للدكتور الشاعر صالح بن سعيد الزهراني
ولدتُ للشعر أبني منه ما انهدما
وكان للشعر في هذا المدار حِمَى
أحرقتُ عمري على أبوابِ دولته
أجادلُ الأحرفَ الخضراءَ والنغما
كتبتُ للحزن حتى ملّني ورقي
فكم تخضَّبَ من نبض الحروف دما
وقلتُ للحزن حتى لم أجد لغة
وبحتُ بالحزن حتى ما وجدتُ فما
خلقتُ للجرح مهدي فوق مقصلة
وبين أشلاء أوطاني هواي نما
وما تسامقتُ إلا من هزائمنا
فكلّ ما اهتزَّ مني نابضٌ هزما
حفظتُ ألف نشيد عن تلاحمنا
والواقعُ المُرُّ ينفي كل ما علما
معارك لم تلد نصرا ولا بطلا
كانت فتوحاتِ (كَحَّال) تزيد عمى
لا أهدتِ الوطنَ المسلوبَ هيبته
ولا أعادتْ له رأسا ولا قدما
آمنتُ أن بلادَ العربِ واحدة
وأن (بغداد) تفدي النيلَ والهرما
وحين جُنَّتْ (جَنينٌ) في مواجعِها
أدركتُ أنا وجودٌ يشبه العدما!
فأين يا (سدّنا العالي) منابعُنا
و(دجلة والفراتُ) الحُرُّ أين هما؟
أرى ملامحَ عُرْبٍ في ملامحنا
وحين أفتح خفّاقا أرى عجما
قبائلٌ كل فخذٍ صار عاصمة
حدودُها تلعن الأنسابَ والرحما
(إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثير) ولكن الرجال دُمَى
وجدتُ (مليار) منفيٍّ بلا وطن
من لم يمتْ فيه همّاً مات متهما!
أحبتي لا تلوموا الشعر أعذبَه
ما جاء مثل عبابِ الجرح محتدما
الشعرُ أن تخلقَ الأبياتَ جامحة
لا تنحني في بلاط المنحني خدما
تنثّ فوق شفار السيف باسمة
والحرّ يحتضن المأساة مبتسما
تحية أيها الأحباب طاهرة
مثل المحبين عندي تسكن (الحرما)
نسجتها من شراييني وأوردتي
أطلقتُها في مداراتِ الهوى حلما
أحببت أن تتجلى وهي سابحة
خيالها عن حدود المستحيل سما
إذا رآها غويُّ الشعر جاذبها
حبل السؤال بماذا صاغها؟ ولمَ؟
عجنتُها من ثرى الأضواء فانبثقت
بين الأصابع من أشواقها حمما
لا تنكروا العريَ في أغصان طلعتها
فالبيد جوعٌ، وآفاق الشعور ظما!
ولن يلوم اليتامى في مدامعهم
إلا الذي لم يذق يتماً ولا ألما
يبني لهم في مدار الروح متكأ
قلبٌ من القبل الخضراء قد حرما
ولدتُ في حلك المأساة, ملعقتي
متاعبٌ، أطعمتني البؤسَ والسأما
و(أمُّ قشعمَ) كانت فيه قابلتي
ألا ترون جبينَ الشعر مضطرما؟!
أتيتكم وهي فوق (الشام) حائمة
تمدُّ كفينِ كفَّ اللهُ شرَّهما
غبراءُ، جمريّةُ العينين، ما اغتسلتْ
والعاشقون أضاعوا العمرَ عندهما!
يا نهرَ (دجلة) أوراقي مبعثرة
كما تبعثرُ في شطآنكَ الندما
أين (الرشيدُ)؟ وهل مرَّتْ سحابتُه؟
ومزنُها العذبُ في أي الثغور همى؟
كأن (بغدادَ) لم تنشدْ قصائدَها
ولم تكن مطلعا حرَّاً ومختتما
ولم تكن لبني الإسلام (جمجمة)
ولم تجيِّش لجيش (الروم) (معتصما)
(البعثُ) علّمها أن تنحني خجلا
وأن توحِّدَ في إيمانها (صنما)
شرى مواويلَ بغدادَ التي طربت
لها الحياة، ولم يحفظ لها ذمما
فعشّشَ الخوفُ خوفا في مفاصلها
نظامُه الحرُّ ما أبقى لها نظما
يا نخلَ (بغداد) ويلٌ للعروبة من
شرٍّ يلوحُ، وسيل في الخليج طمى
(مليارُ)، لا فارسٌ طار العجاجُ له
ولا كريمٌ، نرى في وجهه (هرما)
لكننا لم نمتْ، فالثأرُ في دمنا
يمورُ، والرَّحِمُ الخلاقُ ما عقما
لسوف نخرج من اضلاع قاتلنا
سيفا، وندخل في أحشائه سقما
الشعر، يا أيها الأحباب أشعلني
فجئت أشعل في أطرافكم حكما
أقول والقادمون السود مظلمة
وجوهُهم، كذبَ الراوي بما زعما
إني أرى سَحَرَ (الأهوار) منبلجا
وفوق بستان (حيفا) أقرأ الدِّيَما
والقابضون على جمر الهدى نسجوا
للقادمين مدارا ينبت الشيما
وللرصاص على الباغين زلزلة
وما رمينا،ولكن الإله رمى ...
بعد هذه الروائع لا أعتقد أننا قد ابتعدنا عن أبي الطيب كثيرا
ولدتُ للشعر أبني منه ما انهدما
وكان للشعر في هذا المدار حِمَى
أحرقتُ عمري على أبوابِ دولته
أجادلُ الأحرفَ الخضراءَ والنغما
كتبتُ للحزن حتى ملّني ورقي
فكم تخضَّبَ من نبض الحروف دما
وقلتُ للحزن حتى لم أجد لغة
وبحتُ بالحزن حتى ما وجدتُ فما
خلقتُ للجرح مهدي فوق مقصلة
وبين أشلاء أوطاني هواي نما
وما تسامقتُ إلا من هزائمنا
فكلّ ما اهتزَّ مني نابضٌ هزما
حفظتُ ألف نشيد عن تلاحمنا
والواقعُ المُرُّ ينفي كل ما علما
معارك لم تلد نصرا ولا بطلا
كانت فتوحاتِ (كَحَّال) تزيد عمى
لا أهدتِ الوطنَ المسلوبَ هيبته
ولا أعادتْ له رأسا ولا قدما
آمنتُ أن بلادَ العربِ واحدة
وأن (بغداد) تفدي النيلَ والهرما
وحين جُنَّتْ (جَنينٌ) في مواجعِها
أدركتُ أنا وجودٌ يشبه العدما!
فأين يا (سدّنا العالي) منابعُنا
و(دجلة والفراتُ) الحُرُّ أين هما؟
أرى ملامحَ عُرْبٍ في ملامحنا
وحين أفتح خفّاقا أرى عجما
قبائلٌ كل فخذٍ صار عاصمة
حدودُها تلعن الأنسابَ والرحما
(إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثير) ولكن الرجال دُمَى
وجدتُ (مليار) منفيٍّ بلا وطن
من لم يمتْ فيه همّاً مات متهما!
أحبتي لا تلوموا الشعر أعذبَه
ما جاء مثل عبابِ الجرح محتدما
الشعرُ أن تخلقَ الأبياتَ جامحة
لا تنحني في بلاط المنحني خدما
تنثّ فوق شفار السيف باسمة
والحرّ يحتضن المأساة مبتسما
تحية أيها الأحباب طاهرة
مثل المحبين عندي تسكن (الحرما)
نسجتها من شراييني وأوردتي
أطلقتُها في مداراتِ الهوى حلما
أحببت أن تتجلى وهي سابحة
خيالها عن حدود المستحيل سما
إذا رآها غويُّ الشعر جاذبها
حبل السؤال بماذا صاغها؟ ولمَ؟
عجنتُها من ثرى الأضواء فانبثقت
بين الأصابع من أشواقها حمما
لا تنكروا العريَ في أغصان طلعتها
فالبيد جوعٌ، وآفاق الشعور ظما!
ولن يلوم اليتامى في مدامعهم
إلا الذي لم يذق يتماً ولا ألما
يبني لهم في مدار الروح متكأ
قلبٌ من القبل الخضراء قد حرما
ولدتُ في حلك المأساة, ملعقتي
متاعبٌ، أطعمتني البؤسَ والسأما
و(أمُّ قشعمَ) كانت فيه قابلتي
ألا ترون جبينَ الشعر مضطرما؟!
أتيتكم وهي فوق (الشام) حائمة
تمدُّ كفينِ كفَّ اللهُ شرَّهما
غبراءُ، جمريّةُ العينين، ما اغتسلتْ
والعاشقون أضاعوا العمرَ عندهما!
يا نهرَ (دجلة) أوراقي مبعثرة
كما تبعثرُ في شطآنكَ الندما
أين (الرشيدُ)؟ وهل مرَّتْ سحابتُه؟
ومزنُها العذبُ في أي الثغور همى؟
كأن (بغدادَ) لم تنشدْ قصائدَها
ولم تكن مطلعا حرَّاً ومختتما
ولم تكن لبني الإسلام (جمجمة)
ولم تجيِّش لجيش (الروم) (معتصما)
(البعثُ) علّمها أن تنحني خجلا
وأن توحِّدَ في إيمانها (صنما)
شرى مواويلَ بغدادَ التي طربت
لها الحياة، ولم يحفظ لها ذمما
فعشّشَ الخوفُ خوفا في مفاصلها
نظامُه الحرُّ ما أبقى لها نظما
يا نخلَ (بغداد) ويلٌ للعروبة من
شرٍّ يلوحُ، وسيل في الخليج طمى
(مليارُ)، لا فارسٌ طار العجاجُ له
ولا كريمٌ، نرى في وجهه (هرما)
لكننا لم نمتْ، فالثأرُ في دمنا
يمورُ، والرَّحِمُ الخلاقُ ما عقما
لسوف نخرج من اضلاع قاتلنا
سيفا، وندخل في أحشائه سقما
الشعر، يا أيها الأحباب أشعلني
فجئت أشعل في أطرافكم حكما
أقول والقادمون السود مظلمة
وجوهُهم، كذبَ الراوي بما زعما
إني أرى سَحَرَ (الأهوار) منبلجا
وفوق بستان (حيفا) أقرأ الدِّيَما
والقابضون على جمر الهدى نسجوا
للقادمين مدارا ينبت الشيما
وللرصاص على الباغين زلزلة
وما رمينا،ولكن الإله رمى ...
بعد هذه الروائع لا أعتقد أننا قد ابتعدنا عن أبي الطيب كثيرا
تعليق