القهوة العربية
تاريخها ، عِــدّتـُها ، إعدادها ، عـاداتهــا
من غير المستحسن أن أكتب عن القهوة في الجنوب دون أن يأسرني ذلك البيت الرائع للشــاعر المظــلوم [ منشــار الزهراني ] والذي ورد في الطرف الثاني من قصيدته التاريخية التي دون بها في سجل التاريخ مناسبة إفتتاح الطريق إلى بيضان وقرى قرن ظبي في منتصف الثمانينات الهجرية وختام البدع بيته المشهور أيضــاً
خله يمهد شــفا بيضـان والداي خــله
وهذا هو البيت كما جاء خاتمة بديعة للــرد
وراعي الكيف ما يسلى عـنه دايــخ ٌ له
وهو بالتأكيد يشير إلى البن الصدري وجمال بيته وروعته لم يصل إليها صاحب القصيدة التالية والذي يؤسفني عدم معرفة إسمه
أشـــرب مــن الدلـــه ولو كلها ســـــــم
ماهــــز فنجـــــالك ولاقــــول كافــــــي
مــــادام من يمنـــــاك وتقول لي ســــــم
باســم الله اشـــرب كل سمــّك عـوافــــــــي
تحتل قهوة البن أهمية استثنائية في ذاكرتنا وقـد شغل هـذا المشــروب بال العالم أكثر من ثلاثة قرون ومع ذلك لم يعرف إلا عن طريق المصادفة ، يقول الدكتور على محمود عويضة في موسوعته عن الغذاء : أن راعياً كان يرعى غنمه في ناحية من نواحي اليمن فوجدها نشيطة وقد اعترتها حالة غير عادية من الحيوية والنشاط، وتسعى وراء مرعاها دون كلل أو ملل ، إذا ما أكلت من حبوب وأوراق الشجيرات الموجودة في هذا المكان، ولم يستغرق الأمر من الراعي وقتا طويلا حتى قرر أن يتناول هو الآخر بعضا من حـبوب تلك الأشجار ليعرف تأثيرهـا على نفسه ، فجرب أكلها فلم يستسغها، ثم جرب شربها بعد غليها واكتشف أثرها الواضح في زيادة نشاطه وحيويته، وكان هذا سببا في اكتشاف شجرة البن التي يُصنع منها مشروب القهوة، والذي يعد من أكثر المشروبات انتشارا واستهلاكا في العالم.
وكان هذا أول اكتشاف للقهوة ومن ثم انتشارها . وهناك في اليمن قصة أخرى متداولة حول ظهور واكتشاف البن لا تختلف عن القصة المشار إليها باستثناء أن المكتشف لم يكن راعياً وإنما ولياً من أولياء الله الصالحين
وقد كان البن أهم سلعة يمنية تصدر إلى الخارج عبر ميناء المَخا - ومدينة المَخَا أو{ مخن } أو ( مخان ) بلغة المسند هو اسمها مُنذُ فترة ما قبل الإسلام حتى اليوم - وعبر العصور السابقة وحتى اليوم ، إضافة إلى الصبر ، والبخور ، وأعواد الأراك في العصور القديمة، كما تصدر كميات كبيرة من الزبيب.
يقول المؤرخ " الواسعي " وباسم المَخا يسمي الإفرنج أفخر أنواع البن عندهم {{ MOCKA COFFEE }} [ والتي تعني بن المَخا ]
كما أن كلمة " Coffee " بالإنجليزية مشتقة من الكلمة العربية " قهوة " وكانت كلمة " قهوة " قد تحرفت في اللغة التركية إلى كلمة " كافيه Kabveba " واشتق منها الاسم الفرنسي " Cafea " والإيطالي " Caffea " والألماني " Kaffeea "
ولقد بحثت كثيرا في معظم المعاجم والقواميس العربية عن معنى كلمة قهوة لكنني لم أجد إلا التالي
قها قها أقهى عن الطعام و اقتهى ارتدت شهوته عنه من غير مرض مثل أقهم يقال للرجل القليل الطعم قد أقهى وقد أقهم وقيل هو أن يقدر على الطعام فلا يأكله وإن كان مشتهيا له و أقهى عن الطعام إذا قذره فتركه وهو يشتهيه و أقهى الرجل إذا قل طعمه
و أقهاه الشيء عن الطعام كفه عنه أو زهده فيه و قهي الرجل قهيا لم يشته الطعام و قهي عن الشراب و أقهى عنه تركه المقهي والآجم الذي لا يشتهي الطعام من مرض أو غيره
وأنشد شمر
لكالمسك لا يقهي عن المسك ذائقه
ورجل قاه مخصب في رحله وعيش قاه رفيه و القهة من أسماء النرجس
قال أبو الطمحان يذكر نساء
فأصبحن قد أقهين عني كما أبت = حياض الإمدان الهجان القوامح
وعيش قاه بين القهو و القهوة خصيب ،القاهي الحديد الفؤاد المستطار
قال الراجز :
راحت كما راح أبو رئال = قاهي الفؤاد دائب الإجفال
والقهوة في اللغة العربية قد تكون مشتقة أو مأخوذة من كلمــة ( ألقاه ) وهي الجاه وتعني سرعة الإجابة في الأكل
ومنه الحديث أن رجلاً من أهل اليمن قال للنبي صلى الله عليه وسلّم ( إنـّا أهل قاه فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه فعملوا له فأطعمهم وسقاهم من شراب يقال له المزر فقال : أله نشوة ..؟؟ قال نعم قال : فلا تشربوه قال أبو عبيده : ألقاه سرعة الإجابة وحسن المعاونة يعني أن بعضهم يعاون بعضاً وأصله الطاعة ،
والقاهي الرجل المخصب والقـُوهة بضم القاف هي اللبن إذا تغير قليلاً وفيه حلاوة الحلب وقال أبو عمر والقوهة اللبن الذي يلقى عليه من سقاء رائب شيء ويروب قال جندل والحرز والقوهة والسريقاء والقوهي ثياب بيض وهي كلمة فارسية وقـُوهستان بضم القاف اسم مكان والقوهي بيض القانع . وأنشد ابن بري لنصيب :ـ
سودت فلمْ أملك سوادي وتحته = قميص من القوهي بيض بنائقه
ويتقاوهان : معناها يصرخان كأنهما يصيحان بصوت هو إمارة بينهما فيتعارفان
غير أن قواميس اللغة العربية الحديثة تشير إلى أنها شراب البن المغلي
وفي الشعر العربي أبيات تأتي على ذكر القهوة بلفظها وربما تعني شئ أخر
فهذا جواد عواد البغدادي
بدا للقهوة السوداء حب = بكف رشا جوى قلبي عليه
فمالت نحوها حبات قلبي = و شبه الشيء منجذب إليه
جواد عواد البغدادي
لقلبي نشوة لم تأتي حتى = تبل القهوة السوداء أوامي
النابغة الجعدي
لِ
مَنِ الدَّارُ كَأَنْضَاءِ الخِلَلْ = عَهدُهَا مِنْ حِقَبِ العَيْشِ الأُوَلْ
وَشَمُولٍ قَهْوَةٍ بَاكَرْتُهَا = في التَّباشِيِرِ مِنَ الصُّبْحِ الأوَلْ
قهوةً لو سُقيتها صخرةٌ = أورقتْ باللهو منها والطرب
ابن خفاجة الاندلسي
أبى البرقُ إلآّ أن يحنّ فؤادُ = و يكحلَ أجفانَ المحبّ سهادُ
فبتّ و لي من قانئ الدمعِ قهوةٌ = تدارُ و من إحدى يديّ وسادُ
عبد الله بن المعتز
فتنتْ قلبكَ العيونُ الملاحُ ، = و اغتباقٌ بقهوةٍ و اصطباحُ
و قدودٌ كأنهنّ غصونٌ ، = و خدودٌ كأنها التفاحُ
الأعشى
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً، = وقهوةً مزّةً راووقها خضلُُ
وثمرة البن عبارة عن " عنبـه " بداخلها بذرة أو بذرتان على شكل كروي وتحاط كل بذرة بمادة لحمية وعند نزع قشرة العنبة تلك تخرج منها حبتان نصفيتان هو حب البن المعروف ويوجد حول كل بذرة غشاء رقيق شفاف وتحته البذرة ، وهي ذات لون أخضر ، والشجرة تنتج ثلاث مرات في السنة ، تنزع بذرة البن من عنبتها ، أما بآلة خاصة وأما أن تترك لتجف وحدها فتنفصل البذرة عنها ، وعند تصدير البن يتم تبخيره لقتل الجنين حتى لا تستنبت البذور في الخارج .
القِشْـــــْر
وبعد حصاد البن تعتبر عملية تقشير ثمرته هي المرحلة الأخيرة ، وتتلخص في فصل قشرة الثمرة عن النواة وقبل عملية فصل النواة عن القشرة يتم نقع الثمرة في الماء لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثمان ساعا ت حتى تسهل عملية الفصل ولا تتأثر النواة وتحافظ على المستوى المطلوب من الجودة والنكهة، ويعرف المشروب الذي يعد منها بالقشر وهو قهوة الفقراء ولذلك هجاه الشاعر علي بن محمد جماح رحمه الله بقصيدة عنوانها
بقعا تصوع القشر
بقعا تصوع القشر وجمال تجيبه
مايجي قهوه عجيبه
عسى الذي يشربه والصافي يشوفه
يعدمه روحه وشوفه
إلا أن يكن من عسر يا ربي تجُد له
وفي البن مادة منشطة إسمها "الكافيين " مقوية للقلب ومنشطة للأعصاب والعضلات وقد اكتشف العرب القدماء هذه الخواص ،، ويمكن أن تطلق لفظة "قهـوة" على الموضع الذي نشربها فيـه وتقول كتب التاريخ أنه كانت للعرب محطات خاصة على الطرق تسمى [ القهاوي ] تقف فيها ركبانهم لتستريح من عناء السفر وتنشط قواها بارتشاف بعض فناجين القهوة .
وقد لوحظ أن العرب يحرصون على تحميص البن قليلاً لأن هذا يعطيه جودة ولهذه النظرة أساسها العلمي فالتحميص ينتج مركباً يعرف بـ"الكافيول" وهو مصدر تلك النكهة
يقول الشاعر في وصف القهوه العربيه ...
دنـيـت لي من غـالــي البن مـالاق
بالكـف لاقـيها عن العـذف منســوق
احـمـس ثـلاث يانديـمـي على ســاق
ريحه على جـمر الغضا يفضح السـوق
وايـاك والنـيه وبالـك والاحــراق
واصـحـى تصير بحمسة البن مطـفـوق
الااصفرّ لونها ثم بشّـت بالاعــراق
صفراً كما الياقوت يضرب لها اللوق
واعـطـت بريـحً فاخـر فاضـح فــاق
ريحه كما العنبر بالانفاس منشــوق
دقـه بنجـرٍ يسـمعـه كل مشـــتـاق
راعـي الهوى يطرب الا دق بخـفــوق
لقّـم بدلـة مولّــع كـنها ســــاق
مصـبوبةٍ مربـوبـةٍ تـقـل غـرنــوق
خـله يفوح وراعي الكـيف يشـــتاق
هـيلٍ ومـسـمارٍ بالاسـباب مسـحــوق
مع زعـفرانٍ والشـمطـري الا انسـاق
والعنبر العالي على الطاق مطـبوق
فيلا اجـتمـع هـذا وهـذا بتيفــاق
صـبه كـفيت العـوق الى كل مخـلوق
بفنجـال صـينٍ زاهـيٍ عـند الارمـاق
و تزرع أشجار البن في منطقة الباحة في الأصدار و في الشدوين الأعلى والأسفل- وهما جبلان عظيمان يقعان في تهامة -
والأصدار اسم يطلق على أماكن يمكن أن نطلق علىالواحدة منها مسمى القرية مجازاً لصغرها وتقع على المنحدرات الغربية لسفوح جبال السراة ولا تصل إليها السيارات إطلاقاً وتتميز بمناخ معتدل على مدار السنة ولها مزارع على شكل مدرجات صغيرة جداً نحتت في الصخر وتسقيها ينابيع صخرية عذبة الماء وأهم هذه الأصدار
1/ صدر مطيب ، الخشعه ،الحروص ، وكرمه التابع لحزنة بلجرشي
2 / صدر مخشوش ويقع قسم منه في حزنه وقسم أخر تابع المدان ببلجرشي
3 /صدر الجنش مما يلي الحمران ببلجرشي
4/ صدر لوبه في حوالة بالشهم
5/ صدرالحنجور والخلي لبني ضبيان
ومحاصيل هذه الأصدار هي الموز والبن والليمون والحناء والكادي والريحان والبعيثران والعطر والشار والغلف وبعض الخضار وقد امتدح الشاعر عبدالله الزرقوي رحمه الله هذا النوع من البن بقوله
ان اهلك يا صالبيّ في الاصدار
بن يضلي مغرسه في كبا بات
ثلث وربع لاتقل بي يثاني
الموروث8/3
وتحتاج صناعة القهوة وإعدادها للشرب إلى مهارة فائقة من الصانع ، كما تتطلب أدوات خاصة تساعد على إنضاج حب البن بالدرجة المناسبة لإعداد قهوة لذيذة ينتشى شاربها ويستزيد .
عٍــدّة القهوه أوأدواتها
1/ الـــــدلـة : وتصنع من النحاس أو الألمنيوم أو الحديد الخفيف وتكون أكبر حجمـاً من المصـفاة وتستخدم لغلي وتفوير القهوة وتجهيزها على النار ثم تفرغ بعد الاستواء في الدلة الأصغر [ المصفاه ]
2/ المصـفاة : وأخذت إسمها من تصفية القهوة بعد [ طبخها ] حيث تصب فيها وتصفى لتقدم للضيوف وأشهرها أطقم الدلال (القريشيات ) وهي مصنعة من النحاس وتأتي قطعة واحدة لا يستخدم فيها اللحام ولونها في الغالب أصفر مذهّب
وهذا جماح بن علي الغامدي تعجبه قهوة دلال الرسلان فيتغنى قائلاً
ياصالبي كيفة الخارم نشوفه
في عملة الرسلان والهاوند فيصل
ياجي على جمر القرض ومتان عوّد
الموروث 111/3
وهناك أطقم أخرى منها ما يسمى (أرسلان) لونها في الغالب أصفر ومنها (البغداديات ) ويأتي لونها أبيض فضي
3/ الفناجــيل
وكانت الفناجيل تسمى [ بالحيسي ] وتصنع من الحديد او الفخــار الأحمر حتى جاءت فناجيل الصيني أو البورسلان وهي أيضاً تصنع من نوع من الفخار المطلي وهناك نوع يصنع من الزجاج الشفاف وأخر من الزجاج المعتم
وقد تعددت معاني الفناجيل التي تعارف الناس عليها بتعدد مغزاها ومقصدها ومنها :
فنجال الهيف : وهو أن يشرب المستضيف أول فنجال من الـدلة امام الضيف ليطمئن الضيف بأن القهوه سليمه .
*فنجال الضيف : وهو للمودة والعيش والملح
*فنجال الكيف : وهو خاص بالكيف والتذوق.
* فنجال السيف : وهذا الفنجال يلزم الضيف بالدفاع عن القبيلة أو الشخص الذي استضافه كما انه يعتبر عهد بالدفاع المشترك بين المضيف والضيف وإجمالا فنجال السيف يعني القوه والمنعه والشرف.
4/ المحماس : وهو عبارة عن ملعقة كبيرة غير عميقة تصنع من الحديد ولها يد طويلة لكي تمكن حامس البن من الابتعاد عن النار ولها يد تسمى المحراك لتقليب البن وتحريكه أثناء الحمس
5/ المهراس : ويسمى أيضاً[ بالهاون ] أو [ النجــر ]أو [الهوند ] ،وهو الوعاء المعدني أو النحاسي ويستخدم لدق البن في داخله بعد حمســه أو تحميصه بقطعة من الخشب أو النحاس مخروطية الشكل تسمى "المدق" أو [ يد المهراس ] وله قاعدة فوقها رقبة نحيلة كالخصر يجثم فوقها تجويف المهراس وكان في السابق يصنع من الخشب لعدم توفر النحاس ويثبت ذلك الشاعر
صالح العسيس الغامدي بقوله
يقول بو عبدالله يا صالبي نجران عوده
فالخلي والعين ماشي كما بن المصادير
من بعد جود الله ريته يظلي في شدا ادهم
في وادي الرحمن والخلق له ودي اسري ا بات
الموروث 61 /1
6 / الصــــلل : وهو نوعان :
أ / [ الصـلل ] نوع ثابت يشيد في أوساط المجالس من الطين والحجارة بشكل مربع جزء منه مرتفع قليلا بحوالي شبر ونصف على شكل مدرجات تـُصَفُّ على أطرافه دلال القهوة الصفراء البراقه وتوقد النار في الجزء المنخفض
ويوضع فوقها كانون مربع او مثلث تنتصب فوقه دلال القهوة وإلى جوارها شاب يافع يدق المهراس ليهرس البن مازجا بين دق البن وولولوة المهراس الإيقاعية الشجية
ب / النوع الثاني وهومصنوع بالكامل من الحديد او الألمنيوم وهو متحرك وغير ثابت وهو نسخه من الصلل الثابت واجمل منه في الشكل والألوان وعدم الثبات
وبالله تصبوا هالقهوه وزيدوها هيل
واسقوها للنشامى عضهور الخيل
6 / الملقـــاط : وهو ذراعان من الحديد مثبت طرفيه من جهة ويلتقط بطرفية الآخران الجمر لإعادة توزيعه أو ترتيبه حسب الطلب
7/ المنفـــاخ : وهو نوعان نوع يصنع من الجلد والخشب وينتهي طرف النفخ منه بأنبوب معدني نحيف وينقش ويزين بالمرايا ومسامير فضية أو ذهبية تشبه النجوم والأخر انبوب معدني مفتوح من جهة ومثقوب من الطرف الآخر ويستخدم بواسطة الفم لنفخ النار وإيقادها
8/ الوقــــايه : وتصنع من القماش المطرز والمبطن بالقطن أو الخيش وتستخدم بوضعها على مقبض الدلة أو المصفاة لوقاية راحة اليد من حرارتها عند نقلها
9/ القـُطـْـف : ويصنع من الجلد المدبوغ وبعضها عيها بعض النقوش التي تشبه الوشم وله رباط متداخل بطرفين يمكن بواسطتها قفله او فتحه وله حزام طويل لحمله على الكتف
10/ الطـاســه : إناء توضع به الفناجيل مع الماء لتنضيفها
11/ صحن التمر : وبه يوضع التمر وأحياناً الفناجيل وكان يصنع من سعف النخيل ويسمى المحصل ويصنع الأن من الألمنيوم أو الخشب المضغوط أو الزجاج أو الحديد وأشكاله مستديرة أو مربعة أو مستطيلة .
وتبدأ عملية إعداد القهوة بانتقاء البن أولاً ، وأحب البن إلى الناس [الصدري ] البلدي ويتميز برائحة نفاذه وطعم لذيذ ويسمى الصالبي ، ولايمكن ان يرد ذكر الصالبي دون ان يرد ذكر بــُنّ الشعراء ونكهتهم الأصيلة محمد بن ثامرة الذي وصف الصالبي قائلاً
اقوله يا صالبي البن ما ينقلع تام
يزين شـعبه الى ضلا يميل الورق به
وكذلك فعل علي بن احمد الزهراني
علي يقل يا صالبي ما بيع دينه
بعيد علّلي يلتفت له وبالمحاسب
في صدر من سد حبساً صلوا كمايه
الموروث 61
ثم اليمني وأصنافه
: العديني ، الدوائري ، والتفاحي ، البن الحمادي المطري ، الحيمي ، اليافعي ، البرعي ،والحرازي و"الرازقي" والبرازيلي ثم " الهرري الحبشي"الذي خصص له الشاعر المبدع عبد الواحد بن سعود قصيدة حديثة قال فيها
يابن ياهــرري يافاتـــح اللونـــي
وخمس حبات من هيل الحبش فوقه
والمستكة والقرنفل والزعفراني
قهوة تزيد الغلا ياضيف الجوادي
لك انت والا لغيرك ما سكبناها
وعملية الإعداد تتلخص في وضع البن في المحماس أو المقلاة ثم وضعها على النار لتحميصها وتحريكها بالمحراك أو يد المحماس حتى يميل لون الحب إلى الاحمرار إشارة إلى نضجه ، ثم توضع حبوب البن في المهراس أو الهاون وتدق حتى تنعم وتغدو كالطحين ، وتوضع بعد ذلك في دلة كبيرة على النار في موقد يعد خصيصاً لهذه العملية ،
يقول الشاعر دغيّم الظلماوي الشلاقي الشمري
ياكليب شب النار يا كليب شبّـــه = عـليك شبه والحطب لــك يجـابــيْ
وشبّه ليـا منه غفي كل هابــــــي = وأدغث لها يا كليب من سمر حبّـه
تجذب لنـا ربع سرات غيابــــــي = أبي ليا شبيتـها ثــم قبــّــــــــه
وعندما يغلي الماء الذي بداخلها يتم وضع "التلقيمة" أي الكمية المناسبة من البن بداخلها ، وتعاد الدلة إلى النار مرة ثانية وثالثة وهي تغلي حتى تنضج ثم تنزل من على النار وتترك فترة على الأرض حتى ترسب التلقيمة أسفل الدلة وبعد ذلك تصب القهوة من الدلة الكبيرة إلى الدلة ألصغرى [ المصفاه ] . ولا ينبغي أن تنسكب القهوة من الدلة عندما تفور فوق النار حيث يعتبر ذلك شيئاً مكروهاً ، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الأمزجة من ناحية كمية المعطرات [ الهيل ، الجنزبيل ، العويدي ] ، وبذلك تصبح القهوة جاهزة للشرب .
يا ما حلى الفنجال مع سيحة البال ... في مجلسن مافيه نفساً ثقيله
هذا ولد عم و هذا ولد خال ... وهذا رفيقاً ما لقينا مثيله
وللقهوة في الجنوب عادات لازال بعضها متوارث حتى الأن وبعضها عفى عليها الزمن ومن افضل أو قات شرب القهوة في الصباح الباكر قبل الذهاب إلى مكان العمل ومعها حبات من التمر ومن العادات البائدة للقهوة في الزواجات أو المناسبات الكبيرة أو حفلات السمر أن يأخذ كل فرد معه وهو ذاهب لذلك المكان قليل من القهوة الغير محمصة [ طبخة ] وما كانوا يملكون وعاءً لتلك الطبخه فكان الواحدمنهم يربطها في طرف عمامته وإذا دخل المجلس يفرغها في إناء معد لذلك يراه الجميع وكنت أعداد الفناجيل في الغالب أقل من عدد الحاضرين فيتم تقديمها بالدور ولايمكن تخطي أي واحد منهم ويعتبر ذلك لوحدث وهو نادر الحدوث عيب كبير و[ شرهه ] يتوجب لها حقوق كبيرة وبذلك يضرب المثل [ وإلا يتخطراني الفنجال] ويعني ذلك منقصة كبرى في قيمة الرجال وحقوقه بين ربعة
وقد امتدح علي بن سعد أبو عالي صاحبه محمد ملاسي - عليهما رحمة الله - في هذا المجال بقصيدته التالية
حيا الله قصــراً وثيق السامته والربوع
والضيف لاجـاه مايلقـى لـه إلا إنشراح
يلقى المعاميل والكيفه ويارا احتشـام
والقهوجي مجتهد في الهيل والبن جهاد
وعملته مان فيها وادرج ادوالها
وعادة تقدم أولاً لأكبرهم سناً كالأب أو ذو المكانة الإجتماعية الأعلى كالشيخ أو العريفة أو الضيف أو المسافر الآيب من غربته أو الشخص المحتفى به ولا يتحدث الضيوف [ العـِلاّمة ] إلا بعد ما تدور فناجيل القهوة ولذلك يسـارع أهل البيت [ المستضيفين ] في تقديم القهوة حتى لا تتأخر العلوم وهي تقليد جرت عليه العادات وإن كان للضيوف حاجة ملحة وتبدو صعبة المنال وغير واثقين من تحقيق مطلبهم الذي جاءوا من أجله فإنهم يلجأون عند تقديم القهوة إلى عدم شربها وذلك بوضع الفناجيل على الأرض كما هي على غير العادة فيستغرب المضيف ويستحثهم على شرب قهوتهم وهنا يبدؤون في التلميح وطلب الوعد بقضاء حاجتهم وعادة وهو الأغلب يأتيهم الجواب بأن حاجتهم مقضية فيشربون قهوتهم ثم من خلال علومهم يعرضون حاجتهم التي جاءوا من أجلها ومن تقديرهم البالغ للقهوة يشيرون في عزيمتهم وفي دعوتهم [ بأن لكم عندنا فنجان قهوة ]وهو مصطلح متفق عليه ويعرفونه جميعا بان ذلك يعني الدعوة لغداء أو عشاء وإنما أطلق الجزء وأريد به الكل فالقهوة جزء من الوجبة ولكنها عنوان لها . ومن عادات صب القهوة في الفناجيل عدم ملئها وبذلك يضربون المثل بقولهم [ الملء غــدر والشـطر قدر]
ونختم هذا الموضوع ببعض القصائد المعبرة ونتترككم معها ومع كوب من القهوة المعطرة ونستودعكم اللــه والعفو على الإطالة
محمد حسن المالحي
يا صالبي البن يا بيت راشد
لا جاه من تجار غامد خلا الحوش
ياليتني شار بيته
في ديرة عند ابن ماشي كماها
للبن واحيا تربي
الشعبي 46
جريبيع بن صالح الزهراني
الموروث91
وان نهلك يا صالبيا زان صرفه
مصيون ما جاه برد الصرافي
من سد بوب الصراريف
ما بيعه الا حن يضلي مصرف
بذهب يصرفونه
مساعد بالرقوش
الموروثات 86/3
يابن عبوله قصاب واشرفيات
مابيعه الابالذهب مابيع بهلول
ماهبته ريح الشمال ولا نجادا
حطوا على الكال الصدريابن كالي
سعيد بن أحمد عيسى الزهراني
موروث 102/3
ابن عيسى قال ياصالبي ياصدري
عند من وزعوا للبن عمله نظيفه
ليت لي في زهوب البن نظره وبدوي
غير دونه وكيل هرجته برتكيه
وازيٌ ياعرب ما نبصره من جداره
ما اسعدك يالذي يتولف البن سعيدي
المصادر
1 / الموروثات للسلوك
2 / الأدب الشعبي للمالحي
3 / مجموعة القواميس العربية
4 / الأزهار النادية في أشعار البادية
5 / محرك جــوجل
6 / المـــوقع
تاريخها ، عِــدّتـُها ، إعدادها ، عـاداتهــا
من غير المستحسن أن أكتب عن القهوة في الجنوب دون أن يأسرني ذلك البيت الرائع للشــاعر المظــلوم [ منشــار الزهراني ] والذي ورد في الطرف الثاني من قصيدته التاريخية التي دون بها في سجل التاريخ مناسبة إفتتاح الطريق إلى بيضان وقرى قرن ظبي في منتصف الثمانينات الهجرية وختام البدع بيته المشهور أيضــاً
خله يمهد شــفا بيضـان والداي خــله
وهذا هو البيت كما جاء خاتمة بديعة للــرد
وراعي الكيف ما يسلى عـنه دايــخ ٌ له
وهو بالتأكيد يشير إلى البن الصدري وجمال بيته وروعته لم يصل إليها صاحب القصيدة التالية والذي يؤسفني عدم معرفة إسمه
أشـــرب مــن الدلـــه ولو كلها ســـــــم
ماهــــز فنجـــــالك ولاقــــول كافــــــي
مــــادام من يمنـــــاك وتقول لي ســــــم
باســم الله اشـــرب كل سمــّك عـوافــــــــي
تحتل قهوة البن أهمية استثنائية في ذاكرتنا وقـد شغل هـذا المشــروب بال العالم أكثر من ثلاثة قرون ومع ذلك لم يعرف إلا عن طريق المصادفة ، يقول الدكتور على محمود عويضة في موسوعته عن الغذاء : أن راعياً كان يرعى غنمه في ناحية من نواحي اليمن فوجدها نشيطة وقد اعترتها حالة غير عادية من الحيوية والنشاط، وتسعى وراء مرعاها دون كلل أو ملل ، إذا ما أكلت من حبوب وأوراق الشجيرات الموجودة في هذا المكان، ولم يستغرق الأمر من الراعي وقتا طويلا حتى قرر أن يتناول هو الآخر بعضا من حـبوب تلك الأشجار ليعرف تأثيرهـا على نفسه ، فجرب أكلها فلم يستسغها، ثم جرب شربها بعد غليها واكتشف أثرها الواضح في زيادة نشاطه وحيويته، وكان هذا سببا في اكتشاف شجرة البن التي يُصنع منها مشروب القهوة، والذي يعد من أكثر المشروبات انتشارا واستهلاكا في العالم.
وكان هذا أول اكتشاف للقهوة ومن ثم انتشارها . وهناك في اليمن قصة أخرى متداولة حول ظهور واكتشاف البن لا تختلف عن القصة المشار إليها باستثناء أن المكتشف لم يكن راعياً وإنما ولياً من أولياء الله الصالحين
وقد كان البن أهم سلعة يمنية تصدر إلى الخارج عبر ميناء المَخا - ومدينة المَخَا أو{ مخن } أو ( مخان ) بلغة المسند هو اسمها مُنذُ فترة ما قبل الإسلام حتى اليوم - وعبر العصور السابقة وحتى اليوم ، إضافة إلى الصبر ، والبخور ، وأعواد الأراك في العصور القديمة، كما تصدر كميات كبيرة من الزبيب.
يقول المؤرخ " الواسعي " وباسم المَخا يسمي الإفرنج أفخر أنواع البن عندهم {{ MOCKA COFFEE }} [ والتي تعني بن المَخا ]
كما أن كلمة " Coffee " بالإنجليزية مشتقة من الكلمة العربية " قهوة " وكانت كلمة " قهوة " قد تحرفت في اللغة التركية إلى كلمة " كافيه Kabveba " واشتق منها الاسم الفرنسي " Cafea " والإيطالي " Caffea " والألماني " Kaffeea "
ولقد بحثت كثيرا في معظم المعاجم والقواميس العربية عن معنى كلمة قهوة لكنني لم أجد إلا التالي
قها قها أقهى عن الطعام و اقتهى ارتدت شهوته عنه من غير مرض مثل أقهم يقال للرجل القليل الطعم قد أقهى وقد أقهم وقيل هو أن يقدر على الطعام فلا يأكله وإن كان مشتهيا له و أقهى عن الطعام إذا قذره فتركه وهو يشتهيه و أقهى الرجل إذا قل طعمه
و أقهاه الشيء عن الطعام كفه عنه أو زهده فيه و قهي الرجل قهيا لم يشته الطعام و قهي عن الشراب و أقهى عنه تركه المقهي والآجم الذي لا يشتهي الطعام من مرض أو غيره
وأنشد شمر
لكالمسك لا يقهي عن المسك ذائقه
ورجل قاه مخصب في رحله وعيش قاه رفيه و القهة من أسماء النرجس
قال أبو الطمحان يذكر نساء
فأصبحن قد أقهين عني كما أبت = حياض الإمدان الهجان القوامح
وعيش قاه بين القهو و القهوة خصيب ،القاهي الحديد الفؤاد المستطار
قال الراجز :
راحت كما راح أبو رئال = قاهي الفؤاد دائب الإجفال
والقهوة في اللغة العربية قد تكون مشتقة أو مأخوذة من كلمــة ( ألقاه ) وهي الجاه وتعني سرعة الإجابة في الأكل
ومنه الحديث أن رجلاً من أهل اليمن قال للنبي صلى الله عليه وسلّم ( إنـّا أهل قاه فإذا كان قاه أحدنا دعا من يعينه فعملوا له فأطعمهم وسقاهم من شراب يقال له المزر فقال : أله نشوة ..؟؟ قال نعم قال : فلا تشربوه قال أبو عبيده : ألقاه سرعة الإجابة وحسن المعاونة يعني أن بعضهم يعاون بعضاً وأصله الطاعة ،
والقاهي الرجل المخصب والقـُوهة بضم القاف هي اللبن إذا تغير قليلاً وفيه حلاوة الحلب وقال أبو عمر والقوهة اللبن الذي يلقى عليه من سقاء رائب شيء ويروب قال جندل والحرز والقوهة والسريقاء والقوهي ثياب بيض وهي كلمة فارسية وقـُوهستان بضم القاف اسم مكان والقوهي بيض القانع . وأنشد ابن بري لنصيب :ـ
سودت فلمْ أملك سوادي وتحته = قميص من القوهي بيض بنائقه
ويتقاوهان : معناها يصرخان كأنهما يصيحان بصوت هو إمارة بينهما فيتعارفان
غير أن قواميس اللغة العربية الحديثة تشير إلى أنها شراب البن المغلي
وفي الشعر العربي أبيات تأتي على ذكر القهوة بلفظها وربما تعني شئ أخر
فهذا جواد عواد البغدادي
بدا للقهوة السوداء حب = بكف رشا جوى قلبي عليه
فمالت نحوها حبات قلبي = و شبه الشيء منجذب إليه
جواد عواد البغدادي
لقلبي نشوة لم تأتي حتى = تبل القهوة السوداء أوامي
النابغة الجعدي
لِ
مَنِ الدَّارُ كَأَنْضَاءِ الخِلَلْ = عَهدُهَا مِنْ حِقَبِ العَيْشِ الأُوَلْ
وَشَمُولٍ قَهْوَةٍ بَاكَرْتُهَا = في التَّباشِيِرِ مِنَ الصُّبْحِ الأوَلْ
قهوةً لو سُقيتها صخرةٌ = أورقتْ باللهو منها والطرب
ابن خفاجة الاندلسي
أبى البرقُ إلآّ أن يحنّ فؤادُ = و يكحلَ أجفانَ المحبّ سهادُ
فبتّ و لي من قانئ الدمعِ قهوةٌ = تدارُ و من إحدى يديّ وسادُ
عبد الله بن المعتز
فتنتْ قلبكَ العيونُ الملاحُ ، = و اغتباقٌ بقهوةٍ و اصطباحُ
و قدودٌ كأنهنّ غصونٌ ، = و خدودٌ كأنها التفاحُ
الأعشى
نازعتهمْ قضبَ الرّيحانِ متكئاً، = وقهوةً مزّةً راووقها خضلُُ
وثمرة البن عبارة عن " عنبـه " بداخلها بذرة أو بذرتان على شكل كروي وتحاط كل بذرة بمادة لحمية وعند نزع قشرة العنبة تلك تخرج منها حبتان نصفيتان هو حب البن المعروف ويوجد حول كل بذرة غشاء رقيق شفاف وتحته البذرة ، وهي ذات لون أخضر ، والشجرة تنتج ثلاث مرات في السنة ، تنزع بذرة البن من عنبتها ، أما بآلة خاصة وأما أن تترك لتجف وحدها فتنفصل البذرة عنها ، وعند تصدير البن يتم تبخيره لقتل الجنين حتى لا تستنبت البذور في الخارج .
القِشْـــــْر
وبعد حصاد البن تعتبر عملية تقشير ثمرته هي المرحلة الأخيرة ، وتتلخص في فصل قشرة الثمرة عن النواة وقبل عملية فصل النواة عن القشرة يتم نقع الثمرة في الماء لمدة تتراوح بين ساعتين إلى ثمان ساعا ت حتى تسهل عملية الفصل ولا تتأثر النواة وتحافظ على المستوى المطلوب من الجودة والنكهة، ويعرف المشروب الذي يعد منها بالقشر وهو قهوة الفقراء ولذلك هجاه الشاعر علي بن محمد جماح رحمه الله بقصيدة عنوانها
بقعا تصوع القشر
بقعا تصوع القشر وجمال تجيبه
مايجي قهوه عجيبه
عسى الذي يشربه والصافي يشوفه
يعدمه روحه وشوفه
إلا أن يكن من عسر يا ربي تجُد له
وفي البن مادة منشطة إسمها "الكافيين " مقوية للقلب ومنشطة للأعصاب والعضلات وقد اكتشف العرب القدماء هذه الخواص ،، ويمكن أن تطلق لفظة "قهـوة" على الموضع الذي نشربها فيـه وتقول كتب التاريخ أنه كانت للعرب محطات خاصة على الطرق تسمى [ القهاوي ] تقف فيها ركبانهم لتستريح من عناء السفر وتنشط قواها بارتشاف بعض فناجين القهوة .
وقد لوحظ أن العرب يحرصون على تحميص البن قليلاً لأن هذا يعطيه جودة ولهذه النظرة أساسها العلمي فالتحميص ينتج مركباً يعرف بـ"الكافيول" وهو مصدر تلك النكهة
يقول الشاعر في وصف القهوه العربيه ...
دنـيـت لي من غـالــي البن مـالاق
بالكـف لاقـيها عن العـذف منســوق
احـمـس ثـلاث يانديـمـي على ســاق
ريحه على جـمر الغضا يفضح السـوق
وايـاك والنـيه وبالـك والاحــراق
واصـحـى تصير بحمسة البن مطـفـوق
الااصفرّ لونها ثم بشّـت بالاعــراق
صفراً كما الياقوت يضرب لها اللوق
واعـطـت بريـحً فاخـر فاضـح فــاق
ريحه كما العنبر بالانفاس منشــوق
دقـه بنجـرٍ يسـمعـه كل مشـــتـاق
راعـي الهوى يطرب الا دق بخـفــوق
لقّـم بدلـة مولّــع كـنها ســــاق
مصـبوبةٍ مربـوبـةٍ تـقـل غـرنــوق
خـله يفوح وراعي الكـيف يشـــتاق
هـيلٍ ومـسـمارٍ بالاسـباب مسـحــوق
مع زعـفرانٍ والشـمطـري الا انسـاق
والعنبر العالي على الطاق مطـبوق
فيلا اجـتمـع هـذا وهـذا بتيفــاق
صـبه كـفيت العـوق الى كل مخـلوق
بفنجـال صـينٍ زاهـيٍ عـند الارمـاق
و تزرع أشجار البن في منطقة الباحة في الأصدار و في الشدوين الأعلى والأسفل- وهما جبلان عظيمان يقعان في تهامة -
والأصدار اسم يطلق على أماكن يمكن أن نطلق علىالواحدة منها مسمى القرية مجازاً لصغرها وتقع على المنحدرات الغربية لسفوح جبال السراة ولا تصل إليها السيارات إطلاقاً وتتميز بمناخ معتدل على مدار السنة ولها مزارع على شكل مدرجات صغيرة جداً نحتت في الصخر وتسقيها ينابيع صخرية عذبة الماء وأهم هذه الأصدار
1/ صدر مطيب ، الخشعه ،الحروص ، وكرمه التابع لحزنة بلجرشي
2 / صدر مخشوش ويقع قسم منه في حزنه وقسم أخر تابع المدان ببلجرشي
3 /صدر الجنش مما يلي الحمران ببلجرشي
4/ صدر لوبه في حوالة بالشهم
5/ صدرالحنجور والخلي لبني ضبيان
ومحاصيل هذه الأصدار هي الموز والبن والليمون والحناء والكادي والريحان والبعيثران والعطر والشار والغلف وبعض الخضار وقد امتدح الشاعر عبدالله الزرقوي رحمه الله هذا النوع من البن بقوله
ان اهلك يا صالبيّ في الاصدار
بن يضلي مغرسه في كبا بات
ثلث وربع لاتقل بي يثاني
الموروث8/3
وتحتاج صناعة القهوة وإعدادها للشرب إلى مهارة فائقة من الصانع ، كما تتطلب أدوات خاصة تساعد على إنضاج حب البن بالدرجة المناسبة لإعداد قهوة لذيذة ينتشى شاربها ويستزيد .
عٍــدّة القهوه أوأدواتها
1/ الـــــدلـة : وتصنع من النحاس أو الألمنيوم أو الحديد الخفيف وتكون أكبر حجمـاً من المصـفاة وتستخدم لغلي وتفوير القهوة وتجهيزها على النار ثم تفرغ بعد الاستواء في الدلة الأصغر [ المصفاه ]
2/ المصـفاة : وأخذت إسمها من تصفية القهوة بعد [ طبخها ] حيث تصب فيها وتصفى لتقدم للضيوف وأشهرها أطقم الدلال (القريشيات ) وهي مصنعة من النحاس وتأتي قطعة واحدة لا يستخدم فيها اللحام ولونها في الغالب أصفر مذهّب
وهذا جماح بن علي الغامدي تعجبه قهوة دلال الرسلان فيتغنى قائلاً
ياصالبي كيفة الخارم نشوفه
في عملة الرسلان والهاوند فيصل
ياجي على جمر القرض ومتان عوّد
الموروث 111/3
وهناك أطقم أخرى منها ما يسمى (أرسلان) لونها في الغالب أصفر ومنها (البغداديات ) ويأتي لونها أبيض فضي
3/ الفناجــيل
وكانت الفناجيل تسمى [ بالحيسي ] وتصنع من الحديد او الفخــار الأحمر حتى جاءت فناجيل الصيني أو البورسلان وهي أيضاً تصنع من نوع من الفخار المطلي وهناك نوع يصنع من الزجاج الشفاف وأخر من الزجاج المعتم
وقد تعددت معاني الفناجيل التي تعارف الناس عليها بتعدد مغزاها ومقصدها ومنها :
فنجال الهيف : وهو أن يشرب المستضيف أول فنجال من الـدلة امام الضيف ليطمئن الضيف بأن القهوه سليمه .
*فنجال الضيف : وهو للمودة والعيش والملح
*فنجال الكيف : وهو خاص بالكيف والتذوق.
* فنجال السيف : وهذا الفنجال يلزم الضيف بالدفاع عن القبيلة أو الشخص الذي استضافه كما انه يعتبر عهد بالدفاع المشترك بين المضيف والضيف وإجمالا فنجال السيف يعني القوه والمنعه والشرف.
4/ المحماس : وهو عبارة عن ملعقة كبيرة غير عميقة تصنع من الحديد ولها يد طويلة لكي تمكن حامس البن من الابتعاد عن النار ولها يد تسمى المحراك لتقليب البن وتحريكه أثناء الحمس
5/ المهراس : ويسمى أيضاً[ بالهاون ] أو [ النجــر ]أو [الهوند ] ،وهو الوعاء المعدني أو النحاسي ويستخدم لدق البن في داخله بعد حمســه أو تحميصه بقطعة من الخشب أو النحاس مخروطية الشكل تسمى "المدق" أو [ يد المهراس ] وله قاعدة فوقها رقبة نحيلة كالخصر يجثم فوقها تجويف المهراس وكان في السابق يصنع من الخشب لعدم توفر النحاس ويثبت ذلك الشاعر
صالح العسيس الغامدي بقوله
يقول بو عبدالله يا صالبي نجران عوده
فالخلي والعين ماشي كما بن المصادير
من بعد جود الله ريته يظلي في شدا ادهم
في وادي الرحمن والخلق له ودي اسري ا بات
الموروث 61 /1
6 / الصــــلل : وهو نوعان :
أ / [ الصـلل ] نوع ثابت يشيد في أوساط المجالس من الطين والحجارة بشكل مربع جزء منه مرتفع قليلا بحوالي شبر ونصف على شكل مدرجات تـُصَفُّ على أطرافه دلال القهوة الصفراء البراقه وتوقد النار في الجزء المنخفض
ويوضع فوقها كانون مربع او مثلث تنتصب فوقه دلال القهوة وإلى جوارها شاب يافع يدق المهراس ليهرس البن مازجا بين دق البن وولولوة المهراس الإيقاعية الشجية
ب / النوع الثاني وهومصنوع بالكامل من الحديد او الألمنيوم وهو متحرك وغير ثابت وهو نسخه من الصلل الثابت واجمل منه في الشكل والألوان وعدم الثبات
وبالله تصبوا هالقهوه وزيدوها هيل
واسقوها للنشامى عضهور الخيل
6 / الملقـــاط : وهو ذراعان من الحديد مثبت طرفيه من جهة ويلتقط بطرفية الآخران الجمر لإعادة توزيعه أو ترتيبه حسب الطلب
7/ المنفـــاخ : وهو نوعان نوع يصنع من الجلد والخشب وينتهي طرف النفخ منه بأنبوب معدني نحيف وينقش ويزين بالمرايا ومسامير فضية أو ذهبية تشبه النجوم والأخر انبوب معدني مفتوح من جهة ومثقوب من الطرف الآخر ويستخدم بواسطة الفم لنفخ النار وإيقادها
8/ الوقــــايه : وتصنع من القماش المطرز والمبطن بالقطن أو الخيش وتستخدم بوضعها على مقبض الدلة أو المصفاة لوقاية راحة اليد من حرارتها عند نقلها
9/ القـُطـْـف : ويصنع من الجلد المدبوغ وبعضها عيها بعض النقوش التي تشبه الوشم وله رباط متداخل بطرفين يمكن بواسطتها قفله او فتحه وله حزام طويل لحمله على الكتف
10/ الطـاســه : إناء توضع به الفناجيل مع الماء لتنضيفها
11/ صحن التمر : وبه يوضع التمر وأحياناً الفناجيل وكان يصنع من سعف النخيل ويسمى المحصل ويصنع الأن من الألمنيوم أو الخشب المضغوط أو الزجاج أو الحديد وأشكاله مستديرة أو مربعة أو مستطيلة .
وتبدأ عملية إعداد القهوة بانتقاء البن أولاً ، وأحب البن إلى الناس [الصدري ] البلدي ويتميز برائحة نفاذه وطعم لذيذ ويسمى الصالبي ، ولايمكن ان يرد ذكر الصالبي دون ان يرد ذكر بــُنّ الشعراء ونكهتهم الأصيلة محمد بن ثامرة الذي وصف الصالبي قائلاً
اقوله يا صالبي البن ما ينقلع تام
يزين شـعبه الى ضلا يميل الورق به
وكذلك فعل علي بن احمد الزهراني
علي يقل يا صالبي ما بيع دينه
بعيد علّلي يلتفت له وبالمحاسب
في صدر من سد حبساً صلوا كمايه
الموروث 61
ثم اليمني وأصنافه
: العديني ، الدوائري ، والتفاحي ، البن الحمادي المطري ، الحيمي ، اليافعي ، البرعي ،والحرازي و"الرازقي" والبرازيلي ثم " الهرري الحبشي"الذي خصص له الشاعر المبدع عبد الواحد بن سعود قصيدة حديثة قال فيها
يابن ياهــرري يافاتـــح اللونـــي
وخمس حبات من هيل الحبش فوقه
والمستكة والقرنفل والزعفراني
قهوة تزيد الغلا ياضيف الجوادي
لك انت والا لغيرك ما سكبناها
وعملية الإعداد تتلخص في وضع البن في المحماس أو المقلاة ثم وضعها على النار لتحميصها وتحريكها بالمحراك أو يد المحماس حتى يميل لون الحب إلى الاحمرار إشارة إلى نضجه ، ثم توضع حبوب البن في المهراس أو الهاون وتدق حتى تنعم وتغدو كالطحين ، وتوضع بعد ذلك في دلة كبيرة على النار في موقد يعد خصيصاً لهذه العملية ،
يقول الشاعر دغيّم الظلماوي الشلاقي الشمري
ياكليب شب النار يا كليب شبّـــه = عـليك شبه والحطب لــك يجـابــيْ
وشبّه ليـا منه غفي كل هابــــــي = وأدغث لها يا كليب من سمر حبّـه
تجذب لنـا ربع سرات غيابــــــي = أبي ليا شبيتـها ثــم قبــّــــــــه
وعندما يغلي الماء الذي بداخلها يتم وضع "التلقيمة" أي الكمية المناسبة من البن بداخلها ، وتعاد الدلة إلى النار مرة ثانية وثالثة وهي تغلي حتى تنضج ثم تنزل من على النار وتترك فترة على الأرض حتى ترسب التلقيمة أسفل الدلة وبعد ذلك تصب القهوة من الدلة الكبيرة إلى الدلة ألصغرى [ المصفاه ] . ولا ينبغي أن تنسكب القهوة من الدلة عندما تفور فوق النار حيث يعتبر ذلك شيئاً مكروهاً ، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف الأمزجة من ناحية كمية المعطرات [ الهيل ، الجنزبيل ، العويدي ] ، وبذلك تصبح القهوة جاهزة للشرب .
يا ما حلى الفنجال مع سيحة البال ... في مجلسن مافيه نفساً ثقيله
هذا ولد عم و هذا ولد خال ... وهذا رفيقاً ما لقينا مثيله
وللقهوة في الجنوب عادات لازال بعضها متوارث حتى الأن وبعضها عفى عليها الزمن ومن افضل أو قات شرب القهوة في الصباح الباكر قبل الذهاب إلى مكان العمل ومعها حبات من التمر ومن العادات البائدة للقهوة في الزواجات أو المناسبات الكبيرة أو حفلات السمر أن يأخذ كل فرد معه وهو ذاهب لذلك المكان قليل من القهوة الغير محمصة [ طبخة ] وما كانوا يملكون وعاءً لتلك الطبخه فكان الواحدمنهم يربطها في طرف عمامته وإذا دخل المجلس يفرغها في إناء معد لذلك يراه الجميع وكنت أعداد الفناجيل في الغالب أقل من عدد الحاضرين فيتم تقديمها بالدور ولايمكن تخطي أي واحد منهم ويعتبر ذلك لوحدث وهو نادر الحدوث عيب كبير و[ شرهه ] يتوجب لها حقوق كبيرة وبذلك يضرب المثل [ وإلا يتخطراني الفنجال] ويعني ذلك منقصة كبرى في قيمة الرجال وحقوقه بين ربعة
وقد امتدح علي بن سعد أبو عالي صاحبه محمد ملاسي - عليهما رحمة الله - في هذا المجال بقصيدته التالية
حيا الله قصــراً وثيق السامته والربوع
والضيف لاجـاه مايلقـى لـه إلا إنشراح
يلقى المعاميل والكيفه ويارا احتشـام
والقهوجي مجتهد في الهيل والبن جهاد
وعملته مان فيها وادرج ادوالها
وعادة تقدم أولاً لأكبرهم سناً كالأب أو ذو المكانة الإجتماعية الأعلى كالشيخ أو العريفة أو الضيف أو المسافر الآيب من غربته أو الشخص المحتفى به ولا يتحدث الضيوف [ العـِلاّمة ] إلا بعد ما تدور فناجيل القهوة ولذلك يسـارع أهل البيت [ المستضيفين ] في تقديم القهوة حتى لا تتأخر العلوم وهي تقليد جرت عليه العادات وإن كان للضيوف حاجة ملحة وتبدو صعبة المنال وغير واثقين من تحقيق مطلبهم الذي جاءوا من أجله فإنهم يلجأون عند تقديم القهوة إلى عدم شربها وذلك بوضع الفناجيل على الأرض كما هي على غير العادة فيستغرب المضيف ويستحثهم على شرب قهوتهم وهنا يبدؤون في التلميح وطلب الوعد بقضاء حاجتهم وعادة وهو الأغلب يأتيهم الجواب بأن حاجتهم مقضية فيشربون قهوتهم ثم من خلال علومهم يعرضون حاجتهم التي جاءوا من أجلها ومن تقديرهم البالغ للقهوة يشيرون في عزيمتهم وفي دعوتهم [ بأن لكم عندنا فنجان قهوة ]وهو مصطلح متفق عليه ويعرفونه جميعا بان ذلك يعني الدعوة لغداء أو عشاء وإنما أطلق الجزء وأريد به الكل فالقهوة جزء من الوجبة ولكنها عنوان لها . ومن عادات صب القهوة في الفناجيل عدم ملئها وبذلك يضربون المثل بقولهم [ الملء غــدر والشـطر قدر]
ونختم هذا الموضوع ببعض القصائد المعبرة ونتترككم معها ومع كوب من القهوة المعطرة ونستودعكم اللــه والعفو على الإطالة
محمد حسن المالحي
يا صالبي البن يا بيت راشد
لا جاه من تجار غامد خلا الحوش
ياليتني شار بيته
في ديرة عند ابن ماشي كماها
للبن واحيا تربي
الشعبي 46
جريبيع بن صالح الزهراني
الموروث91
وان نهلك يا صالبيا زان صرفه
مصيون ما جاه برد الصرافي
من سد بوب الصراريف
ما بيعه الا حن يضلي مصرف
بذهب يصرفونه
مساعد بالرقوش
الموروثات 86/3
يابن عبوله قصاب واشرفيات
مابيعه الابالذهب مابيع بهلول
ماهبته ريح الشمال ولا نجادا
حطوا على الكال الصدريابن كالي
سعيد بن أحمد عيسى الزهراني
موروث 102/3
ابن عيسى قال ياصالبي ياصدري
عند من وزعوا للبن عمله نظيفه
ليت لي في زهوب البن نظره وبدوي
غير دونه وكيل هرجته برتكيه
وازيٌ ياعرب ما نبصره من جداره
ما اسعدك يالذي يتولف البن سعيدي
المصادر
1 / الموروثات للسلوك
2 / الأدب الشعبي للمالحي
3 / مجموعة القواميس العربية
4 / الأزهار النادية في أشعار البادية
5 / محرك جــوجل
6 / المـــوقع
تعليق