Unconfigured Ad Widget

تقليص

(( وقفة أمام بوابة الذكريات ))

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • صالح سعيد الهنيدي
    عضو مشارك
    • Aug 2004
    • 240

    (( وقفة أمام بوابة الذكريات ))

    إخواني الكرام .... هذه ورقة أخرى من كتابي الجديد والذي سيصدر قريبا بإذن الله بعنوان ( من وحي القرية)

    إطلالة على الماضي
    وقفة أمام بوابة الذكريات
    المكان : أمام منزلنا القديم الزمان : بعد أكثر من عشرين عامًا على الرحيل
    وقفتُ هنا ... أدق أبواب الماضي .. بمشاعري ولحاظي ..لأسكبها في عباراتي وألفاظي .. وقفت أستنشق عبير الذكريات .. وأحفر تحت تراب الزمن .. لعلي أنتزع منه بعض نفسي المدفونة في هذا المكان ...
    وقفت كما قال الشاعر يحيى السماوي :

    أتفحص الشرفات أبحـث بينهـا = عن خيط ذكرى من قميص حياتي
    يا الله ... لم يكن يدور بخلدي وأنا ذاهب إلى القرية القديمة التي قضيت فيها سنوات عمري الأولى أن أراها بهذه الصورة !!! لقد تبدل كل شيء في هذا المكان ...
    أخذتُ أطرق باب الماضي لعلي أرى خلفه أحلى أيامي وأجمل ذكرياتي .. وحاولت عابثًا أن أمسك بذيل الأيام المنحدرة إلى المستقبل .. فتوقفتْ دورة الزمان .. وأركبتني الذكريات على ظهرها فتخطتْ بي حاجز عشرين عامًا .. هي المسافة التي بيني وبين تلك الأيام .. وفُتحتْ لي نافذة رأيت من خلالها أجمل السنوات وأسعد اللحظات ..
    رأيت تلك المنازل العامرة والتي لا تتجاوز أربعة بيوت .. وكانت أصل القرية وقلبها النابض بالحركة والحياة .. لقد كانت هذه البيوت القليلة تضم تحت جناحيها معظم أفراد القرية .. وكانوا يعيشون تحت سقف واحد تقريبًا .. يجمعهم الإخاء .. وتضمهم المحبة .. وتسودهم الألفة ...
    لقد كانت الحيـاة أبسط مما يتخيله العقل .. وكان الناس مثالاً للشهامـة والوفاء .. لقد تأصَّلتْ في نفوسهم أجمل المعاني والتي استقوها من بيئتهم ...
    فاتصال المنازل علَّمهم التواصل والترابط والتكاتف .. وقوة أبنيتهم التي تحطمت عليها قرون الزمان رسَّخ في نفوسهم القوة والصلابة .. واحتضان بيوتهم لهم غرس فيهم إكرام الضيف .. ونجدة المحتاج .. وسعة بيوتهم للناس على ضيق أحجامها أكسبهم سعة صدورهم لخصومهم ..
    يا الله ... لقد دارت دورة الزمان على هذه المنازل .. وعلى هذه الأماكن .. فلم يبق فيها إلا غبار الذكريات .. الذي أخذتُ أزيله عن ملامح منزلنا القديم .. فنظرتُ في جدرانه .. وكررتُ نظري على سقفه وحجارته فقرأت فيها عبارات الماضي .. وسطورًا خطَّها الزمان في دفتر الذكريات ... وإذا بالذكريات تطوف بي مرة أخرى وتتخطى حواجز السنين .. وتجتاز رقاب الأيام .. لتريني أيامي الأولى التي عشتها في هذه المرابع .. وكانت فيها جذور حياتي التي تعمَّقتْ تحت هذا التراب .. فهل للنسيان أن يجتثها من هذا المكان ؟؟‍!
    لقد ارتبطت أيام عمري الأولى ارتباطًا وثيقًا بهذه المنازل فكانت فرحتي وبهجتي .. وسعادتي وغبطتي وكانت ساحاتها مكان لهوي ولعبي .. وعلمي وأدبي .. لقد ضحكت فيها كثيرًا .. وبكيت منها كثيرًا وحزنت بها أيامًا .. وفرحت بها أعوامًا .. فهل يعقل أن يبتلعها جوف النسيان .. أو أن تمحوها يد الزمان !! كـلا وألف كلا ‌أن تتغير صورتها من خافقي ..أو تتبدل ملامحها من فؤادي .. وإذا أنا أتيت
    إلى هنا لأقلِّبَ صفحات مضتْ .. وأنبش أيامًا خلتْ .. فما هذا إلا لأجدِّد إلى القلب صورًا ثابتة .. ولأغسل من الفؤاد ملامح باهتة ..
    من يصدق أن هذا المكان والذي لا يكاد يتسع إلا للقلة القليلة قد كان يستوعب أغلب أفراد القرية .. نساءً ورجالاً وكبارًا وأطفالاً ؟! من يصدق أن في هذه الساحة كان الناس يروحون ويجيئون .. ويجلسون ويجتمعون ؟!
    ومن يصدق أن في داخل هذه البيوت كان الناس يأكلون ويشربون وينامون ويضيِّفون .. وكانت في هذه البيوت تقام الأعراس والولائم .. والأفراح .. والمآتم؟!
    فأين أولئك القوم ؟؟‍!
    لقد ابتلعتهم الأرض في جوفها .. كما أكل الزمان من أطراف بيوتهم وساحاتهم ...
    أما أنا فسوف أظل أحمل حُبَّ هذه الأماكن في قلبي .. وسوف أحتفظ بذكراها في فؤادي .. حتى أدفن وتدفن معي في قبري إن شاء الله ....
    [align=center]
    [/align]
  • حديث الزمان
    عضوة مميزة
    • Jan 2002
    • 2927

    #2

    عشرون عاماً من عمر الزمان استنطقها وقوفك على أطلالها لتبوح لك بسر من أسرار الزمان ...


    (( وقفة أمام بوابة الذكريات )) لوحة جميلة رسمها قلمك العذب ، وهي بحق تستحق الوقوف والقراءة ...


    دمت بخير

    لكل بداية .. نهاية

    تعليق

    • أبو ماجد
      المشرف العام
      • Sep 2001
      • 6289

      #3
      أخي الأستاذ الكريم : صالح سعيد الهنيدي

      بشوق نحن لقراءة ( من وحي القرية ) بكل أوراقة ، فوريقات منه تسطرها لنا هنا لاتغنينا ، ولا تروي عطشنا.

      سلمت قلمًا مبدعًا ياصالح .

      تعليق

      • صالح سعيد الهنيدي
        عضو مشارك
        • Aug 2004
        • 240

        #4
        أختي ... حديث الزمان ...
        أهلا بعودتك الجميلة لمنتدانا ... أيتها الغالية
        شرفت موضوعي بكتابتك عنه ...
        أشكرك على سكب روحك العذبة في هذا المكان ...
        صالح الهنيدي
        [align=center]
        [/align]

        تعليق

        • الفنار
          عضو مميز
          • Sep 2003
          • 653

          #5
          أديبنا الكـريم

          وقف قبلنا الأولون على الأطلال والدوارس
          فبكوا وأبكوا، وعرجوا وقبلوا وتتبعوا وأجروا على الآثار الدموع

          ووقفتك أخي
          وقفةٌ من أشرف الوقفات
          تبكي فيها على أخلاق القوم، وتنثر فيها اللواعج على بساطتهم وصدقهم
          أيـاماً كالأحلام
          ومن يعيد الأحلام إذا ما أصبح الصباح

          سرحت مع قولك
          (من يصدق أن هذا المكان والذي لا يكاد يتسع إلا للقلة القليلة قد كان يستوعب أغلب أفراد القرية)
          وتذكرت قول الشاعر

          لعمرك ما ضاقت ديارٌ بأهلها=ولكن أخلاق الرجال تضيق

          شكراً لكل ما بثثته فينا
          وبإنتظار أوراق أخرى
          " فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض"

          تعليق

          • صالح سعيد الهنيدي
            عضو مشارك
            • Aug 2004
            • 240

            #6
            سيدي الكريم .. وأستاذي أبا ماجد ...
            أشكرك والله من الأعماق على تعطير موضوعي هذا بشذى عبيرك ...
            أما الكتاب فهو في طور الطباعة النهائية ...
            وأبشرك الأمور تسير إلى خير ...

            لك حبي الخالص
            صالح بن سعيد الهنيدي
            [align=center]
            [/align]

            تعليق

            • ابن مرضي
              إداري
              • Dec 2002
              • 6170

              #7
              صالح

              أسعدك الله كما اسعدتني

              نعم ياصالح فقد ترجمت أحاسيسنا نحن الذين لم نستطع ترجمتها ، فقد كانت لنا ذكريات كثيرة مع تلك الجدران التي قلت عنها أنها كانت سميكة ومتماسكة كتماسك أهلها ، كل منهما يأخذ من الآخر ، !

              لقد كانت لنا فيها ذكريات جمّة ، إذا ما زرتها كدت اسمع صدى همساتنا التي كانت تتناجى بها شفاهنا ، وخفقات قلوبنا !


              نعم لقد اصبحت أطلالا ، ولكنها لاتزال حية ، إن كل شيء في الوجود حيّ يذكر ويأمل ويشعر ويحلم ، ولكنه لاينطق ولا يفكر .

              أه ياصالح ... لو أن هذه الجدران التي كانت متماسكة ومتينة كانت تنطق ، وتتحدث وتصف ما تشعر به ؟!


              شكرا شكرا ياصالح .
              كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى = وحنينه أبدا لأول منزل

              تعليق

              • ابن خرمان
                عضو مميز
                • Mar 2003
                • 1797

                #8
                بسم الله الرحمن الرحيم

                الاستاذ الكريم / صالح

                لقد هيجت لنا اشجاننا بوقوفك على بوابة الذكريات واطلالتك على الماضي ,
                اعدتنا لزمن نتمنى عودة صفائه ونقاء اناسه ووفائهم وحسن اخلاقهم ,
                كانت البيوت متفاربة ونراها حاليا ضيقة لاتكاد تتسع لعائلة واحدة الا ان سعة صدورهم وحبهم لبعضهم زادتها سعة,
                كان التكاتف
                كانت الاخوة
                كانت الشهامة

                ضاع اغلبها الا من قلة في زمن الفيديو كليب وستار اكاديمي

                رحم الله الاولون ( فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم الا قليلا ),

                واصلح الله شبابنا ,


                وشكر الله لك تذكيرنا واعادتنا لايامنا التي خلت .

                .................................................................................

                لمن طلل بين الجدية والجبل ................... محل قديم العهد طالت به الطيل

                .........................
                أحرى بذي الصبر أن يظفر بحاجته ..... ومدمن القرع للأبواب أن يلجا
                http://zahrani3li.blogspot.com/

                تعليق

                • صالح سعيد الهنيدي
                  عضو مشارك
                  • Aug 2004
                  • 240

                  #9
                  أخي الحبيب .... الفنار ...
                  زرع الله فسائل السعادة على جبينك ...
                  الوقوف على الأطلال شيء جميل يشيع في النفس قبسات من الوجد والشوق ...
                  ويعيد الفؤاد إلى أيامه الغابرة .... فيظل يتذكر ... ويتذكر ....
                  وليس له إلا التذكر ... والهيام في أودية الماضي السحيق ...

                  أشكرك على عباراتك الجزلة ...
                  وعلى مرورك الكريم

                  صالح بن سعيد الهنيدي
                  [align=center]
                  [/align]

                  تعليق

                  • عبدالرحمن
                    • Dec 2000
                    • 4525

                    #10
                    الأستاذ صالح..
                    تصوير بديع لبسمة غابت حتى وإن أصحبنا نضحك بملء أشداقنا على كل شاردة وواردة.
                    صورة تنبعث منها رائحة الصدق والوفاء والخير، التي أصبحنا نبكي على أطلالها.
                    sigpic

                    تعليق

                    • صالح سعيد الهنيدي
                      عضو مشارك
                      • Aug 2004
                      • 240

                      #11
                      أخي بن مرضي ...
                      أسعد الله قلبك ...
                      أسعدتني بمرووورك ...
                      ألف مبروك ( أفضل عضو ) و ( أفضل موضوع ) وتستاهل ياالحبيب.....
                      أخوك
                      صالح الهنيدي
                      [align=center]
                      [/align]

                      تعليق

                      • ابوزهير
                        عضو مميز
                        • Jan 2003
                        • 2254

                        #12
                        بسم الله الرحمن الرحيم

                        الاخ صالح: لقد عشنا ذكرياتك ,فكم من أيام قضيناها في تلك الاماكن وكم من إعراس حضرناها وكم سهرات كانت تقام على الحان اللعب,وأيام قضيناها لازلت اذكر تفاصيلها بدقة عشتها من خلال الزيارات المتكررة خاصة في الصيف بسبب القرابة ,وكان مجتمعا مثاليا ,وكنت اشعر بالحزن الشديد عند الرحيل ,منتظرا فرصة أخرى للعودة, وكم كنت أحزن عندما أسمع خبر رحيل أحد كبار السن هناك,فقد ارتبطت ذكرياتي بهم عندما كنت استمع لساعات كثيرة لهم,فقد أكتسبت منهم خبرات كثيرة ,وانطباعات مثالية ,فقد كنت لاأمل مجالستهم,على الرغم من فارق السن الكبير جدا بيني وبينهم.
                        يارفيقي مد شوفك مدى البصر
                        لايغرك في الشتاء لمعة القمر
                        الذي في غير مكة نوى يحتجه
                        لاتغدي تنصب له الخيمة في منى

                        تعليق

                        • صالح سعيد الهنيدي
                          عضو مشارك
                          • Aug 2004
                          • 240

                          #13
                          أخي ابن خرمان ...
                          ازدان الموضوع بزيارتك الكريمة ...
                          لك فائق التقدير والاحترام ...
                          أخوك صالح الهنيدي
                          [align=center]
                          [/align]

                          تعليق

                          • صالح سعيد الهنيدي
                            عضو مشارك
                            • Aug 2004
                            • 240

                            #14
                            أخي عبد الرحمن ...
                            ضحكاتنا هذه هي متنفس عما يكنه الوجدان من حنين للماضي السحيق ...
                            أشكرك على طيب شمائلك
                            وزيارتك الكريمة ...
                            أخوك
                            صالح الهنيدي
                            [align=center]
                            [/align]

                            تعليق

                            • عبدالله رمزي
                              إداري
                              • Feb 2002
                              • 6605

                              #15
                              أخي الفاضل / صالح

                              بارك الله فيك وجعل أيامك كلها سعادة

                              ...الذكريات جميلة وعزيزة وغالية ...

                              ( من وحي القرية )

                              الله الله ما أجمل تلك الذكريات التي عشناها في زمن مضى

                              سننتظر حتى يطبع الكتاب وتصلنا نسختنا التي عليها توقيعك
                              وبعد القراءة سوف ندون لك شعورنا وإحساسنا بذلك الماضي

                              تحياتي لك

                              عبدالله رمزي
                              ما كل من يبعد به الوقت ناسيك ... بعض البشر قدام عينك وينساك

                              تعليق

                              المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                              حفظ-تلقائي
                              إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
                              أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif, webp

                              ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

                              يعمل...