يبدو أن بوش أراد أن يدق مسماراً في ملك غيره على طريقة (جحا) ليتردد على المكان من وقت إلى آخر ..، والمسمار الذي بدأ بوش بدقه في المنطقة العربية هو ما أسماه "منطقة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط في غضون عشر سنوات"، بحيث يظل بوش يروج لهذا المسمار الذي يخدم إسرائيل بالدرجة الأولى، وحتى تتحقق الأهداف الأمريكية في المزيد من التفكك العربي والتبعية، وعودة فكرة الشرق أوسطية الصهيونية الأصل..، فخطة بوش التي أعلنها في خطابه بجامعة كارولينا الجنوبية في كولومبيا ذات بعد اقتصادي ظاهري، فهو يقترح إقامة منطقة حرة للتبادل التجاري بين الولايات المتحدة ودول الشرق الأوسط في السنوات العشر المقبلة، لكنها تتضمن أبعاداً سياسية خطيرة تصب في خانة تحقيق المصالح الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة العربية.
ولم ينكر بوش بعض هذه الأهداف أو الشروط لتحقيق الرفاهية الاقتصادية الموعودة، مثل: قيام الدول العربية بما اسماه "إصلاحيات ضرورية، كمكافحة الفساد والإرهاب، وحماية حقوق الملكية، وتحسين مناخ الاستثمار، وأن تقر وتعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية تعيش بسلام مع جيرانها، مع القيام بتغيرات في النظام القضائي العربي. فيما تولت مصادر أخرى الكشف عن أهداف خطة بوش الشرق أوسطية، والتي هي أهداف إسرائيلية في المقام الأول، ومحاربة جديدة لإحياء مشروع السوق الشرق أوسطية الذي أعلنه شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وألف كتابا خصيصا له.
وفي هذا السياق أعلن بوش أن بلاده ستنظم بالتعاون مع مملكة البحرين منتدى لمناقشة الإصلاحيات القضائية في المنطقة العربية، وعين بالفعل القاضية في المحكمة العليا "ساندرا أكونار" لرئاسة الإصلاحيات القضائية في الشرق الأوسط في إطار مبادرته لإقامة منطقة للتجارة الحرة بالمنطقة خلال 10 سنوات.
تغيير مناهج التعليم وتوفير الأمن لإسرائيل
كما كشفت صحف أمريكية عن أن مشروع الشراكة هذا يتطلب تغييرات في مناهج التعليم العربية، وفي النظم الاقتصادية والقضائية العربية؛ كي تتواكب مع الشروط الأمريكية للشراكة الاقتصادية.
وقالت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية يوم 10 مايو الماضي: "إن من ضمن الشروط الأمريكية لانضمام الدول العربية إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة؛ إنهاء المقاطعة العربية مع إسرائيل، تمهيدا للتطبيع الكامل، وإلغاء أو تخفيض الحواجز التجارية في عمليات التجارة والاستثمار مع الشركات الأمريكية، والحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية.
وأعلن روبرت زوليك – الممثل التجاري الأمريكي – أن اتفاقيات التجارة الحرة تستلزم قيام الدول بتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي كبير، وأن التبادل التجاري الحر في المنطقة يعني تنشيط التبادل التجاري العربي مع إسرائيل (أي: إلغاء المقاطعة، وهو ثاني مطلب في نص اتفاقية خارطة الطريق )، وقال: "إ نه سيتم عقد منتدى اقتصادي عالمي في الأردن في يونيو 2003 "منتدى دافوس" يحضره وزير الخارجية كولن باول لهذا الغرض.
ويؤكد المراقبون أن خطة بوش تقوم على نفس الأسس القديمة لخطة إسرائيلية قديمة بدأ الحديث عنها منذ مؤسس الدولة الصهيونية "تيودر هرتزل"، واستمرت حتى المشروع الذي أطلقة "شيمون بيريز" في أعقاب توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 حول شرق أوسط جديد يقوم على ثلاثة أسس، هي : التكنولوجيا الإسرائيلية والمال والأسواق الاستهلاكية والعمالة العربية الرخيصة .
خطة قديمة
والواقع أن الخطة التي طرحها بوش ليست جديدة ، فقد سبق أن أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية في 3 أبريل الماضي، كما نوه لها المسؤولون الإسرائيليون، وأكدوا أنها ستوضع موضع التنفيذ فور سقوط نظام الحكم في العراق .
فقد سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 3 أبريل 2003 "بيان حقائق" عن الخطة المسماة "مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط" وتتضمن تقديم أكثر من ألف مليون دولار من المساعدات من الحكومة الأمريكية للدول العربية سنوياً، وتخصيص 29 مليون دولار كتمويل مخصص لبرامج المبادرة لدعم الإصلاح السياسي.
وحدد البرنامج ثلاثة محاور سوف تتحرك فيها الولايات المتحدة مع الدول العربية، وهى :
1- التعليم: ويركز على ربط التعليم العربي بالبرامج الأمريكية، وتعليم البنات، والتركيز على الإنترنت.
2- الإصلاح الاقتصادي: ويشمل مساعدة المشروعات الصغيرة، وزيادة الشفافية، ومحاربة الفساد.
3- تقوية المجتمع المدني: ويتضمن مساعدة المنظمات غير الحكومية، والأفراد المنتمين إلى جميع الفئات السياسية العاملين في سبيل الإصلاح السياسي من خلال آليات؛ كصندوق ديمقراطية الشرق الأوسط، وبرامج ستزيد من شفافية الأنظمة القانونية والتنظيمية وتحسين إدارة العملية القضائية. وعلى الخط أعلن (زلمان شوفال) السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون- قبيل سقوط نظام صدام حسين في التاسع من أبريل 2003- أن الأحداث المتسارعة في بغداد، والسقوط القريب لنظام صدام يمكن أن يوجد الظروف المناسبة لقيام شرق أوسط جديد أكثر سلاماً , نأمل أن يكون له تأثير إيجابي على قوى أخرى إرهابية أو تدعم الإرهاب في المنطقة، وكأنه يعلم بتفاصيل الخطط الأمريكية .
والأكثر أهمية أن هذه الخطة المتعلقة بإنشاء "شرق أوسط" - تنخرط فيه الدولة العبرية- يرجع أساسهاً إلى آباء الصهيونية الأوائل: هرتزل (الذي دعا لضرورة قيام كومنولث شرق أوسطي، يكون لدولة اليهود فيه شأن فاعل، ودور اقتصادي قائد)، وبن جورين (الذي اقترح على الرئيس الأمريكي أيزنهاور إقامة سد منيع ضد التيار القومي العربي، يضم إسرائيل وتركيا وإيران وإثيوبيا، وذلك في رسالة وجهها إليه عام 1958)
وكان آخرها مشروع "شمعون بريس" الذي طرحة خلال زيارته للولايات المتحدة في نيسان 1986 على نمط مشروع مارشال لأوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، والذي نتج عنه قيام السوق الأوروبية المشتركة، ثم أعيد تسويقة عام 1992 عقب اتفاقية أوسلو.
سياسية الجزرة
ويرى المراقبون في ظل حالة النشوة الأمريكية عقب احتلال العراق، وفرض أمر واقع جديد في المنطقة العربية أن الحاجة نشأت لمد المنطقة بـ (جزرة) تشجع القادة العرب الانخراط في الخطة الأمريكية للشرق أوسطية، وتوازن (العصا) التي رفعها بوش في وجه هذه الحكومات عقب اجتياح العراق؛ مهدداً المعرضين بالويل والثبور...
خاصة أن هذه الخطة -التي توهم الجميع بتدفق الخيرات الأمريكية على المنطقة كلها- تستهدف في النهاية توفير الأمن للدولة الصهيونية؛ باعتباره (كما قالت كونداليزا رايس) مفتاح أمن العالم كله، وتسليمها قيادة المنطقة العربية خصوصاً أن اليمين المسيحي المتصهين هو الذي يهيمن على مقاليد الأمور في الإدارة الأمريكية الحالية، ويتبنى المخططات الإسرائيلية للمنطقة.
ولم ينكر بوش بعض هذه الأهداف أو الشروط لتحقيق الرفاهية الاقتصادية الموعودة، مثل: قيام الدول العربية بما اسماه "إصلاحيات ضرورية، كمكافحة الفساد والإرهاب، وحماية حقوق الملكية، وتحسين مناخ الاستثمار، وأن تقر وتعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية تعيش بسلام مع جيرانها، مع القيام بتغيرات في النظام القضائي العربي. فيما تولت مصادر أخرى الكشف عن أهداف خطة بوش الشرق أوسطية، والتي هي أهداف إسرائيلية في المقام الأول، ومحاربة جديدة لإحياء مشروع السوق الشرق أوسطية الذي أعلنه شيمون بيريز رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، وألف كتابا خصيصا له.
وفي هذا السياق أعلن بوش أن بلاده ستنظم بالتعاون مع مملكة البحرين منتدى لمناقشة الإصلاحيات القضائية في المنطقة العربية، وعين بالفعل القاضية في المحكمة العليا "ساندرا أكونار" لرئاسة الإصلاحيات القضائية في الشرق الأوسط في إطار مبادرته لإقامة منطقة للتجارة الحرة بالمنطقة خلال 10 سنوات.
تغيير مناهج التعليم وتوفير الأمن لإسرائيل
كما كشفت صحف أمريكية عن أن مشروع الشراكة هذا يتطلب تغييرات في مناهج التعليم العربية، وفي النظم الاقتصادية والقضائية العربية؛ كي تتواكب مع الشروط الأمريكية للشراكة الاقتصادية.
وقالت صحيفة (هاآرتس) الإسرائيلية يوم 10 مايو الماضي: "إن من ضمن الشروط الأمريكية لانضمام الدول العربية إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة؛ إنهاء المقاطعة العربية مع إسرائيل، تمهيدا للتطبيع الكامل، وإلغاء أو تخفيض الحواجز التجارية في عمليات التجارة والاستثمار مع الشركات الأمريكية، والحصول على عضوية منظمة التجارة العالمية.
وأعلن روبرت زوليك – الممثل التجاري الأمريكي – أن اتفاقيات التجارة الحرة تستلزم قيام الدول بتطبيق برنامج إصلاح اقتصادي كبير، وأن التبادل التجاري الحر في المنطقة يعني تنشيط التبادل التجاري العربي مع إسرائيل (أي: إلغاء المقاطعة، وهو ثاني مطلب في نص اتفاقية خارطة الطريق )، وقال: "إ نه سيتم عقد منتدى اقتصادي عالمي في الأردن في يونيو 2003 "منتدى دافوس" يحضره وزير الخارجية كولن باول لهذا الغرض.
ويؤكد المراقبون أن خطة بوش تقوم على نفس الأسس القديمة لخطة إسرائيلية قديمة بدأ الحديث عنها منذ مؤسس الدولة الصهيونية "تيودر هرتزل"، واستمرت حتى المشروع الذي أطلقة "شيمون بيريز" في أعقاب توقيع اتفاقيات أوسلو عام 1993 حول شرق أوسط جديد يقوم على ثلاثة أسس، هي : التكنولوجيا الإسرائيلية والمال والأسواق الاستهلاكية والعمالة العربية الرخيصة .
خطة قديمة
والواقع أن الخطة التي طرحها بوش ليست جديدة ، فقد سبق أن أعلنتها وزارة الخارجية الأمريكية في 3 أبريل الماضي، كما نوه لها المسؤولون الإسرائيليون، وأكدوا أنها ستوضع موضع التنفيذ فور سقوط نظام الحكم في العراق .
فقد سبق أن أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 3 أبريل 2003 "بيان حقائق" عن الخطة المسماة "مبادرة الشراكة بين الولايات المتحدة والشرق الأوسط" وتتضمن تقديم أكثر من ألف مليون دولار من المساعدات من الحكومة الأمريكية للدول العربية سنوياً، وتخصيص 29 مليون دولار كتمويل مخصص لبرامج المبادرة لدعم الإصلاح السياسي.
وحدد البرنامج ثلاثة محاور سوف تتحرك فيها الولايات المتحدة مع الدول العربية، وهى :
1- التعليم: ويركز على ربط التعليم العربي بالبرامج الأمريكية، وتعليم البنات، والتركيز على الإنترنت.
2- الإصلاح الاقتصادي: ويشمل مساعدة المشروعات الصغيرة، وزيادة الشفافية، ومحاربة الفساد.
3- تقوية المجتمع المدني: ويتضمن مساعدة المنظمات غير الحكومية، والأفراد المنتمين إلى جميع الفئات السياسية العاملين في سبيل الإصلاح السياسي من خلال آليات؛ كصندوق ديمقراطية الشرق الأوسط، وبرامج ستزيد من شفافية الأنظمة القانونية والتنظيمية وتحسين إدارة العملية القضائية. وعلى الخط أعلن (زلمان شوفال) السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن ومستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي إريل شارون- قبيل سقوط نظام صدام حسين في التاسع من أبريل 2003- أن الأحداث المتسارعة في بغداد، والسقوط القريب لنظام صدام يمكن أن يوجد الظروف المناسبة لقيام شرق أوسط جديد أكثر سلاماً , نأمل أن يكون له تأثير إيجابي على قوى أخرى إرهابية أو تدعم الإرهاب في المنطقة، وكأنه يعلم بتفاصيل الخطط الأمريكية .
والأكثر أهمية أن هذه الخطة المتعلقة بإنشاء "شرق أوسط" - تنخرط فيه الدولة العبرية- يرجع أساسهاً إلى آباء الصهيونية الأوائل: هرتزل (الذي دعا لضرورة قيام كومنولث شرق أوسطي، يكون لدولة اليهود فيه شأن فاعل، ودور اقتصادي قائد)، وبن جورين (الذي اقترح على الرئيس الأمريكي أيزنهاور إقامة سد منيع ضد التيار القومي العربي، يضم إسرائيل وتركيا وإيران وإثيوبيا، وذلك في رسالة وجهها إليه عام 1958)
وكان آخرها مشروع "شمعون بريس" الذي طرحة خلال زيارته للولايات المتحدة في نيسان 1986 على نمط مشروع مارشال لأوروبا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية، والذي نتج عنه قيام السوق الأوروبية المشتركة، ثم أعيد تسويقة عام 1992 عقب اتفاقية أوسلو.
سياسية الجزرة
ويرى المراقبون في ظل حالة النشوة الأمريكية عقب احتلال العراق، وفرض أمر واقع جديد في المنطقة العربية أن الحاجة نشأت لمد المنطقة بـ (جزرة) تشجع القادة العرب الانخراط في الخطة الأمريكية للشرق أوسطية، وتوازن (العصا) التي رفعها بوش في وجه هذه الحكومات عقب اجتياح العراق؛ مهدداً المعرضين بالويل والثبور...
خاصة أن هذه الخطة -التي توهم الجميع بتدفق الخيرات الأمريكية على المنطقة كلها- تستهدف في النهاية توفير الأمن للدولة الصهيونية؛ باعتباره (كما قالت كونداليزا رايس) مفتاح أمن العالم كله، وتسليمها قيادة المنطقة العربية خصوصاً أن اليمين المسيحي المتصهين هو الذي يهيمن على مقاليد الأمور في الإدارة الأمريكية الحالية، ويتبنى المخططات الإسرائيلية للمنطقة.