Unconfigured Ad Widget

تقليص

تكنولوجـــيا تصـنـيع العقـل والإرادة وتخطيط المستقبل

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • سعيد صالح المرضي
    عضو مميز
    • Dec 2002
    • 569

    تكنولوجـــيا تصـنـيع العقـل والإرادة وتخطيط المستقبل



    منقــــول


    هو أدب الصراخ الحاد.. هو أدب الندب والنواح.. هو أدب الفجيعة وجلد الذات.. هو أدب اغتيال الماضي وتأبين الحاضر واغتيال المستقبل، هو أدب يرثي المدن، وينوح على القيم، ويدفن المبادئ.. هو أدب أسود لا بارقة أمل تلوح بين أسطره..

    هو أدب المسابقات والجوائز والفضائيات، هو أدب الجنس المكشوف وتمجيد الفن الهابط، هو أدب الحلم "الأنوي" بجائزة عالمية لجنوحه عن قوانين اللغة، وتمرده على شرائع ونواميس المجتمع، وتنكره لمعتقدات الأمة..

    وهذا الأدب مطالبٌ بأن يتصدى للغزو الثقافي، ويشاركُ في حوار الحضارات، وينأى بأمته وهويتها القومية عن جوائح العولمة.. هو عويل متقطع النبرات في مأتم راهن الواقع العربي.. وعليه ازدهرت الفضائيات التي تفرّخ كل يوم يأساً وإحباطاً وأحلاماً فابية.. وتتحول إلى بومات ينحن في خرائب المدن، تأكيداً على نهاية الذات العربية قبل موتها بالفعل.‏

    وعلى هذا يقوم الإعلام القطري والقومي بأشكاله المختلفة، وعلى هذا تراهن النخب المنتقاة في مخابر الآخر الذي بات يمتلك تكنولوجيا تصنيع العقل والإرادة وتخطيط المستقبل بناء على مصالح تحالفات الأقوياء –الأغبياء- الأذكياء بإرادة شيطانية تمثلت غاياتها في إلغاء الخصوصية، ومصادرة الهوية، وطمس التاريخ، وهيكلة الجغرافيا على طريقة (جبنة النجار وحذاقة القرد في خصخصة الحصص)!!.‏

    ذلك الأدب بسيرورته الواهنة الشعثاء هو الذي يمثل السياسات العربية بمناخاتها الفجائعية التي مزّقت الوجدان العربي من داخله.. ذلك الأدب الذي يعكس الوضع العربي بعمومه على الصعد كافة بدءاً من الأخلاق ومروراً بالغايات وانتهاءً بالإرادة.‏

    هذا الأدب الذي غادر ساحة الشعب، ليلتحق بساحة وهمية شعاراتية خلقها السياسي الذي سيّد القول الدبلوماسي على الفعل الثوري.. وقد اتسعت الثغرة، وتعمّقت الهوة بين الشعب، والأدب الممالئ للواقع السياسي، المبتعد عن الواقع الاجتماعي.‏

    وكيلا نؤخذ بالظنة ونلحق بقائمة البكّائين النوّاحين لا على الواقع بل على الأدب، لا بدّ من عرض براهيننا على ما ذهبنا إليه –كشهود- لا كمشاركين في فعل جرمي بحق الواقع الأدبي القائم على الساحة الأدبية في زمننا الراهن هذا؛ لذا ندعو المهتمين بغائية الثقافة إلى إمعان النظر في الأعمال أو المنتجات الإبداعية العربية منذ انتهاء حرب رمضان التحريرية، وبداية الحرب العراقية الإيرانية، ومن ثم احتلال العراق لدولة الكويت، وقيام حرب الخليج الثانية، وانتهاء بسقوط بغداد.. عندها سنجد واقعاً نفسياً اجتماعياً عربياً جديداً، يوصف ببساطة، بالتشرذم والضياع وتشظي العواطف والآراء، وتذبذب الانتماءات.‏

    وكان المعطى الأول متمثلاً ببروز القطرية (الجغرافية) في الأدب، وبالتالي العدائية والتحزب والانحياز الأعمى وأمراض أخرى بات الجسد الأدبي يئن تحت وطأتها، حتى انصرف العقل العربي بكليته عن الهم الاجتماعي، وغاص في الهم السياسي، ثم أبحر في يمّ الدموع، وشارك في مواكب العزاء في مأتم المشروع القومي العروبي بشقيه العقيدة والمعتقدي.‏

    لقد حاول الأدب أن يرسم أو يبدع لوحة للواقع؛ فطغى اللون الأسود على مساحتها، منذ إطارها وحتى تلاوينها.‏

    ولم يخطر ببال (المُبدِع) –بالكسر- أن يوجه (المبُدَع) –بالفتح- نحو الحراك النفسي الاجتماعي الذي أسس للفعل السياسي –العسكري.‏

    والقصد هنا؛ أن الإبداع لم يتوجه إلى الذات العربية (فردة –وجمعاً) والتي كانت تعاني أزمة حرية وديمقراطية، أزمة الحق في الحياة بدءاً من رغيف الخبز مع كثير من الكرامة والطمأنينة، مروراً بالحق في امتلاك الحقيقة بعيداً عن الزيف والتزييف الإعلامي، وانتهاءً بالحق في المشاركة في صنع أخلاقية الإداري القادر على صناعة الحداثة والحضارة بعيداً عن أهواء التفسيد والفساد، ينضاف إلى ذلك استجلاء الواقع المعيش في مقارنات إحصائية بين الإعمار والهدم، بين الحقوق والواجبات، بين الفرص المتكافئة في المشاركة الفعّالة ببناء الوطن بصرف النظر عن الفئة أو الخرب أو الشريحة الاجتماعية.‏

    إذن المقدمات الخاطئة، ستقود –حتماً- إلى نتائج خاطئة في السيرورة الاجتماعية، وصولاً إلى الصيرورة الفكرية ببعديها المادي والمعنوي.‏

    فالحرية تصوغ الديمقراطية، والديمقراطية تمنح القوة للوطن، وقوة الوطن مادة إبداعية رائعة يصوغها المبدعون المفكرون المثقفون، فإذا ما أبدع العامل أو الطالب أو الفلاح أو الإداري، فسيزدهر الفكر، ويسود الإبداع، ويتجنب السياسي الخطأ، ويتمترس العسكري في خندق المواجهة دفاعاً عن الاستقلال.‏

    نحن بحاجة –فعلية- إلى تنمية فكرية، لتتحقق التنمية الإدارية والاقتصادية والسياسية، والفاعل في هذا المسار هو المثقف المبدع الخلاق..‏

    كذلك نحن بحاجة ملحّة إلى أدب فاعل في المجتمع، أكثر من حاجتنا إلى أدب المراثي والأحزان وجلد الذات.. لتولد الشرارة.. ويعود الحق إلى نصابه..‏
    التعديل الأخير تم بواسطة سعيد صالح المرضي; الساعة 10-01-2004, 07:10 AM.
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif, webp

ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

يعمل...