حين تتحلى بخلق التواضع ، تكسب كثيراً ، في دنياك قبل أخراك ،
بل يبقى لك هذا الكسب مستمراً حتى بعد موتك ..
تظل في حياتك نموذجاً محبباً ، تشتاقه النفوس ، وتحبه القلوب ،
وتبقى بعد موتك ، ذكرى طيبة تتردد على الألسنة ، وتلهج من أجلك القلوب بالدعاء ..
ولكن حين تصرّ على أن تكون متكبراً ، فإنك لن تضرّ إلاّ نفسك ..
نعم ، قد يخيل إليك الشيطان أنك غدوت ذا شأن ، وأن حضورك له مهابة في القلوب ، وأن منظرك ، غدا وله سحره المدوّي في النفوس ،
ولكن ثق تماماً : إنما تلك كلها تلبيسات إبليس ، ليُزيّن لك طريق الهلكة ،
كما قال تعالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ )..
ثق أن الوجوه التي تبتسم لك _ في حال تكبّرك _ تمقتك في الحقيقة من كلية قلوبها ، وتدعو عليك في سرها ..
وثق كذلك أن المتكبر في حقيقته ، إنما هو ذليل في قرارة نفسه ، يشعر بالنقص ، فيريد أن يداري نقصه ، بمظاهر الكبر ليس إلاّ ،
أما الإنسان المتواضع فهو عظيم عند الله ، وعند الملائكة ، وعند الناس كذلك ،
ثم أن المتكبر أشبه شيء بالدخان ، يذهب صعداً في السماء ، ثم يغيب في الفضاء ، فلا تراه العيون ،بل هي تتنفس الصعداء لغيابه ..
والمتواضع أشبه شيء بالأرض المباركة الطيبة ، تعطي الناس خيراً كثيرا ، وثمرات شتى ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ..
فلا عجب أن نرى الناس يتعلقون بها ، ويحرصون عليها ، ويقبلون عليها ، ويقاتلون من أجلها ..
المتكبر في الحقيقة ، إنسان مريض نفسياً ، يتعالى وهو محتقر ، وينتفش وهو ممقوت ، ويرى نفسه شيئاً وهو لا شيء ،
قد أصابته آفة الغرور _ والغرور ليس سوى فقاعة ، قد تبدو كبيرة جداً لكنها في حقيقة أمرها ، هواء وخواء ، وأدنى لمسة لها ، تجعلها تتفرقع نـثاراً ..
أما الإنسان الذي يكون التواضع صفته اللازمة فيه ، فإنه مخلوق كريم على الله ، فاستحق منه كل تكريم يليق به ،
فقذف محبته في قلوب الناس شاءوا أم كرهوا ،
فما ازداد الإنسان تواضعاً ، إلاّ زاده الله رفعة ، ذلك أن خلق التواضع درجة عالية في السمو الإنساني ، خليقة أن تجعل هذا الإنسان متشبهاً بالملائكة في صفاتها ..
وهل يكون عالم الملائكة إلاّ النور الخالص ؟! وهل يكره النور إلاّ الخفافيش ..؟!
إذا ما شئتَ أن تزدادَ قدراً ورفعةً**** فلِنْ وتواضعْ واتركِ الكبر والعجبا
اعلم يا عزيزي ..
أنك حين تنتفش بجسمك كالديك ، فوق الآخرين ، فلن تكسب ودّهم واحترامهم لك ، بل على العكس من ذلك تماماً ،
فالقلوب _ كل القلوب _ تحب من يحسن إليها ، ويتلطف معها ، ويصبر عليها ، ويتواضع لها ،
لذا قيل : الإنسان عبد الإحسان .
وقال بعضهم : عجبت لمن يشتري العبيد بماله ، كيف لا يشتري الأحرار بإحسانه ؟!
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : جُبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها ..
وفي القرآن الكريم يأتي تقرير لهذه القاعدة :
( هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ ) ..؟؟
والإحسان هاهنا ليس هو الإحسان بالمال فحسب ، فتلك صورة من صور الإحسان الكثيرة ،
وماذا يجدي عند الآخرين أن تحسن إليهم بمالك ، في اللحظة التي تدوس رؤوسهم بنعالك ، وتستذل أرواحهم بتكبّرك وامتنانك ؟!
خير منك _ في قلوبهم _ إنسان لا يعطيهم شيئاً من مال ،
ولكنه يعطيهم الكثير من الحبّ ، والحنان ، والبشاشة ، والمواساة لهم ، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ،
ونحو هذه المعاني الرائعة التي لا تزال القلوب جائعة لها ، متعطشة إليها ، محبّة لكل من يتحلّى بها ..
وأخيراً تذكّر كلما حاول الشيطان أن يزيّن لك أن تتكبر على الآخرين :
تذكّر أنك مخلوق من نطفة مهينة ، لو رأيتها ، لتقززت منها ،
وأنك ذات يوم كنت محمولاً في بطن ضيق ، بين رفث ودم ، تتقلب في ظلمات يركب بعضها بعضاً ،
وتذكّر وأنت تنتفش بقوتك _مثلاً_ أن الحمار أقوى منك ، وأنك ضعيف ضائع ، إذا قرنت قوتك إلى قوة الفيل أو قوة وحيد القرن ؟؟!
وتذكّر وأنت تتشامخ بجاهك أو وظيفتك أنك قد لا تُمسي إلاّ في طيات القبر تحت التراب ، وساعتها تود ، وتود لو أنك عدت إلى الدنيا ، وتأدبت مع أهلها !؟
وتذكري أيتها الجميلة أن هذا الجمال سيذوى ويذبل ، وربما عصف به مرض مفاجئ
فإذا أنت غير أنت .. امرأة مشوهة دميمة ، تعض بنان الندم لأنها تكبرت بجمالها ذات يوم ، فأذاقها الله لباس الخوف ..
ولنتذكّر جميعا أن الله عز وجل لا يحب المتكبرين ، بل هو يلعنهم ،
ولنتذكر أن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ،
ولنتذكّر أن المتكبرين يوم القيامة يُحشرون في صورة الذّر ، يدوسهم الناس بأقدامهم .. فيا لهوانهم يومها ؟؟! كالذر يداسون بالأقدام !!
فمن أجل دنياك أولاً .. ومن أجل آخرتك ثانياً .. لا ينبغي لك أن تتفرعن متكبراً على سواك ..
قليل من التفكير والتروي والتأمل سيدفعك لا محالة إلى :
أن تتواضع وتتطامن ، وتحمد الله وتشكره على نعمة الإسلام ، وأعظم بها من نعمة ..
====================================
نقلا عن احد المنتديات
تحياتي
بل يبقى لك هذا الكسب مستمراً حتى بعد موتك ..
تظل في حياتك نموذجاً محبباً ، تشتاقه النفوس ، وتحبه القلوب ،
وتبقى بعد موتك ، ذكرى طيبة تتردد على الألسنة ، وتلهج من أجلك القلوب بالدعاء ..
ولكن حين تصرّ على أن تكون متكبراً ، فإنك لن تضرّ إلاّ نفسك ..
نعم ، قد يخيل إليك الشيطان أنك غدوت ذا شأن ، وأن حضورك له مهابة في القلوب ، وأن منظرك ، غدا وله سحره المدوّي في النفوس ،
ولكن ثق تماماً : إنما تلك كلها تلبيسات إبليس ، ليُزيّن لك طريق الهلكة ،
كما قال تعالى : ( وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ )..
ثق أن الوجوه التي تبتسم لك _ في حال تكبّرك _ تمقتك في الحقيقة من كلية قلوبها ، وتدعو عليك في سرها ..
وثق كذلك أن المتكبر في حقيقته ، إنما هو ذليل في قرارة نفسه ، يشعر بالنقص ، فيريد أن يداري نقصه ، بمظاهر الكبر ليس إلاّ ،
أما الإنسان المتواضع فهو عظيم عند الله ، وعند الملائكة ، وعند الناس كذلك ،
ثم أن المتكبر أشبه شيء بالدخان ، يذهب صعداً في السماء ، ثم يغيب في الفضاء ، فلا تراه العيون ،بل هي تتنفس الصعداء لغيابه ..
والمتواضع أشبه شيء بالأرض المباركة الطيبة ، تعطي الناس خيراً كثيرا ، وثمرات شتى ، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ..
فلا عجب أن نرى الناس يتعلقون بها ، ويحرصون عليها ، ويقبلون عليها ، ويقاتلون من أجلها ..
المتكبر في الحقيقة ، إنسان مريض نفسياً ، يتعالى وهو محتقر ، وينتفش وهو ممقوت ، ويرى نفسه شيئاً وهو لا شيء ،
قد أصابته آفة الغرور _ والغرور ليس سوى فقاعة ، قد تبدو كبيرة جداً لكنها في حقيقة أمرها ، هواء وخواء ، وأدنى لمسة لها ، تجعلها تتفرقع نـثاراً ..
أما الإنسان الذي يكون التواضع صفته اللازمة فيه ، فإنه مخلوق كريم على الله ، فاستحق منه كل تكريم يليق به ،
فقذف محبته في قلوب الناس شاءوا أم كرهوا ،
فما ازداد الإنسان تواضعاً ، إلاّ زاده الله رفعة ، ذلك أن خلق التواضع درجة عالية في السمو الإنساني ، خليقة أن تجعل هذا الإنسان متشبهاً بالملائكة في صفاتها ..
وهل يكون عالم الملائكة إلاّ النور الخالص ؟! وهل يكره النور إلاّ الخفافيش ..؟!
إذا ما شئتَ أن تزدادَ قدراً ورفعةً**** فلِنْ وتواضعْ واتركِ الكبر والعجبا
اعلم يا عزيزي ..
أنك حين تنتفش بجسمك كالديك ، فوق الآخرين ، فلن تكسب ودّهم واحترامهم لك ، بل على العكس من ذلك تماماً ،
فالقلوب _ كل القلوب _ تحب من يحسن إليها ، ويتلطف معها ، ويصبر عليها ، ويتواضع لها ،
لذا قيل : الإنسان عبد الإحسان .
وقال بعضهم : عجبت لمن يشتري العبيد بماله ، كيف لا يشتري الأحرار بإحسانه ؟!
وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها : جُبلت القلوب على حبّ من أحسن إليها ..
وفي القرآن الكريم يأتي تقرير لهذه القاعدة :
( هَلْ جَزَاءُ الْأِحْسَانِ إِلَّا الْأِحْسَانُ ) ..؟؟
والإحسان هاهنا ليس هو الإحسان بالمال فحسب ، فتلك صورة من صور الإحسان الكثيرة ،
وماذا يجدي عند الآخرين أن تحسن إليهم بمالك ، في اللحظة التي تدوس رؤوسهم بنعالك ، وتستذل أرواحهم بتكبّرك وامتنانك ؟!
خير منك _ في قلوبهم _ إنسان لا يعطيهم شيئاً من مال ،
ولكنه يعطيهم الكثير من الحبّ ، والحنان ، والبشاشة ، والمواساة لهم ، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم ،
ونحو هذه المعاني الرائعة التي لا تزال القلوب جائعة لها ، متعطشة إليها ، محبّة لكل من يتحلّى بها ..
وأخيراً تذكّر كلما حاول الشيطان أن يزيّن لك أن تتكبر على الآخرين :
تذكّر أنك مخلوق من نطفة مهينة ، لو رأيتها ، لتقززت منها ،
وأنك ذات يوم كنت محمولاً في بطن ضيق ، بين رفث ودم ، تتقلب في ظلمات يركب بعضها بعضاً ،
وتذكّر وأنت تنتفش بقوتك _مثلاً_ أن الحمار أقوى منك ، وأنك ضعيف ضائع ، إذا قرنت قوتك إلى قوة الفيل أو قوة وحيد القرن ؟؟!
وتذكّر وأنت تتشامخ بجاهك أو وظيفتك أنك قد لا تُمسي إلاّ في طيات القبر تحت التراب ، وساعتها تود ، وتود لو أنك عدت إلى الدنيا ، وتأدبت مع أهلها !؟
وتذكري أيتها الجميلة أن هذا الجمال سيذوى ويذبل ، وربما عصف به مرض مفاجئ
فإذا أنت غير أنت .. امرأة مشوهة دميمة ، تعض بنان الندم لأنها تكبرت بجمالها ذات يوم ، فأذاقها الله لباس الخوف ..
ولنتذكّر جميعا أن الله عز وجل لا يحب المتكبرين ، بل هو يلعنهم ،
ولنتذكر أن الجنة لا يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ،
ولنتذكّر أن المتكبرين يوم القيامة يُحشرون في صورة الذّر ، يدوسهم الناس بأقدامهم .. فيا لهوانهم يومها ؟؟! كالذر يداسون بالأقدام !!
فمن أجل دنياك أولاً .. ومن أجل آخرتك ثانياً .. لا ينبغي لك أن تتفرعن متكبراً على سواك ..
قليل من التفكير والتروي والتأمل سيدفعك لا محالة إلى :
أن تتواضع وتتطامن ، وتحمد الله وتشكره على نعمة الإسلام ، وأعظم بها من نعمة ..
====================================
نقلا عن احد المنتديات
تحياتي
تعليق