Unconfigured Ad Widget

تقليص

هذه القصيدة كتبها شاب إلى والده في الليلة التي سيعدم فيها

تقليص
X
  •  
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • شويل
    عضو مشارك
    • Aug 2002
    • 280

    هذه القصيدة كتبها شاب إلى والده في الليلة التي سيعدم فيها

    هذه القصيدة كتبها شاب إلى والده في الليلة التي سيعدم فيها:

    أبتاه ماذا قد يخط بناني***والحبل والجلاد ينتظران
    هذا الكتاب إليك من زنزانة***مقرورة صخرية الجدران
    لم تبق إلا ليلة أحيا بها***وأحس أن ظلامها أكفاني
    ستمر يا أبتاه لست أشك في***هذا وتحمل بعدها جثماني
    الليل من حولي هدوء قاتل***والذكريات تمور في وجداني
    ويهدني ألمي فأنشد راحتي***في بضع آيات من القرآن
    والنفس بين جوانحي شفافة***دب الخشوع بها فهزكياني
    قد عشت أؤمن بالإله ولم أذق***إلا أخيرا لذة الإيمان
    شكرا لهم لا أريد طعامهم***فليرفعوه فلست بالجوعان
    هذا الطعام المر ما صنعته لي***أمي ولا وضعوه فوق خوان
    كلا ولم يشهده يا أبتي معي***اخوان لي جاءاه يستبقان
    مدوا إلي به يدا مصبوغة***بدمي وهذي غاية الإحسان
    والصمت يقطعه رنين سلاسل***عبثت بهن أصابع السجان
    مابين آونة تمر وأختها***يرنو إلي بمقلتي شيطان
    من كوة الباب يرقب صيده***ويعود في أمن إلى الدوران
    أنا لا أحس بأي حقد نحوه***ماذا جنى فتمسه أضغاني
    هو طيب الأخلاق مثلك يا أبي***لم يبد في ظمأ إلى العدوان
    لكنه إن نام عني لحظة***ذاق العيال مرارة الحرمان
    فلربما وهو المروع سحنة***لو كان مثلي شاعرا لرثاني
    أوعاد من يدري إلى أولاده***يوما وذكر صورتي لبكاني
    وعلى الجدار الصلب نافذة بها***معنى الحياة غليظة القضبان
    قد طالما شارفتها متأملا***في الثائرين على الأسى اليقظان
    فأرى وجوما كالضباب مصورا***مافي قلوب الناس من غليان
    نفس الشعور لدي الجميع وإن هم***كتموا وكان الموت في إعلاني
    ويدور همس في الجوانح ما الذي***بالثورة الحمقاء قد أغراني؟
    أو لم يكن خيرا لنفس أن أرى***مثل الجميع أسير في إذعان
    ماضرني لو قد سكت وكلما***غلب الأسى بالغت في الكتمان
    هذا دمي سيسيل يجري مطفئا***ماثار في جنبي من نيران
    وفؤادي الموار في نبضاته***سيكف في غدة عن الخفقان
    والظلم باق لن يحطم قيده***موتي ولن يودي به قرباني
    ويسير ركب البغي ليس يضيره***شاة إذا اجتثت من القطعان
    هذا حديث النفس حين تشق عن***بشريتي وتمور بعد ثوان
    وتقول لي إن الحياة لغاية***اسمى من التصفيق للطغيان
    أنافسك الحرى وإن هي أخمدت***ستظل تغمر أفقهم بدخان
    وقروح جسمك وهو تحت سياطهم***قسمات صبح يتقيه الجاني
    دمع السجين هناك في أغلاله***ودم الشهيد هنا سيلتقيان
    حتى إذا ما أفعمت بهما الربا***لم يبق غير تمر الفيضان
    ومن العواصف مايكون هبوبها***بعد الهدوء وراحة الربان
    إن احتدام النار في جوف الثرى***أمر يثير حفيظة البركان
    وتتابع القطرات ينزل بعده***سيل يليه تدفق الطوفان
    فيموج يقتلع الطغاة مزمجرا***اقوى من الجبروت والسلطان
    أن لست أدري هل ستذكر قصتي***أم سوف يعروها دجى النسيان
    أو أنني سأكون في تاريخنا***متآمرا أو هادم الأوثان
    كل الذي أدريه أن تجرعي***كأس المذلة ليس في إمكاني
    لو لم أكن في ثورتي متطلبا***غير الضياء لأمتي لكفاني
    أهوى الحياة كريمة لا قيد لا***إرهاب لا استخفاف بالإنسان
    فإذا سقطت سقطت أحمل عزتي***يغلي دم الأحرار في شرياني
    أبتاه إن طلع الصباح على الدنى***وأضاء نور الشمس كل مكان
    واستقبل العصفور بين غصونه***يوما جديدا مشرق الألوان
    وسمعت أنغام التفاؤل ثرة***تجري على فم بائع الألبان
    وأتى يدق كما تعود بابنا***سيدق باب السجن جلادان
    وأكون بعد هنية متأرجحا***في الحبل مشدودا إلى العيدان
    ليكن عزاؤك أن هذا الحبل ما***صنعته في هذي الربوع يدان
    نسجوه في بلد يشع حضارة***وتضاء منه مشاعل العرفان
    أوهكذا زعموا وجيء به إلى***بلدي الجريح على يد الأعوان
    أنا لا أريدك أن تعيش محطما***في زحمة الألام والأشجان
    انا ابنك المصفود في أغلاله***قد قلتها لي عن هوى الأوطان
    وإذا سمعت نشيج أمي في الدجى***تبكي شبابا ضاع في الريعان
    وتكتم الحسرات في أعماقها***ألما تواريه عن الجيران
    فاطلب إليها الصفح عني إنني***لا أبتغي منها سوى الغفران
    مزال في سمعي رنين حديثها***ومقالها في رحمة وحنان
    أبني: إني قد غوت عليلة***لم يبق لي جلد على الأحزان
    فأذق فؤادي فرحة بالبحث عن***بنت الحلال ودعك من عصياني
    كانت لها أمنية ريانة***ياحسن أمال لها وأمان
    غزلت خيوط السعد مخضلا ولم***يكن انتقاض الغزل في الحسبان
    والآن لا أدري بأي جوانح***ستبيت بعدي أم بأي جنان
    هذا الذي سطرته لك يا أبي***بعض الذي يجري بفكر عان
    لكن إذا انتصر الضياء ومزقت***بيد الجموع شريعة القرصان
    فلسوف يذكرني ويكبر همتي***من كان في بلدي حليف هوان
    وإلى لقاء تحت ظل عدالة***قدسية الأحكام والميزان..

    مع تحيات أبو أنس
المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
حفظ-تلقائي
إدراج: مصغرة صغير متوسط كبير الحجم الكامل إزالة  
أو نوع الملف مسموح به: jpg, jpeg, png, gif, webp

ماهو اسم المنتدى؟ (الجواب هو الديرة)

يعمل...