جلسة مع الشاعر " ابو رزق"
كان لي شرف أستضافة الشاعر الحكيم عبد الرزاق المعروف با ابو رزق قبل حوالي سنتين في عزيمة خاصة بمنزلي ببلاد زهران .
هذا الشاعر الذي كان يصب في سمع الرياح قصائده على رأي الدكتور غازي القصيبي ، يصبها في سمع الرياح لتأتي الينا قبل ان تتوفر وسائل التسجيل والتصوير والأتصال ، تأتي الينا لنحفظها ونتغنى بها ونحن لانزال اطفالا، وانا هنا لا ابالغ اذا قلت ان أكثر القصائد التي حفظتها ورددتها وانا لا ازال شابا دون رؤية قائلها هي قصائد ابو رزق.
من منا لم يسمع بقصديته التي مطلعها:
يقول ابو رزق يا قصة حميد بن منصور
يوم التقى البهلوان ايام في الجاهلية
الى ان يقول :
الناس يبغوني أذبح واحدٌ ماذبح بي
ماعاد يبغون ستر الله مع الناس عتبه .
ومن منا لم يحفظ ويردد :
يقول ابو رزق ياذا جاهلٌ ماتزوج .
الى أخر بيت حكمةٍ فيها حيث قال :
ماعاد معك غير تعبة صدر وارحام علّة .
لم أكن قد رأيت هذا الشاعر الذي طالما تمنيت رؤيته وتغنيت بقصائده ورددت ابياته ، وعندما شرفني بتلك الزيارة أكتمَلتْ الصورة التي في ذهني له بل وترسخت وبانت الوانها ، فقد وجدت نفسي امام انسان فصيح يحفظ كثيرا من القرآن والأحاديث ، يتكلّم وكأنه يقرأ في كتاب من كتب الأدب ، لايقاطع حديث أحد ، ولا يجعل الكلمة تمرّ دون التفاعل معها والرد عليها بأحسن منها ، فاذا قال له احد ؛ صح لسانك ، قطع حديثه على عذوبته وحلاوته ، ليرد على القائل بأحسن مما قال ولا ينسى السامعين والحاضرين والأحياء والميتين.
عجبت لأدبه الجم وطريقته في النظم أشد العجب ، الا ان أكباري له واعجابي به ازدادا عندما رايته جالسا على هيئة واحدة لم يغيرها رغم مرور وقتا ليس قصيرا ، فقد كان متكئاً على المسند الذي خلفه ، لايكاد يلامس المتكأ الذي وضع له على يساره الا لمسات خفيفة ليعود الى وضعه الذي يشكل فيه زوايا قائمه مع الأرض والمتكأ.
أقتربت منه ورجوته أن يأخذ راحته ، فالجلسة ستطول وانا اراه متحفظا في تلك الجلسة التي اعتقد انها ليست مريحة ، فما كان منه الا ان دعى لي وأثنى على اهتمامي ووضح لي ان هذه جلسته التي لايمكن له تغييرها ، وأردف قائلاً:
يأبني هذه طريقتي في الجلوس حتى عندما أكون وحيدا في بيتي لا يقابلني الا العمود ، فانا أحترم نفسي وأحترم العمود.
ضحك الحاضرون ، فأستمر يوضح لنا وبصوت مرتفع انه ليس كمثل هؤلاء الشباب الذين ما ان يدخل احدهم الى المجلس حتى " يرمي "بنفسه ((متشطياً)) وكأنه "حسيل" شٍرْكة !! .( الشركة هي ماكان يشترك فيه الناس من البقر ، حيث تذبح وتوزع لكل من يشترك فيها بقدر اشتراكه).
أستمر الجميع في الضحك الا انا ،فقد كنت انظر وهو يتحدث الى احد الشباب من اقربائي وهو " متشطيا" فعلا ، كما وصفه ابو رزق وكأنه يعنيه ، رغم انه لم يكن في مجال رؤيته آنذاك ، ولم يكن يقصده ابداً، فأبي رزق لا يمكن ان يجرح أحد بتلك الصورة ، الا انني تمنيت ان ذلك الشاب لم يكن معنا آنذاك .
كان جميعنا يتمنى لتلك الأمسية ان تطول ، فقد وجدنا أنفسنا امام موسوعة متنقلة ، حيّة ، ممتلئة بعلوم الدين والدينا .
بقدر مأسعدني حضوره بقدر ماسآءني فراقه ، وشعرت بأن هذا الرجل لم ينصفه الناس ولم يعطوه مايستحقة من التكريم .
كان لي شرف أستضافة الشاعر الحكيم عبد الرزاق المعروف با ابو رزق قبل حوالي سنتين في عزيمة خاصة بمنزلي ببلاد زهران .
هذا الشاعر الذي كان يصب في سمع الرياح قصائده على رأي الدكتور غازي القصيبي ، يصبها في سمع الرياح لتأتي الينا قبل ان تتوفر وسائل التسجيل والتصوير والأتصال ، تأتي الينا لنحفظها ونتغنى بها ونحن لانزال اطفالا، وانا هنا لا ابالغ اذا قلت ان أكثر القصائد التي حفظتها ورددتها وانا لا ازال شابا دون رؤية قائلها هي قصائد ابو رزق.
من منا لم يسمع بقصديته التي مطلعها:
يقول ابو رزق يا قصة حميد بن منصور
يوم التقى البهلوان ايام في الجاهلية
الى ان يقول :
الناس يبغوني أذبح واحدٌ ماذبح بي
ماعاد يبغون ستر الله مع الناس عتبه .
ومن منا لم يحفظ ويردد :
يقول ابو رزق ياذا جاهلٌ ماتزوج .
الى أخر بيت حكمةٍ فيها حيث قال :
ماعاد معك غير تعبة صدر وارحام علّة .
لم أكن قد رأيت هذا الشاعر الذي طالما تمنيت رؤيته وتغنيت بقصائده ورددت ابياته ، وعندما شرفني بتلك الزيارة أكتمَلتْ الصورة التي في ذهني له بل وترسخت وبانت الوانها ، فقد وجدت نفسي امام انسان فصيح يحفظ كثيرا من القرآن والأحاديث ، يتكلّم وكأنه يقرأ في كتاب من كتب الأدب ، لايقاطع حديث أحد ، ولا يجعل الكلمة تمرّ دون التفاعل معها والرد عليها بأحسن منها ، فاذا قال له احد ؛ صح لسانك ، قطع حديثه على عذوبته وحلاوته ، ليرد على القائل بأحسن مما قال ولا ينسى السامعين والحاضرين والأحياء والميتين.
عجبت لأدبه الجم وطريقته في النظم أشد العجب ، الا ان أكباري له واعجابي به ازدادا عندما رايته جالسا على هيئة واحدة لم يغيرها رغم مرور وقتا ليس قصيرا ، فقد كان متكئاً على المسند الذي خلفه ، لايكاد يلامس المتكأ الذي وضع له على يساره الا لمسات خفيفة ليعود الى وضعه الذي يشكل فيه زوايا قائمه مع الأرض والمتكأ.
أقتربت منه ورجوته أن يأخذ راحته ، فالجلسة ستطول وانا اراه متحفظا في تلك الجلسة التي اعتقد انها ليست مريحة ، فما كان منه الا ان دعى لي وأثنى على اهتمامي ووضح لي ان هذه جلسته التي لايمكن له تغييرها ، وأردف قائلاً:
يأبني هذه طريقتي في الجلوس حتى عندما أكون وحيدا في بيتي لا يقابلني الا العمود ، فانا أحترم نفسي وأحترم العمود.
ضحك الحاضرون ، فأستمر يوضح لنا وبصوت مرتفع انه ليس كمثل هؤلاء الشباب الذين ما ان يدخل احدهم الى المجلس حتى " يرمي "بنفسه ((متشطياً)) وكأنه "حسيل" شٍرْكة !! .( الشركة هي ماكان يشترك فيه الناس من البقر ، حيث تذبح وتوزع لكل من يشترك فيها بقدر اشتراكه).
أستمر الجميع في الضحك الا انا ،فقد كنت انظر وهو يتحدث الى احد الشباب من اقربائي وهو " متشطيا" فعلا ، كما وصفه ابو رزق وكأنه يعنيه ، رغم انه لم يكن في مجال رؤيته آنذاك ، ولم يكن يقصده ابداً، فأبي رزق لا يمكن ان يجرح أحد بتلك الصورة ، الا انني تمنيت ان ذلك الشاب لم يكن معنا آنذاك .
كان جميعنا يتمنى لتلك الأمسية ان تطول ، فقد وجدنا أنفسنا امام موسوعة متنقلة ، حيّة ، ممتلئة بعلوم الدين والدينا .
بقدر مأسعدني حضوره بقدر ماسآءني فراقه ، وشعرت بأن هذا الرجل لم ينصفه الناس ولم يعطوه مايستحقة من التكريم .
تعليق