Unconfigured Ad Widget

تقليص

الحوار بين الأديان حقيقته وأنواعه إعداد الشيخ :أبو زيد بن محمد مكي

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • علي الدوسي
    عضو مميز
    • Jun 2002
    • 1078

    الحوار بين الأديان حقيقته وأنواعه إعداد الشيخ :أبو زيد بن محمد مكي

    المقــدمة
    الحمد لله , والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :

    فإن الغرب إذا شعر بظلمه للمسلمين , وبخوفه من انتقامهم , أو ارتبطت بهم بعض مصالحه فخاف عليها , رفع مباشرة شعار التعايش السلمي , والتسامح ونسيان الماضي , والتقارب , والتحاور , ونحو ذلك من الشعارات , ليأمن على نفسه ومصالحه بذلك , وينشر دينه وثقافته كذلك .
    ومما يؤسف له أن تجد بعض من ينتسب للفقه الشرعي- فضلاً عن غيرهم من العصرانيين – يسارع في الإجابة , ويتهم غيره بالتقوقع والانغلاق وضيق الأفق , ثم قد تنكشف لبعضهم الحقيقة , فيعود محذراً , وكثيراً منهم يستمر في عماه , بل ويؤول النصوص الشرعية لتوافق مراد الغرب الكافر , والله المستعان .
    ولهذا أحببت أن أكتب في موضوع " الحوار بين الأديان : حقيقته وأنواعه " , وفق الخطة التالية : قسمت البحث إلى مبحثين , لكل مبحث مطالبه كما يلي :
    المبحث الأول : حقيقة الحوار بين الأديان , وفيه ثلاثة مطالب :
    المطلب الأول : معنى الحوار لغة و اصطلاحاً .
    المطلب الثاني : معنى الحوار بين الأديان .
    المطلب الثالث : حقيقة الحوار بين الأديان في المنظور الغربي .
    المبحث الثاني : أنواع الحوار بين الأديان , وفيه ستة مطالب :
    المطلب الأول : حوار التعايش والتسامح .
    المطلب الثاني : حوار الدعوة والبلاغ .
    المطلب الثالث : حوار التقريب .
    المطلب الرابع : حوار الوحدة .
    المطلب الخامس : حوار الاتحاد .
    ثم اختتمت البحث بخاتمة , ذكرت فيها أهم النتائج ,أسأل الله تعالى بمنه وكرمه الإعانة والتوفيق والإخلاص
    المبحث الأول : حقيقة الحوار بين الأديان .
    وفيه ثلاثة مطالب :
    المطلب الأول : معنى الحوار لغة و اصطلاحاً .
    أولاً معنى الحوار لغة :
    الحِوَار في اللغة : مشتق من الحَوْر , وهو الرجوع . قال تعالى : ( إنه ظن أن لن يحور . بلى )(1)فالحوار هو : مراجعة الكلام (2) .
    والمحاورة : المجاوبة (3) .
    وأحار الرجل الجواب أي ردَّه .
    وما أحاره أي : ما ردَّه (4) .
    ثانياً : معنى الحوار اصطلاحاً .
    الحوار اصطلاحاً : هو لفظ عام يشمل صوراً عديدة منها المناظرة والمجادلة (5) ويراد به : مراجعة الكلام والحديث بين طرفين , دون أن يكون بينهما ما يدل بالضرورة على الخصومة (6) .
    وقد يكون مرادفاً للجدل , كقوله تعالى : (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1) وقد يفترقان حين يتحول الحوار إلى لدد في الخصومة , فهو حينئذ يسمى جدالاً لا حواراً (7)وقد يكون الحوار مرادفاً للمناظرة , لأن المتناظرين يتراجعان الكلام في قضية ما , بعد النظر فيها بعين البصيرة , إلا أن المناظرة أدلُّ في النظر والتفكر , كما أن الحوار أدل في الكلام ومراجعته(8).
    المطلب الثاني : معنى الحوار بين الأديان
    الحوار بين الأديان من المصطلحات الحادثة المجملة , وهو يتنوع بحسب أهدافه وأغراضه إلى عدة أنواع , منها ما هو حق , إذا كان الهدف شرعياً , ومنها ما هو باطل , إذا كان الهدف مذموماً شرعاً .
    ولذلك فإن هذا المصطلح لا يرد مطلقاً لأننا بذلك نرد الحق الذي فيه , ولا نقبله مطلقاً لأننا بذلك نقبل الباطل الذي فيه .
    ومما تقدم , يمكننا أن نقول أن للحوار بين الأديان عدة معاني بحسب أهدافه وأغراضه منها:
    1-حوار الدعوة أو التنصير .
    2-حوار التعايش أو التسامح .
    3-حوار التقريب .
    4-حوار الوحدة .
    5-حوار الاتحاد(9).
    وسيأتي بمشيئة الله تعالى , بيان معنى كل نوع من هذه الأنواع في العالم الإسلامي وفي العالم الغربي , وأبرز المؤسسات أو الشخصيات الداعية له .
    المطلب الثالث :حقيقة الحوار بين الأديان في المنظور الغربي :
    الحوار بين الأديان في المنظور الغربي بكل أنواعه وسيلة تنصيرية , واستعمارية , ومناورة سياسية لوقف القتال بعد تحقيقهم لبعض المكاسب .
    ذكر دانيال آر بروستر , في محاضرة له بعنوان " الحوار بين النصارى والمسلمين " عدة حقائق توضح حقيقة الحوار عند النصارى منها :
    1-في عام 1960 م , رفع مجلس الكنائس العالمي الحوار مع المسلمين , وكان يعتبر هذا الحوار وسيلة مفيدة للتنصير , فإن الحوار الذي هو وسيلة لكشف معتقدات وحاجيات شخص آخر هي نقطة بداية شرعية للتنصير .
    2-وفي عام 1968 م , نقل الحوار خارج محيط التنصير ,واكتفى بالإقرار بصحة الديانة النصرانية , وفتح أبواب الصداقات , والمشاركة في الحياة على وفق ما يراه النصراني .
    3-إن الهدف من الحوار هو إقناع الآخرين باتخاذ قرارات معينة , فإن بدر منهم ذلك فدعهم يسمونه ما يشاءون (10).
    وذكر هيوكيتسكل – زعيم حزب العمال البريطاني – في كتابه " التعايش السلمي والخطر الذي ينتابه " تعريف التعايش بأنه : " مناورة خالصة , وهي ظاهرة مؤقتة , قد تقتضي تحوير السياسة بوقف القتال , وتخفيف الضغط "(11).
    ومما جاء في الكتاب الصادر عن الفاتيكان عام 1969 م :
    1-هناك موقفان لا بد منهما أثناء الحوار : أن نكون صرحاء , وأن نؤكد مسيحيتنا وفقاً لمطلب الكنيسة .
    2-سيفقد الحوار كل معناه إذا قام المسيحي بإخفاء أو بتقليل قيمة معتقداته التي تختلف مع القرآن.
    3-لا يكفي أن نتقرب من المسلمين , بل يجب أن نصل إلى درجة احترام الإسلام على أنه يمثل قيمة إنسانية عالية وتقدماً في التطور الديني بالنسبة للوثنية .
    4-إن الحوار بالنسبة للكنيسة هو عبارة عن أداة ,وبالتحديد:عبارة عن طريقه للقيام بعملها في عالم اليوم(12).
    ولذلك صرح أهل العلم ممَّن درس مفهوم الحوار عند الغرب , سواء بمسمى الزمالة أو الصداقة أو التقارب أو نحو ذلك من المسميات بأن هذه الدعوى جوهرها وهدفها في الحقيقة هو أن يكسب اليهود والنصارى اعترافاً من المسلمين بصحة دينهم , وهذا له دور كبير في صد النصارى واليهود عن الدخول في الإسلام(13).
    المبحث الثاني : أنواع الحوار بين الأديان
    المطلب الأول : حوار التعايش والتسامح
    المسألة الأولى : المراد بالتعايش والتسامح في الدين الإسلامي :
    لم ترد لفظة التعايش والتسامح في القرآن أو السنة , ولكن ورد لفظ البر والإحسان والقسط (14).
    فالحوار المتعلق بالعلاقة المعيشية البحتة بين معتنقي الأديان , ويهدف إلى تحسين العلاقة بين شعوب أو طوائف , وربما تكون أقليات دينية(15), فإن الإسلام يرحب به , ويدعو إليه من خلال الإحسان والبر والقسط , ولا يتنافى مع نصوص الشرع الناهية عن موالاة الكفار(16).
    قال تعالى : (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) (الممتحنة:8)
    فمفهوم التسامح والتعايش في الإسلام هو : التعامل مع غير المسلم وفق الحكمة واللين والمعروف سواء في ذلك التعامل في الخطاب , أو في مطلق التصرف , وفق الضوابط الشرعية(17). فإذا حارب أو اعتدى فعلى المسلمين أن يحاربوه ويردعوه(18).
    فأهم ضوابطه ثلاثة (19):
    1-مراعاة جانب الولاء و البراء .
    2-إقامة العدل .
    3-الحكمة في الدعوة أو المعاملة .
    المسألة الثانية : المراد بالتعايش والتسامح في العالم الغربي .
    لقد رفع الغرب شعار التعايش والتسامح مع العرب والمسلمين في اليوم السادس من نوفمبر 1973 م بعد الأحداث التالية(20) :
    1-نشوب الحرب يوم العاشر من رمضان – السادس من أكتوبر – وقيام القوات العربية بعمليات حربية لتحرير الأراضي العربية المحتلة , ونجاحها في إنزال ضربات قوية بالمحتل الإسرائيلي .
    2-قرار وزراء النفط العرب يوم السابع عشر من أكتوبر في الكويت : فرض الحصار النفطي على الولايات المتحدة الأمريكية , وتخفيض مستوى الضخ حتى يتحقق الجلاء عن الأراضي العربية المحتلة , وتؤمن الحقوق الوطنية لشعب فلسطين .
    3-فرض الدول العربية الحظر النفطي على هولندا يوم العشرين من أكتوبر لموقفها العدائي من العرب .
    فهذا الشعار عبارة عن مناورة خالصة , وظاهرة مؤقتة , من أجل وقف القتال , أو تخفيف الضغط(21).ثم تطور هذا الشعار حتى أصبح دعوى فكرية تخفي وراءها أهدافاً عديدة : عقدية وثقافية , واجتماعية , وسياسية , واقتصادية (22), ومن أمثلة ذلك :
    1-اتخاذه وسيلة للتنصير وتشويه حكم الردة في الإسلام .
    2-اتخاذه وسيلة لمحاربة مفهوم الجهاد في الإسلام , وإضعاف عقيدة الولاء و البراء .
    3-المحافظة على المكاسب المتحصلة , وامتصاص غضب العرب والمسلمين من الظلم الحاصل عليهم .
    4-المطالبة بالحصول على المناصب الهامة داخل الدولة المسلمة(23).
    وفي عام 1415هـ ( 1995 م ) أعلنت هيئة الأمم المتحدة أن هذا العام هو عام التسامح, وأصدرت نشرة خاصة عن ذلك , وكان أبرز ما فيها الدعوة إلى التسامح بين الأديان , ويريدون به الدعوة إلى زمالة الأديان , وجعل القاسم المشترك بينها البيان العالمي لحقوق الإنسان , والتأكيد على الحرية الدينية , واعتبار حكم الردة في الإسلام منافياً لهذه الحرية(24).
    وقد قام بعد ذلك بالدور على أتمه و أكمله المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم و الثقافة ( إيسسكو ) فأصدرت كتاباً باسم " مفهوم التعايش في الإسلام "(25)
    أثبت فيه أن الإسلام يقر بالديانات السماوية , وأنه مهيمن عليها لا بمعنى ناسخ لها , وإنما بمعنى مراقب , فهو يرصد ما تتعرض له تلك الديانات من تحريف عن أصلها الحق(26), ثم يقول :
    " لا انفتاح ولا حوار , وبالتالي لا تعايش بدون كيان شخصي وهوية خاصة , أي بدون المحافظة عليها , مما يقتضي عدم التنازل عنهما , وفي طليعتهما : الدين , وإلاَّ فلا يكون انفتاح ولا يكون حوار , ولا يكون تعايش , وإنما تكون الهيمنة والتسلط ...
    والإلحاح على مثل هذا الحوار راجع إلى أمرين :
    الأول : لتحقيق المزيد من التفاهم المفضي إلى التعايش .
    الثاني : لتقوية الإيمان بالله في النفوس , خاصة بعد أن طغت المادية , وتفشت قيمها المسيطرة على الشباب في جميع أنحاء العالم "(27).
    ثم أصدرت اليونسكو بياناً بمعنى التسامح وأنه : " احترام الآخرين وحرياتهم , والاعتراف بالاختلافات بين الأفراد , والقبول بها ...
    والتسامح هو تقدير التنوع الثقافي , وهو الانفتاح على الأفكار والفلسفات الأخرى بدافع الاطلاع , وعدم رفض ما هو غير معروف "(28).
    ثم قامت كتابات عربية أخرى تؤكد على هذا المعنى من التسامح , وتقصد به حرية الردة عن الإسلام , وحرية السلوك والأخلاق .
    فهذا محمد الطالبي يقول بأنه : لا يرى سنداً في الإسلام لما يعرف بحكم الردة(29).
    وهذا عبد الفتاح عمر يتسائل : هل الظاهرة الدينية ستقوم على ترسيخ قيم الاحترام والتسامح , أم أنها ستنبني على التطرف والعنف والتكفير والتدخل فيما للغير من معتقدات وماله من سلوكيات ؟
    هل الظاهرة الدينية ستساعد على ترسيخ الحرية الدينية , أم هل أنها ستعصف بها في آخر الأمر(30) .
    المسألة الثالثة : أمثلة على حوار التعايش في الواقع المعاصر .
    -1- الحوار بين الشمال والجنوب .
    والمقصود به الحوار بين البلدان المتطورة الغربية , ويرمز لها بالشمال , وبين بلدان العالم الثالث ويرمز لها بالجنوب , وذلك عندما فرض الشمال على الجنوب تعديل أسعار النفط , دون أن يدخل على النظام الاقتصادي أي تعديلات , وبعد مناورات دامت العامين , قبل الشمال إجراء الحوار مع الجنوب في هذا الموضوع , واضطر أن يضع نظاماً جديداً بعد ذلك(31).
    -2- الحوار العربي الأوروبي .
    كما تقدم , عندما شعرت أوروبا وأمريكا بانتصار المسلمين في حرب العاشر من رمضان 1973 , وممارسة العرب بعض الضغوط النفطية على أمريكا وهولندا , لجأت لإجراء الحوار امتصاصاً لغضب العرب , ومحافظة على مكاسبهم(32).
    المطلب الثاني : حوار الدعوة والبلاغ .
    المسألة الأولى : المراد به في الدين الإسلامي :
    الحوار مع أصحاب الديانات الأخرى من أجل دعوتهم للدين الإسلامي الخاتم والناسخ لجميع الأديان السابقة , وإيضاح محاسن الإسلام لهم , وبيان ما هم عليه من باطل , واستنقاذهم من ظلمات الشرك والجهل , هذا الهدف من أعظم ما يدعو إليه الإسلام , وبالتالي فهذا النوع من الحوار , مطلوب شرعاً وعقلاً(33).
    قال تعالى : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران:64).
    المسألة الثانية : المراد به في العالم الغربي :
    يراد بهذا النوع من الحوار عند الكنيسة الكاثوليكية , وعند مجلس الكنائس العالمي , وعند المستشرقين من النصارى عدة أمور :
    الأمر الأول : اتخاذه وسيلة للتنصير , وهذه كانت غايتهم الأولى , من إعلان الحوار مع المسلمين .
    الأمر الثاني : اتخاذه وسيلة لتشكيك المسلمين في دينهم , وفي نبيهم , صلى الله عليه وسلم.
    الأمر الثالث : اتخاذه وسيلة لأخذ الشهادة والإقرار بصحة دينهم , وجواز التعبد به لله تبارك وتعالى(34).
    ولهذا فقد وضع النصارى مقياساً يقاس به نجاح هذا النوع من الحوار مكوَّن من عشرة أمور كالتالي(35):
    (-7) – لا إدراك بالنصرانية .
    (-6) – إدراك بوجود النصرانية .
    (-5) – بعض المعرفة بالكتاب المقدس .
    (-4) – فهم مبادئ الكتاب المقدس الأساسية .
    (-3) – إدراك التضمينات الشخصية .
    (-2) – إدراك الحاجة الشخصية .
    (-1) – التحدي والقرار بقبول المسيح .
    (+1) – التحول .
    (+2) – تقييم القرار .
    (+3) – الاندماج في الزمالة النصرانية .
    المسألة الثالثة : أبرز المؤسسات الداعية له في العالم الغربي :
    1-الكنيسة الكاثوليكية :
    وهي الكنيسة التي اعتقدت قرارات مجمع نيقية المنعقد عام (325م) , ومقر قيادتها الفاتيكان , وهو مقام البابوات في روما , وقد أعلن مجمع الفاتيكان الثاني عام 1962م الدعوة إلى الحوار بين الأديان , وأصدر النشرات والكتب الموضحة لذلك , ووضع خطة لإعداد وتدريب المحاورين النصارى , ومن تلك الكتب :
    أ – نحو حوار مع الإسلام .
    ب – توجيهات في سبيل الحوار بين المسيحيين والمسلمين .
    وقد أولى البابا يوحنا بولس الثاني , والذي تزعم رئاسة هرم هذه الكنيسة من عام 1978, الحوار بين الأديان عناية فائقة , واعتبره في إطار المهمة الأساسية للكنيسة , وهي التبشير(36).
    2-مجلس الكنائس العالمي :
    يمثل هذا المجلس بقية الطوائف النصرانية غير الكاثوليكية من بروتستانت , و أرثوذكس , وقد ولد هذا المجلس نتيجة لقاءات عالمية لتلك الكنائس من أجل توحيدها , ويعتبر لهذا المجلس قوة ونفوذ تضاهي قوة الفاتيكان على الكنيسة الكاثوليكية .
    وقد قام أيضاً هذا المجلس بإقامة دورات تدريبية للمنصرين للقيام بمهمة لحوار , ولكنَّه لما لم ير جدوى من ذلك مال بالحوار إلى دعوى التقارب والزمالة بين الأديان , وأدرجه ضمن إطار العلاقات الدولية للمجلس (37).
    المطلب الثالث : حوار التقريب بين الأديان
    المسألة الأولى : المراد به عند العصرانيين :
    من أفضل من شرح فكرة التقريب من العصرانيين على حسب اطلاعي : د. عباس الجراري في كتابه " الحوار من منظور إسلامي " والذي نشرته " المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة " (ايسيسكو ) وقدَّم له المدير العام للمنظمة شاكراً له حسن عرضه لوجهة النظر الإسلامية في هذا الموضوع , ويليه د. يوسف الحسن , في كتابه الحوار الإسلامي المسيحي ( الفرص والتحديات), والذي نشره المجمع الثقافي بالإمارات , وأبرز ما في فكرتهم ما يلي :
    1- شروط نجاح الحوار : الانطلاق من اعتراف كل طرف بالآخر , ويبدأ بالاستعداد النفسي للانفتاح عليه بتسامح , أي : بقبوله كما هو . ثم البحث أثناء الحوار عن مواطن الاتفاق,والبعد عن مواطن الاختلاف(38).
    2- قاعدة الحوار تتمثل في المعادلة التالية :
    أ – ما تريد أن يعرفه عنك الآخر , فأعرفه أنت عنه .
    ب- ما تريد أن يفعله معك الآخر , فافعله أنت معه .
    والمقصود بالآخر هو من يؤمن بعقيدة غير عقيدتك . ويقصدون بذلك السماحة ونيسان الماضي(39).
    3 – تأويل " الكلمة السواء " في قوله تعالى : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ)(آل عمران: من الآية64)بأنها فعل الصالحات والنافعات للبشرية,ومواجهة الطغيان , وتحقيق معرفة ك طرف بالآخر, وإزالة سوء الفهم, دون المحاولة إلى إلغاء الخصوصيات(40).
    4- البعد عن جعل الحوار دعوة مبطنة سوء للإسلام أو للنصرانية ,والبعد عن التلفيق الديني, والبعد عن نوازع التشكيك , ومقاصد التجريح , بل لا بد من إشاعة المودة وروح المسالمة والتفاهم والوئام , والتعاون فيما يقع التوافق فيه من أعمال النفع العام للبشرية(41).
    وكما نلاحظ أن هذا النوع قريب من حوار التعايش , إلاَّ أنه يزيد عليه المطالبة بإشاعة روح المودة والمحبة , وإزالة البغضاء والكراهية من النفوس , وأن تتقبل صاحب الديانة الأخرى كما هو, ولكنه يختلف عن الوحدة أنه لا يشترط فيه الإقرار بصحة الديانة الأخرى .
    المسألة الثانية : المراد به في العالم الغربي وأشهر الدعاة إليه(42):
    العالم الغربي بعد نجاحه في إدارة الحوار العربي الأوربي ,واستطاع عن طريقه أن يمتص غضب العرب , وأن يقنعهم بفكره الذي يريد , وجد أمامه عقبة الدين , وخصة الدين الإسلامي الذي يأمر أتباعه بالبراءة من الكفار , ومجاهدتهم , والغلظة عليهم , فصار يطالب بالحوار بين الأديان , على أساس أن يقبل أتباع كل دين المخالف لهم كما هو , ويكون التعاون من أجل السلام العالمي , والتعايش العالمي , وترك المعاداة , ونحو ذلك.
    وأبرز المؤسسات الداعية إليه : مجلس الكنائس العالمي عن طريق " لجنة الحوار مع أصحاب العقائد والمثل الحية " .
    المطلب الرابع : حوار الوحدة بين الأديان .
    المسألة الأولى : المراد به :
    المراد به : الحوار من أجل الوصول إلى القول بصحة جميع المعتقدات والديانات , وأنها ينبغي أن تكون جنباً إلى جنب , تتزامل في الإيمان , دون أن يتخلى كل دين عن عقائده وشرائعه الخاصة به (43).
    المسألة الثانية : أقسامه .
    وهذا النوع على قسمين :
    القسم الأول : الوحدة الصغرى : وهذا خاص بالأديان التي تعلن انتمائها إلى إبراهيم عليه السلام , وهي الإسلام واليهودية والنصرانية , ولذلك يطلق أصحاب هذا القسم على هذه الأديان : الأديان الإبراهيمية(44).
    وتفرع عن هذا القسم من الحوار الدعوة إلى بناء : مسجد وكنيسة ومعبد في محيط واحد , في رحاب الجامعات والمطارات والساحات العامة , والدعوة إلى طباعة القرآن الكريم والتوراة والإنجيل في غلاف واحد(45).
    والقسم الثاني : الوحدة الكبرى , وهذا شامل لجميع الأديان والملل الوثنية, بل والملحدين, بجامع أن تلكم الوثنيات آثار نبوات سابقة ,وأن الملحدين يؤمنون بالإنسان ,وأن للحياة معنى(46).
    المسألة الثالثة : أهدافه :
    ويهدف هذا النوع من الحوار إلى عدة أمور أهمها :
    1-إلغاء تقسيم الناس إلى مسلم وكافر , فلا ولاء ولا براء , والقول بصحة جميع الأديان , وأنها طرق لتحقيق غاية واحدة .
    2-تحقيق المصالح المشتركة كمحاربة الشيوعية , وتضييق مجال عملها (47).
    3-الدعوة إلى انفتاح الإسلام الشامل على كافة الديانات , وإقراره بصحتها(48).
    المسألة الرابعة : أبرز دعاته :
    إن الدعوة إلى وحدة الأديان دعوة قديمة , فقد دعا إليها زنادقة الصوفية كابن عربي , والفرق الباطنية كإخوان الصفا(49).
    وأمَّا عند النصارى , فيعتبر الراهب " رامون لول " المتوفى عام 1315هـ أول من دعا إلى تصويب جميع صور العبادات والأديان .
    وأمَّا الدعوة إلى التقارب في الإبراهيمية , فيعتبر المستشرق الفرنسي " لويس ماسينيون " أول من دعا إليها بحماس , عن طريق كتاباته عن الحلاج , وعن طريق تدريسه في جامعة القاهرة, وإدارته لمجلة العالم الإسلامي عام 1919م .
    وأخيراً , تأتي محاولة روجيه جارودي للتحاور بين الأديان على أساس إقامة وحدة فيدرالية للطوائف الدينية , ورأى أن الرابط بين الأديان هو الإيمان بمعناه الأرحب والأوسع , والذي يمكن أن يوجد حتى عند الملحدين , فهم لديهم إيمان بالإنسان , ورأى أن أفضل دين فيه سعة ورحابة يمكن أن يتقبل فكرته هذه هو الإسلام , ولكن ليس بمدلوله الخاص , وإنما بمدلوله العام والذي يعني الاستسلام لله .
    يقول جارودي : " إن الفكرة الأولى لعلاقات المسلمين مع بقية الطوائف الدينية في فكر ورأي النبي صلى الله عليه وسلم كانت إقامة ما نسميه اليوم (وحدة فيدرالية) للطوائف الدينية , لكن حصل أن هذا الأمر لم يتحقق أبداً في التاريخ , لا في المسيحية ولا في اليهودية أو في الإسلام, لكن أعتقد أن هذه المعادلة قابلة للعيش والاستمرار , أي : أن تصل بنا إلى روابط الجماعة , وروابط الأرض , وروابط السوق المشترك , وحتى روابط الماضي والثقافة , وإقامة كل شيء على أساس المستقبل , أي : على الإيمان المشترك بمعناه الأرحب والأوسع , وحتى الملحدين ممكن أن يكون لديهم إيمان بالإنسان , وبإمكانهم إقامة طائفة دينية بالمعنى الذي قلناه فيما سبق لتعميق هذا الاحترام الأساسي للإنسان .
    هكذا أعتقد ما هو ممكن , لكنني أعترف أن هذا أحد الأسباب التي جذبتني للإسلام , ذلك أن الإسلام هو أكثر الديانات جمعاً وتوحيداً للإنسان , وهو بمثابة عصارة و زبدة الأديان "(50).
    وقد شرح جارودي في مناسبات عدة دينه الذي هو عليه الآن , ومشروعه الذي وقف حياته عليه .
    فأما دينه فهو الإسلام الإبراهيمي كما يسميه , وأما مشروعه فهو الدعوة إلى الوحدة الصغرى في الإبراهيمية , أو الكبرى مع جميع الأديان حتى مع الملاحدة المؤمنين بالإنسان .
    يقول جارودي عندما سئل عن دينه : " على دين إبراهيم , ولمَّا لم يكن إبراهيم يهودياً ولا مسيحياً , ولا بوذياً ولا مسلماً بالمعنى التاريخي للكلمة , فأنا كذلك : مسلم بالمعنى العام وليس الخاص لهذه الكلمة , وكوني أصبحت مسلماً , فهذا لا يعني أني تخليت عن اعتقاداتي الدينية والفلسفية السابقة , والإسلام بهذا المعنى يجمع بين أتباع كل الرسل منذ عهد إبراهيم , أي الذين نادوا لدين التوحيد , لذلك فأنا عندما أنشأت متحف قرطبة للحضارة الإسلامية قبل ست سنوات في أسبانيا , قمت في هذه المناسبة بعقد مؤتمر ( ديني إبراهيمي ) , أسندت رئاسته بالتساوي إلى ثلاث شخصيات إسلامية ومسيحية ويهودية ... "(51).
    ولذلك فقد أفتى الشيخ ابن باز – رحمه الله – بأن جارودي ليس مرتداً , لأنه لم يدخل الإسلام أصلاً (52).
    وقد وجد جارودي دعماً كبيراً لفكرته من بعض المؤسسات والمنظمات الحكومية , والتي كان من نتاجها العملي ما يلي :
    1-المعهد الدولي للحوار بين الحضارات في جنيف .
    2-الملتقى الإبراهيمي في قرطبة .
    3-المركز الثقافي في القلعة الحرة في قرطبة(53).
    المطلب الخامس : حوار الاتحاد بين الأديان .
    المسألة الأولى : المراد به(54):
    هو الحوار الذي يتم فيه التقاط أو انتقاء عناصر من كل دين , ثم دمجها سوياً , وتتخذ ديناً, وتترك تلك الأديان .
    وهو على نوعين :
    الأول : حوار التقاطي : يتم فيه الدمج دون تنسيق منهجي بين العناصر الملتقطة .
    وهذا مثاله الديانة المونية .
    والثاني : حوار تلفيقي : وهذا يتم فيه الدمج بتنسيق منهج بين العناصر الملتقطة .
    وهذا مثاله ديانة كريسلام , والديانة البهائية .
    المسألة الثانية : أبرز دعاته في العالم الإسلامي(55):
    تعتبر فرقة البهائية هي أبرز من يدعو إلى توحيد الأديان , وتسمي الدين الملفق بالديانة العالمية , والذي تبشر به البهائية وتدعو إليه , وتعتقد أنه الدين الناسخ لجميع الأديان السابقة , والذي يمكن أن يوحد العالم , ويعطي له السعادة والراحة والاطمئنان .
    فمما ينادي به البهاء : " أن يتحد العالم على دين واحد , ويصبح جميع الناس إخواناً , وتتوثق عرى المحبة والاتحاد بينهم , وتزول الاختلافات الدينية " .
    المسألة الثالثة : أبرز دعاته في العالم الغربي .
    أولاً : أصحاب الديانة المونية :
    وهؤلاء أتباع " صن مون " الكوري الشمالي الثري , والذي لفق لهم ديناً من النصرانية واليهودية والإسلام والبوذية , وكذلك من النظريات العلمية , وادعى النبوة , وأنه جاء بدين يوحِّد العالم , ويكسبه السعادة والسرور(56).
    ثانياً : أصحاب ديانة كريسلام :
    هذا الاسم الجزء الأول منه يدل على النصرانية , والثاني : الإسلام , فهي مزيج منهما , قام بذلك الأب الأسباني " إيميلو غاليندور آغيلار " , ودعا الناس إلى التوحد على هذا المبادئ الملفقة من هاتين الديانتين,وتطالب بالتخلص من وصاية المؤسسات الدينية التي أثبتت–بدلاً من أن تكون عوامل مساعدة–أنها عقبات في طريق التوحيد
    [glint][grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم[/grade][/glint]
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif, webp

ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

يعمل...