الولاء والبراء
من خصائص المجتمع المسلم أنه مجتمع يقوم على عقيدة الولاء والبراء ، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ، والبراء من كل من حادّ الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين .
وهاتان الخاصيَّتان للمجتمع المسلم هما من أهم الروابط التي تجعل من ذلك المجتمع مجتمعا مترابطاً متماسكاً ، تسوده روابط المحبة والنصرة ، التي تعمل مجتمعة على تحقيق رسالة الإسلام في الأرض ، تلك الرسالة التي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ودعوة الناس إلى الحق وإلى طريق مستقيم .
والمتأمل في القرآن الكريم يقف على آيات كثيرة تؤيد هذا المعنى وتؤكده ، فنحن نقرأ في الولاء ، قوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (التوبة:71 ) ونقرأ أيضاً قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة:55) ،ونقرأ في البراء قوله : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (آل عمران:28) ، ونقرأ كذلك قوله : { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون}َ (المجادلة:22) . إلى غير ذلك من الآيات الآمرة بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين .
ويمكن تلخيص صور ولاء المسلم لأخيه المسلم في صورتين:
الأولى: ولاء الود والمحبة ، وهذا يعني أن يحمل المسلم لأخيه المسلم كل حب وتقدير، فلا يكيد له ولا يعتدي عليه . بل يمنعه من كل ما يمنع منه نفسه، ويدفع عنه كل سوء يراد له ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم ،مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه مسلم .
الثانية: ولاء النصرة والتأييد ، وذلك في حال ما إذا وقع على المسلم ظلم أو حيف ، فإن فريضة الولاء تقتضي من المسلم أن يقف إلى جانب أخيه المسلم ، يدفع عنه الظلم ، ويزيل عنه الطغيان، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما . قالوا يا رسول الله : هذا ننصره مظلوما ، فكيف ننصره ظالما ؟ قال : تأخذ فوق يديه ) أي تمنعه من الظلم . رواه البخاري ، فبهذا الولاء يورث الله عز وجل المجتمع المسلم حماية ذاتية ، تحول دون نشوب العدوات بين أفراده ، وتدفعهم جميعا للدفاع عن حرماتهم ، وعوراتهم .
هذا من جهة علاقة الأمة بعضها ببعض . أما من جهة علاقة الأمة أو المجتمع المسلم بغيره من المجتمعات الكافرة ، فقد أوجب الله عز وجل على الأمة واجب البراء من الكفر وأهله ، وذلك صيانة لوحدة الأمة الثقافية والسياسية والاجتماعية ، وجعل سبحانه موالاة الكفار خروجا عن الملة وإعراضاً عن سبيل المؤمنين ، قال تعالى : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } (آل عمران:28) فكأنه بموالاته للكافرين يكون قد قطع كل الأواصر والعلائق بينه وبين الله ، فليس من الله في شيء .
وتحريم الإسلام لكل أشكال التبعية للكافرين , لا يعني حرمة الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ، كلا ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها ، ولكن المقصود والمطلوب أن تبقى للمسلم استقلاليته التامة ، فلا يخضع لأحد ، ولا يكون ولاؤه إلا لله ولرسوله وللمؤمنين .
ومن أخطر صور الموالاة التي يحرمها الإسلام ويقضي على صاحبها بالردة والكفر ما يلي:
1- ولاء الود والمحبة للكافرين:
فقد نفى الله عز وجل وجود الإيمان عن كل من وادَّ الكافرين على كفرهم قال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22) ، إلا أن هذه المفاصلة والمفارقة لا تمنع من البر بالكافرين والإحسان إليهم -ما لم يكونوا محاربين - قال تعالى: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8 ) .
2- ولاء النصرة والتأييد للكافرين على المسلمين:
ذلك أن الإسلام لا يقبل أن يقف المسلم في خندق واحد مع الكافر ضد إخوانه المسلمين يقتلهم ، ويشردهم ، إرضاء للكافر وانصياعا لرغباته ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً } (النساء:144) وقال أيضاً : { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة:81 ) .
فهاتان الفريضتان - الولاء والبراء - تجعلان من المجتمع المسلم مجتمعا مترابطا متعاضدا يؤدي رسالة الله ويسعى في تحقيقها ، وهو في الوقت نفسه مجتمع مستقل عن الكفار كاره لهم ، لا يخضع لهم بتبعية ، ولا يدين لهم بسلطان ، من غير أن يمنعه ذلك من الإحسان إليهم والبر بهم - ما داموا غير محاربين لنا - .
فبهاتين الفريضتين تتعاضد الروابط الإيمانية بين المسلمين ، وتتحدد الروابط بين المؤمنين والكافرين ، فما أحوج الأمة اليوم إلى تفعيل هاتين الفريضتين ، والعمل بهما حتى تتحقق لنا سيادتنا واخوتنا ، فلا ندين بالولاء إلا لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولا نعادي إلا من حادَّ الله ورسوله وتنكب سبيل المؤمنين ، نسأل الله العظيم أن يعز دينه وأن يعلي كلمته ، والله على كل شيء قدير . والحمد لله رب العالمين .
منقول / أختيار الفقيه
من خصائص المجتمع المسلم أنه مجتمع يقوم على عقيدة الولاء والبراء ، الولاء لله ولرسوله وللمؤمنين ، والبراء من كل من حادّ الله ورسوله واتبع غير سبيل المؤمنين .
وهاتان الخاصيَّتان للمجتمع المسلم هما من أهم الروابط التي تجعل من ذلك المجتمع مجتمعا مترابطاً متماسكاً ، تسوده روابط المحبة والنصرة ، التي تعمل مجتمعة على تحقيق رسالة الإسلام في الأرض ، تلك الرسالة التي تقوم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ودعوة الناس إلى الحق وإلى طريق مستقيم .
والمتأمل في القرآن الكريم يقف على آيات كثيرة تؤيد هذا المعنى وتؤكده ، فنحن نقرأ في الولاء ، قوله تعالى : { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } (التوبة:71 ) ونقرأ أيضاً قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ} (المائدة:55) ،ونقرأ في البراء قوله : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (آل عمران:28) ، ونقرأ كذلك قوله : { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمان وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُون}َ (المجادلة:22) . إلى غير ذلك من الآيات الآمرة بالولاء للمؤمنين والبراء من الكافرين .
ويمكن تلخيص صور ولاء المسلم لأخيه المسلم في صورتين:
الأولى: ولاء الود والمحبة ، وهذا يعني أن يحمل المسلم لأخيه المسلم كل حب وتقدير، فلا يكيد له ولا يعتدي عليه . بل يمنعه من كل ما يمنع منه نفسه، ويدفع عنه كل سوء يراد له ، ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم ، وتراحمهم ، وتعاطفهم ،مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه مسلم .
الثانية: ولاء النصرة والتأييد ، وذلك في حال ما إذا وقع على المسلم ظلم أو حيف ، فإن فريضة الولاء تقتضي من المسلم أن يقف إلى جانب أخيه المسلم ، يدفع عنه الظلم ، ويزيل عنه الطغيان، فعن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( انصر أخاك ظالما أو مظلوما . قالوا يا رسول الله : هذا ننصره مظلوما ، فكيف ننصره ظالما ؟ قال : تأخذ فوق يديه ) أي تمنعه من الظلم . رواه البخاري ، فبهذا الولاء يورث الله عز وجل المجتمع المسلم حماية ذاتية ، تحول دون نشوب العدوات بين أفراده ، وتدفعهم جميعا للدفاع عن حرماتهم ، وعوراتهم .
هذا من جهة علاقة الأمة بعضها ببعض . أما من جهة علاقة الأمة أو المجتمع المسلم بغيره من المجتمعات الكافرة ، فقد أوجب الله عز وجل على الأمة واجب البراء من الكفر وأهله ، وذلك صيانة لوحدة الأمة الثقافية والسياسية والاجتماعية ، وجعل سبحانه موالاة الكفار خروجا عن الملة وإعراضاً عن سبيل المؤمنين ، قال تعالى : { لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ } (آل عمران:28) فكأنه بموالاته للكافرين يكون قد قطع كل الأواصر والعلائق بينه وبين الله ، فليس من الله في شيء .
وتحريم الإسلام لكل أشكال التبعية للكافرين , لا يعني حرمة الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم ، كلا ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى الناس بها ، ولكن المقصود والمطلوب أن تبقى للمسلم استقلاليته التامة ، فلا يخضع لأحد ، ولا يكون ولاؤه إلا لله ولرسوله وللمؤمنين .
ومن أخطر صور الموالاة التي يحرمها الإسلام ويقضي على صاحبها بالردة والكفر ما يلي:
1- ولاء الود والمحبة للكافرين:
فقد نفى الله عز وجل وجود الإيمان عن كل من وادَّ الكافرين على كفرهم قال تعالى: { لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنهار خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (المجادلة:22) ، إلا أن هذه المفاصلة والمفارقة لا تمنع من البر بالكافرين والإحسان إليهم -ما لم يكونوا محاربين - قال تعالى: { لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} (الممتحنة:8 ) .
2- ولاء النصرة والتأييد للكافرين على المسلمين:
ذلك أن الإسلام لا يقبل أن يقف المسلم في خندق واحد مع الكافر ضد إخوانه المسلمين يقتلهم ، ويشردهم ، إرضاء للكافر وانصياعا لرغباته ، قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُبِيناً } (النساء:144) وقال أيضاً : { وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة:81 ) .
فهاتان الفريضتان - الولاء والبراء - تجعلان من المجتمع المسلم مجتمعا مترابطا متعاضدا يؤدي رسالة الله ويسعى في تحقيقها ، وهو في الوقت نفسه مجتمع مستقل عن الكفار كاره لهم ، لا يخضع لهم بتبعية ، ولا يدين لهم بسلطان ، من غير أن يمنعه ذلك من الإحسان إليهم والبر بهم - ما داموا غير محاربين لنا - .
فبهاتين الفريضتين تتعاضد الروابط الإيمانية بين المسلمين ، وتتحدد الروابط بين المؤمنين والكافرين ، فما أحوج الأمة اليوم إلى تفعيل هاتين الفريضتين ، والعمل بهما حتى تتحقق لنا سيادتنا واخوتنا ، فلا ندين بالولاء إلا لله ولرسوله وللمؤمنين ، ولا نعادي إلا من حادَّ الله ورسوله وتنكب سبيل المؤمنين ، نسأل الله العظيم أن يعز دينه وأن يعلي كلمته ، والله على كل شيء قدير . والحمد لله رب العالمين .
منقول / أختيار الفقيه