في خصام بين العين والقلب وقد بين كل حجته وتهمته والكبد تسمع فأجابت :
فلما سمعت الكبد تحاورهما الكلام، وتتاولهما الخصام، قالت: أنتما على هلا كي تساعد تما، وعلى
قتلي تعاونتما.ولقد أنصف من حكى مناظرتكما،وعلى لساني متظلماً منكما:
يقول طرفي لقلبي هجت لي سقما= العين تزعم أن القلب أنكاها0
والجسم يشهد أن العين كاذبةٌ = وهي التي هيّجت للقلب بلواها
لولا العيون وما يجنين من سقم = ما كنتُ مطّرحاّ من بعض قتْلاها
فقالت الكبدُ المظلومة اتّئدا = قطعتماني وما رقبتما الله
وقال آخر :-
يقول قلبي لطرفي إن بكى جزعاً = تبكي وأنت الذي حمّلتني الوجعا
فقال طرفي له فيما يعاتبه = بل أنت حملّتني الآمال والطمعا
حتى إذا ما خلا كل بصاحبه = كلاهما بطويل السقم قد قنعا
نادتهما كبدي لا تبعدا فلق = قطعتماني بما لاقيتما قطعا
وقال آخر:-
عاتبت قلبي لما = رأيت جسمي نحيلا
فألزم القلب طرفي = وقال كنت رسولا
فقال طرفي لقلبي = بل كنت أنت الدليلا
فقلت كفّا جميعا = تركتماني قتيلا
ثم قالت : أنا أتولى الحكم بينكما أنتما في البلية شريكا عنان كما أنكما في اللذة والمسرة
فرسا رهان فالعين تلتذ والقلب يتمنى ويتشهى ولهذا قال فيكما القائل :-
ولما سلوت الحب بشر ناضري = لقلب فقال القلب لي ولك الهنا
تخلصت من إحياء ليلك ساهرا = وخلصتني من لوعة الهجر والضنا
كلانا مُهَنّا بالبقاء فإن تعد = فلا أنت يبقيك الغرام ولا أنا
وإن لم تدرككما عناية مقلب القلوب والأبصار , وإلا فما لك من قرة ولا للقلب قرار .
قال الشاعر :
فوالله ما أدري أنفس ألومها = على الحب أم عيني المشوقة أم قلبي
فإن لمت قلبي قال لي العين أبصرت = وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب
فعبي وقلبي قد تقاسمتما دمي = فيا رب كن عونا على العين والقلب .قالت : ولما سقيت القلب ماء المحبة بكؤوسك أوقت عليه نار الشوق فارتفع إليك
البخار فتقاطر منك فشرقت بشربة أولا , وشرقت بحر ناره ثانيا
قال :
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب فانظري = ضنى جسدي لكنني أتستر
وليس الذي يجري من العين ماؤها = ولكنها روح تذوب فتقطر
قالت : والحاكم بينكما الذي يحكم بين الروح والجسد إذا اختصما بين يديه فإن في الأثر المشهور : لا تزال الخصومة يوم القيمة بين الخلائق حتى تختصم الروح والجسد فيقول الجسد للروح : أنت الذي حركتني وأمرتني وصرفتني , وإلا فأنا لم أكن أتحرك ولا أفعل بدونك . فتقول الروح له : وأنت الذي أكلت وشربت وباشرت وتنعمت . فأنت الذي تستحق العقوبة , فيرسل الله سبحانه إليهما ملكا يحكم بينهما فيقول :
مثلكما مثل مقعد بصير وأعمى يمشي , دخلا بستانا فقال المقعد للأعمى : أنا أرى ما فيه من الثمار ولكن لا أستطيع القيام , وقال الأعمى : وأنا أستطيع القيام ولكن لا أبصر شيئا , فقال المقعد : تعال فاحملني فأنت تمشى وأنا أتناول , فعلى مَنْ تكون العقوبة ؟ فيقول : عليهما , فقال فكذلك أنتما . وبالله التوفيق .
محبكم أبو علي //// ودمتم .
فلما سمعت الكبد تحاورهما الكلام، وتتاولهما الخصام، قالت: أنتما على هلا كي تساعد تما، وعلى
قتلي تعاونتما.ولقد أنصف من حكى مناظرتكما،وعلى لساني متظلماً منكما:
يقول طرفي لقلبي هجت لي سقما= العين تزعم أن القلب أنكاها0
والجسم يشهد أن العين كاذبةٌ = وهي التي هيّجت للقلب بلواها
لولا العيون وما يجنين من سقم = ما كنتُ مطّرحاّ من بعض قتْلاها
فقالت الكبدُ المظلومة اتّئدا = قطعتماني وما رقبتما الله
وقال آخر :-
يقول قلبي لطرفي إن بكى جزعاً = تبكي وأنت الذي حمّلتني الوجعا
فقال طرفي له فيما يعاتبه = بل أنت حملّتني الآمال والطمعا
حتى إذا ما خلا كل بصاحبه = كلاهما بطويل السقم قد قنعا
نادتهما كبدي لا تبعدا فلق = قطعتماني بما لاقيتما قطعا
وقال آخر:-
عاتبت قلبي لما = رأيت جسمي نحيلا
فألزم القلب طرفي = وقال كنت رسولا
فقال طرفي لقلبي = بل كنت أنت الدليلا
فقلت كفّا جميعا = تركتماني قتيلا
ثم قالت : أنا أتولى الحكم بينكما أنتما في البلية شريكا عنان كما أنكما في اللذة والمسرة
فرسا رهان فالعين تلتذ والقلب يتمنى ويتشهى ولهذا قال فيكما القائل :-
ولما سلوت الحب بشر ناضري = لقلب فقال القلب لي ولك الهنا
تخلصت من إحياء ليلك ساهرا = وخلصتني من لوعة الهجر والضنا
كلانا مُهَنّا بالبقاء فإن تعد = فلا أنت يبقيك الغرام ولا أنا
وإن لم تدرككما عناية مقلب القلوب والأبصار , وإلا فما لك من قرة ولا للقلب قرار .
قال الشاعر :
فوالله ما أدري أنفس ألومها = على الحب أم عيني المشوقة أم قلبي
فإن لمت قلبي قال لي العين أبصرت = وإن لمت عيني قالت الذنب للقلب
فعبي وقلبي قد تقاسمتما دمي = فيا رب كن عونا على العين والقلب .قالت : ولما سقيت القلب ماء المحبة بكؤوسك أوقت عليه نار الشوق فارتفع إليك
البخار فتقاطر منك فشرقت بشربة أولا , وشرقت بحر ناره ثانيا
قال :
خذي بيدي ثم اكشفي الثوب فانظري = ضنى جسدي لكنني أتستر
وليس الذي يجري من العين ماؤها = ولكنها روح تذوب فتقطر
قالت : والحاكم بينكما الذي يحكم بين الروح والجسد إذا اختصما بين يديه فإن في الأثر المشهور : لا تزال الخصومة يوم القيمة بين الخلائق حتى تختصم الروح والجسد فيقول الجسد للروح : أنت الذي حركتني وأمرتني وصرفتني , وإلا فأنا لم أكن أتحرك ولا أفعل بدونك . فتقول الروح له : وأنت الذي أكلت وشربت وباشرت وتنعمت . فأنت الذي تستحق العقوبة , فيرسل الله سبحانه إليهما ملكا يحكم بينهما فيقول :
مثلكما مثل مقعد بصير وأعمى يمشي , دخلا بستانا فقال المقعد للأعمى : أنا أرى ما فيه من الثمار ولكن لا أستطيع القيام , وقال الأعمى : وأنا أستطيع القيام ولكن لا أبصر شيئا , فقال المقعد : تعال فاحملني فأنت تمشى وأنا أتناول , فعلى مَنْ تكون العقوبة ؟ فيقول : عليهما , فقال فكذلك أنتما . وبالله التوفيق .
محبكم أبو علي //// ودمتم .
تعليق