Unconfigured Ad Widget

تقليص

قصه ... و قصيده

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • حديث الزمان
    عضوة مميزة
    • Jan 2002
    • 2927

    قصه ... و قصيده

    في ذات ليله : كان الأب الشيخ شالح بن هدلان القحطاني ساهراً مع إبنه الفارس ذيب ، وكان والده يداعبه ويلقي عليه بعض الأشعار فأنشده هذه الأبيات :



    يا ذيب أنا يابوك حالي تردّى = وأنا عليك من المواجيب يا ذيب
    تكسب لي إللي لاقِحٍ عِقب عدّا = طويله النسنوس حرشا عراقيب
    تجر ذيلٍ مثل حبل المعــــــــدا = وتبري لحيران ٍ صغار ٍ حباحيب
    وأشري لك إللي ركضها ما تقدا = ماحدٍ لقى فيها عيوب وعذاريب
    قبا على خيل المعادي تحــدى = مثل الفهد توثب عليهم تواثــــيب
    أنا أشهد أنك باللوازم تِســدا= لو حال من دونه عيال ٍ معاطيب
    ليث ٍ على درب المراجل مقـدّى = ما فيك يا ذيب السبايا عذاريب





    وبعد أن قال والده هذه الابيات بطريقة المزاح ، أسرها الابن ذيب في نفسه ، وعندما نام والده وأطمأن ذيب أنه قد أخذ في النوم ، ذهب خفيه وركب قلوصه وذهب لبعض أصحابه من الشبان وأمر عليهم أن يرافقوه فشدوا وركبوا مع ذيب زعددهم لا يتجاوز خمسة عشر شاباً ، وكلهم يأتمرون بأمر ذيب ، وبعد ذلك سألوا ذيباً إلى أين نحن ذاهبون ؟ فقال إلى ديار القوم وأشار إلى قبيلة عتيبة ، لنكسب منهم إبلا لأهلنا ، وقال لابد أن آتي لوالدي من خيار إبل عتيبة واستمروا بسيرهم ، وبعد ثلاثة أيام قصدوا بئراً في ديار عتيبه ليستقوا منها ماء ويسقوا رواحلهم ، وهذه البئر تسمى ( ملية ) وهي تقع غرباً عن جبل ذهلان بأواسط نجد وعندما انحدروا إليها من جبل يطل عليها رأوا عليها ورداً لعتيبة يستقون ، فأراد ذيب ورفاقه أن يرجعوا لئلا يروهم فينذروا القبيله بهم ، وكان من السقاة صياد أخذ بندقيته وتوجه إلى الوادي الذي إنحدر منه ذيب ورفاقه ، باحثاً عن الصيد ، وعندما رأى ذيباً وجماعته إختفى تحت شجرة أطلق عليهم عياراً نارياً فأراد الله أن يصيب ذيباً إصابه مميته.
    لقد حلّت كارثه على أبيه الشيخ الطاعن بالسن شالح بن هدلان ، إنه فقد كل أمل في الحياة : فقد كل ركن على وجه الارض ، فقد الشجاعة الفذة ، فقد الكرم الحاتمي ، فقد الابن البار ، فقد الابن المطيع ، لقد خرّ ذيب صريعاً وودع الخيل وصهيلها وودع الابل وحنينها ، وودع أباه الذي هو بحاجة إلى بره وعنايته ، ترك ذيب شالحاً حزيناً ، وودع قبيلته قحطان المجيدة ، وودع سنانه ورمحه وبندقيته ، ونقع الخيل وهزج الابطال ، ودع ذيب نجداً ورياضها ودع غزلان الرئم والارانب وطير الحباري التي كان يصطاد منها لوالده ، لقد إنقشعت هالة الفضل التي كانت تحيط الشيخ شالح بالحنان والبر والفضيله التي ضربت أروع مثل ٍ بين الابناء والآباء.
    بعد أن سقط ذيب على الارض أناخ رفاقه مطاياهم وتسابقوا إليه وضموه إلى صدورهم ، فوجدوه جسماً بلا حياة ، وانهالوا عليه بالقبل ، وودعوه بدموعهم الساخنه ، ثم وضعوه بكهف بجانب الوادي ، وقفوا راجعين إلى أهليهم.
    أما الصياد الذي أطلق النار ، فقد ظل مختبئاً تحت الشجرة ، إلى أن رأى الركب قد ولى ، فأتى إلى مكانهم ووجد الدم يلطخه ثم عمد إلى ذيب وهو بكهفه وعندما رآه وجده شاباً وسيم الطلعه وفي خنصره الأيمن خاتم فضي ، وكانت رائحة الطيب تعج منه وكان لباسه يدل على أنه شخصية بارزه فرجع إلى جماعته الذيب يستقون من البئر ، فسألوه عن الرمية التي سمعوها عنده ، فقال إن ركباً من العدى إنحدر من الوادي وبعد أن رأوكم نكصوا راجعين فأطلقت عليهم عياراً نارياً قتل منهم شخصاً تبين لي أنه زعيمهم ، وقد وضعوه في كهف بجانب الوادي ، فقالوا وما دلك على أنه زعيم ، فبين لهم أوصافه ولباسه الذي عليه ، وإن في خنصره خاتماً فضياً ، فقالوا هيا بنا لنراه ، وكانوا من قبيلة برقا أحد جذمي عتيبة ، وكان معهم فتاة قد جلا أهلها منذ سنة إلى قبائل قحطان لأسباب حادثه وقعت بينهم وبين بعض قبائلهم من عتيبة ، وعندما رأوا ذيباً بالكهف ، ورأته الفتاة صاحت بأعلى صوتها ، وقالت ويحك هذا ذيب بن شالح بن هدلان ، الذي كنا بجواره بالعام الماضي ، فشتموها وقالوا ربما أن بينك وبينه صداقه ولهذا السبب صحت بأعلى صوتك ، فقالت لا والله لم يكن بيني وبينه أي شيء من هذا ولكنه أكرمنا وأعزنا وأجارنا ، وكان لا يأتي من الفلا إلا ومعه صيد ويأتي بقسمنا نحن جيرانه حامله بيده وعندما يقترب من بيوتنا يغض نظره إلى الارض ثم يضع ما جاء به من الصيد ويدبر دون أن يرفع طرفه بامرأه من جيرانه وهذه طريقته بالحياة وعليكم أن تسالوا عن خصاله ، وينبئكم عن ذلك من عرفه ، فهو بعيد كل البعد عن الرذيله .
    ما أكبر المصاب على شالح لما وصل رفاق ذيب وأخبروه بما حدث ، لاشك أن خطب شالح عظيم وإن وقع نبأ مصرع إبنه على قلبه أشد وأنكى من طعن الحراب ، ولاشك أنه سيتجرّع ويلات الحزن ومرارته ومآسي الفراق ولوعاته ..



    وإذا المَنيّـة أنشبت أظفارها = ألفيت كُلّ تميمةٍ لا تنفعُ





    إنها كارثه كبرى ليست على شالح فقط بل على عائلة آل هدلان وعلى قبيلة قحطان : وقد قال شالح أشعاراً كثيرة بعد وفاة ابنه ، وأول ما قال هذة القصيدة :


    يا ربعنا ياللي على الفطّر الشيب = عز الله أنه ضاع منكم وداعه
    رحتوا على الطوعات مثل العياسيب = جيتوا وخليتوا لقلبي بضاعه
    خليتوا النادر بدار الأجانيب = وضاقت بي الآفاق عقب إتساعه
    تكدرن لي صافيات المشاريب = وبالعون شفت الذل عقب الشجاعه
    يا ذيب أنا بوصيك لا تاكل الذيب = كم ليلةٍ عشـّـاك عقب المجاعه
    كم ليلةٍ عشـّـاك حِرش العراقيب = وكم شيخ قوم ٍ كزته لك ذراعه
    كفه بعدوانه شنيع المضاريب = ويسقي عدوه بالوغى سِم ساعه
    ويضحك ليا صَكّت عليه المغاليب = ويلكد على جمع العدو باندفاعه
    وبيته لجيرانه يشيّـد على الطيب = و للضيف يبني في طويل الرفاعه
    جرحي عطيب ولا بقى لي مقاضيب = وأفخت حبل الوصل عقب إنقطاعه
    كني بعد فقده بحامي اللواهيب = وكني غريب الدار مالي جماعه
    من عقب ذيب الخيل عِرج ٍ مهاليب = ياهل الرمك ما عاد فيهن طماعه
    قالوا تطيب وقلت : وش لون أبا طيب = وطلبت من عند الكريم الشفاعه




    ثم أردفها بقصيدة على نفس البحر والقافيه وقال :



    ذيبٍ عوى وأنا على صوته أجيب = ومن ونتي جضت ضواري سباعه
    عز الله إني جاهل ٍ ما أعلم الغيب = والغيب يعلم به حفيظ الوداعه
    يالله يا رزّاق عِكف المخاليب = يا محصي خلقه ببحره وقاعه
    تفرج لمن صابه جروح ٍ معاطيب = وقلبه من اللوعات غادٍ ولاعه
    إن ضاق صدري لذت فوق المصاليب = مانيب من يشمت فعايل ذراعه
    صار السبب مني على منقع الطيب = ونجمي طِمَن بالقاع عقب إرتفاعه
    يا طول ما هجيتهن معْ لواهيب = ولاني برادي كسرها من ضلاعه
    ويا طول ما نوختها تصرخ النيب = وزن البيوت إللي كبار ٍ رباعه
    وأضوي عليهم كنهم لي معازيب = إليا رمى زين الوسايد قناعه
    أضوي عليهم واتخطى الأطاتيب = وآخذ مهاويه الجمل باندفاعه
    أبا أنذر إللي من ربوعي يبا الطيب = لا ياخذ إلاّ من بيوت الشجاعه
    يجي ولدها مذرب كنـّـه الذيب = عِز لِبُوه وكل ما قال طاعه
    وبنت الردي ياتي ولدها كما الهيب = غبنٍ لبُوه وفاشله بالجماعه
    يا كبر زوله عند بيت المعازيب = متحرّي ٍ متى يقدّم متاعه





    القصة طويلة جداً ولذيب بطولات سجلها التاريخ بأحرف من ذهب ربما يسمح الوقت لاحقاً بطرح بعضها .


    دمتم بصحة وسلامة




    م ن ق و ل

    لكل بداية .. نهاية
  • ابن مرضي
    إداري
    • Dec 2002
    • 6170

    #2
    حديث الزمان

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ذكرتني قصة شالح بن هدلان وابنه ذيب بابن الرومي ومرثيته المشهورة :


    بكاؤكما يشفي وإن كان لايجدي ... فجودا فقد أودى نظيركما عندي
    بُنّي الذي أهتدته كفيّ للثرى ... فياعزة المُهْدى وياحسرة المهدي
    أرى أخويك الباقيين فإنما ... يكونان للأحزان أورى من الزند
    إذا لعبا في ملعب لك لذّعا ... فؤادي بمثل النار عن غير ماقصد




    قصتك محزنة ، سيما أنها من الواقع ، وأسلوبها ممتع ، ولم تطيلي علينا بها ، بل العكس . ولكن ليتها كانت في الفراهيدي..
    كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى = وحنينه أبدا لأول منزل

    تعليق

    • محمد الشهري
      إداري
      • Jan 2003
      • 4339

      #3
      بارك الله فيك أختي حديث الزمان
      فعلاً قصه رائعة وإختصرتيها لنا في المفيد ومثل هذه القصص نتمنى أن تكون في هذا المنتدى

      أكيد دايرة الأتهام نفعت معك ههههه

      تقبلي تحياتي

      تعليق

      • أبو غازي
        عضو مميز
        • Jan 2003
        • 2040

        #4
        الأستاذة حديث الزمان

        بارك الله فيك على نقل هذه القصة وهذه الروائع لهذا الشيخ" الخنفري"

        رحم الله شالح بن هدلان وأخيه الفديع وابنه الذيب

        من أقوال الفارس والشاعر شالح بن هدلان,عندما يعتزي في أبناء قبيلته


        خيال الشعثا وأنا بن دراج

        تعليق

        • المحبي
          عضو مميز
          • Jan 2003
          • 2116

          #5
          الاخت الفاضله حديث الزمان

          قصه فعلآ رائعه وزادها روعة وجمالآ اسلوبك الأدبي فى السرد القصصي
          الجميل0


          وفقك الله وتقبل وافر الشكر والأحترام0

          تعليق

          • أبو نواف النماصي
            عضو مميز
            • Dec 2002
            • 2774

            #6
            سلمتِ ياأختي الفاضلة / حديث الزمان

            قصة وقصائد مؤثرة ورائعة تدل على رقي ذوق مختارها

            أعتقد القصة تجدونها وتجدون غيرها في (كتاب أبطال من الصحراء)

            أليس كذلك ياأختاه ؟؟

            والله سبق لي اطلاع على القصة وغيرها وأنا في المرحلة المتوسطة

            أي من حوالي العشر سنوات .........

            عموما لك ياأختاه فائق الشكر والتقدير

            ولانعذرك أبدا من التواصل بالمزيد من القصص والقصائد ياكاتبة المنتدى
            التعديل الأخير تم بواسطة أبو نواف النماصي; الساعة 30-09-2003, 01:04 AM.

            تعليق

            • ابو عبدالمحسن
              عضو مميز
              • May 2002
              • 1041

              #7
              الأخت الكريمة حديث الزمان :

              إختيار موفق في إنتقاء المواضيع .. وهذه عادة قد تعودناها من حديث الزمان ..

              آمل أن يسمح لك الوقت لاحقاً في طرح بعض بطولات ذلك الشاب وأمثاله

              بارك الله فيك ..

              للجميع تحياتي ،،،

              تعليق

              • حديث الزمان
                عضوة مميزة
                • Jan 2002
                • 2927

                #8

                الاستاذ الفاضل بن مرضي

                اشكر لك مرورك الكريم وتعقيبك الجميل .



                الأخ الكريم محمد

                أشكر لك حضورك .

                بالفعل دائرة الاتهام نفعت وأتوقع أنها سوف تنفع معك أيضاً (( قريباً جداً )) ...


                الأخ الكريم أبو غازي


                لك الشكر والتقدير على حضورك وتعقيبك .


                الأخ الكريم المحبي


                أشكر لك مرورك الكريم .


                الاستاذ الكريم أبو نواف النماصي


                القصة تناولها عدد كبير من المؤرخين والكتاب وهناك الكثير من المؤلفات والكتب التي تحكي البطولات والوقائع والأحداث المثيرة التي تمثل شجاعة ذيب وفروسيته كما تمثل سمو القيم والمبادىء عند هذا الفارس التي أثبتها الأعداء آنذاك وأقروا بها .


                الغريب أن ما حدث بين قحطان وعتيبة من حروب قديمة لا تزال آثارها السلبية تتناقلها الأجيال بل وتثير الكثير من المشاكل والخصومات حتى بين طبقة المتعلمين والمثقفين من أبناء القبليتين (( قحطان و عتيبه )) .


                الاستاذ الكريم أبو عبدالمحسن

                اشكر لك مرورك الكريم وأعدك بتقديم ما يسمح به وقتي من قصص وبطولات هذا الفارس .



                لكم الشكر جميعاً على هذا التفاعل الرائع

                لكل بداية .. نهاية

                تعليق

                • قينان
                  أدعو له بالرحمه
                  • Jan 2001
                  • 7093

                  #9
                  لقد أطلعت على ماكتب في محاكمة الكاتبه البارعة حديث الزمان ونعتها بالبخل والصدود في الدخول الى الشعبيات . هاهي طلّت وأتت بما لم يأتي به الأوائل . لقد كتبت فأبرعت في الكتابه والسرد القصصي وأختارت من الاشعار ماتشتاق النفس إلى مثله فلها مني الشكر والاحترام وأدعو لها بالتوفيق وأطلب منها الاستمرار وأن تهل علينا ولو في كل شهر
                  هبوا أيه الأعضاء ووثقوا ماتسمعون به من الأباء والاجداد
                  دعوات صادقة من القلب
                  sigpic

                  تعليق

                  • حديث الزمان
                    عضوة مميزة
                    • Jan 2002
                    • 2927

                    #10
                    الاستاذ الفاضل قينان


                    اطلاعك على هذا الموضوع تشريف لي وله ، وتعقيبك عليه وسام اتشرف بحمله لا سيما وأنه صادر ممن لا يعرف للمجاملة طريقاً ولا للمحاباة المزعومة سبيل .


                    اشكرك من الاعماق على ما اثنيت وتفضلت به عليَ مما لا استحقه ..


                    تقبل مني جزيل الشكر وعظيم الامتنان واسأل الله أن يديم عليك لباس الصحة والعافية إن ربي سميع مجيب الدعاء .

                    لكل بداية .. نهاية

                    تعليق

                    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
                    حفظ-تلقائي
                    إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  

                    ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

                    يعمل...