الموناليزا وجـبــــران زهـــــران
دعوة مفتوحة من جبران زهران لطلاب كليات الأداب تخصص أدب ونقـد ، لتلقي دروس مجانية في البلاغة وموسيقى الشعر ، ودعوة مفتوحةأخرى ً لشوقي وحافظ وجبران خليل جبران لأخذ أسس شعر الغزل والتشبيب والوصف من [ جبـران زهـران ] ، الشاعر المزارع وراعي الأغنام الذي لم يتنزه عند الأصيل على زورق ملكي في مياه النيل كما كان يفعل شوقي ، ولم يكن يحضر صالونات الأدب ويلتقي بالأدباء أو يعيش داخل المكتبات كما كان يفعل حافظ ، ولم يكن يهاجر كطائر السنونو ويتشرب من ثقافات الدنيا كما كان يفعل سميه جبران ، ولم ينعم برغد العيش مثلهم أويكون ضيفاً محضياً عند السلاطين وعلية القوم كما كانوا ..!!
جبران الزهراني كان يسابق عصافير الفجر في بكورها ، وغناءها ، وشدوها ، وكان مثلها يغدو خماصاً وربما يعود عند المســاء خماصاً أيضـاً ، كان يحمل محراثه [ لومته ] أو غربه ، ويستاق ثيرانه أمامه قاصداً مزرعته ، أو يستاق شويهاته كل صباح إلى المرعى في سباق يومي مع الشمس قبل شروقها ، ومع الفجر قبل طلوعه ومع المساء قبل غسقه ودجاه ، حافي القدمين ، عاري الصدر، ملفوفة أكمام ثوبه على زنديه ، ومتحفش أحد طرفي ثوبه على خاصرته ، يكدح من طلوع الشمس إلى غسق الليل في الزراعة أو الرعي
ومع ذلك كله كـــــان يغنــــي
وكان غناؤه شـــدوا
وكانت الطبيعة تشــدوا معه في تمازج عجيب وغريب ورهيب
كان اسمه أحمـــد بن جبران أو كما كان يحب أن يسمي نفسه أحياناً أحمد أم جبران
أم جبران هــذا غنى في كل مكان ، فوق القمم ، وبطون الأودية ، ورؤوس الآبار، وعلى سفوح الجبال ، وخلف القوافل ، ووراء الثيران ، وحتى الحمير ، غنت معه الأغنام في مراعيها ، وسنابل القمح في منابتها ، ورقصت معه سيقان الذرة , وحتى سيقان البشر، وتغنت بأشعاره الغواني في خدورهن ، والشيوخ في مجالسهم وحبواتهم ، والشباب في أسفارهم ، والحداة خلف قوافلهم ، والأطفال في مراضعهم غناءاً ممزوجا بحليب الأمهات ، ونهنهات الجدات ، واختلطت كلماته بتأوهات وتنهدات الصبايا في بطون الحقول في مزارع الحنطة ، وأصدار البن ، ومزارع الرياحين ، والبرك ، والموز ، والكادي ، كانت أحلى اللحظــات التي يحب الجميع مرافقة قصائده ورفع الصوت العذب بها ، هي لحظات الوحدة على سفح جبل ، أو أطراف وادٍ ناءٍ ، بعيداً عن أي أذن يمكن أن تسرق السمع .
لتمتزج كلمات جـــبران بالزفر ، والآهـات في خلوة ليس بها إلا الكلمات ،
أيهـــــا الأحبة جــــربوا مثلي
أن تغنــوا وترددوا الغنــاء
مـع جبران
ســـوياً أو كل بمفرده
فهاهو جبران كان في التو واللحظة
يشـــدوا بإحدى أجمــل أغانيه وإن شئتم أروع قصــائده .........
ألم تسمعوه ......!!!
انتم محظــوظـــون.........
.........هاهو يعيدها مرة أخرى
1/ يابنت صين الصين والمضحكربابي ** وان بـكى الصــفـري ومـابـي
2/ وعنقـهـا ياعـنـق صـيـد راسقله ** قـلـه للمجمولقـلــه
3/ وعـينـهـا العـوام والا عـيـندابـــي ** لادرج بيــن الحــدابي
4/ وصدرها ياهيـكل مصبوبمصبوب ** فـيــه بســم اللهمكـتوب/
5\ وخصـرها يا خاتم منقوشالاطـراف **والـحـبايـس لبـسالاشراف
6/ وثغـرها يامبــرق في عـرضنــاوي ** يـالـلـه توقيــه الدعـاوي
7/ وساقها يامرود السلطانحـافه ** لـيــت مـن بالعـينشـافه
8/ بطـون رجليـها كما اسبال النجادا ** يــوم يعـطي الله وجــادا
9/ ذا رايــها يحـــــــــزن وذا مـاراي مغـــــــــبـون
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جـــــماليـات القـصــيدة
تتضح جماليات القصيدة في روعة تعامل الشاعر مع كلمات ليست ملكا له .ولكنه إذ يتعامل معها إنما يسعى إلى امتلاكها. وأن يسكنَ الشاعرُ في كلمـاته . وهــذا لا يتــم لـه إلا إذا استطاع أن يُسـِكْنَ الكلمـــات في سياقات أو تعابير من صنعه ، تقدر أن تنم عنه ، أي عن نكهته الخــاصة . قـبل ذلك ، أي قـبل أن يمتــلك الشــاعر كلمــاتـه ، تـكون تلك الكلمات - بالنسبة اليه - : مسكونة بالآخرين كما يقول د/ حسن عباس ولنتذوق نكهة جبران ولنسكن معه في كلماته ونتملكها معه .
* ذكـر[ الله ] في القصيدة ثلاث مرات
* أورد ثلاث حواس في القصيده : السمع ، البصر ، اللمس
* الأحيــاء البيئـيــــة ذكرت ثلاث مرات [ الصيد ، العوام ، الداب ]
* التضــاد ورد في كلمتي [ ضحك و بكى ]
* النــــداء تكـرر ست مرات
1 / يابنـــــــت صين الصين والمضحك ربابي
2 / ياعنــــــق صـــيـد راس قلـــه
3 / ياهيـــــكل مصبوب مصـبوب
4 / يا خـــــاتم منقوش الاطــراف
5 / يامبـــــرق في عـرض نــاوي
6 / يامـــــرود السلطـان حـافــه
لقد نادى جبران هذه البنت في قصيدته وأكثر من ذلك بل وكرر النداء سـت مرات متتالية وهتف بها هتافاً متعدداً وكأنه يصرخ في الكون بأعلى صوته وهو يناديها من رأسها إلى أخمص قدميها قائلاً :
[ هـــاهـي موناليزيتي ، وهاهي فتاتي ، وهاهي مالـكة قلبي وفاتنته ]
لقـد ناداها بأكملها [ يابنت صين الصين ] - وبنــت هنـــا منادى نكرة مقصودة على رأي أهل اللغة ـ ثم نادها عضواً عضوا
نادى ثغرها وعنقها وصدرهاوخصرها وحتى ساقها .
لا ينــــادي تلك الأعضــاء لمجـــرد وصفها بطريقة التشبيه التمثيلي فقط بـل ليناجيها كلها جملة وتفصيلا باسلوب إطلاق الجـزء وإرادة الكـل تارة وتـــارة أخــرى باسلوب إطــلاق الكــل وإرادة الجــــزء تكــراراً وتأكيداً لكل ذراتها وأجزاءها وكامل تكوينها .
و ظـاهرة تكــرار النــداء التي انتشرت في القصــيدة لها دلالات معـــنوية تتخطى وجودها اللغوي . فالتكرار "فضلاً عن كونه خصيـصة أساسية في بنــية النـــــص الشـعـري [ فـإن لـه ] دورٌ دلالي على مسـتوى الصــيغـة والتركيب ” فهو " أحـد الأضـواء اللاشـعـورية التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيئها" كما تقول [ نـازك الملائـكة ] .
* أورد الجــناس ثمان مرات
1 / جانس بين ربــابــي و مــابـــي
2 / جانس بين قلـــــه و قـلـــه
3 / جانس بين دابــــي و حـدابي
4 / جانس بين مصـبوب و مكـــتوب
5 / جانس بيـن الاطراف و الاشـراف
6 / جانس بين نــــاوي ودعـــاوي
7 / جانس بين حـــافـه و شــــافه
8 / جانس بين نجــــادا و جـــــادا
إن جبران زهران فنان وشاعر مطبوع وموهـوب يلتقط مفرداته بأناقة بالغة وحساسية فائـقة ،غاية في الشفافية فتخاله رسام يتنقل بين مفردات الطبيــعة لينتقي أجمل ما فيها من ألوان الأزاهير والورود وروائحها الزكية العطرة ويضفيها على أغنيته الغزلية فيحقق بكل سهولة ويسرالغرض من غزله وتشبيبهه
أورد لفظ حاسة البصر وفعلها خمس مرات
وعــينـهــا العــوام
والا عـيــن دابـــي
لـيـــت مــــن بالعــين شافه
ذا رايــها يحــزن
وذا مـاراي مغبــون
* أعضاء الجسم وردت ثمان مرات
المضحك . عنقـهـا . عــينـهــا . صــدرها . خصــرها . ثغـرها . ساقـــها . بطون رجـليــها
وعـــندما وصف جبران معظم أعضاءها وتغزل فيها كلها فلأن الغزل عنده ليس إلا ضـرب من ضـروب الشـعر يحـمل اللفظ العذب، والمعنى الشائق والخيال الرائع. ولأن الغزل عنده ليس امرأة يصفها فقط كما يفعل موظف الأحوال الشخصية ولكنه يحدثنا عن حسناتها وجمالها . لأن المرآة عنده زينة الحياة وبهجتها والحديث عنها ووصفها متعة روحانية سامية عذبـــة والحديث عنها حلو جميل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الموناليزا وبنت صين الصين والرسم بالكلمات
حين سلط النقاد مباضع نقدهم على لوحة الموناليزا والتي أنجزت في القرن الخامس عشر والتي تعد واحدة من أجمل وأفضل اعمال الفنان والعـالم والمخـترع والرسـام الإيطـالي الشهير [ ليوناردو دافنشي ] اتفقـوا على أن ابتسـامة المـوناليزا الغامـضة والمدهشة معاً هي سر اللوحة والتي اتفـق الجـميع على إنها مسقط النظـر الأول على اللوحة ونقطـة الإرتكــاز الهـامة والأساسية فيـــها لمـا في تلك الابتسامة من السحر الأخّـــاذ والجاذبية العميقة وتصبح أكثر وضوحا وبروزا عندما يحيل الناظر عينيه إلى أجزاء أخرى من اللوحة. ، ، هذا ما كان من أمر النقاد مع تلك اللوحة الأشهر ، اما هنـا فبكل تواضع أستطيع أن أؤكد أن ذات المقياس ينطبق على لوحة [ جبران الزهراني ] أو [جبــــران زهــران ] كما أزعم على موناليزيته فنقطة الارتكاز لهذه القصيدة هي :
المضـحك الربابي
أو ثغـرها البــراق
في قوله
1 / يابنت صين الصين والمضحك ربابي **وان بـكـى الصــفري ومــابـــي
بنت أو صاحبة أو موصوفة أو موناليزا جبران عندما شرع في التشبيب بها التقط أقرب الحواس تأثراً وتأثيرا وهي حاسة السمع [ صوت الضحكـه ] التي تقع في ذروة الهرم الحسي، فنحن لا ندرك شيئاً عن خصائص الأشياء المادية إلا من خلال الأصوات المنبعثة عنها. والأصوات هي فعاليات صرفة تخرج من عالم المكان لتدخل في عالم الزمان كوحدات صوتية. وهكذا لا تسطيع حاسة السمع أن تدرك المكان إلا من خلال الزمن، لتكون حاسة السمع بذلك زمانية صرفة، ومتجردة تجرداً تاماً عن المادة . إنها تجسيد للشفافية .
استمع إلى الضحكة وهي تنطلق من [ المَضْحَــكْ ] من ظـَرْف المكان ـ مكان الضحك ـ أو عالم المكان إلى [ ظرف الزمان ] أو عالم الزمان من خلال صوت الضحكة عبر الأذن أو حاسة السمع المنبعث في تنغيم عذب كما صــوت الربـابـة وحــلو كمــا حـلاوة الـــرُبّ وهـدوء كما زهرة الأقحوان [ نـََـوَار ] فتـؤثر على إحساس السمع والبصـر من خـلال الزمـان والمكان في تساوق فني بديع .
وأسمحوا لي أن أتســاءل أين[ بنــت صــين الصين ] من [ بنـت النـور ] الحــديثة ....؟؟؟
وأين تشبيهها بالبيـاض الصـيني البشـري الإنســاني مـن التشــبيه المادي ببنت النور ....؟؟؟
ألـم يقل المـولى عــز وجـل في محـكم كــتابة :
[[ وصــوركم فأحسن صـوركم ]] 3 / التغابن ،
وقال تعالى [ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ]4 / التين ،
فأي روعة في تشبيه البشر بالبشر وأي سمو وروعة وبلاغة في ذلك أولم ينتزع امرؤ القيس لموصوفته أحسن صفات جمال نساء العرب بقوله
حـجازية العينيـن مكـية الحشا *** عراقية الأطراف رومية الكفل
خزاعية الأسنان عبسية اللمى *** تهـامية الأرداف نجـدية القـبل
وكذلك فعل عرقلة الكلبي
من الخفراتِ البيضِ تغني لحاظها * عن المرهفاتِ البيضِ في كل مشهد
حجـازيةُ الأجـفانِ والخصرِ والحشا * شــآميّـة الأردافِ والنّـــهـد واليــــــــدِ
2 / وعنقـهـا ياعنـق صـيـد راس قلـه ** قـلـه للـمجمول قـلـه
فهنا أيضاً تشبيه ضمني حيث شبه طول رقبتها بطول رقبة غزال يقف فـوق ذروة عـاليـة يتطـاول غـروراً بحـسنه باحثاً عن صاحب له أخفته الطبيعة و يؤكد الشاعر لفظياً على جمالها عبر كلمته [ قـله ]المكررة في البيت والتي جــاءت بمعنى القمة مرة وجاءت بمعنى الإِخبار بفعل الأمر مرة أخرى
3 / وعـينـهــا العــوام والا عـيـن دابـي ** لادرج بيـن الحـدابي
أما صفاء عينها وحسنها فإنها تشبه عيون عـوّام الماء الشديدة الصفاء وتشــبه في نظــراتها الحـذرة السريعة اللمـــح عيون الدّاب وهو يتسلل بين الحداب
4 / وصــدرها ياهيـكل مصبوب مصبوب ** فـيـــه بســم الله مكـــــتوب
وفي هذا البـيت تظـهر روعــة الوصـف والاحـتراز معـاً كي لا يذهــب فـكر السـامعين والنقـاد بعـيدا فالصـدر بانتصابته وشموخه كأنه الهيكل وحتى يقيد هذه الكلمة بقيود مباحه ويمنعها من الخروج إلى مفاهيم محرمة فقد هرول بكل ما أوتي من سرعة ليحترز في عجز البيت ولينبه المتلقي أن هذا الصدر المشابه للهيكل مكتوب عليه [ بسم الله ] وليس عليه لا صليب ولا نجمة سداسية
5 / وخصـرها يا خاتم منقوش الاطراف ** والحـبايـس لبـس الاشـراف
فقد شبه الخصرالنحيل الجميل وحزام الفضة المنقوش يطرزه ويظهر استدارته بالخاتم المستدير المنقوش6 / وثغـرها يامبـرق في عرض ناوي ** يـالـلـه توقيـه الدعـاوي
وهنــا يعــود الشـاعر ليستحضـر [ المضحــك ] بمكـانه وزمانه وتداخل صوره ليصف [ الثغـــر ] باستخدام ثنائيتين وحاستين هما السمع والبصر بطـريقة عجـيبة وبديـعـة ، حاسة البصر وهي ترى البـرق وحاسة السمع وهي تتحسس النـاوي ليكـتمل المشهد وتمتـزج الصـور في ثنائية يمتـزج فيها الناوي ببرقه ورعده وعذب ماءه فأي [ مضـحـك ] ذاك الـذي يحتوي الناوي بكل ما فيه من عناصر الفـرح والخـصب والـرواء والنــماء .
وما أن يهم جبران بمغادرته حتى يعود إليه مسرعاً كأنما يفــر من رحمة الله إلى رحمته جل في علاه وأي ثغر هذا الذي احتوى ذلك المشهد المتكامل وأي تمازج بين جمال الطبيعة وجمال البشر الذي يقدمه لنا جبران وحرصه الشديد على جمال ذلك الثغـر بالدعاء له بالحفظ ، وأي مقارنة ظالمة سنجريها بين بيت جبران هذا وبين بيتي عنترة حين قال
ولقد ذكرتك والرمــاح نواهل مني **/** وبيض الهند تقطر من دمي
فــوددت تقبيـل السـيوف لأ نــهـا **/** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
فأيهما أبلغ ..؟؟ تشبيه الثغر بالتماعة السيوف وسط غبار المعارك عند عنترة أم تشبيه الثغر بالتماعة البرق وهطول المطر والخيرعند جبران ..؟؟
وهل التماعة السيوف تساوي شيئا من التماعة البرق ...؟؟..!!
7 / وساقـــها يامـــرود السلطـان حافـه ** لـيـت مـن بالعــين شـافه
واسمحوا لي هنا أن أكون منصفاً وغير متجني فتشبيه الساق بالمرود من أروع التشبيهات التي وردت في القصيدة فهو متناسق ومستور بما عليه من الملابس وليس كسيقان هذا العصر المبتذله والغير محتشمه وكانها بضائع معروضة لكل متطفل ويتناسب جمال التشبيه مع الجمال الأخــاذ الذي سرى في عرض القصيدة وطولها كما أن جمال الجناس بين كلمتي حافه وشافه أعطى جمالاً إضافي للبيت
8 / بطـون رجـليـها كما اسبال النجـادا ** يـــوم يعـــطي الله وجـــادا
تلك كانت رحلة جبران مع فتاته من رأسها إلى بطون رجليها ، ثغر ضحوك وباسم تشع ابتسامته وتومض كما يومض البرق ، عينان شديدتا الصفاء والحذر ، صدر بارز وناهد كأنه هيكل، خصر نحيل مستدير، وكفين تزينها الحلي ، وساق مستورة متناسقة محتشمة وأخيرا قدمان ناعمتان وبيضاوان
وفي البيت الختامي
9 / ذا رايــها يحــزن وذا مـاراي مغبــون
وأخيراً يصب جبران كل تجربته وخبرته وقدرته وموهبته الشعرية بتركيز شديد في نهاية قصيدته وفي بيتها الختامي هــذا ويوجز كل ذلك بكلمتين
الحــــزن والغــــــبن
وهو بهذا يؤكد تمسكه وتركيزه على حاستي السمع والبصر ليؤكد أيضـأ على التأثر الشديد بجمال بنت صين الصين وروعتها وحلاها وجمالها الذي أورث الحزن لمن رآهــا والغبن لمن سمع بها ولم يرها فأي ساحرة أنت وأي فاتنة يابنت صين الصين .؟
حزن وغبن تلك هي النتيجة .....!!!
دعوة مفتوحة من جبران زهران لطلاب كليات الأداب تخصص أدب ونقـد ، لتلقي دروس مجانية في البلاغة وموسيقى الشعر ، ودعوة مفتوحةأخرى ً لشوقي وحافظ وجبران خليل جبران لأخذ أسس شعر الغزل والتشبيب والوصف من [ جبـران زهـران ] ، الشاعر المزارع وراعي الأغنام الذي لم يتنزه عند الأصيل على زورق ملكي في مياه النيل كما كان يفعل شوقي ، ولم يكن يحضر صالونات الأدب ويلتقي بالأدباء أو يعيش داخل المكتبات كما كان يفعل حافظ ، ولم يكن يهاجر كطائر السنونو ويتشرب من ثقافات الدنيا كما كان يفعل سميه جبران ، ولم ينعم برغد العيش مثلهم أويكون ضيفاً محضياً عند السلاطين وعلية القوم كما كانوا ..!!
جبران الزهراني كان يسابق عصافير الفجر في بكورها ، وغناءها ، وشدوها ، وكان مثلها يغدو خماصاً وربما يعود عند المســاء خماصاً أيضـاً ، كان يحمل محراثه [ لومته ] أو غربه ، ويستاق ثيرانه أمامه قاصداً مزرعته ، أو يستاق شويهاته كل صباح إلى المرعى في سباق يومي مع الشمس قبل شروقها ، ومع الفجر قبل طلوعه ومع المساء قبل غسقه ودجاه ، حافي القدمين ، عاري الصدر، ملفوفة أكمام ثوبه على زنديه ، ومتحفش أحد طرفي ثوبه على خاصرته ، يكدح من طلوع الشمس إلى غسق الليل في الزراعة أو الرعي
ومع ذلك كله كـــــان يغنــــي
وكان غناؤه شـــدوا
وكانت الطبيعة تشــدوا معه في تمازج عجيب وغريب ورهيب
كان اسمه أحمـــد بن جبران أو كما كان يحب أن يسمي نفسه أحياناً أحمد أم جبران
أم جبران هــذا غنى في كل مكان ، فوق القمم ، وبطون الأودية ، ورؤوس الآبار، وعلى سفوح الجبال ، وخلف القوافل ، ووراء الثيران ، وحتى الحمير ، غنت معه الأغنام في مراعيها ، وسنابل القمح في منابتها ، ورقصت معه سيقان الذرة , وحتى سيقان البشر، وتغنت بأشعاره الغواني في خدورهن ، والشيوخ في مجالسهم وحبواتهم ، والشباب في أسفارهم ، والحداة خلف قوافلهم ، والأطفال في مراضعهم غناءاً ممزوجا بحليب الأمهات ، ونهنهات الجدات ، واختلطت كلماته بتأوهات وتنهدات الصبايا في بطون الحقول في مزارع الحنطة ، وأصدار البن ، ومزارع الرياحين ، والبرك ، والموز ، والكادي ، كانت أحلى اللحظــات التي يحب الجميع مرافقة قصائده ورفع الصوت العذب بها ، هي لحظات الوحدة على سفح جبل ، أو أطراف وادٍ ناءٍ ، بعيداً عن أي أذن يمكن أن تسرق السمع .
لتمتزج كلمات جـــبران بالزفر ، والآهـات في خلوة ليس بها إلا الكلمات ،
أيهـــــا الأحبة جــــربوا مثلي
أن تغنــوا وترددوا الغنــاء
مـع جبران
ســـوياً أو كل بمفرده
فهاهو جبران كان في التو واللحظة
يشـــدوا بإحدى أجمــل أغانيه وإن شئتم أروع قصــائده .........
ألم تسمعوه ......!!!
انتم محظــوظـــون.........
.........هاهو يعيدها مرة أخرى
1/ يابنت صين الصين والمضحكربابي ** وان بـكى الصــفـري ومـابـي
2/ وعنقـهـا ياعـنـق صـيـد راسقله ** قـلـه للمجمولقـلــه
3/ وعـينـهـا العـوام والا عـيـندابـــي ** لادرج بيــن الحــدابي
4/ وصدرها ياهيـكل مصبوبمصبوب ** فـيــه بســم اللهمكـتوب/
5\ وخصـرها يا خاتم منقوشالاطـراف **والـحـبايـس لبـسالاشراف
6/ وثغـرها يامبــرق في عـرضنــاوي ** يـالـلـه توقيــه الدعـاوي
7/ وساقها يامرود السلطانحـافه ** لـيــت مـن بالعـينشـافه
8/ بطـون رجليـها كما اسبال النجادا ** يــوم يعـطي الله وجــادا
9/ ذا رايــها يحـــــــــزن وذا مـاراي مغـــــــــبـون
ـــــــــــــــــــــــــــــ
جـــــماليـات القـصــيدة
تتضح جماليات القصيدة في روعة تعامل الشاعر مع كلمات ليست ملكا له .ولكنه إذ يتعامل معها إنما يسعى إلى امتلاكها. وأن يسكنَ الشاعرُ في كلمـاته . وهــذا لا يتــم لـه إلا إذا استطاع أن يُسـِكْنَ الكلمـــات في سياقات أو تعابير من صنعه ، تقدر أن تنم عنه ، أي عن نكهته الخــاصة . قـبل ذلك ، أي قـبل أن يمتــلك الشــاعر كلمــاتـه ، تـكون تلك الكلمات - بالنسبة اليه - : مسكونة بالآخرين كما يقول د/ حسن عباس ولنتذوق نكهة جبران ولنسكن معه في كلماته ونتملكها معه .
* ذكـر[ الله ] في القصيدة ثلاث مرات
* أورد ثلاث حواس في القصيده : السمع ، البصر ، اللمس
* الأحيــاء البيئـيــــة ذكرت ثلاث مرات [ الصيد ، العوام ، الداب ]
* التضــاد ورد في كلمتي [ ضحك و بكى ]
* النــــداء تكـرر ست مرات
1 / يابنـــــــت صين الصين والمضحك ربابي
2 / ياعنــــــق صـــيـد راس قلـــه
3 / ياهيـــــكل مصبوب مصـبوب
4 / يا خـــــاتم منقوش الاطــراف
5 / يامبـــــرق في عـرض نــاوي
6 / يامـــــرود السلطـان حـافــه
لقد نادى جبران هذه البنت في قصيدته وأكثر من ذلك بل وكرر النداء سـت مرات متتالية وهتف بها هتافاً متعدداً وكأنه يصرخ في الكون بأعلى صوته وهو يناديها من رأسها إلى أخمص قدميها قائلاً :
[ هـــاهـي موناليزيتي ، وهاهي فتاتي ، وهاهي مالـكة قلبي وفاتنته ]
لقـد ناداها بأكملها [ يابنت صين الصين ] - وبنــت هنـــا منادى نكرة مقصودة على رأي أهل اللغة ـ ثم نادها عضواً عضوا
نادى ثغرها وعنقها وصدرهاوخصرها وحتى ساقها .
لا ينــــادي تلك الأعضــاء لمجـــرد وصفها بطريقة التشبيه التمثيلي فقط بـل ليناجيها كلها جملة وتفصيلا باسلوب إطلاق الجـزء وإرادة الكـل تارة وتـــارة أخــرى باسلوب إطــلاق الكــل وإرادة الجــــزء تكــراراً وتأكيداً لكل ذراتها وأجزاءها وكامل تكوينها .
و ظـاهرة تكــرار النــداء التي انتشرت في القصــيدة لها دلالات معـــنوية تتخطى وجودها اللغوي . فالتكرار "فضلاً عن كونه خصيـصة أساسية في بنــية النـــــص الشـعـري [ فـإن لـه ] دورٌ دلالي على مسـتوى الصــيغـة والتركيب ” فهو " أحـد الأضـواء اللاشـعـورية التي يسلطها الشعر على أعماق الشاعر فيضيئها" كما تقول [ نـازك الملائـكة ] .
* أورد الجــناس ثمان مرات
1 / جانس بين ربــابــي و مــابـــي
2 / جانس بين قلـــــه و قـلـــه
3 / جانس بين دابــــي و حـدابي
4 / جانس بين مصـبوب و مكـــتوب
5 / جانس بيـن الاطراف و الاشـراف
6 / جانس بين نــــاوي ودعـــاوي
7 / جانس بين حـــافـه و شــــافه
8 / جانس بين نجــــادا و جـــــادا
إن جبران زهران فنان وشاعر مطبوع وموهـوب يلتقط مفرداته بأناقة بالغة وحساسية فائـقة ،غاية في الشفافية فتخاله رسام يتنقل بين مفردات الطبيــعة لينتقي أجمل ما فيها من ألوان الأزاهير والورود وروائحها الزكية العطرة ويضفيها على أغنيته الغزلية فيحقق بكل سهولة ويسرالغرض من غزله وتشبيبهه
أورد لفظ حاسة البصر وفعلها خمس مرات
وعــينـهــا العــوام
والا عـيــن دابـــي
لـيـــت مــــن بالعــين شافه
ذا رايــها يحــزن
وذا مـاراي مغبــون
* أعضاء الجسم وردت ثمان مرات
المضحك . عنقـهـا . عــينـهــا . صــدرها . خصــرها . ثغـرها . ساقـــها . بطون رجـليــها
وعـــندما وصف جبران معظم أعضاءها وتغزل فيها كلها فلأن الغزل عنده ليس إلا ضـرب من ضـروب الشـعر يحـمل اللفظ العذب، والمعنى الشائق والخيال الرائع. ولأن الغزل عنده ليس امرأة يصفها فقط كما يفعل موظف الأحوال الشخصية ولكنه يحدثنا عن حسناتها وجمالها . لأن المرآة عنده زينة الحياة وبهجتها والحديث عنها ووصفها متعة روحانية سامية عذبـــة والحديث عنها حلو جميل.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
الموناليزا وبنت صين الصين والرسم بالكلمات
حين سلط النقاد مباضع نقدهم على لوحة الموناليزا والتي أنجزت في القرن الخامس عشر والتي تعد واحدة من أجمل وأفضل اعمال الفنان والعـالم والمخـترع والرسـام الإيطـالي الشهير [ ليوناردو دافنشي ] اتفقـوا على أن ابتسـامة المـوناليزا الغامـضة والمدهشة معاً هي سر اللوحة والتي اتفـق الجـميع على إنها مسقط النظـر الأول على اللوحة ونقطـة الإرتكــاز الهـامة والأساسية فيـــها لمـا في تلك الابتسامة من السحر الأخّـــاذ والجاذبية العميقة وتصبح أكثر وضوحا وبروزا عندما يحيل الناظر عينيه إلى أجزاء أخرى من اللوحة. ، ، هذا ما كان من أمر النقاد مع تلك اللوحة الأشهر ، اما هنـا فبكل تواضع أستطيع أن أؤكد أن ذات المقياس ينطبق على لوحة [ جبران الزهراني ] أو [جبــــران زهــران ] كما أزعم على موناليزيته فنقطة الارتكاز لهذه القصيدة هي :
المضـحك الربابي
أو ثغـرها البــراق
في قوله
1 / يابنت صين الصين والمضحك ربابي **وان بـكـى الصــفري ومــابـــي
بنت أو صاحبة أو موصوفة أو موناليزا جبران عندما شرع في التشبيب بها التقط أقرب الحواس تأثراً وتأثيرا وهي حاسة السمع [ صوت الضحكـه ] التي تقع في ذروة الهرم الحسي، فنحن لا ندرك شيئاً عن خصائص الأشياء المادية إلا من خلال الأصوات المنبعثة عنها. والأصوات هي فعاليات صرفة تخرج من عالم المكان لتدخل في عالم الزمان كوحدات صوتية. وهكذا لا تسطيع حاسة السمع أن تدرك المكان إلا من خلال الزمن، لتكون حاسة السمع بذلك زمانية صرفة، ومتجردة تجرداً تاماً عن المادة . إنها تجسيد للشفافية .
استمع إلى الضحكة وهي تنطلق من [ المَضْحَــكْ ] من ظـَرْف المكان ـ مكان الضحك ـ أو عالم المكان إلى [ ظرف الزمان ] أو عالم الزمان من خلال صوت الضحكة عبر الأذن أو حاسة السمع المنبعث في تنغيم عذب كما صــوت الربـابـة وحــلو كمــا حـلاوة الـــرُبّ وهـدوء كما زهرة الأقحوان [ نـََـوَار ] فتـؤثر على إحساس السمع والبصـر من خـلال الزمـان والمكان في تساوق فني بديع .
وأسمحوا لي أن أتســاءل أين[ بنــت صــين الصين ] من [ بنـت النـور ] الحــديثة ....؟؟؟
وأين تشبيهها بالبيـاض الصـيني البشـري الإنســاني مـن التشــبيه المادي ببنت النور ....؟؟؟
ألـم يقل المـولى عــز وجـل في محـكم كــتابة :
[[ وصــوركم فأحسن صـوركم ]] 3 / التغابن ،
وقال تعالى [ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ]4 / التين ،
فأي روعة في تشبيه البشر بالبشر وأي سمو وروعة وبلاغة في ذلك أولم ينتزع امرؤ القيس لموصوفته أحسن صفات جمال نساء العرب بقوله
حـجازية العينيـن مكـية الحشا *** عراقية الأطراف رومية الكفل
خزاعية الأسنان عبسية اللمى *** تهـامية الأرداف نجـدية القـبل
وكذلك فعل عرقلة الكلبي
من الخفراتِ البيضِ تغني لحاظها * عن المرهفاتِ البيضِ في كل مشهد
حجـازيةُ الأجـفانِ والخصرِ والحشا * شــآميّـة الأردافِ والنّـــهـد واليــــــــدِ
2 / وعنقـهـا ياعنـق صـيـد راس قلـه ** قـلـه للـمجمول قـلـه
فهنا أيضاً تشبيه ضمني حيث شبه طول رقبتها بطول رقبة غزال يقف فـوق ذروة عـاليـة يتطـاول غـروراً بحـسنه باحثاً عن صاحب له أخفته الطبيعة و يؤكد الشاعر لفظياً على جمالها عبر كلمته [ قـله ]المكررة في البيت والتي جــاءت بمعنى القمة مرة وجاءت بمعنى الإِخبار بفعل الأمر مرة أخرى
3 / وعـينـهــا العــوام والا عـيـن دابـي ** لادرج بيـن الحـدابي
أما صفاء عينها وحسنها فإنها تشبه عيون عـوّام الماء الشديدة الصفاء وتشــبه في نظــراتها الحـذرة السريعة اللمـــح عيون الدّاب وهو يتسلل بين الحداب
4 / وصــدرها ياهيـكل مصبوب مصبوب ** فـيـــه بســم الله مكـــــتوب
وفي هذا البـيت تظـهر روعــة الوصـف والاحـتراز معـاً كي لا يذهــب فـكر السـامعين والنقـاد بعـيدا فالصـدر بانتصابته وشموخه كأنه الهيكل وحتى يقيد هذه الكلمة بقيود مباحه ويمنعها من الخروج إلى مفاهيم محرمة فقد هرول بكل ما أوتي من سرعة ليحترز في عجز البيت ولينبه المتلقي أن هذا الصدر المشابه للهيكل مكتوب عليه [ بسم الله ] وليس عليه لا صليب ولا نجمة سداسية
5 / وخصـرها يا خاتم منقوش الاطراف ** والحـبايـس لبـس الاشـراف
فقد شبه الخصرالنحيل الجميل وحزام الفضة المنقوش يطرزه ويظهر استدارته بالخاتم المستدير المنقوش6 / وثغـرها يامبـرق في عرض ناوي ** يـالـلـه توقيـه الدعـاوي
وهنــا يعــود الشـاعر ليستحضـر [ المضحــك ] بمكـانه وزمانه وتداخل صوره ليصف [ الثغـــر ] باستخدام ثنائيتين وحاستين هما السمع والبصر بطـريقة عجـيبة وبديـعـة ، حاسة البصر وهي ترى البـرق وحاسة السمع وهي تتحسس النـاوي ليكـتمل المشهد وتمتـزج الصـور في ثنائية يمتـزج فيها الناوي ببرقه ورعده وعذب ماءه فأي [ مضـحـك ] ذاك الـذي يحتوي الناوي بكل ما فيه من عناصر الفـرح والخـصب والـرواء والنــماء .
وما أن يهم جبران بمغادرته حتى يعود إليه مسرعاً كأنما يفــر من رحمة الله إلى رحمته جل في علاه وأي ثغر هذا الذي احتوى ذلك المشهد المتكامل وأي تمازج بين جمال الطبيعة وجمال البشر الذي يقدمه لنا جبران وحرصه الشديد على جمال ذلك الثغـر بالدعاء له بالحفظ ، وأي مقارنة ظالمة سنجريها بين بيت جبران هذا وبين بيتي عنترة حين قال
ولقد ذكرتك والرمــاح نواهل مني **/** وبيض الهند تقطر من دمي
فــوددت تقبيـل السـيوف لأ نــهـا **/** لمعت كبارق ثغرك المتبسم
فأيهما أبلغ ..؟؟ تشبيه الثغر بالتماعة السيوف وسط غبار المعارك عند عنترة أم تشبيه الثغر بالتماعة البرق وهطول المطر والخيرعند جبران ..؟؟
وهل التماعة السيوف تساوي شيئا من التماعة البرق ...؟؟..!!
7 / وساقـــها يامـــرود السلطـان حافـه ** لـيـت مـن بالعــين شـافه
واسمحوا لي هنا أن أكون منصفاً وغير متجني فتشبيه الساق بالمرود من أروع التشبيهات التي وردت في القصيدة فهو متناسق ومستور بما عليه من الملابس وليس كسيقان هذا العصر المبتذله والغير محتشمه وكانها بضائع معروضة لكل متطفل ويتناسب جمال التشبيه مع الجمال الأخــاذ الذي سرى في عرض القصيدة وطولها كما أن جمال الجناس بين كلمتي حافه وشافه أعطى جمالاً إضافي للبيت
8 / بطـون رجـليـها كما اسبال النجـادا ** يـــوم يعـــطي الله وجـــادا
تلك كانت رحلة جبران مع فتاته من رأسها إلى بطون رجليها ، ثغر ضحوك وباسم تشع ابتسامته وتومض كما يومض البرق ، عينان شديدتا الصفاء والحذر ، صدر بارز وناهد كأنه هيكل، خصر نحيل مستدير، وكفين تزينها الحلي ، وساق مستورة متناسقة محتشمة وأخيرا قدمان ناعمتان وبيضاوان
وفي البيت الختامي
9 / ذا رايــها يحــزن وذا مـاراي مغبــون
وأخيراً يصب جبران كل تجربته وخبرته وقدرته وموهبته الشعرية بتركيز شديد في نهاية قصيدته وفي بيتها الختامي هــذا ويوجز كل ذلك بكلمتين
الحــــزن والغــــــبن
وهو بهذا يؤكد تمسكه وتركيزه على حاستي السمع والبصر ليؤكد أيضـأ على التأثر الشديد بجمال بنت صين الصين وروعتها وحلاها وجمالها الذي أورث الحزن لمن رآهــا والغبن لمن سمع بها ولم يرها فأي ساحرة أنت وأي فاتنة يابنت صين الصين .؟
حزن وغبن تلك هي النتيجة .....!!!
تعليق