لا مال بي و لا أهل و لا ولد و لا بصر !
ا
(((((((((((((((((((((((((((((((
الأم الصابرة
------------
قال رجلٌ خرجت أنا و صديق لي إلى البادية فضللنا عن الطريق فإذا
نحن بخيمة عن يمين الطريق فقصدناها ، فسلمنا فإذا بامرأة ترد علينا السلام .
قالت : من أنتم ؟
قلنا : ضالون فآتيناكم فاستأنسنا بكم .
فقالت يا هؤلاء انتظروا حتى أقضي من حقكم ما أنتم له أهل .
يقول الرجل : فانتظرنا ، فألقت لنا مسحا و قالت اجلسوا عليه إلى أن يأتي ابني
، ثم جعلت ترفع طرف الخيمة و تردها إلى أن رفعته مرة فقالت :
أسأل الله بركة المُقبل ، أما البعير بعير ابني ، و أما الراكب فليس هو .
قال الرجل : فوقف الراكب عليها و قال :
يا أم عقيل عظم الله أجرك في عقيل ولدك .
فقالت : ويحك ، مات ؟
قال : نعم .
قالت : و ما سبب موته ؟
قال : ازدحمت عليه الإبل فرمت به في البئر .
فقالت : إنزل و اقض زمام القوم .
فنزل الرجل فدفعت المرأة إليه كبشا فذبحه و أصلحه و قرَّب إلينا الطعام
فجعلنا نأكل و نتعجب من صبرها ، فلما فرغنا خرجت إلينا و قالت :
يا قوم هل فيكم من يحسن كلام الله شيئا ؟
قلت : نعم .
قالت : فاقرأ علي آيات أتعزى بها عن ولدي .
فقلت : يقول الله عزَّ و جَلَّ :
{ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ
وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَ رَحْمَةٌ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } .
قالت : بالله ، إنها لفي كتاب الله هكذا ؟
قلت : و الله إنها لفي كتاب الله هكذا .
فقالت : السلام عليكم ، ثم صفَّت قدميها و صلَّت ركعات ثم قالت :
اللهم إني قد فعلت ما أمرتني به فانجز لي ما وعدتني به
و لو بقي أحد لأحد ـ قال فقلت لنفسي لبقي ابني لحاجتي إليه ـ
فقالت : لبقي محمد ( صلى الله عليه وآله ) لأمته .
فخرجت و أنا أقول ما رأيت أكمل منها و لا أجزل
، ذكرت ربها بأكمل خصاله و أجمل جلاله .
ثم إنها لما علمت أن الموت لا مدفع له و لا محيص عنه
و أن الجزع لا يجدي نفعا و البكاء لا يرد هالكا رجعت
إلى الصبر الجميل ، و احتسبت ابنها عند الله ذخيرة نافعة ليوم الفقر و الفاقة .
(((((((((((((((((((((((((((((((((((((((
عروة بن الزبير وصبره
---------------------------
روي أن عروة خرج إلى الوليد بن عبدالملك ، حتى إذا كان بوادي القرى
فوجد في رجله شيئاً ، فظهرت به قرحة الآكلة ثم ترقى به الوجع
وقدم على الوليد وهو في محْمل ، فقيل : ألا ندعوا لك طبيباً ؟ قال :
إن شئتم ، فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أن لم ينشروها قتلته
فقال شأنكم فقالوا : اشرب المُرقد فقال : امضوا لشأنكم ، ماكنت أظن أن
خلقاً يشرب مايزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل
ولكن هلموا فاقطعوها .
وقال ابن قتيبة وغيره : لما دعي الجزار ليقطعها قال له : نسقيك خمراً
حتى لا تجد لها ألماً ، فقال : لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية
قالوا : فنسقيك المرقد ، قال : ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي
وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه ، قال : ودخل قوم أنكرهم ، فقال :
ماهؤلاء ؟ قالوا : يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر
قال : أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي ...
فوضع المنشار على ركبته اليسرى فنشروها بالمنشار فما حرك عضواً
عن عضو وصبر حتى فرغوا منها ثم حمسوها وهو يهلل ويكبر
ثم إنه أغلي له الزيت في مغارف الحديد فحسم به ، ثم غشي عليه
وهو في ذلك كله كبير السن وإنه لصائم فما تضور وجهه
فأفاق وهو يمسح العرق عن وجهه .
وروي أنه لما أُمر بشرب شراب أو أكل شيء يذهب عقله قال :
إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإن لا أحس
بذلك ولا أشعر به ، قال : فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ
احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي فما تصور ولا اختلج فلما
انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله .
.
ولما رأى رجله وقدمه في أيديهم أو في الطست دعا بها فتناولها فقلبها
في يده ثم قال : أما والذي حملني عليك أنه ليعلم أن مامشيت بك
إلى حرام ، أو قال : إلى معصية . ثم أمر بها فغسلت وحنطت
وكفنت ولفت بقطيفه ثم أرسل بها إلى المقابر .
وكان معه في سفره ذلك ابنه محمد ، ودخل محمد اصطبل دواب الوليد
فرفسته دابة فخر ميتاً . فأتى عروة رجل يعزيه ، فقال :
إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها . قال : بل أعزيك بمحمد ابنك
، قال : وماله ؟ فأخبره ، فقال : اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء
وأخذت ابناً وتركت أبناءًا . فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة
فلما قدم المدينة . أتاه ابن المنكدر ، فقال ، كيف كنت ؟ قال
( لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً )وقال :
اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد
وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد
وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت.
ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله
فبلغه أن بعض الناس ، قال : إنما اصابه هذا بذنب عظيم أحدثه
فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس :
لعمرك ما أهويت كفي لريبة *** ولا حملتني نحو فاحشة رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها *** ولا دلني رأيي عليها ولا عقلي
ولست بماشٍ ماحييت لمنكر *** من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي
ولا مؤثر نفسي على ذي قرابة *** وأوثر ضيفي ما أقام على أهلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر *** إلا قد أصابت فتى قبلي
اللهم ارزقنا الصبر عند البلاء والرضا بالقضاء يرب العالمين
الشعفي ،، الأحد 7/4/1426هـ
تعليق